أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثالث - السنة 3 - صـ 944

جلسة 17 إبريل سنة 1952
(139)
القضية رقم 171 سنة 20 قضائية

برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد حلمي باشا وكيل المحكمة وبحضور حضرات أصحاب العزة: عبد المعطي خيال بك وسليمان ثابت بك ومحمد نجيب أحمد بك وأحمد العمروسي بك المستشارين.
( أ ) تقادم. عقد بيع وفائي يخفي رهناً. بطلانه بطلاناً أصلياً. لا يسقط الحق في الدفع ببطلانه مهما طال الزمن وفقاً للقانون المدني القديم. ما ورد بالمادة 141 مدني جديد هو تشريع جديد ليس له أثر رجعي.
(ب) وضع يد. تملك بمضي المدة. واضع اليد بعقد بيع يخفي رهناً. يعتبر حائزاً عرضياً. لا يكتسب الملك بالتقادم مهما طال الزمن.
1 - لقد جرى قضاء محكمة النقض بأن العقد المشوب ببطلان أصلي متعلق بالنظام العام هو في نظر القانون لا وجود له. ولما كان التقادم لا يصحح إلا ما كان له وجود وكان العقد الذي يتمسك به الطاعن هو عقد بيع يخفي رهناً فإن مثل هذا العقد لا ينقلب صحيحاً مهما طال الزمن ومن ثم لا يكون للتقادم أثر فيه ولصاحب الشأن دائماً أبداً رفع الدعوى أو الدفع ببطلانه ويكون الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض الدفع بسقوط الحق في رفع الدعوى ببطلان عقد البيع المذكور لم يخالف القانون. أما تحدي الطاعن بنص المادة 141 من القانون المدني الجديد فلا يجديه لأنه تشريع جديد لا يسري على واقعة الدعوى.
2 - متى كان عقد البيع يخفي رهناً فإن بطلانه سواء باعتباره بيعاً أو رهناً لا يغير من حقيقة الواقع في شأنه وهو أن نية الطرفين فيه قد انصرفت إلى الرهن لا إلى البيع ومن ثم فإن وضع يد المرتهن لا يكون بنية التملك بل يعتبر عارضاً فلا يكسبه الملك مهما طال عليه الزمن.


الوقائع

في يوم 10 من يونيه سنة 1950 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف أسيوط الصادر في 23 من يناير سنة 1950 في الاستئناف رقم 244 سنة 22 ق وذلك بتقرير طلب فيه الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه والقضاء أصلياً في موضوع الدعوى رقم 563 سنة 1946 كلي سوهاج برفضها واحتياطياً إحالة القضية على محكمة الاستئناف للفصل فيها مجدداً من دائرة أخرى وإلزام المطعون عليهما بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وفي 13 من يونيه سنة 1950 أعلن المطعون عليهما بتقرير الطعن. وفي 29 منه أودع الطاعن أصل ورقة إعلان المطعون عليهما بالطعن وصورة مطابقة للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب الطعن وحافظة بمستنداته. وفي 20 من يوليه سنة 1950 أودع المطعون عليه الأول مذكرة بدفاعه مشفوعة بمستنداته طلب فيها رفض الطعن وإلزام الطاعن بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. ولم يقدم المطعون عليه الثاني دفاعاً. وفي 17 من فبراير سنة 1952 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن بالمصروفات وفي 3 من إبريل سنة 1952 سمعت الدعوى على ما هو مبين بمحضر الجلسة. إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن واقعة الدعوى - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه - تتحصل في أنه في 5 من مايو سنة 1930 باع المطعون عليه الأول هو وسليم بك خليل بطرس ودولت سليم خليل إلى الطاعن 6 ف و11 ط بزمام ناحية بني جميل مبينة الحدود بالعقد بثمن مقداره 775 جنيهاً وسجل هذا العقد في أول أكتوبر سنة 1930 وفي ذات يوم البيع أقر الطاعن كتابة "بأن هذا المشتري هو بصفة رهن لمدة أربع سنوات وأن نقل التكليف هو فقط للمبلغ المدفوع منه وأنه إذا أراد سليم بك بطرس وأولاده دفع المبلغ له في بحر مدة هذه الأربعة سنوات فإنه يكون مستعداً لأخذ المبلغ والتصديق لهم بالمحكمة لنقل التكليف بأسمائهم كما كان أولاً" وفي 10 من مارس سنة 1945 وجه بشري أفندي بطرس (المطعون عليه الأول) إنذاراً إلى الطاعن جاء فيه أنه كان قد ارتهن من سليم بك بطرس وأولاده 6 ف و11 ط وأنه قد وضع يده عليها من تاريخ الرهن، وأنه بعمل الحساب يكون الدين قد استهلك وأنه يكلفه بالحضور لعمل الحساب عن الفوائد القانونية وخصم الريع وإلا اضطر إلى رفع الدعوى. وفي 14 من مايو سنة 1946 أقام المطعون عليهم على الطاعن دعوى قيدت بجدول محكمة سوهاج الابتدائية برقم 562 لسنة 1946 كلي طلبوا فيها الحكم ببطلان عقد البيع وإلغاء التسجيلات وكف المنازعة والتسليم مع إلزام الطاعن بالمصروفات والأتعاب، وفي 30 من يناير سنة 1947 قضت محكمة سوهاج الابتدائية غيابياً ببطلان عقد البيع المذكور بوصفه بيعاً أو رهناً عن الـ 6 ف و11 ط شيوعاً في 12 ف و11 ط والموضحة بهذا العقد وبصحيفة الدعوى وبكف المنازعة والتسليم. فاستأنف الطاعن هذا الحكم أمام محكمة استئناف أسيوط وقيد استئنافه برقم 244 لسنة 24 ق، فأيدته محكمة الاستئناف في 23 من يناير سنة 1950 مؤسسة قضاءها في ذلك على أنها "تستخلص من صيغة الإقرار الذي كتبه المستأنف (الطاعن) وقت تحرير عقد البيع أن عقد البيع يستر رهناً ومن ثم يكون باطلاً ولا أثر له بصفته عقد بيع أو رهن وذلك تطبيقاً لنص المادة 339 من القانون المدني (قديم) وأن وضع يد الطاعن على صورته مهما طالت مدته لا يكسبه الملكية بالتقادم لسببين أولهما أن الدعوى الحالية وهي دعوى البطلان المطلق لا تسقط بالتقادم وهذا نتيجة منطقية للقول بأن البطلان المطلق هو العدم فيجور لكل ذي مصلحة في أي وقت أن يرفع دعوى البطلان ولو مضى على صدور العقد أكثر من خمس عشرة سنة. وثانياً - لأنه لا يجوز للمستأنف (الطاعن) أن يدعي التملك بوضع اليد بعد أن أقر لغاية وقت تحرير عقد البيع بأن عقده يخفي رهناً وبالتالي بأن يده يد مرتهن لا مالك إذ أن كل من سعى في نقض ما تم من جهته فسعيه مردود عليه وبديهي أن من شرائط وضع اليد المكسب للملكية أن يكون الجائز واضعاً يده بصفة مالك أما إذا كان واضعاً يده بسبب آخر غير المالك فإنه لا يكتسب الملكية وإن طال الزمن" فطعن الطاعن في هذا الحكم بالنقض.
ومن حيث إن الطعن بني على سبب واحد حاصله أن الحكم أخطأ في تطبيق القانون كما شابه القصور ووجه الخطأ هو أن المحكمة رفضت دفع الطاعن بأن دعوى المطعون عليهم قد سقطت بالتقادم لمضي أكثر من خمسة عشر عاماً بين تحرير العقد البيع في 5 من مايو سنة 1930 وبين تاريخ رفع الدعوى في 14 من مايو سنة 1946 بحجة أن دعوى البطلان المطلق لا تسقط مهما طال عليها الزمن مع أن هذه الدعوى تسقط بالتقادم الطويل شأنها في ذلك شأن دعوى البطلان النسبي سواء بسواء وأنه لا محل للتفرقة بينهما إذ التقادم لا يصحح التصرفات الباطلة سواء أكان البطلان نسبياً أم مطلقاً هذا فضلاً عن أن المشرع في القانون المدني الجديد قد نص صراحة على هذا السقوط في المادة 141 مدني بقوله أنه "إذا كان العقد باطلاً جاز لكل ذي مصلحة أن يتمسك بالبطلان وللمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها ولا يزول البطلان بالإجازة وتسقط دعوى البطلان بمضي خمس عشرة سنة من وقت العقد" أما وجه القصور فهو أن المحكمة استندت في نفي نية التمالك لدى الطاعن إلى ورقة الضد وهي التي استدلت بها على حقيقة نية العاقدين ورتبت على ذلك تقريرها أن العقد باطل سواء بوصفه بيعاً أو بوصفه رهناً. مع أن رأي المشرع صريح في اعتبار الرهن في هذه الصورة كأن لم يكن - فما كان يجوز للمحكمة - أن تقرر بأن الطاعن كان يضع يده بصفته مرتهناً لما يتضمنه هذا القول من إحياء للعقد الذي اعتبرته كأن لم يكن - ومن ثم يكون الحكم - إذ أخذ بورقة الضد بما يفيد وما يضر منها قد جاء متخاذل الاستدلال.
ومن حيث إن هذا السبب بوجهيه مردود أولاً بما جاء به قضاء هذه المحكمة، من أن العقد مشوب ببطلان أصلي متعلق بالنظام العام، كما هو الحال في الدعوى، هو في نظر القانون لا وجود له. ولما كان التقادم لا يصحح إلا ما كان له وجود فإن مثل هذا العقد لا ينقلب صحيحاً مهما طال الزمن ومن ثم لا يكون التقادم أثر فيه ولصاحب الشأن دائماً أبداً رفع الدعوى أو الدفع ببطلانه ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه لا يكون قد خالف القانون بقضائه برفض الدفع بسقوط الحق في رفع دعوى بطلان عقد البيع. أما تحدي الطاعن بنص المادة 141 من القانون المدني الجديد فلا يجديه لأنه تشريع جديد لا يسري على واقعة الدعوى. ومردود ثانياً بأن بطلان العقد سواء العقد باعتباره بيعاً أو باعتباره رهناً لا يغير من حقيقة الواقع في شأنه وهو أن نية الطرفين فيه انصرفت إلى الرهن لا البيع ومن ثم فإن وضع يد الطاعن لم يكن بنية التملك بل كان وضع يده عارضاً لا يكسبه الملك مهما طال عليه الزمن.
ومن حيث إنه لذلك يتعين رفض الطعن