أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثالث - السنة 3 - صـ 950

جلسة 24 إبريل سنة 1952
(140)
القضية رقم 78 سنة 20 ق

برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد حلمي باشا وكيل المحكمة وبحضور حضرات أصحاب العزة: عبد العزيز محمد بك وعبد الحميد وشاحي بك ومصطفى فاضل بك وعبد العزيز سليمان بك المستشارين.
(1) معارضة. الدفع بعدم قبولها شكلاً لرفعها بعد الميعاد هو دفع بعدم قبول الدعوى. لا يسقط الحق فيه بعدم التمسك به في صحيفة الاستئناف. جواز إبدائه في أية حالة تكون عليها الدعوى. المادة 142 مرافعات.
(2) إعلان. إعلان الحكم. وجوب حصوله بالطريق الذي رسمه القانون. علم المحكوم عليه بالحكم باطلاعه عليه في قضية أخرى كان مختصماً فيما لا يغني عن وجوب إعلانه إليه ولا يفيد تنازله عن التمسك بما شاب إعلانه من عيوب.
(3) حكم. تأسيسه على حكم آخر. نقض الحكم الأول بنبي عليه حتماً أن يلغي الحكم الذي تأسس عليه. المادة 447 مرافعات.
(1) الدفع بعدم قبول المعارضة شكلاً لرفعها بعد الميعاد ليس من أوجه البطلان أو الدفوع التي يسقط الحق في إبدائها إذا أغفل المستأنف التمسك بها في صحيفة الاستئناف أو التحدث في الموضوع قبل التمسك بها، بل هو دفع بعدم قبول الدعوى يجوز وفقاً لصريح نص المادة 142 مرافعات - التي لم تأت بجديد - إبداؤه في أية حال تكون عليها الدعوى.
(2) إن إعلان الأحكام إنما يكون بالطريق الذي رسمه القانون أي بورقة من أوراق المحضرين تسلم لمن يراد إعلانه أو لمن يستطيع الاستلام نيابة عنه ولا يجزى عن ذلك اطلاع من يراد إعلانه على الحكم أو علمه به أو تقديمه كمستند في قضية كان مختصماً فيها، كما أن أياً من هذه الوقائع لا يكفي مسوغاً للقول بتنازل المقصود بالإعلان عن التمسك بما شاب إعلان الحكم من بطلان، إذ التنازل عن هذه الحقوق لا يقام على الظن أو الاحتمال أو على واقعة غير قاطعة الدلالة في هذا الخصوص، وعلى ذلك فإن الحكم المطعون فيه إذ لم يحفل بدفاع الطاعنة من أنه لا صفة لمن استلم إعلان الحكم الغيابي بالنيابة عنها بناء على أن هذا الحكم قدم في ملف قضية أخرى كانت الطاعنة خصماً فيها وأنها اطلعت عليه دون أن تعترض على صفة من استلم الإعلان نيابة عنها ودون أن تبادر إلى رفع المعارضة عن هذا الحكم بل استمرت في سكونها مدة ثمانية شهور، وإذ رتب على ذلك عدم قبول المعارضة المرفوعة منها شكلاً لرفعها بعد الميعاد يكون قد خالف القانون وشابه قصور ويتعين نقضه.
(3) متى كان الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض الاستئناف المرفوع من الطاعنة وتأييد الحكم المستأنف الذي قضى بتسليم المطعون عليه الأطيان موضوع النزاع قد أسس قضاءه على حكم غيابي آخر قضى بصحة ونفاذ البيع الصادر للمطعون عليه عن هذه الأطيان في مواجهة الطاعنة وعلى أنه أصبح نهائياً بعدم قبول المعارضة المرفوعة عنه من الطاعنة وكان الحكم الصادر بعدم قبول المعارضة قد نقض فإنه يترتب على نقضه أن يلغي الحكم الذي انبنى عليه وذلك وفقاً للمادة 447 مرافعات.


الوقائع

في يوم 21 من مارس سنة 1950 طعن بطريق النقض في حكمي محكمة بنها الابتدائية بهيئة استئنافية الصادر أولهما في 28 من يناير سنة 1950 في الاستئناف رقم 151 سنة 1949 بنها، وثانيهما في 28 من يناير سنة 1950 أيضاً لاستئناف رقم 5 سنة 1949 بنها وذلك بتقرير طلبت فيه الطاعنة الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكمين المطعون فيهما وإلزام المطعون عليهما بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وفي 23 من مارس سنة 1950 أعلن المطعون عليهما بتقرير الطعن، وفي 4 من إبريل سنة 1950 أودعت الطاعنة أصل ورقة إعلان المطعون عليهما بالطعن وصورة مطابقة للأصل من كل من الحكمين المطعون فيهما ومذكرة بشرح أسباب الطعن وحافظة بمستنداتهما. وفي 30 منه أودع المطعون عليه الأول مذكرة بدفاعه طلب فيها أصلياً رفض الطعن في الحكم رقم 151 سنة 1949 وعدم قبول الطعن في الحكم رقم 5 سنة 1949 لخلوه من الأسباب واحتياطياً رفضه موضوعاً وإلزام الطاعنة في الحالتين بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. ولم يقدم المطعون عليه الثاني دفاعاً. وفي 10 من يناير سنة 1952 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعنة بالمصروفات. وفي 10 من إبريل سنة 1952 سمعت الدعوى على ما هو مبين بمحضر الجلسة حيث صمم محاميا الطاعنة والمطعون عليه الأول والنيابة العامة على ما جاء بمذكراتهم. والمحكمة أرجأت إصدار الحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

من حيث إن الوقائع تتحصل في أن المطعون عليه الأول رفع الدعوى رقم 264 سنة 1947 شبين القناطر الجزئية على المطعون عليه الثاني وعلى الطاعنة طلب فيها الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع المحرر في 16 من مارس سنة 1946 بينه وبين المطعون عليه الثاني ببيع حصة في ساقية وتابوت ومسقى مياه وطلب أن يكون الحكم في مواجهة الطاعنة لأنها شريكة فيما بيع فقضت المحكمة الجزئية في 6 من يناير سنة 1947 لمصلحة المطعون عليه الأول في مواجهة الطاعنة، ولما كان الحكم المذكور قد صدر غيابياً للطاعنة فقد عارضت فيه فقضت المحكمة بقبول المعارضة شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المعارض فيه بالنسبة للطاعنة وإخراجها من الدعوى وإلزام المطعون عليه الأول بالمصروفات. فاستأنف المطعون عليه فقضت محكمة بنها الابتدائية بهيئة استئنافية في 28 من يناير سنة 1950 بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وعدم قبول المعارضة المرفوعة من الطاعنة لرفعها بعد الميعاد. فطعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض. كما طعنت في حكم آخر صدر من نفس المحكمة في تاريخ ذاته وتتحصل الوقائع الخاصة به في أن المطعون عليه الأول بعد الحكم له في الدعوى السابق إيراد وقائعها بصحة ونفاذ عقد البيع في مواجهة الطاعنة رفع الدعوى رقم 61 سنة 1947 شبين القناطر على الطاعنة وعلى البائع له وآخر اشترى نفس المبيع من البائع له بطلب الحكم على وجه الاستعجال بتسليمه ما بيع له من حصة في الساقية والتابوت والمسقى. فحكمت المحكمة الجزئية في 11 من أكتوبر سنة 1948 بإلزام البائع والمشتري الآخر بأن يسلما للمطعون عليه الأول - في مواجهة الطاعنة - القدر المبيع، فاستأنفت الطاعنة والمشتري الآخر هذا الحكم، فحكمت محكمة بنها الابتدائية في 28 من يناير سنة 1950 رفض الاستئناف وتأييد الحكم، فطعنت الطاعنة في هذا الحكم بالنقض.
وحيث إن الطعن في الحكم الأول يقوم على ثلاثة أسباب - يتحصل السببان الأولان في أن الحكم المذكور إذ قضى بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم قبول المعارضة شكلاً لرفعها بعد الميعاد وقد خالف القانون كما شابه القصور مبطل له ذلك أن الخصم لم يتمسك بعدم قبول المعارضة شكلاً لرفعها بعد الميعاد فما كان يجوز لمحكمة ثاني درجة أن تثير هذا الدفع من تلقاء نفسها لأن عدم قبول المعارضة شكلاً لرفعها بعد الميعاد - خلافاً لعدم قبول الاستئناف شكلاً - ليس من النظام العام فلا يصح بحثه إذا لم يتمسك به الخصم إذ لم يرد في القانون نص في المعارضة شبيه بالنص الذي أورده في هذا الخصوص في باب الاستئناف - كما أن هذا الدفع غير مقبول لأن المطعون عليه الأول لم يتمسك به في صحيفة استئنافه وفي هذا ما يحول دون جواز تمسكه به بعد انقضاء مواعيد الاستئناف فضلاً عن أن هذا يعد تنازلاً منه عن هذا الدفع.
وحيث إن هذين السببين مردودان بأنه وإن خلا محضر جلسة محكمة ثاني درجة من إثبات دفع المطعون عليه الأول بعدم قبول المعارضة شكلاً لرفعها بعد الميعاد إلا أنه ظاهر من مذكرة الطاعنة التي قدمتها إلى محكمة ثاني درجة أنها حوت رداً من الطاعنة على هذا الدفع وفي هذا ما يقطع في تمسك الخصم بهذا الدفع، وسيان أن يكون قد تمسك به في صحيفة الاستئناف أو في مرافعته أو مذكرته، إذ هو ليس من أوجه البطلان أو الدفوع التي يسقط الحق في إبدائها إذا أغفل المستأنف التمسك بها في صحيفة الاستئناف أو تحدث في الموضوع قبل التمسك بها، بل هو دفع بعدم قبول الدعوى يجوز وفقاً لصريح نص المادة 142 مرافعات - التي لم تأت بجديد - إبداؤه في أية حالة تكون عليها الدعوى.
وحيث إن السبب الثالث يتحصل في أن الطاعنة تمسكت بأنها لم تعلن بالحكم الغيابي الذي عارضت فيه وأنه بذلك ظل ميعاد المعارضة مفتوحاً أمامها وقت أن رفعت معارضتها ولكن الحكم المطعون فيه قضى بعدم قبول المعارضة شكلاً وتأسيساً على أنها أعلنت بالحكم الغيابي في 17 من مارس سنة 1947 وأنها لم ترفع المعارضة إلا في 28 من نوفمبر سنة 1948 فجاءت المعارضة بعد الميعاد إذ الحكم الغيابي لم يحو شيئاً يصح أن ينفذ به على الطاعنة - لأنه صدر في مواجهتها فقط - فيكون ميعاد المعارضة 24 ساعة من وقت إعلانه - وهذا الذي بني عليه الحكم قضاءه فيه مخالفة للقانون فضلاً عما يشوبه من قصور مبطل إذ تمسكت الطاعنة بأنها لم تعلن بالحكم الغيابي وأنكرت صفة مستلم الإعلان نيابة عنها ولكن الحكم المطعون فيه لم يحفل بتحقيق هذا الدفاع واستنتج علم الطاعنة بالإعلان مع وقائع أخرى من أن القانون إذا أوجب إعلاناً فلا تقدم وقائع أخرى على علم المعلن إليه به غير الإعلان.
وحيث إنه يبين من مراجعة الحكم المطعون فيه أنه إذ استعرض دفاع الطاعنة قال "وحيث إن القول من جانب - المستأنف عليها (الطاعنة) بأن الحكم الغيابي لم يعلن إليها إعلاناً صحيحاً لأنه ثابت بالإعلان أنه تم في مواجهة صهرها يوسف محمد المقيم معها مع أنه لا تربطها صلة قرابة أو مصاهرة بيوسف محمد ولا يقيم معها: فإن هذا القول مردود عليه بأن الظروف كلها تنادي بعلم المستأنف عليها الأولى بهذا الحكم وإعلانه إذ ثابت أن المستأنف بعد أن صدر له الحكم رقم 264 سنة 1947 مدني شبين القناطر بتاريخ 6 يناير سنة 1947 رفع الدعوى رقم 61 سنة 1948 شبين القناطر بتاريخ 6 من يناير سنة 1947 ضد المستأنف عليها وآخر طلب فيها تسليمه الأعيان المحكوم بصحة عقد البيع الصادر فيها في القضية رقم 264 سنة 1947 وقد حضرت المستأنف عليها الأولى (الطاعنة) في هذه الدعوى وقد استند المستأنف في هذه الدعوى على الحكم الصادر في القضية رقم 264 سنة 1947 مدني شبين القناطر وقدمه في الدعوى ضمن الحافظة رقم 4 دوسيه بتاريخ 4 من مارس سنة 1948 كما هو ثابت من تعلية الملف وقد اطلعت على المستأنف عليها الأولى دون أن تعترض على ذلك مع أنه ثابت بالحكم المذكور أنه أعلن إليها ودون أن تبادر برفع المعارضة عن هذا الحكم بل استمرت في سكونها لغاية يوم 28 نوفمبر سنة 1948 أي بعد أن صدر الحكم في الدعوى الأخرى رقم 61 سنة 1948 شبين القناطر بتاريخ 11 أكتوبر سنة 1948: وحيث إنه بعد استعراض هذه الظروف لا تلقي المحكمة بالاً إلى دفاع المستأنف عليها الأولى (الطاعنة) من أنها لم تعلن بالحكم الغيابي وأنها مستعدة للطعن فيه بالتزوير إذ أن هذا من قبيل الجدل الذي لا ينتج إذ أن جميع الظروف تنادي بصحة الإعلان" وهذا الذي أقام عليه الحكم قضاءه فيه مخالفة للقانون ويشوبه قصور ذلك أن إعلان الأحكام إنما يكون بالطريق الذي رسمه القانون أي بورقة من أوراق المحضرين تسلم لمن يراد إعلانه أو لمن يستطيع الاستلام نيابة عنه ولا يجزى عن ذلك اطلاع من يراد إعلانه على الحكم أو علمه به، أو تقديمه كمستند في قضية كان مختصماً فيها كما أن أياً من هذه الوقائع لا يكفي مسوغاً للقول بتنازل المقصود بالإعلان عن التمسك بما شاب إعلان الحكم من بطلان إذ التنازل، عن الحقوق لا يقام على الظن أو الاحتمال أو على واقعة غير قاطعة الدلالة في هذا الخصوص، وعلى ذلك يكون الحكم المطعون فيه إذ لم يحفل بدفاع الطاعنة من أنه لا صفة لمن استلم إعلان الحكم الغيابي في 17 من مارس سنة 1947 بالنيابة عنها بناء على أن هذا الحكم قدم في 4 من مارس سنة 1948 في ملف القضية رقم 61 سنة 1948 شبين القناطر التي كانت الطاعنة خصماً فيها يكون معيباً ويتعين نقضه.
وحيث إنه لذلك يتعين قبول الطعن في الحكم الآخر الصادر من محكمة بنها الابتدائية في 28 من يناير سنة 1950 فيما يختص بالطاعنة إذ قضى برفض الاستئناف المرفوع من الطاعنة وتأييد حكم محكمة بنها الجزئية الصادر في القضية رقم 61 سنة 1947 تأسيساً على أن الحكم الأول قد أصبح نهائياً بعدم قبول المعارضة شكلاً، وبنقض الحكم الأول يلغي تبعاً الحكم الآخر الذي كان الحكم الأول أساساً له، وذلك وفقاً للمادة 447 مرافعات