أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثالث - السنة 3 - صـ 969

جلسة 24 إبريل سنة 1952
(143)
القضية رقم 143 سنة 20 قضائية

برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد حلمي باشا وكيل المحكمة وبحضور حضرات أصحاب العزة: عبد المعطي خيال بك وسليمان ثابت بك ومحمد نجيب أحمد بك وأحمد العمروسي بك المستشارين.
كفالة. تقادم. كفيل متضامن. قطع مدة التقادم بالنسبة إلى الكفيل ولو كان متضامناً مع المدين لا يقطع المدة بالنسبة إلى المدين انقضاء الدين بالتقادم بالنسبة إلى المدين ينبني عليه حتماً انقضاؤه وبالنسبة إلى الكفيل ولو كان متضامناً مع المدين. لا يغير من هذا النظر رفع الدعوى على الكفيل قبل انقضاء التزامه بالتقادم.
أن ما ورد بالمادة 110 من القانون المدني (القديم) من أن (مطالبة أحد المدينين المتضامنين مطالبة رسمية، وإقامة الدعوى بالدين يسريان على باقي المدينين) هو استثناء من الأصل الذي من مقتضاه أن انقطاع التقادم المترتب على المطالبة الرسمية بالدين لا يتعدى أثره من وجه إليه الطلب، ومن ثم وجب أن يلتزم في تفسيرها ما ورد به صريح نصها، وأن تحصر آثار النيابة المتبادلة المفترضة قانوناً بين المدينين المتضامنين في حدود التزامهم الأصلي كمقتضى النص، فلا يجوز أن يسوي في حكمه عن طريق القياس بين الكفيل المتضامن والمدين المتضامن، لأن تضامن الكفيل مع المدين لا يصيره مديناً أصلياً، بل يبقى التزامه تبعياً وإن كان لا يجوز له التمسك بإلزام الدائن بمطالبة المدين بالوفاء أو التنفيذ على أمواله أولاً وينبني على كون التزام الكفيل تابعاً لالتزام المدين أنه ينقضي حتماً بانقضائه، ولو كان التقادم قد انقطع بالنسبة للكفيل، ولا فرق في هذا الحكم بين الكفيل المتضامن والكفيل غير المتضامن. وإذن فمتى كان الحكم المطعون فيه إذ قضى بإلزام الطاعن بالدين أسس قضاءه على أن الدين المطالب به حق وفاؤه في 30 من سبتمبر سنة 1930، وأن الدعوى رفعت على الضامن المتضامن في 10 من أكتوبر سنة 1944 أي قبل سقوط حق المطعون عليها الأولى في المطالبة به، وعلى أن رفع الدعوى على الضامن المتضامن يقطع مدة التقادم بالنسبة له وللمدينين على السواء، لأن مطالبته بالدين تعتبر مطالبة لهم يترتب عليها أثرها فتقطع المدة بالنسبة إليهم جميعاً عملاً بالمادة 110 مدني (قديم). فإن ما قرره هذا الحكم يكون خطأ في تطبيق القانون يستوجب نقضه في هذا الخصوص.


الوقائع

في يوم 17 من مايو سنة 1950 طعن بطريق النقض في حكم محكمة مصر الابتدائية بهيئة استئنافية الصادر في 25 من يناير سنة 1950 في الاستئناف رقم 1154 سنة 1947 وذلك بتقرير طلب فيه الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه والقضاء أصلياً بعدم قبول الاستئناف المرفوع من المطعون عليها الأولى وفي موضوع الدعوى بإلغاء الحكم المطعون فيه وتأييد الحكم الابتدائي وإلزام المطعون عليهما الأولى في الحالتين بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن جميع الدرجات. وفي 18 و21 و28 من مايو سنة 1950 أعلن المطعون عليهم بتقرير الطعن. وفي 6 من يونيه سنة 1950 أودع الطاعن أصل ورقة إعلان المطعون عليهم بالطعن وصورة مطابقة للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب الطعن. وفي 26 منه أودعت المطعون عليها الأولى مذكرة بدفاعها طلبت فيها رفض الطعن وإلزام الطاعن بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة ولم يقدم باقي المطعون عليهم دفاعاً. وفي 29 من يناير سنة 1952 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها أولاً ببطلان الطعن بالنسبة للمطعون عليهم من الخامس للأخير. وثانياً الحكم بقبوله شكلاً بالنسبة للباقية ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن بالمصروفات وفي 10 من إبريل سنة 1952 سمعت الدعوى على ما هو مبين بمحضر الجلسة حيث.... إلخ.


المحكمة

من حيث إن النيابة العامة دفعت ببطلان الطعن بالنسبة إلى المطعون عليهم من الخامس إلى الأخير لأن المطعون عليه الخامس لم يعلن لعدم الاستدلال عليه وأن المطعون عليه السادس قد توفى وأن الباقين أعلنوا مع عمدة الناحية لغيابهم وعدم وجود من يتسلم الإعلان عنهم دون أن يثبت المحضر الخطوات السابقة لتسليم أوراق الإعلانات الخاصة بهم إلى العمدة.
ومن حيث إنه يبين من أوراق الطعن أن المطعون عليهما الخامس والسادس لم يعلنا لعدم توضيح اسم أولهما ولوفاة الثاني كما لم يعلن ورثة هذا الأخير ومن ثم يكون الطعن بالنسبة إليهما باطلاً وفقاً للمادة 431 مرافعات كما يبين منها أن المحضر أعلن المطعون عليهم من السابع إلى الأخير في وجه عمدة الناحية لغيابهم وعدم وجود من يتسلم الإعلان عنهم قانوناً دون أن يثبت في محضره خطواته السابقة لتسليم أوراق الإعلانات الخاصة بهم إلى العمدة ومن ثم يكون الطعن بالنسبة إليهم باطلاً كذلك وفقاً للمادتين 12 و24 مرافعات.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية بالنسبة إلى المطعون عليهم الأربعة الأولين.
ومن حيث إن الوقائع حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن المطعون عليهم من الرابع إلى الأخير استدانوا من المطعون عليها الأولى بضمان وتضامن الطاعن مبلغ 695 م 351 ج استحق الوفاء في 30 من ديسمبر سنة 1930 ولما لم يقم المدينون بوفائه أقامت المطعون عليها الأولى في 10 من أكتوبر سنة 1944 الدعوى رقم 163 سنة 1945 عابدين على الطاعن والمطعون عليهما الثاني والثالثة طالبة الحكم بإلزام الطاعن بهذا المبلغ وفوائده بواقع 5% من تاريخ استحقاق حتى الوفاء وتثبيت الحجز التحفظي الموقع تحت يد المطعون عليهما الثاني والثالثة وجعله نافذاًَ. وفي 6 من فبراير سنة 1945 قضت المحكمة للمطعون عليها الأولى في غيبة الطاعن فعارض الطاعن في هذا الحكم وفي 27 من مارس سنة 1947 أدخل باقي المطعون عليهم في الدعوى ودفعها هو والمدينون بأن حق المطعون عليها الأولى في المطالبة بالدين قد سقط بمضي المدة الطويلة. وفي 13 من مايو سنة 1947 قضت المحكمة بقبول هذا الدفع وبإلغاء الحكم المعارض فيه وبرفض الدعوى فاستأنفت المطعون عليها الأولى هذا الحكم وقيد استئنافها برقم 1154 سنة 1947 مصر فدفع المطعون عليهم من الرابع إلى الأخير بعدم قبول الاستئناف شكلاً لرفعه بعد الميعاد وفي 25 من يناير سنة 1950 قضت المحكمة برفض الدفع وبقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام الطاعن بأن يدفع إلى المطعون عليها الأولى 295 م 351 ج والفوائد بواقع 5% عن خمس سنوات سابقة على تاريخ المطالبة الرسمية الحاصلة في 10 من أكتوبر سنة 1944 وتثبيت الحجز التحفظي الواقع تحت يد المطعون عليهما الثاني والثالثة وجعله نافذاً تأسيساً على أن الاستئناف قد أعلن وقيد في الميعاد وعلى أن تاريخ استحقاق الدين هو 30 من سبتمبر سنة 1930 وأن الدعوى رفعت على الطاعن في 10 أكتوبر سنة 1944 أي قبل انقضاء التزامه بالتقادم وعلى أن الضامن المتضامن يعتبر في حكم المدين المتضامن ويجوز للدائن أن يطالبه بكل الدين ابتداءً ومنفرداً دون مطالبة المدين وأن مطالبته رسمياً تقطع المدة بالنسبة إلى المدينين وتعتبر مطالبته لهم تترتب عليها أثارها فتحق الفوائد وينقطع سريان مدة التقادم بالنسبة إليهم جميعاً وعلى أن الطاعن قد طلبا إلى المطعون عليهما الأولى في 12 من أكتوبر سنة 1946 فيه اعتراف صريح بالدين فقرر الطاعن الطعن في هذا الحكم بطريق النقض.
ومن حيث إن الطاعن ينعي على الحكم في سببين حاصل أولهما أنه أخطأ في تطبيق القانون وشابه التخاذل في الأسباب ذلك أنه إذ قضى برفض الدفع بعدم قبول الاستئناف شكلاً وقرر في أسبابه أن الاستئناف أعلن في الميعاد القانوني لم يتعمد على هذا التقرير في رفض الدفع وإنما أسس قضاءه في هذا الشأن الذي أن إعلان الضامن المتضامن في الميعاد يجعل الاستئناف قائماً بالنسبة للمدين الذي أعلن بعد الميعاد استناداً إلى المادتين 109، 110 من القانون المدني (القديم) مع أن هاتين المادتين متعلقتان بأصل الحق ولا صلة لها بقواعد المرافعات.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بما قرره الحكم من أن "الحكم المستأنف أعلن المستأنفة في يوم 22 من يونيو سنة 1947 وأعلن الاستئناف لكل من الرابع إلى العاشرة بين 15 و20 يوليه سنة 1947 أي في الميعاد القانوني كما أعلن للمستأنف عليه الأول (الطاعن) في 17 يوليه سنة 1947" وهذا الذي قرره الحكم كاف لحمله في قضائه برفض الدفع بعدم قبول الاستئناف شكلاً لرفعه بعد الميعاد. أما ما استطرد إليه الحكم بعدئذ مما ينعاه عليه الطاعن فهو تزيد يقوم الحكم بدونه.
ومن حيث إن ما ينعاه الطاعن على الحكم في السبب الثاني هو أنه أخطأ في تطبيق القانون إذ قضى بأن الضامن المتضامن يعتبر في حكم المدين المتضامن وأن مطالبته رسمياً بالدين تقطع المدة بالنسبة إليه وإلى المدينين جميعاً ووجه الخطأ في ذلك هو أن صح القول بأن مطالبة المدين يكون لها أثر بالنسبة للضامن، فإن عكس ذلك غير صحيح كما أنه لا يجوز مطالبة الكفيل إلا إذا كان الالتزام الأصلي قائماً ولم يسقط بمضي المدة ذلك لأن نص المادة 509 مدني (قديم) صريح في أن الكفيل يبرأ بمجرد براءة المدين.
ومن حيث إن هذا النعي في محله ذلك لأن الحكم المطعون فيه إذ قضى بإلزام الطاعن بالمدين أسس قضاءه على أن الدين المطالب به حق وفاؤه في 30 من سبتمبر سنة 1930 وأن الدعوى رفعت على الضامن المتضامن في 10 من أكتوبر سنة 1944 أي قبل سقوط حق المطعون عليها الأولى في المطالبة به وعلى أن رفع الدعوى على الضامن المتضامن يقطع مدة التقادم بالنسبة له وللمدينين على السواء لأن مطالبته بالدين تعتبر مطالبة لهم يترتب عليها أثرها فتنقطع المدة بالنسبة إليهم جميعاً عملاً بالمادة 110 مدني (قديم) وهذا النظر غير صحيح في القانون. ذلك لأن ما ورد بالمادة 110 المشار إليها من أن "مطالبة أحد المدينين المتضامنين مطالبة رسمية وإقامة الدعوى بالدين يسريان على باقي المدينين هو استثناء من الأصل الذي من مقتضاه أن انقطاع التقادم المرتب على المطالبة الرسمية بالدين لا يتعدى أثره من وجه إليه الطلب ومن ثم وجب أن يلتزم في تفسيرها ما ورد به صريح نصها وأن، تحصر آثار النيابة المتبادلة المفترضة قانوناً بين المدينين المتضامنين في حدود التزامهم الأصلي كمقتضى النص فلا يجوز أن يسوي في حكمه عن طريق القياس بين الكفيل المتضامن والمتضامن لأن تضامن الكفيل مع المدين لا يصيره مديناً أصلياً بل يبقى التزامه تبعياً وإن كان لا يجوز له التمسك بإلزام الدائن بمطالبة المدين بالوفاء أو التنفيذ على أمواله أولاً وينبني على كون التزامه الكفيل تابعاً لالتزام المدين أنه ينقضي حتماً بانقضائه ولو كان التقادم قد انقطع بالنسبة للكفيل ولا فرق في هذا الحكم بين الكفيل المتضامن والكفيل غير المتضامن ومن ثم يكون ما قرره الحكم مما سبق بيانه خطأ في تطبيق القانون يستوجب نقضه في هذا الخصوص.
ومن حيث إن الدعوى صالحة للحكم فيها.
ومن حيث إن ما جاء بالحكم الابتدائي من "أن ما دفع به المعارض (الطاعن) وضمانه وهم المعارض ضدهم من الرابع إلى الأخير (المطعون عليهم من الرابع إلى الأخير) من سقوط حق "وزارة المالية" المطعون عليها الأولى في مطالبتهم بالمبالغ موضوع النزاع لمضي المدة الطويلة ما بين تاريخ الاستحقاق الحاصل في 30 سبتمبر سنة 1930 وبين إعلانهم بالدعوى في 17 مارس سنة 1947 هذا الدفع في محله ويتعين قبوله لمضي المدة المسقطة للحقوق فعلاً" وأن الدين قد سقط عن المدين الأصلي سقوطاً نهائياً فلا محل لمطالبته الضامن به إذا أن مثل هذا الضامن يستفيد من جميع الدفوع التي يحق للمدينين الأصليين التمسك بها" هو تطبيق صحيح للقانون لا يغير منه ما تتمسك به المطعون عليها الأولى من أن الطاعن سبق أن طلب إليها في 12 من أكتوبر سنة 1946 تقسيط الدين ذلك أن هذا الطلب وإن كان يفيد الاعتراف بالدين إلا أنه صدر من الكفيل قبل أن يدفع المدينون بسقوط الدين بالتقادم ومن ثم فلا يحول دون براءة ذمته تبعاًَ لبراءة ذمة المدينين بعد أن قرر الحكم الابتدائي بحق صحة دفاعهم لأن التزامه تابع لالتزامهم وينقضي حتماً بانقضائه ومن ثم يتعين تأييد الحكم الابتدائي.