أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثالث - السنة 3 - صـ 988

جلسة أول مايو سنة 1952
(146)
القضية رقم 138 سنة 20 قضائية

برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد حلمي باشا وكيل المحكمة وحضرات أصحاب العزة: عبد العزيز محمد بك وعبد الحميد وشاحي بك ومصطفى فاضل بك وعبد العزيز سليمان بك المستشارين.
بيع. فسخ العقد لعدم وفاء المشتري بالثمن. إذا كان الشرط الوارد في العقد إنما هو ترديد للشرط الفاسخ الضمني فلا ينفسخ به العقد من تلقاء نفسه. شرط الفسخ في هذه الحالة. وجوب التنبيه على المشتري بالوفاء تنبيهاً رسمياً.
لا يعتبر عقد البيع مفسوخاً لعدم قيام المشتري بدفع الثمن في الميعاد إلا إذا اتفق العاقدان على اعتبار العقد مفسوخاً من تلقاء نفسه دون حاجة لإنذار أما إذا كان اتفاقهما مجرد ترديد للشرط الفاسخ الضمني فلا يترتب على تخلف المشتري انفساخ العقد حتماً، بل يجب أن يتوافر شرطان كي تقضي المحكمة بالفسخ أو تقبل الدفع به وهما أولاً: أن يظل المشتري متخلفاً عن الوفاء حتى صدور الحكم وثانياً: أن ينبه البائع على المشتري بالوفاء وسبيل هذا التنبيه في البيوع المدنية هو التكييف الرسمي على يد محضر فلا يصح بمجرد خطاب ولو كان موصى عليه. وإذن فمتى كان الثابت من وقائع الدعوى أن كلا الأمرين لم يتحقق بأن كان المشتري قد عرض ما يجب عليه دفعه لدى رفع الدعوى عرضاً حقيقياً أعقبه الإيداع، ولم يقم البائع بالتكليف الرسمي واكتفى على ما يدعي بخطاب موصى عليه فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض الدفع بانفساخ العقد لم يخالف القانون.


الوقائع

في يوم 14 من مايو سنة 1950 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف الإسكندرية الصادر في 24 من إبريل سنة 1949 في الاستئناف رقم 215 سنة 3 ق وذلك بتقرير طلب فيه الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه والقضاء أصلياً برفض دعوى المطعون عليهما واحتياطياً إحالة القضية على محكمة الاستئناف للفصل فيها مجدداً من دائرة أخرى وإلزام المطعون عليهما بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وفي 22 من مايو سنة 1950 أعلن المطعون عليهما بتقرير الطعن. وفي 29 منه أودع الطاعن أصل ورقة إعلان المطعون عليهما بالطعن وصورة مطابقة للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب الطعن وحافظة بمستنداته. ولم يقدم المطعون عليهما دفاعاً. وفي 29 من يناير سنة 1952 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن بالمصروفات. وفي 17 من إبريل سنة 1952 سمعت الدعوى على ما هو مبين بمحضر الجلسة... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الوقائع تتحصل حسبما يبين من الحكم المطعون فيه في أن الطاعن باع للمطعون عليهما في 16/ 6/ 1946 - 20 ف و17 ط و23 س شائعة في 26 فدان بثمن مقداره 130 جنيهاً للفدان ودفع المطعون عليهما من أصل الثمن ألف جنيه واتفق على دفع 600 جنيه في 25 من يونيه من تلك السنة، كما نص الاتفاق بين المتعاقدين على وجوب دفع عربون عن باقي القطعة - أي باقي الـ 26 فدان - وذلك في نفس اليوم - وعندئذ يقوم البائع بتحرير العقد الابتدائي عن الصفقة كلها ويكون باقي الثمن مستحقاً في أول أكتوبر سنة 1946 - واتفق على أنه في حالة إخلال المشتريين بما التزاما بدفعه يوم 25 من يونيه سنة 1946 يفقدان حقهما في استرداد نصف المبالغ المدفوع بمثابة تعويض للبائع - حدث بعد ذلك أن المشتريين لم يدفعا شيئاً في 25 من يونيه سنة 1946 - فأرسل البائع - الطاعن - لهما خطاباً موصى عليه يخبرهما بأنهما وقد تخلفا عن القيام بالتزامهما فقد أضحى عقد الاتفاق مفسوخاً - فرفع المطعون عليهما الدعوى الحالية في 8 من يوليه سنة 1946 طالبين الحكم بصحة ونفاذ العقد وعرضا في نفس الوقت عرضاً حقيقياً مبلغ الـ 600 جنيه الذي كانا قد تعهدا بدفعه في 25 من يونيه سنة 1946 فامتنع الطاعن عن قبوله فأودع الخزانة، فقضت محكمة أول درجة في 12 من ديسمبر سنة 1946 بصحة ونفاذ الورقة المؤرخة 16 من يونيه سنة 1946 الصادرة من الطاعن للمطعون عليهما عن الوعد ببيع 20 فدان و17 ط و23 س فاستأنف الطاعن، فقضت محكمة استئناف الإسكندرية في 24/ 4/ 1949 برفض الاستئناف وتأييد الحكم - فطعن الطاعن في هذا الحكم بالنقض.
وحيث إن السبب الأول يتحصل في أن الحكم المطعون فيه إذ قضى بعدم الاعتداد بدفاع الطاعن من أن عقد الاتفاق قد أصبح مفسوخاً لعدم قيام المشترين بدفع المبلغ المتفق عليه في 25 من يونيو سنة 1946 بمقولة إن الطاعن لم ينبه عليهما رسمياً قد أخطأ في تطبيق القانون لأن الطاعن أنذر المشتريين بخطاب موصى عليه في 27/ 6/ 1946، ولا يشترط أن يكون التنبيه رسمياً.
وحيث إن هذا السبب مردود بأن عقد البيع لا يعتبر مفسوخاً لعدم قيام المشتري بدفع الثمن في الميعاد إلا إذا اتفق العاقدان على اعتبار العقد مفسوخاً من تلقاء نفسه دون حاجة لإنذار، أما إذا كان اتفاقهما مجرد ترديد للشرط الضمني الفاسخ فلا يترتب على تخلف المشتري انفساخ العقد حتماً، بل يجب أن يتوافر شرطان كي تقضي المحكمة بالفسخ أو تقبل الدفع به وهما أولاً - أن يظل المشتري متخلفاً عن الوفاء حتى صدور الحكم - وثانياً - أن ينبه البائع على المشتري بالوفاء وسبيل هذا التنبيه في البيوع المدنية هو التكليف الرسمي على يد محضر فلا يصح بمجرد خطاب ولو كان موصى عليه - وواضح من وقائع الدعوى أن كلا الأمرين لم يتحقق فقد عرض المشتريان ما كان يجب عليهما دفعه لدى رفع الدعوى عرضاً حقيقياً أعقبه الإيداع، ولم يقم البائع بالتكليف الرسمي واكتفى على ما يدعي بخطاب موصى عليه.
وحيث إن السبب الثاني يتحصل في أن الحكم المطعون فيه إذ اعتبر الاتفاق الذي تم بين الطاعن والمطعون عليهما في 16/ 6/ 1946 عقد بيع بات قد أخطأ في التكييف إذ هو التزم من جانب البائع معلق على شرط واقف والالتزام هو التزام الطاعن بتحرير عقد ابتدائي في 25/ 6/ 1946 والشرط هو قيام المشتريين بدفع مبلغ 600 جنيه ودفعهما عربوناً عن باقي الأطيان وعدم تحقيق الشرط يجعل الطاعن معفى من التزامه وفقاً لنص المادة 103 مدني قديم - وهو ما لم يقضي به الحكم المطعون فيه.
وحيث إن هذا السبب مردود بأنه فضلاً عن أن أحداً لم يقدم عقد الاتفاق الذي يتحدى الطاعن بنصوصه في النعي على ما قرره الحكم المطعون فيه من أن الاتفاق هو عقد بيع وأن موعد الوفاء بالثمن هو أجل مضاف إليه التزام المشترين لا شرط يتوقف على تحققه قيام العقد - مما يجعل هذا السبب مجرداً من دليله فإن الصورة التي يزعمها الطاعن لهذا الاتفاق والتي وردت في مذكرته التي قدمها إلى محكمة الاستئناف تدل على أن ما قرره الحكم المطعون فيه هو تفسير سائغ للاتفاق لا سبيل للنعي عليه أمام هذه المحكمة.
وحيث إن السبب الثالث يتحصل في أن الحكم الاستئنافي المطعون فيه قد شابه البطلان لمخالفته الثابت في الأوراق إذ قرر أن حكم محكمة أول درجة رد على دفاع الطاعن مع أن دفاعه المؤسس على أن الاتفاق هو التزام معلق على شرط - لم يبد إلا أمام محكمة الاستئناف - كما أن الحكم الاستئنافي المطعون فيه ذكر أن حكم محكمة أول درجة كيف الاتفاق بأنه عقد بيع بات مع أن حكم محكمة أول درجة قرر أنه وعد بالبيع.
وحيث إن هذا السبب مردود بأن حكم محكمة الاستئناف المطعون فيه رد على دفاع الطاعن رداً وافياً، إذ قرر أن عقد الاتفاق محل الدعوى يعتبر عقد بيع بات لا مجرد مشروع معلق على شرط واقف وأنه بناء على هذا الحكم يجب على الطاعن التنبيه على المشتريين تنبيهاً رسمياً بالوفاء، وفي هذا الذي قرره الحكم ما يكفي لحمله مما يعتبر معه عديم الجدوى النعي عليه بأنه أسند إلى الحكم المستأنف قولاً لم يتضمنه.
وحيث إنه لذلك يكون الطعن في غير محله ويتعين رفضه.