أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثالث - السنة 3 - صـ 1031

جلسة 8 من مايو سنة 1952
(154)
القضيتان رقما 154 و160 سنة 20 قضائية

برئاسة حضرة صاحب السعادة أحمد حلمي باشا وكيل المحكمة وبحضور حضرات أصحاب العزة: عبد المعطي خيال بك وسليمان ثابت بك ومحمد نجيب أحمد بك وأحمد العمروسي بك المستشارين.
أ. إعلان للنيابة. متى يصح. وجوب دقة التحري عن محل المراد إعلانه قبل تسليم ورقة الإعلان للنيابة. مثال.
ب. شفعة. وجوب اختصام البائع والمشتري وأن تعددا في جميع مراحل التقاضي. بطلان إعلان أحدهم بتقرير الطعن يستوجب عدم قبول الطعن شكلاً بالنسبة إلى الجميع.
ج. نقض. طعن. عدم وجود مصلحة للطاعن. ينبني عليه وجوب عدم قبول الطعن. مثال في دعوى الشفعة.
(1) إن إعلان الأوراق القضائية في النيابة بدلاً من الإعلان لشخص أو محل إقامة المعلن إليه لا يصح اللجوء إليه إلا إذا قام المعلن بالتحريات الكافية الدقيقة التي تلزم كل باحث مجد بالتقصي عن محل إقامة المعلن إليه، فلا يكفي أن ترد الورقة بغير إعلان ليسلك المعلن هذا الطريق الاستثنائي. وإذن فمتى كان الواقع هو أن الطاعنين أعلنوا المطعون عليه الرابع في موطنه المعروف لهم فرد المحضر الإعلان لعدم الاستدلال على محل المعلن إليه وأثبت في محضره أن له محل تجارة في جهة معينة وكان الطاعنون بدلاً من الالتجاء إلى محل تجارته للتحري من القائمين بإدارته عن محل إقامته الحقيقي قاموا بتسليم ورقة الإعلان الخاصة به إلى النيابة العامة مباشرة بحجة أنه (غير معلوم له محل إقامة بالقطر المصري) فإن هذا الإعلان يكون قد وقع باطلاً.
(2) لما كانت المادة 15 من دكريتو الشفعة المقابلة للمادة 943 من القانون المدني الجديد توجب رفع الدعوى على البائع والمشتري ولو تعددا وإلا سقط الحق فيها وكان قضاء محكمة النقض قد استقر على أن دعوى الشفعة لا تكون مقبولة إلا إذا كانت الخصومة فيها قائمة بين أطرافها الثلاثة الشفيع والمشتري والبائع سواء في أول درجة أو في الاستئناف أو في النقض وسواء أكان رافعها هو الشفيع أم المشتري أم البائع وكان موضوع الدعوى طلب الشفعة مما يوجب القانون اختصام أشخاص معينين فيها كما سبق القول فإن بطلان الطعن بالنسبة إلى المطعون عليه الرابع وهو أحد البائعين يترتب عليه حتماً عدم قبوله شكلاً بالنسبة إلى باقي المطعون عليهم.
(3) متى كان الحكم لم يقض بإلزام البائعين في دعوى الشفعة بشيء من طلبات الشفيع بل أنه قضى برفض طلب إلزامهم بمصروفات الدعوى بالتضامن مع المشترين فإن طعن البائعين في هذا الحكم يكون غير مقبول لانتفاء المصلحة منه أما تحديهم بأن الحكم إذ قضى بصورية الثمن المسمى في عقد البيع فقد مس بكرامتهم وأن هذا يعتبر ضرراً أدبياً يجيز لهم الطعن في الحكم بطريق النقض - هذا التحدي مردود بأن الحكم لم يرتب على هذا التقرير أثراً في قضائه بالنسبة إلى الطاعنين بل قضى برفض طلب الشفيع قبلهم ومن ثم يكون لهم مصلحة يعتد بها في الطعن بالنقض على الحكم المذكور.


الوقائع

في يوم 24 من مايو سنة 1950 طعن نعمه نايف عماد (عن نفسه وبصفته) بطريق النقض في حكم محكمة استئناف القاهرة الصادر في 12 من فبراير سنة 1950 في الاستئناف رقم 707 سنة 65 ق وذلك بتقرير طلب فيه الطاعنون الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية على محكمة الاستئناف للفصل فيها مجدداً من دائرة أخرى وإلزام المطعون عليهم بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة - وقيد هذا الطعن برقم 154 سنة 20 ق وفي 28 و30 من مايو سنة 1950 و7 و12 من يونيه سنة 1950 أعلن المطعون عليهم بتقرير الطعن. وفي 12 من يونيه سنة 1950 أودع الطاعنون أصل ورقة إعلان المطعون عليهم بالطعن وصورة مطابقة للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب الطعن وحافظة بمستنداتهم - وفي 3 من يوليه سنة 1950 أودع المطعون عليه الأول مذكرة بدفاعه مشفوعة بمستنداته طلب فيها أصلياً الحكم بعدم قبول الطعن شكلاً واحتياطياً رفضه موضوعاً وإلزام الطاعنين بالمصروفات - وفي نفس اليوم أودعت المطعون عليها الخامسة مذكرة بدفاعها طلبت فيها أصلياً إخراجها من الطعن بلا مصروفات واحتياطياً نقض الحكم المطعون فيه والقضاء بتأييد الحكم المستأنف وإلزام المطعون عليه الأول (الشفيع) بجميع المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وفي 13 منه أودع الطاعنون مذكرة بالرد - وفي أول أغسطس سنة 1950 أودع المطعون عليه الأول مذكرة بملاحظاته على الرد ولم يقدم المطعون عليهم الثانية والثالثة والرابع دفاعاً. وفي 10 من فبراير سنة 1952 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها بعدم قبول الطعن شكلاً وإلزام الطاعنين بالمصروفات وفي 27 من مايو سنة 1950 طعن جورج أسعد باسيلي (عن نفسه وبصفته) بطريق النقض في نفس الحكم السابق وذلك بتقرير طلب فيه الطاعنون الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية على محكمة الاستئناف للفصل فيها مجدداً من دائرة أخرى وإلزام المطعون عليه الأول بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وقيد هذا الطعن برقم 160 سنة 20 ق وفي 30 و31 من مايو سنة 1950 و4 من يونيه سنة 1950 أعلن المطعون عليهم بتقرير الطعن. وفي 17 من يونيه سنة 1950 أودع الطاعنون أصل ورقة إعلان المطعون عليهم بالطعن وصورة مطابقة للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب الطعن وحافظة بمستنداتهم - وفي 22 منه أودع المطعون عليهم من الثالث إلى الأخير مذكرة بدفاعهم طلبوا فيها ضم هذا الطعن إلى الطعن رقم 154 سنة 20 ق والقضاء بالطلبات الواردة في تقرير الطعن المذكور - وفي 5 من يوليه سنة 1950 أودعت المطعون عليها الثانية مذكرة بدفاعها مشفوعة بمستنداتها طلبت فيها أصلياً عدم قبول الطعن لانعدام المصلحة فيه واحتياطياً نقض الحكم المطعون فيه والقضاء بتأييد الحكم المستأنف وإلزام المطعون عليه الأول الشفيع بجميع المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وفي 6 منه أودع المطعون عليه الأول مذكرة بدفاعه طلب فيها أصلياً الحكم بعدم قبول الطعن شكلاً واحتياطياً رفضه موضوعاً وإلزام الطاعنين بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة - وفي 22 منه أودع الطاعنون مذكرة بالرد وفي 25 منه أودع المطعون عليه الأول مذكرة بملاحظاته على الرد. وفي 10 من فبراير سنة 1952 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها بعدم قبول الطعن شكلاً وإلزام الطاعنين بالمصروفات. وبجلسة 27 من مارس سنة 1952 قررت المحكم ضم الطعن رقم 160 سنة 20 ق إلى الطعن رقم 154 سنة 20 ق ثم سمعت الدعوى على ما هو مبين بمحضر الجلسة إلخ.


المحكمة

من حيث إن الوقائع حسبما يستفاد من الحكم المطعون فيه تتحصل في أن الطاعنين في الطعن رقم 154 سنة 20 قضائية باعوا إلى الطاعنين في الطعن رقم 160 سنة 20 ق العقار رقم 33 بشارع شريف باشا بالقاهرة بثمن مقداره 97 ألف جنيه بخلاف الملحقات. فأظهر المطعون عليه الأول رغبته في أخذ العقار بالشفعة. ثم رفع الدعوى بها لقاء مبلغ 85 ألف جنيه على اعتبار أن الثمن المسمى في العقد صوري وتمسك البائعون والمشترون بصحة الثمن المسمى في العقد. فقضت محكمة أول درجة في 11 من مارس سنة 1948 بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت الشفيع صورية الثمن. وبعد أن سمعت أقوال شهود الشفيع قضت في 7 من يونيه سنة 1948 بأحقية الشفيع في أخذ العقار في نظير الثمن الموضح بالعقد وقدره سبعة وتسعون ألف جنيه وكافة الملحقات الموضحة بأسباب هذا الحكم وألزمت الشفيع بالمصاريف. فاستأنف الشفيع فقضت محكمة الاستئناف في 12 من فبراير سنة 1950 بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف وبأحقية المستأنف (الشفيع) في أخذ العقار مقابل تسعين ألفاً من الجنيهات وملحقاته البالغ مقدارها 6406 ج و210 م وإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من إلزام المستأنف بالمصاريف وإلزام المستأنف عليهم من الخامسة للأخير (المشترين) بكافة المصروفات عن الدرجتين ومائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة عنهما. فطعن الطاعنون في هذا الحكم بالنقض.

عن الطعن رقم 154 سنة 20 ق.

من حيث إن المطعون عليه الأول دفع بعدم قبول الطعن رقم 154 سنة 20 ق شكلاً تأسيساً على أن إعلان التقرير به إلى المطعون عليه الرابع هو أحد بائعي العقار المشفوع فيه الذين يجب اختصامهم في كافة مراحل التقاضي قد وقع باطلاً لأنه أعلن إليه في مواجهة النيابة دون أن يثبت الطاعنون أنهم قاموا بما يجب عليهم من التحري اللازم عن محل إقامة المطعون عليه المذكور قبل تسليم ورقة الإعلان الخاصة به إلى النيابة - وقد انضمت النيابة العامة إلى المطعون عليه الأول في هذا الدفع.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على الأوراق أن الطاعنين وهم المشترون قرروا بالطعن بطريق النقض في 24 من مايو سنة 1950. وفي 7 من يونيه سنة 1950 سعى الطاعنون لإعلان المطعون عليه الرابع في موطنه المعروف لهم وهو "ميدان محمد علي رقم 10 بالإسكندرية" فرد المحضر الإعلان لعدم الاستدلال على محل المعلن إليه وأثبت في محضره أنه يعلن بمحل تجارته بالمكس. إلا أن الطاعنين بدلاً من أن يتحروا عن موطنه من القائمين بإدارة محل تجارته بالمكس أعلنوه في 12 من يونيه سنة 1950 بتسليم ورقة الإعلان الخاصة به إلى النيابة العامة بحجة أنه "غير معلوم له محل إقامة بالقطر المصري".
ومن حيث إن إعلان الأوراق القضائية في النيابة بدلاً من الإعلان الشخص أو محل إقامة المعلن إليه لا يصح اللجوء إليه إلا إذا قام المعلن بالتحريات الكافية الدقيقة التي تلزم كل باحث مجد بالتقصي عن محل إقامة المعلن إليه فلا يكفي أن ترد الورقة بغير إعلان ليسلك المعلن هذا الطريق الاستثنائي لاسيما إذا بين المحضر في محضره أن المعلن إليه - كما هو الحال في الدعوى - له محل تجارة بالمكس كان يمكن الاهتداء منه إلى محل إقامته الحقيقي ومن ثم يكون الإعلان باطلاً عملاً بالمادة 431 من قانون المرافعات.
ومن حيث إنه لما كانت المادة 15 من دكريتو الشفعة المقابلة للمادة 943 من القانون المدني الجديد توجب رفع الدعوى على البائع والمشتري ولو تعددا وإلا سقط الحق فيها وكان قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن دعوى الشفعة لا تكون مقبولة إلا إذا كانت الخصومة فيها قائمة بين أطرافها الثلاثة الشفيع والمشتري والبائع سواء في أول درجة أو في الاستئناف أو في النقض سواء أكان رافعها هو الشفيع أم المشتري أم البائع - ولما كان موضوع الدعوى - طلب الشفعة مما يوجب القانون اختصام أشخاص معينين فيها كما سبق القول فإن بطلان الطعن بالنسبة إلى المطعون عليه الرابع - وهو أحد البائعين يترتب عليه حتماً عدم قبوله بالنسبة إلى باقي المطعون عليهم - لما كان ذلك - كان الدفع بعدم قبول الطعن شكلاً في محله ويتعين الحكم بمقتضاه في غيبة المطعون عليه الرابع عملاً بالمادة 95 من قانون المرافعات.

عن الطعن رقم 160 سنة 20 ق.

ومن حيث إن المطعون عليهما الأول والثانية دفعا بعدم قبول الطعن لانتفاء المصلحة منه لأن الحكم لم يلزم الطاعنين بأي شيء - وقد انضمت النيابة إليهما في هذا الدفع.
ومن حيث إن هذا الدفع في محله ذلك أن الحكم لم يقض بإلزام الطاعنين بشيء من طلبات المطعون عليه الأول بل أنه قضى برفض طلب إلزامهم بمصروفات الدعوى بالتضامن مع المشترين. أما تحديهم بأن الحكم إذ قضى بصورية الثمن المسمى في عقد البيع فقد مس بكرامتهم وأن هذا التعبير ضرراً أدبياً يجيز لهم الطعن في الحكم بطريق النقض - هذا التحدي مردود بأن الحكم لم يرتب على هذا التقرير أثراً في قضائه بالنسبة إلى الطاعنين بل قضى برفض طلب المطعون عليه الأول قبلهم ومن ثم لا يكون لهم مصلحة يعتد بها في الطعن بالنقض على الحكم المذكور - ويتعين الحكم بعدم قبول طعنهم فيه.