أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 34 - صـ 1292

جلسة 24 من مايو سنة 1983

برئاسة السيد المستشار عبد العزيز عبد العاطي إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: يحيى العموري نائب رئيس المحكمة، أحمد كمال سالم، سعد بدر وجرجس إسحق.

(257)
الطعون أرقام 923 و1049 و1080 لسنة 51 القضائية

1 - التزام "قابلية الالتزام للانقسام".
الأصل في الالتزام عند تعدد الدائنين أو المدينين أو كليهما أن يكون قابلاً للانقسام. جواز اتفاق المتعاقدين على غير ذلك. لمحكمة الموضوع سلطة استخلاص نية المتعاقدين متى كان استخلاصها سائغاً.
2 - دعوى "الدفاع في الدعوى". حكم "تسبيب الحكم".
الدفاع الذي تلتزم المحكمة بالرد عليه. شرطه. أن يقدم إليها صريحاً جازماً.
3، 4 - محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الأدلة".
3 - تحصيل فهم الواقع في الدعوى وبحث الأدلة وترجيح ما يطمئن إليه منها. من سلطة قاضي الموضوع.
4 - تقدير كفاية الأدلة. من سلطة محكمة الموضوع. عدم خضوعها في ذلك لرقابة محكمة النقض.
5، 6 - بيع. دعوى. التزام "الوفاء بالالتزام: الإيداع".
5 - اشتراط المشتري عدم صرف البائع باقي الثمن الذي أودعه خزينة المحكمة إلا بعد صدور حكم نهائي بصحة ونفاذ العقد الصادر إليه. صحيح.
6 - العرض والإيداع الحاصل من أحد المشتريين بباقي الثمن والحقوق بشرط الحكم له وحده بصحة ونفاذ البيع دون المشتري الآخر. لا أثر له في الوفاء بباقي الثمن.
7 - حكم "تسبيب الحكم". بيع "فسخ البيع". عقد.
القضاء بالفسخ استناداً إلى دعامتين: لتخلف المشتري عن الوفاء بالثمن ولتلاقي إرادة الطرفين على الفسخ. تعييب الحكم في الدعامة الثانية. غير منتج. علة ذلك.
8 - بيع "دعوى صحة ونفاذ العقد". دفوع. عقد. التزام "تنفيذ الالتزام".
الدفع بعدم التنفيذ. عدم جواز إبدائه إلا من المتعاقد الآخر. إبداؤه من المشتري الثاني للعقار المبيع غير مقبول.
9 - التزام "الحق في الحبس".
حق الحبس. ماهيته. وجوب قيام الارتباط بين الالتزام الذي يرد عليه حق الحبس والالتزام المقابل.
1 - الأصل في الالتزام الذي يتعدد فيه الدائنون أو المدينون أو كليهما سواء عند إنشاء الرابطة العقدية أو بعدها - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يكون قابلاً للانقسام إلا إذا نص صراحة في الاتفاق على غير ذلك أو إذا كان الالتزام وعلى نحو ما ورد بالمادة 300 من القانون المدني وارداً على محل لا يقبل بطبيعته أن ينقسم، أو إذا تبين من الغرض الذي رمى إليه المتعاقدان أن الالتزام لا يجوز تنفيذه منقسماً، أو إذا انصرفت نية المتعاقدين إلى ذلك. وإذا كان محل الالتزام بنقل ملكية عقار أو حصة شائعة فيه، فإنه يقبل الانقسام بطبيعته ويتسلم المشتري المبيع شائعاً طبقاً لسند ملكيته إلا إذا تبين اتجاه إرادة المتعاقدين إلى عدم قابلية الالتزام للانقسام. واستخلاص ذلك مما يدخل في سلطة محكمة الموضوع متى كان استخلاصها سائغاً ولا مخالفة فيه للثابت بالأوراق ودون معقب عليها في ذلك من محكمة النقض.
2 - المقرر في قضاء هذه المحكمة، أن الدفاع الذي تلتزم المحكمة بالرد عليه بأسباب خاصة، هو الذي يقدم إليها صريحاً معيناً على وجه جازم يكشف عن المقصود منه.
3 - من المقرر وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة، أن لقاضي الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وفي بحث الدلائل والمستندات المقدمة إليه وتقدير قيمتها وترجيح ما يطمئن إليه منها واستخلاص ما يرى أنه واقع الدعوى.
4 - من المقرر أنه إذا كانت محكمة الموضوع قد أقامت قضاءها على ما استخلصته من أدلة اطمأنت إليها وكان من شأن هذه الأدلة أن تؤدي إلى ما انتهت إليه، فإن تقدير كفايتها أو عدم كفايتها في الاقتناع من شأن محكمة الموضوع ولا دخل لمحكمة النقض فيه.
5 - من المقرر - وعلى ما جرى به قضاء النقض - أنه إذا كان الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع يقوم مقام التوقيع أمام الموثق على عقد البيع النهائي ويحل محله في التسجيل، فإذا كان وفاء باقي الثمن معلق على التوقيع على العقد النهائي، فإن اشتراط المشتري ألا يصرف للبائع باقي الثمن الذي أودعه خزينة المحكمة إلا بعد صدور حكم نهائي بصحة ونفاذ العقد هو اشتراط صحيح.
6 - من المقرر أنه لكي ينتج العرض والإيداع أثرهما كسبيل للوفاء أن يتما وفقاً لأحكام قانون المرافعات، وأن محضر الإيداع الذي يعقب رفض الدائن للمبلغ المعروض عليه هو إجراء يقوم به المحضر ويلتزم فيه بشروط العرض التي اشترطها العارض بإنذاره، وإذ كان الثابت بمحضر الإيداع المؤرخ... والذي تم بناء على إنذار العرض الموجه من المطعون ضده الخامس إلى المطعون ضدهم الأربعة الأول في....... أن المحضر أحال فيه إلى ما ورد بإنذار العرض المذكور، ومفاده اشتراط العارض - أحد المشترين - لصرف المبلغ المودع للمعروض عليهم أن يحكم له وحده دون الطاعن - المشتري الآخر - بصحة ونفاذ عقد البيع، مما مؤداه أن هذا العرض والإيداع لا ينتج أثره إلا في الوفاء لحساب العارض فقط دون أن يفيد منه المشتري الثاني. وبالتالي فلا يعتبر ذلك العرض والإيداع مبرئاً لذمته في الوفاء بقيمة الباقي من الثمن.
7 - من المقرر أنه إذا كان الحكم قد أقام قضاءه على دعامتين وكانت إحداهما كافية لحمله، فإن النعي على الأخرى بفرض صحته يكون غير منتج، لما كان ذلك وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه بفسخ العقد بالنسبة لحصة الطاعن على سند مما استخلصه سائغاً من أنه قصر في تنفيذ التزامه بسداد الباقي من ثمن حصته في العقار المبيع، وهو ما تتوافر به شروط الفسخ القضائي المنصوص عليه بالمادة 157 من القانون المدني وذلك بالنسبة لحصة المشتري المذكور، وكان هذا الذي أورده وانتهى إليه الحكم يتفق وصحيح القانون ومن شأنه أن يؤدي إلى ما انتهى إليه من تحقق شروط الفسخ القضائي في حق الطاعن لعدم وفائه للمستحق عليه من ثمن حصته في العقار المبيع فإن تعييبه فيما استطرد إليه تزيداً من دعامة أخرى لقضائه بشأن تحقق الفسخ القضائي من تلاقي إرادة الطرفين على الفسخ...... يضحى وأياً كان وجه الرأي فيه غير منتج.
8 - المقرر في قضاء النقض أنه لا يجوز لغير البائع أن يدفع دعوى صحة التعاقد لتخلف المشتري عن الوفاء بالتزامه بدفع باقي الثمن، لأن هذا الدفع هو ذات الدفع بعدم التنفيذ ولا يقبل إلا من المتعاقد الآخر. لما كان ذلك فإنه لا يقبل من الطاعن الذي لم يكن طرفاً في عقد البيع بل هو مشتر ثان للعقار المبيع الطعن على الحكم في خصوص ما قضى به من اعتبار العرض والإيداع الحاصلين من المطعون ضده الأول صحيحين وما رتبه على ذلك من اعتباره مبرئاً لذمة هذا المشتري من الحكم.
9 - وضعت المادة 246 من القانون المدني قاعدة مقتضاها - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه يجوز لكل مدين أن يمتنع عن الوفاء بالتزامه استناداً إلى حقه في الحبس ما دام الدائن لم يعرض الوفاء بالتزام نشأ بسبب التزام هذا المدين وكان مرتبطاً به، مما مؤداه أن حق الحبس هو دفع يعتصم به الدائن بوصفه وسيلة من وسائل الضمان لعدم تنفيذ التزامه المقابل، ومن تطبيقاته النص في الفقرة الثانية من المادة سالفة الذكر على أنه "ويكون ذلك بوجه خاص لحائز الشيء أو محرزه، إذا هو أنفق عليه مصروفات ضرورية أو نافعة، فإنه له أن يمتنع عن رد هذا الشيء حتى يستوفي ما هو مستحق له، إلا أن يكون الالتزام ناشئاً عن عمل غير مشروع" ومفاد ذلك أن المشرع قد استوجب كقاعدة عامة مع قيام التعادل في الالتزامات المتبادلة وجوب قيام الارتباط بين الالتزام الذي يرد عليه حق الحبس والالتزام المقابل بأن يكون - في خصوص التطبيق الوارد بالفقرة الثانية - ما أنفق على الشيء، مرتبطاً ومنصباً على ما يطلب رده.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعنين في الطعن رقم 923 سنة 51 ق أقاموا الدعوى رقم 3013 لسنة 1976 مدني كلي الجيزة على المطعون ضدهم عدا الثالث للحكم بفسخ عقد البيع الابتدائي المؤرخ 11/ 2/ 1976 المتضمن بيعهم للمطعون ضدهم الأول والثاني كامل أرض وبناء الفيلا المبينة بصحيفة الدعوى مع إلزامهم بتعويض قدره خمسة آلاف جنيه وبشطب أسبقية الطلب المقدم لشهر ذلك العقد، وقالوا في بيانها إنهم باعوا للمطعون ضدهم الأول والثاني بموجب العقد المذكور العقار سالف البيان بثمن قدره ثلاثون ألف جنيه، وإنه إزاء تخلف المشترين عن الوفاء بالتزاماتهما المتعاقد عليها، فقد أقاموا الدعوى. وأقام المطعون ضدهما المذكوران الدعوى رقم 1437 لسنة 1977 مدني كلي الجيزة ضد الطاعنين للحكم بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 10/ 2/ 1976 سالف الذكر وتسليمهما العين المبيعة خالية. قررت المحكمة ضم الدعويين للارتباط وليصدر فيهما حكم واحد، ولدى نظر الدعوى عدل المطعون ضده الثاني عن طلب صحة ونفاذ العقد إلى طلب الحكم بفسخه، ثم عاد إلى تعديل طلباته مرة أخرى للحكم أصلياً بصحة ونفاذ العقد واحتياطياً بفسخه مع إلزام الطاعنين بأن يدفعوا له متضامنين خمسة آلاف جنيه على سبيل التعويض، كما تدخل المطعون ضده الثالث في الدعوى منضماً إلى الطاعنين في طلب رفضها بمقوله مشتراه لذات العين منهم بموجب عقد مسجل، وعرض المطعون ضده الأول على الطاعنين الباقي من الثمن وقدره ثمانية عشر ألف جنيه، وإذ رفضوا استلامه أودعه خزينة المحكمة وطلب الحكم بأن يختص بأربعة أخماس المبيع لوفائه بأربعة أخماس الثمن، على أن يختص المطعون ضده الثاني بالخُمْس الباقي. قضت المحكمة في دعوى الفسخ رقم 3013 لسنة 1976 مدني كلي الجيزة برفضها وفي الدعوى رقم 1437 لسنة 1977 مدني كلي الجيزة بصحة ونفاذ العقد المتضمن بيع الطاعنين للمطعون ضدهما الأول والثاني الفيلا المبينة بصحيفتها مناصفة بالمشاع بينهما والتسليم، وبقبول تدخل المطعون ضده الثالث. استأنف المطعون ضده الأول الحكم بالاستئناف رقم 412 لسنة 96 ق القاهرة واستأنفه الطاعنون بالاستئناف رقم 575 لسنة 96 ق القاهرة، واستأنفه المطعون ضده الثالث بالاستئناف رقم 654 لسنة 96 ق القاهرة طالباً إلغاءه والحكم بفسخ العقد ورفض دعوى المطعون ضدهما الأول والثاني. قررت المحكمة ضم الاستئنافات الثلاثة ليصدر فيها حكم واحد، وبتاريخ 17/ 2/ 1881 حكمت المحكمة في الاستئناف رقم 412 سنة 96 ق القاهرة المرفوع من المطعون ضده الأول برفضه وبتأييد الحكم المستأنف، وفي الاستئنافين الآخرين، أولاً: بإلغاء الحكم فيما قضى به في الدعوى رقم 3013 لسنة 1976 مدني كلي الجيزة من رفض دعوى الفسخ بالنسبة لحصة المطعون ضده الثاني في العقار المبيع، وبفسخ العقد في خصوص هذه الحصة. ثانياً: بإلغائه فيما قضى في الدعوى رقم 1437 لسنة 1977 مدني كلي الجيزة من صحة ونفاذ العقد بالنسبة للحصة المذكورة وبرفض الدعوى في خصوصها. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم 923 سنة 51 ق. وكذلك طعن فيه كل من المطعون ضده الأول بالطعن رقم 1049 سنة 51 ق، والمطعون ضده الثالث بالطعن رقم 1080 سنة 51 ق، ودفع المطعون ضده الأول هذا الطعن الأخير بعدم قبوله لرفعه من غير ذي كامل صفة، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعنين الأول والثاني، وفي الطعن الثالث بنقض الحكم المطعون فيه نقضاً جزئياً للسبب الأول. عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها قررت المحكمة ضم الطعون الثلاثة ليصدر فيها حكم واحد والتزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مبنى الدفع بعدم قبول الطعن رقم 1080 سنة 51 ق المبدي من المطعون ضده الأول أن الطاعن أورد بصحيفة الطعن أنه اشترى عين النزاع هو وإخوته وتحدث بأسمائهم مع أنهم لم يمثلوا في الطعن ولم يكشف هو عن صفته في النيابة عنهم.
وحيث إن هذا الدفع غير مقبول، ذلك أنه لما كان البين من الأوراق أن الطاعن قد أقام الطعن بذات الصفة التي كانت له أمام محكمة الاستئناف والتي يطلب بموجبها الحكم لنفسه بالحق الذي يدعيه، وكان البين كذلك أن المطعون ضده الأول لم ينازع في هذه الصفة أمام محكمة الموضوع، فإنه لا يقبل منه أن يتمسك لأول مرة أمام محكمة النقض، بأنه ليس للطاعن صفة في المقاضاة بشأن هذا الحق.
وحيث إن الطعون الثلاثة استوفت أوضاعها الشكلية.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الثاني من أسباب الطعن رقم 923 سنة 51 ق أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول الطاعنون إن الحكم قضى بصحة ونفاذ العقد بالقسمة لحصة المطعون ضده الأول في العقار المبيع مفترضاً قابلية التزامهم بنقل الملكية للانقسام، في حين أن البيع تم صفقة واحدة بثمن إجمالي ووقعه المطعون ضده الثاني بوصف أنه متضامن مع المطعون ضده الأول بما يدل على اتجاه إرادة المتعاقدين إلى اعتبار الالتزام بنقل الملكية غير قابل للانقسام، وذلك إلى أن محل هذا الالتزام وهو أرض وبناء الفيلا لا يقبل الانقسام بطبيعته، ويتعذر تنفيذ الحكم بتسليم حصة المطعون ضده الأول فيه مجزأً، وأن الحكم لم يورد الأسباب التي أدت به إلى اعتبار محل هذا الالتزام قابلاً للانقسام، وهو ما يشوبه فضلاً عن الخطأ في تطبيق القانون بالقصور في التسبيب ويستوجب نقضه.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الأول من أسباب الطعن رقم 1049 سنة 51 ق أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وشابه الفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن الحكم أقام قضاءه برفض دعوى صحة ونفاذ العقد بالنسبة لحصته في العقار المبيع على أن إيداع المطعون ضده الخامس باقي الثمن على ذمة البائعين لا يبرئ ذمته منه، لأن التزام المشترين بالوفاء بكامل الثمن والتزام البائعين بنقل ملكية العقار المبيع قابلان للانقسام، واستدل الحكم على ذلك بأنه لم يرد بالعقد نص على تضامن المشترين وأنهما اشتريا العقار شائعاً، ولم يثبت انصراف نيتهما إلى استعماله في غرض لا يجوز تنفيذه إلا منقسماً، وذلك في حين أن التضامن وعدم القابلية للانقسام وصفان متغايران، وأن الشيوع لا يتنافى مع عدم قابلية محل الالتزام للانقسام، وأن الطاعن والمطعون ضده الخامس رفعا الدعوى بصحة ونفاذ العقد وحدة واحدة، وورد بمحضر إيداع باقي الثمن الذي أجراه هذا الأخير أن الإيداع من المشتريين معاً، وهو ما يدل على انصراف نيتهما إلى اعتبار التزامهما غير قابل للانقسام، خلافاً لما خلص إليه الحكم، وهو ما يشوبه فضلاً عن الخطأ في تطبيق القانون بالفساد في الاستدلال ويستوجب نقضه.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الرابع من أسباب الطعن رقم 1080 سنة 51 ق أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وتناقض في أسبابه وشابه الفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول الطاعن إنه والبائعين تمسكوا أمام محكمة الموضوع بأن نية هؤلاء انصرفت إلى بيع الفيلا دون استبقاء أية حصة منها وإلى عدم إيجاد شريك مشتاع معهم فيها، وأن فسخ العقد بالنسبة إلى المطعون ضده الثاني يترتب عليه بالضرورة انحلاله بالنسبة إلى المشتريين معاً، ومع ذلك قضى الحكم بصحة ونفاذ البيع بالنسبة لحصة المطعون ضده الأول، فأجبرهم على إتمامه بالنسبة إلى حصته في المبيع، وإلى تبعيض الصفقة عليهم، خلافاً لما انعقدت عليه إرادة الطرفين، ويؤكد خطأ الحكم أنه أقام قضاءه بفسخ البيع بالنسبة لحصة المطعون ضده الثاني لا على الفسخ الاتفاقي وحده، وإنما على أنه أصر على عدم الوفاء بباقي الثمن، وأن ما خلص إليه الحكم من قابلية التزام المشترين للانقسام، بفرض صحته، لا يصلح سنداً لتبعيض الصفقة على البائعين، وأنه مع قضائه بصحة ونفاذ العقد في شق منه، أحال إلى أسباب الحكم الابتدائي التي تضمنت أنه يؤخذ من مفهوم قصد العاقدين أنهم أرادوا أن يكون المبيع وحدة واحدة لا تتجزأ، وهو ما يشوبه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن النعي على الحكم المطعون فيه بهذه الأسباب غير سديد، ذلك أن الأصل في الالتزام الذي يتعدد فيه الدائنون أو المدينون أو كليهما سواء عند إنشاء الرابطة العقدية به أو بعدها - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يكون قابلاً للانقسام إلا إذا نص صراحة في الاتفاق على غير ذلك، أو إذا كان الالتزام - وعلى نحو ما ورد بالمادة 300 من القانون المدني - وارداً على محل لا يقبل بطبيعته أن ينقسم، أو إذا تبين من الغرض الذي رمى إليه المتعاقدان أن الالتزام لا يجوز تنفيذه منقسماً، أو إذا انصرفت نية المتعاقدين إلى ذلك. وإذا كان محل الالتزام بنقل ملكية عقار أو صفة شائعة فيه، فإنه يقبل الانقسام بطبيعته، ويتسلم المشتري المبيع شائعا،ً طبقاً لسند ملكيته، إلا إذا تبين اتجاه إرادة المتعاقدين إلى عدم قابلية الالتزام للانقسام، واستخلاص ذلك مما يدخل في سلطة محكمة الموضوع متى كان استخلاصها سائغاً ولا مخالفة فيه للثابت بالأوراق، ودون معقب عليها في ذلك من محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق أن المطعون ضدهما الأول والثاني اشتريا من الطاعنين مناصفة على المشاع كامل أرض وبناء الفيلا محل النزاع بموجب العقد الابتدائي المؤرخ 10/ 2/ 1976، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بانقسام التزامات الطرفين على قوله بأن "عقد البيع المؤرخ 10/ 2/ 1976 موضوع الدعوى المقضي فيها بالحكم المستأنف ورد على منزل، وقد تم البيع شيوعاً بحق النصف لكل من المشتريين، وجاء العقد خلواً في أحكامه من أي اتفاق على تضامن المشتري..... مع شريكه المشتري الآخر في التزاماتهما العقدية قبل البائعين، كما أنه ليس ثمة دليل في الأوراق على أن المشتريين قد انصرفت نيتهما إلى استعمال العقار المبيع في غرض لا يجوز تنفيذه إلا منقسماً مثل استعماله مدرسة أو مستشفى، وإذا ما كان ذلك، فإن التزام المشتريين بالوفاء بالثمن إلى البائعين ينقسم بحكم القانون، فيلتزم كل منهما على استقلال بحصة في الثمن تساوي مقدار نصيبه في العقار المبيع طبقاً للاتفاق المنصوص عليه بالعقد موضوع الدعوى، كذلك فإن التزام البائعين بنقل الملكية إلى المشتريين يكون هو الآخر قابلاً للانقسام" وكانت هذه الأسباب التي أوردها الحكم لها أصلها الثابت بالأوراق، وتؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها ولا يغير من ذلك أن يكون الحكم قد أحال، في صدد رده على الاستئناف رقم 412 لسنة 96 ق القاهرة المرفوع من المطعون ضده الأول، على ما ورد بأسباب الحكم الابتدائي إذ لا تتعارض هذه الإحالة مع ما أقام الحكم المطعون فيه قضاءه عليه من قابلية الالتزامات الناشئة عن العقد للانقسام، لما كان ذلك فإن الحكم يكون مبّرأً من عيب التناقض، ويكون النعي عليه بما ورد بهذه الأسباب غير صحيح.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الأول من أسباب الطعن رقم 923 سنة 51 القضائية أن الحكم المطعون فيه قد شابه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع وفي بيان ذلك يقول الطاعنون إنهم تمسكوا في دفاعهم أمام محكمة الموضوع بدرجتيها بأن عقد البيع موضوع التداعي لا تتوافر فيه شروط الانعقاد بالنسبة للمطعون ضده الأول، إذ أنه لم يحضر مجلس العقد ولم يصادف الإيجاب الصادر منهم قبولاً منه بشراء نصف العقار، غير أن الحكم لم يرد على هذا الدفاع ولم يعرض لبحثه رغم كونه دفاعاً جوهرياً، وهو ما شابه بقصور جره إلى الخطأ في تطبيق القانون فيما قضي به من صحة ونفاذ العقد بالنسبة للمطعون ضده الأول، ولا يغير من ذلك أن يقال إن المطعون ضده الثاني كان وكيلاً عنه في قبول الشراء لانتفاء سند ذلك ودليله.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الدفاع الذي تلتزم المحكمة بالرد عليه بأسباب خاصة، هو الذي يقدم إليها صريحاً معيناً على وجه جازم يكشف عن المقصود منه، وكان ذلك الذي أثاره الطاعنون بسبب النعي لم يسبق لهم التمسك به تمسكاً صريحاً أمام محكمة أول درجة، وكان ما أشاروا إليه بمذكرتهم أمام محكمة الاستئناف بجلسة 17/ 2/ 1981 من "أنهم يبرزون أن الفسخ وقع بالفعل... إذ أن العقد أبرم بين البائعين وأحد المشتريين فقط وهو الأستاذ...... لأنه بمفرده الذي وقع العقد، وأن السيد أبو المكارم لم يوقع ولكن العقد تضمن أن الصفقة مناصفة بينهما...... وأن الأستاذ...... يعتبر معبراً عنه" هذا القول لا يفيد تمسكهم بدفاعهم الوارد بسبب النعي تمسكاً صريحاً على وجه جازم يكشف عن المقصود منه، وإذ كان ذلك وكان هذا الدفاع يخالطه واقع لم يسبق عرضه على محكمة الموضوع، فإنه لا تقبل إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
وحيث إن حاصل السببين الثالث والرابع من أسباب الطعن رقم 923 سنة 51 القضائية النعي على الحكم بالقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول الطاعنون إن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه بني قضاءه برفض دعواهم بالفسخ على سند من القول بعدم كفاية أسباب الفسخ، دون أن يبرر ذلك بأسباب مقبولة، كما أورد أنه لم يحدث قطعاً أي تقصير من جانب المشتريين، مستنداً في ذلك إلى مستندات لا تؤدي لما انتهى إليه، ومقرراً أن المشتريين عرضا عليهم باقي الثمن بموجب شيكات رفضوا استلامها، وأن هناك خطابات من الشهر العقاري سابقة ولاحقة لدعوى الفسخ، في حين قدم الطاعنون ما يدل على خلاف ذلك من قيامهم بالوفاء بكامل التزاماتهم بتسليم كافة المستندات المطلوبة إلى المشتريين قبل الموعد المحدد لذلك، وأنهما تقاعسا عن إعداد العقد النهائي والوفاء بباقي الثمن وغم إنذارهم رسمياً ثم رفع دعوى الفسخ في 15/ 9/ 1976، ولم يقوموا بإيداع باقي الثمن إلا في 26/ 10/ 1978 أي بعد أكثر من عامين من رفع دعوى الفسخ، وقد التفت الحكم عن هذا الدفاع وتلك المستندات رغم ما لها من دلالة قد يتغير بها وجه الرأي في الدعوى، مما يعيبه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي بسببه غير سديد، ذلك أنه لما كان من المقرر، وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة، أن لقاضي الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وفي بحث الدلائل والمستندات المقدمة إليه وتقدير قيمتها، وترجيح ما يطمئن إليه منها واستخلاص ما يرى أنه واقع الدعوى، كما أنه من المقرر أنه إذا كانت محكمة الموضوع قد أقامت قضاءها على ما استخلصته من أدلة اطمأنت إليها، وكان من شأن هذه الأدلة أن تؤدي إلى ما انتهت إليه، فإن تقدير كفايتها أو عدم كفايتها في الإقناع من شأن محكمة الموضوع، ولا دخل لمحكمة النقض فيه. لما كان ذلك وكان الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه - فيما قضى به من رفض دعوى فسخ العقد المؤرخ 10/ 2/ 1976 والحكم بصحته ونفاذه وبالتسليم بالنسبة لحصة المطعون ضده الأول - قد أورد بأسبابه في هذا الصدد قوله "لما كان الثابت من المستندات المقدمة من المدعى عليهما والتي تفيد مخاطبة مأمورية الشهر العقاري بتواريخ...... للمدعية الأولى بتقديم المستندات اللازمة لإعداد الطلب للشهر وأن المدعى عليه الأول عرض على المدعين باقي الثمن وقدره 18000.000 جنيهاً بموجب شيكين في....... وأخيراً عرضه عرضاً قانونياً وإيداعه خزينة المحكمة وإعلانهم بذلك في 26/ 10/ 1978 ومن ثم فلا ترى المحكمة في المدعى عليهما.... المشتريين - تقصيراً من جانبهما في تنفيذ التزامهما بالوفاء بباقي الثمن، إذ أن المتفق عليه..... أن يتم الوفاء بهذا الباقي عند التوقيع على العقد النهائي، وهو وإن كان قد تحددت فترة خمسة شهور..... لهذا التوقيع إلا أن التأخير..... على ما بدا للمحكمة كان من جانب البائعين الذين لم يقوموا بتقديم المستندات المطلوبة منهم لمأمورية الشهر العقاري والتي كانوا قد تعهدوا بتقديمها خلال شهرين من تاريخ التعاقد، ومن ثم فقد ثبت للمشتريين الحق في حبس باقي الثمن.... فضلاً عن قيامهما بسداده كاملاً على نحو ما سيجيء، فإن دعوى الفسخ تكون قد فقدت ما تستند عليه من القانون والواقع...." وكان الثابت كذلك بمدونات الحكم المطعون فيه أنه أورد أسباباً خاصة فيما يتعلق بإثباته وفاء المطعون ضده الأول بباقي ثمن حصته للطاعنين، إذ قرر "أن الثابت في الأوراق أن المشتري المذكور... قد وفى البائعين بالمبلغ الباقي من ثمن حصته وفاء قانونياً صحيحاً، إذ عرض عليهم المبلغ الباقي من الثمن عرضاً قانونياً صحيحاً وإذ رفض المذكورون قبض المبلغ قام بإيداعه خزانة المحكمة وصرح لهم بصرفه دون قيد ولا شرط أثر الحكم له بصحة العقد وبالتالي تكون شروط الفسخ القضائي غير متوفرة بالدعوى بالنسبة للمشتري المذكور" وكان مؤدى ذلك أن الحكم لم يعتمد في قضائه في هذا الصدد على ما ورد بالحكم الابتدائي من أن المطعون ضده الأول عرض على الطاعنين باقي الثمن بموجب شيكين، هذا إلى أن تأييد الحكم المطعون فيه للحكم الابتدائي فيما قضى به من رفض دعوى الفسخ بالنسبة لحصة المطعون ضده الأول والحكم له بصحة ونفاذ العقد عنها مقصد به تأييده فيما لا يخالف ما أورده الحكم المطعون فيه من أسباب خاصة لما كان ما تقدم وكان ما استخلصه الحكم من أدلة مردوداً إلى أصله الثابت بالأوراق ومن شأنه أن تؤدي إلى ما انتهى إليه، فإن النعي عليه بما ورد بهذين السببين لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الأدلة المقدمة في الدعوى مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إن حاصل النعي بالسببين الخامس والسادس من أسباب الطعن رقم 923 سنة 51 القضائية أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وخالف الثابت بالأوراق، وفي بيان ذلك يقول الطاعنون إن المطعون ضده الأول عرض عليهم الباقي من الثمن بتاريخ 26/ 10/ 1978 بشرط الحكم له وحده بصحة ونفاذ عقد البيع وإلا يصرف لهم إلا بعد الحكم له نهائياً بذلك، ثم طلب الحكم لنفسه بصحة ونفاذ العقد عن حصة تعادل أربعة أخماس المبيع على خلاف المتفق عليه بالعقد، وبذلك يكون قد علق الصرف على شروط لا يحق له التمسك بها، ويكون رفضهم للعرض قائماً على أسباب تبرره، غير أن الحكم قضى رغم ذلك بصحة العقد بمقولة إن الإيداع اقترن بالتصريح لهم بالصرف دون قيد ولا شرط مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي بسببيه مردود، ذلك أنه لما كان من المقرر - وعلى ما جرى به قضاء النقض - أنه إذا كان الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع يقوم مقام التوقيع أمام الموثق على عقد البيع النهائي ويحل محله في التسجيل، فإذا كان وفاء باقي الثمن معلقاً على التوقيع على العقد النهائي، فإن اشتراط المشتري ألا يصرف للبائع باقي الثمن الذي أودعه خزينة المحكمة إلا بعد صدور حكم نهائي بصحة ونفاذ العقد هو اشتراط صحيح، وكان الثابت بعقد البيع موضوع التداعي أن باقي الثمن مؤجل لحين التوقيع على العقد النهائي، وكان البين من إنذار العرض الموجه من المطعون ضده الأول إلى الطاعنين في 25/ 10/ 1972 أنه عرض عليهم باقي الثمن المسمى بالعقد على أن يحكم له وحده بصحة ونفاذ عقد البيع المشار إليه، نظراً لعدول شريكه المطعون ضده الثاني عن إتمام الصفقة بالنسبة لنصيبه بحق النصف فيه ورغبة العارض إزاء ذلك في إتمام الصفقة جميعها لصالحه، على أن تسلم له الفيلا خالية، كما هو منصوص بالعقد، وفي حالة استلامهم تصبح ذمته بريئة من هذا المبلغ، وفي حالة عدم الاستلام تودع لذمتهم خزينة محكمة مصر الجديدة على أن تصرف لهم بلا قيد ولا شرط ولا إجراءات بعد الحكم له نهائياً بالطلبات المذكورة، فإن مؤدى ما سلف أن المطعون ضده الأول قد ابتغى تعديل شروط العقد بالنسبة لتحديد نصيب كل من المشتريين فيه، وإعلان رغبته واستعداده في أن يحل محل شريكه في حصته في الصفقة بعد عدوله عن إتمامها، وإذ كان تعديل شروط البيع جائز باتفاق المتعاقدين، فإن هذا الشرط من العارض متى كان مرهوناً بموافقة البائعين عليه وقبولهم له بحيث إذا لم يقبلوه فقد لزمته شروط العقد الابتدائي دون تعديل ومن ثم فلا يكون لهذا الطلب من جانبه، وقد رفضه البائعون ثمة أثر على صحة العرض والإيداع الذي تم بالنسبة لباقي المستحق عليه من ثمن حصته المتعاقد عليها بعد أن صرح لهم بصرفه دون قيد ولا شرط ولا إجراءات بعد الحكم لصالحه نهائياً بصحة ونفاذ العقد، وهذا اشتراط صحيح على ما سلف بيانه، وإذ التزم الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه هذا النظر، فإن إطراح ما زاد من الطلبات الختامية للمطعون ضده الأول عن حصة النصف مشاعاً في عقار النزاع والتي كان قد طلب أصلاً القضاء له بها وهي الحصة التي أثبت الحكم استحقاقه لها وقضى لصالحه بصحة ونفاذ العقد عنها، وهو ما أيده فيه الحكم المطعون فيه، ومتى كان هذا الذي أقام عليه الحكم قضاءه سائغاًً ويتفق وصحيح القانون والثابت بالأوراق ومن شأنه أن يؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها ويكفي لحمل قضائه، فإن النعي عليه بهذين السببين يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الثاني من أسباب الطعن رقم 1049 سنة 51 القضائية مخالفة الثابت بالأوراق، وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن الحكم أقام قضاءه برفض طلبه صحة ونفاذ العقد بالنسبة لحصته فيه على أن عرض وإيداع باقي الثمن لم يتم من جانبه بل من جانب المطعون ضده الخامس ومن ماله الخاص ولحسابه فقط، وإذا كان ما ذهب إليه الحكم من ذلك صحيحاً بالنسبة للعرض، إلا أنه غير صحيح بالنسبة للإيداع، إذ الثابت بمحضر الإيداع المؤرخ 26/ 10/ 1978 أنه تم لصالح المشتريين معاً، وهو لذلك مبرئ لذمته من باقي الثمن اعتباراً بأن التزامه وشريكه المطعون ضده الخامس بأدائه غير قابل للانقسام، وبفرض قابليته لذلك فإنه يكون مبرئاً لذمته أيضاً طالما أنه لم يعترض على هذا الوفاء، وإذ خالف الحكم ذلك فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود بما هو مقرر من أنه لكي ينتج العرض والإيداع أثرهما كسبيل للوفاء أن يتما وفقاً لأحكام قانون المرافعات، وأن محضر الإيداع الذي يعقب رفض الدائن للمبلغ المعروض عليه هو إجراء يقوم به المحضر ويلتزم فيه بشروط العرض التي اشترطها العارض بإنذاره وإذ كان الثابت بمحضر الإيداع المؤرخ 26/ 10/ 1978 والذي تم بناء على إنذار العرض الموجه من المطعون ضده الخامس إلى المطعون ضدهم الأربعة الأول في 25/ 10/ 1978 أن المحضر أحال فيه إلى ما ورد بإنذار العرض المذكور، ومفاده اشتراط العارض لصرف المبلغ المودع للمعروض عليهم أن يحكم له وحده دون الطاعن بصحة ونفاذ عقد البيع، مما مؤداه أن هذا العرض والإيداع لا ينتج أثره إلا في الوفاء لحساب العارض فقط دون أن يفيد منه المشتري الثاني. وبالتالي فلا يعتبر ذلك العرض والإيداع مبرئاً لذمته في الوفاء بقيمة الباقي من الثمن، وإذ التزم الحكم المطعون فيه بهذا النظر ورتب عليه أن الطاعن يكون بذلك قد قصر في تنفيذ التزامه بسداد باقي ثمن حصته في العقار المبيع، وهو ما بني عليه قضاءه بفسخ عقد البيع بالنسبة لحصته، وكان هذا الذي ذهب وانتهى إليه في هذا الصدد يتفق والثابت عنه بالأوراق ويؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها ويكفي لحمل قضائه، فإن النعي عليه بما ورد بهذا لسبب يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الثالث من أسباب الطعن رقم 1049 سنة 51 ق الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن الحكم بني قضاءه بفسخ عقد البيع بالنسبة لحصته فيه على سند من القول بأن تعديله لطلباته إلى طلب فسخ العقد قد تلاقى مع إرادة البائعين في طلب فسخه كذلك وأنه ليس لعدوله اللاحق عن هذا الطلب أي أثر، إذ ليس من شأنه أن يلغي قبول البائعين السابق للفسخ، وهذا الذي ذهب إليه الحكم غير صحيح لعدم تلاقي إرادتي الطرفين نظراً لاختلاف سبب الفسخ من جانب كل منهما، إذ بينما يسنده الطاعن إلى قيام البائعين بالتصرف في المبيع لأخر أقام عليه بناء استحال معه تنفيذ التزامهم بنقل الملكية فإن البائعين يردون طلبهم الفسخ إلى عدم تنفيذ المشتريين لالتزامهما بدفع باقي الثمن، وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه من المقرر أنه إذا كان الحكم قد أقام قضاءه على دعامتين وكانت إحداهما كافية لحمله، فإن النعي على الأخرى بفرض صحته يكون غير منتج، لما كان ذلك وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه بفسخ العقد بالنسبة لحصة الطاعن على سند مما استخلصه سائغاً من أنه قد قصر في تنفيذ التزامه بسداد الباقي من ثمن حصته في العقار المبيع، وهو ما تتوافر به شروط الفسخ القضائي المنصوص عليه في المادة 157 من القانون المدني، وذلك بالنسبة لحصة المشتري المذكور، وكان هذا الذي أورده وانتهى إليه الحكم يتفق وصحيح القانون ومن شأنه أن يؤدي إلى ما انتهى إليه من تحقق شروط الفسخ القضائي في حق الطاعن لعدم وفائه للمستحق عليه من ثمن حصته في العقار المبيع، فإن تعييبه فيما استطرد إليه تزيداً من دعامة أخرى لقضائه بشأن تحقق الفسخ الاتفاقي من تلاقي إرادة الطرفين على الفسخ - وعلى ما ورد بسبب النعي، يضحى - وأياً كان وجه الرأي فيه - غير منتج.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الثاني من أسباب الطعن رقم 1080 سنة 51 القضائية أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وخالف الثابت بالأوراق وعاره القصور، وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن الحكم أخطأ إذ قضى بصحة العرض والإيداع رغم كونه مشروطاً بالحكم للمطعون ضده الأول وحده بصحة ونفاذ العقد عن العقار جمعيه، والتفاته عما تمسك به البائعون من أن هذا العرض جاء ناقصاً وغير مبرئ للذمة.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أنه من المقرر في قضاء النقض أنه لا يجوز لغير البائع أن يدفع دعوى صحة التعاقد لتخلف المشتري عن الوفاء بالتزامه بدفع باقي الثمن، لأن هذا الدفع هو ذات الدفع بعدم التنفيذ، ولا يقبل إلا من المتعاقد الآخر. لما كان ذلك فإنه لا يقبل من الطاعن الذي لم يكن طرفاً في عقد البيع المؤرخ 10/ 2/ 1976، بل هو مشتر ثان للعقار المبيع، الطعن على الحكم في خصوص ما قضى به من اعتبار العرض والإيداع الحاصلين من المطعون ضده الأول صحيحين وما رتبه على ذلك من اعتباره مبرئاً لذمة هذا المشتري من الثمن.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الثالث من أسباب الطعن رقم 1080 سنة 51 القضائية النعي على الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن شرط حجية تسجيل صحيفة دعوى صحة التعاقد في الأسبقية طبقاً لأحكام قانون الشهر العقاري، أن تكون طلبات المدعي فيها مطابقة لمضمون العقد وأن تبقى كذلك لحين صدور الحكم، بحيث إذا تعدلت بإبداء طلبات جديدة تختلف في الموضوع والسبب، فإن العبرة في المفاضلة تكون في هذه الحالة بأسبقية تسجيل تلك الطلبات الجديدة سواء بتسجيل صحيفة التعديل أو بتسجيل الحكم الصادر بها، وإذ كانت الطلبات الواردة بصحيفة الدعوى رقم 1437 سنة 1977 - موضوع التداعي - قد عدلها المدعي إلى طلبات جديدة مختلفة عنها وظل مصراً على هذا التعديل لحين الحكم في الدعوى، فإن العبرة في المفاضلة تكون بتاريخ إيداعها في 1/ 12/ 1978 وهو لاحق لتاريخ تسجيل صحيفة الطاعن، وإذ لم يشر الحكم المطعون فيه إلى هذا الدفاع الجوهري، ولم يقسطه حقه من البحث والتمحيص ولم يرد عليه، فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك بأن الثابت بالأوراق أن صحيفة الدعوى رقم 1437 سنة 1977 مدني كلي الجيزة قد تضمنت طلب الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 10/ 2/ 1976 والصادر من المطعون ضدهم الأربعة الأخيرين إلى المطعون ضدهما الأول والثاني بحق النصف لكل منهما في العقار المبيع، وهو ما يتفق ومضمون ما ورد بالعقد المذكور، وإذ طرأ بعد شهر صحيفة هذه الدعوى وأثناء نظرها ما دعا أحد المدعيين إلى تعديل طلباته فيها إلى أكثر من مقدار حصته المتعاقد عليها، فقد انتهى الحكم الابتدائي الصادر فيها إلى إطراح ما زاد في تلك الطلبات الختامية وقضي له بصحة ونفاذ العقد عن الحصة التي خصته في عقد البيع وقدرها النصف مشاعاً في عقار النزاع والتي وردت بصحيفة الدعوى المشهرة بعد أن أثبت الحكم بأسبابه توافر الأركان القانونية للعقد وشرائط صحته بالنسبة لهذه الحصة، وهو ما اعتمده الحكم المطعون فيه وأيده، وإذ كان مؤدى ذلك أن ذاتية المبيع قد اتحدت في كل من العقد وصحيفة الدعوى المشهرة والحكم النهائي الصادر بصحته ونفاذه، فإنه إذا ما تم التأشير على هامش تسجيل الصحيفة المشهرة بصدور الحكم النهائي في الدعوى، فإن الحق الذي أقره الحكم ينسحب إلى تاريخ تسجيل الصحيفة ويكون حجة على من ترتبت لهم حقوق عينية ابتداء من تاريخ تسجيل صحيفة الدعوى طبقاً للمادة 17 من القانون رقم 114 لسنة 1946، ومن ثم فإنه يفضل بأسبقيته في الشهر العقد الأخر الصادر من المطعون ضدهم الأخيرين إلى الطاعن والذي تم شهره تالياً لتسجيل صحيفة الدعوى، وإذ كان ما أورده الحكم وأقام عليه قضاءه في هذا الصدد يتفق وصحيح القانون ويكفي لحمل النتيجة التي انتهى إليها، فإن النعي عليه بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الأول من أسباب الطعن رقم 1080 سنة 51 القضائية الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك يقول الطاعن إنه تمسك في دفاعه أمام محكمة الموضوع بأنه بفرض جواز الحكم بصحة ونفاذ البيع الصادر للمطعون ضده الأول فإنه يمتنع الحكم بالتسليم لقيام حق الطاعن في حبس العين المبيعة حتى يستوفي التعويض المستحق له عن المنشآت التي أقامها عليها، ورغم تحصيل الحكم لهذا الدفاع إلا أنه لم يرد عليه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن المادة 246 من القانون المدني إذ نصت في فقرتها الأولى على أن "لكل من التزم بأداء شيء أن يمتنع عن الوفاء به، ما دام الدائن لم يعرض الوفاء بالتزام ترتب عليه بسبب التزام المدين ومرتبط به، أو ما دام الدائن لم يقم بتقديم تأمين كاف للوفاء بالتزامه هذا" قد وضعت قاعدة مقتضاها - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه يجوز لكل مدين أن يمتنع عن الوفاء بالتزامه استناداً إلى حقه في الحبس ما دام الدائن لم يعرض الوفاء بالتزام نشأ بسبب التزام هذا المدين وكان مرتبطاً به، مما مؤداه أن حق الحبس هو دفع يعتصم به الدائن بوصفه وسيلة من وسائل الضمان لعدم تنفيذ التزامه المقابل، ومن تطبيقاته النص في الفقرة الثانية من المادة سالفة الذكر على أنه "ويكون ذلك بوحه خاص لحائز الشيء أو محرزه، إذا هو أنفق عليه مصروفات ضرورية أو نافعة، فإن له أن يمتنع عن رد هذا الشيء حتى يستوفي ما هو مستحق له إلا أن يكون الالتزام ناشئاً عن عمل غير مشروع" ومفاد ذلك أن المشرع قد استوجب كقاعدة عامة مع قيام التعادل في الالتزامات المتبادلة وجوب قيام الارتباط بين الالتزام الذي يرد عليه حق الحبس والالتزام المقابل بأن يكون - في خصوص التطبيق الوارد بالفقرة الثانية - ما أنفق على الشيء مرتبطاً ومنصباً على ما يطلب رده، لما كان ذلك وكان المطعون ضده الأول قد قضي له بصحة ونفاذ عقد البيع الصادر له عن حصة النصف مشاعاً في كامل أرض وبناء الفيلا محل النزاع، وكانت مطالبته للبائعين بتسليم هذه الحصة المبيعة إليه باعتباره أثراً من آثار البيع ونفاذاًَ له، وكان ما يدعيه الطاعن - وهو غير طرف في هذا العقد - بشأن ما أنفقه من مصروفات في إقامة المنشآت لا ينصب على ذات الشيء المبيع موضوع التداعي الماثل وهو أرض وبناء الفيلا المبيعة والمكونة من دور واحد بل هو ماثل فيما أقامه من بناء للأدوار العليا، وكان حق الطاعن بالنسبة لهذه المباني والمنشآت التي أقامها من بناء للأدوار العليا، وكان حق الطاعن بالنسبة لهذه المباني والمنشآت التي أقامها على العقار المبيع محكوم بأحكام الالتصاق المنصوص عليها بالقانون المدني، مما مؤداه أن حقه في الحبس لا يقوم إلا بصدد مطالبته من شريكه بقسمة ما يكون له من حقوق هذه المنشآت أو في ريعها، وكان هذا الأخير لم يطلب الحكم بتسليمه المنشآت التي أحدثها الطاعن بالعين، حتى يتمسك بالحق في حبسها إلى أن يستوفي ما أنفقه عليها، فإن شروط استعمال هذا الحق تكون غير متوافرة، لما كان ما تقدم وكان ما أثاره الطاعن في دفاعه في هذا الخصوص لا يقوم على سند من صحيح الواقع أو القانون، ومن ثم فلا على محكمة الموضوع إن هي التفتت عنه ولم تلتزم بالرد عليه، وبالتالي يكون النعي على الحكم بما ورد في هذا السبب على غير أساس.
وتكون الطعون الثلاثة بكافة ما اشتملت عليه متعينة الرفض.