أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 34 - صـ 1311

جلسة 25 من مايو سنة 1983

برئاسة السيد المستشار محمود عثمان درويش نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين أحمد صبري أسعد، محمد إبراهيم خليل، أحمد شلبي، ومحمد عبد الحميد سند.

(258)
الطعن رقم 1529 لسنة 49 القضائية

1 - عقد. التزام. مسئولية.
عدم تنفيذ المدين لالتزامه التعاقدي. خطأ يستوجب المسئولية. له درؤها بإثبات قيام السبب الأجنبي.
2 - قوة قاهرة. محكمة الموضوع. التزام "انقضاء الالتزام".
القوة القاهرة. شرطها. تقدير قيامها متروك لمحكمة الموضوع طالما بنت قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله.
1 - عدم تنفيذ المدين لالتزامه التعاقدي يعتبر خطأ يرتب مسئوليته التي لا يدرؤها عنه إلا إذا أثبت هو قيام السبب الأجنبي الذي تنتفي به علاقة السببية وهذا السبب يكون حادثاً فجائياً أو قوة قاهرة أو خطأ من المضرور أو من الغير.
2 - يشترط في القوة القاهرة أو الحادث المفاجئ الذي يترتب عليه استحالة التنفيذ وينقضي به الالتزام - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - عدم إمكان توقعه واستحالة دفعه، وتقدير ما إذا كانت الواقعة المدعى بها تعتبر قوة قاهرة هو تقدير تملكه محكمة الموضوع بشرط أن تلتزم هذه الأسس القانونية وأن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 2584 سنة 1975 مدني طنطا الابتدائية ضد المطعون عليهما بطلب الحكم بإلزامهما متضامنين بأن يدفعا له مبلغ 3900 جنيه، وقال بياناً للدعوى أنه كان يستأجر محلاً بالعقار المبين بالأوراق واتفق مع المطعون عليه الأول بموجب عقد مؤرخ 2/ 6/ 1973 على أن يقوم هذا الأخير بهدم العقار وإقامة بناء جديد مكانه وأن يسلمه محلاً فيه مماثلاً للمحل الذي كان يستأجره مقابل الأجرة التي تحددها لجنة تقدير الإيجارات على أنه إذا أخل بهذا الالتزام يدفع له تعويضاً مقدراً بالمبلغ المطالب به، وإذ أخل المطعون عليه المذكور بما التزم به وكان المطعون عليه الثاني ضامناً متضامناً معه فقد أقام الطاعن الدعوى بطلبه سالف البيان. وبتاريخ 30/ 1/ 1977 ندبت المحكمة مكتب خبراء وزارة العدل بطنطا لمعاينة العقار آنف الذكر وبيان سبب عدم قيام المطعون عليه الأول ببناء المحل المتفق عليه، وبعد أن قدم الخبير المنتدب تقريره حكمت المحكمة بتاريخ 25/ 6/ 1978 برفض الدعوى. استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف طنطا بالاستئناف رقم 524 سنة 18 ق مدني. وبتاريخ 9/ 5/ 1979 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول أن الثابت من تقرير الخبير المنتدب أن إخلال المطعون عليه الأول بتنفيذ التزامه بتسليم الطاعن المحل المتفق عليه إنما يرجع إلى أنه لم يأخذ في اعتباره قبل أن يبدأ في البناء أن يراعي الإجراءات اللازمة لترخيص مصنع للحلوى أنشأه بجوار المحلات التي اشتمل عليها البناء ومن بينها المحل موضوع النزاع، وأقام هذا المصنع على خلاف ما تقضي به القوانين واللوائح مما اقتضى استخدام تلك المحلات كمنافذ لتهوية المصنع المذكور ولا يعد ذلك من قبيل السبب الأجنبي الذي تنتفي به مسئولية المطعون عليه الأول في هذه الحالة، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وأقام قضاءه على أن جهة الإدارة رفضت الترخيص للمطعون عليه المذكور بإدارة ذلك المصنع إلا باستخدام المحلات كمناور ومنافذ للتهوية وهو ما لم يكن باستطاعته توقعه يعتبر سبب أجنبياً تنتفي به مسئوليته عن عدم تنفيذ التزامه فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أن عدم تنفيذ المدين لالتزامه التعاقدي يعتبر خطأ يرتب مسئوليته التي لا يدرؤها عنه إلا إذا أثبت هو قيام السبب الأجنبي الذي تنتفي به علاقة السببية وهذا السبب قد يكون حادثاً فجائياً أو قوة قاهرة أو خطأ من المضرور أو من الغير ويشترط في القوة القاهرة أو الحادث المفاجئ الذي يترتب عليه استحالة التنفيذ وينقضي به الالتزام - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - عدم إمكان توقعه واستحالة دفعه، وتقدير ما إذا كانت الواقعة المدعى بها تعتبر قوة قاهرة هو تقدير تملكه محكمة الموضوع بشرط أن تلتزم هذه الأسس القانونية وأن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله، لما كان ذلك وكان الثابت من تقرير الخبير المنتدب في الدعوى أن المطعون عليه الأول أقام مصنعاً للحلوى دون أن يراعي الشروط التي تستلزمها القوانين واللوائح للترخيص بتشغيل المصنع خاصة ما يتعلق منها بالإضاءة والتهوية فرفضت الجهة المختصة الترخيص بتشغيل المصنع المذكور إلا بعد قيامه بتنفيذ تلك الشروط مما أدى إلى استخدام المحلات التي اشتمل عليها البناء آنف الذكر ومنها المحل موضوع النزاع كفتحات للإضاءة والتهوية للمصنع وهو أمر كان بلا ريب من الممكن توقعه وكان في مقدور المطعون عليه الأول قبل أن يشرع في إقامة المصنع أن يراعي ما يلزمه من إضاءة وتهوية وفقاً للشروط القانونية، ولا مراء في أن رغبة المطعون عليه الأول في الحصول على ترخيص المصنع الذي أقامه لا يعتبر في هذه الحالة سبباً أجنبياً - يدرأ مسئوليته عن عدم تنفيذ التزامه سالف البيان، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما يستوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة إلى بحث باقي أسباب الطعن.