أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
السنة الحادية والأربعون - صـ 987

جلسة أول نوفمبر سنة 1990

برئاسة السيد المستشار/ محمد عبد المنعم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد الوهاب الخياط نائب رئيس المحكمة وأحمد جمال عبد اللطيف ومحمد حسين مصطفى وبهيج حسن القصبجى.

(175)
الطعن رقم 46460 لسنة 59 القضائية

(1) تفتيش "إذن التفتيش. اصداره". استدلالات. محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير جدية التحريات". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
- تقدير جدية التحريات وكفايتها لاصدار الأمر بالتفتيش. موضوعى. عدم ايراد محل اقامة الطاعن وصناعته. غير قادح فى جدية التحريات.
(2) تفتيش "التفتيش باذن". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". مواد مخدرة.
- اثبات الحكم أن الضابط استصدر اذن التفتيش بعد أن دلت التحريات على أن الطاعن يتجر فى المواد المخدرة. مفاده: صدور الأمر لضبط جريمة تحقق وقوعها لا لضبط جريمة مستقبلة.
(3) إجراءات "إجراءات التحقيق". نيابة عامة. تفتيش "إذن التفتيش. اصداره". دفوع "الدفع ببطلان إذن التفتيش". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
- اختصاص وكلاء النيابة الكلية باعمال التحقيق التى تقع بدائرة المحكمة الكلية التابعين لها. أساس ذلك ؟
(4) تفتيش "التفتيش بغير اذن". دفوع "الدفع بصدور الاذن بعد القبض والتفتيش". دفاع "الاخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
- الدفع بصدور الاذن بعد الضبط والتفتيش. موضوعى. كفاية اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط بناء على الإذن. ردا عليه.
- الجدل الموضوعى فى تقدير الدليل. غير جائز أمام النقض.
(5) إثبات "خبرة". محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل". مواد مخدرة.
- اطمئنان المحكمة إلى أن العينة المضبوطة هى التى أرسلت للتحليل وإلى النتيجة التى انتهى إليها. قضاؤها بناء على ذلك. لا عيب.
(6) إجراءات "إجراءات التحريز". محكمة الموضوع "سلتطها فى تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". مواد مخدرة.
- إجراءات التحريز تنظيمية قصد بها تنظيم العمل للمحافظة على الدليل خشية توهينة. لم يرتب القانون بطلانا على مخالفتها.
(7) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل".
- وزن أقوله الشهود. موضوعى.
(8) إثبات "شهود". حكم "ما لا يعيبه فى نطاق التدليل".
- تناقض اقول الشهود بفرض حصوله. لا يعيب الحكم. متى استخلص الادانة من أقوالهم بما لا تناقض فيه.
(9) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل".
- للمحكمة أن تأخذ من أقوال الشهود بما تطمئن اليه وتطرح ما عداه. عدم التزامها بأن تورد منها الا ما تقيم عليه قضاءها.
1 - لما كان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لاصدار الأمر بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التى يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع التى متى اقتنعت بجدية الاستدلالات التى بنى عليها أمر التفتيش وكفايتها لتسويغ إجرائه فلا معقب عليها فى ذلك لتعلقه بالموضوع لا بالقانون، واذ كانت المحكمة قد سوغت الأمر بالتفتيش وردت على شواهد الدفع ببطلانه لعدم جدية التحريات التى سبقته بادلة بادلة منتجة لها أصلها الثابت فى الأوراق وكان عدم ايراد محل إقامة الطاعن وصناعته لا يقدح بذاته فى جدية التحريات فإن ما ينعاه الطاعن فى هذا الشأن لا يكون مقبولا.
2 - لما كان الحكم المطعون فيه قد اثبت فى مدوناته أن الرائد....... قد استصدر اذن النيابة بالتفتيش بعد ان دلت التحريات على أن الطاعن يتجر فى المواد المخدرة فإن مفهوم ذلك أن الأمر صدر لضبط جريمة تحقق وقوعها لضبط جريمة مستقبلة أو محتمله، ومن ثم فإن الحكم اذ انتهى الى أن الاذن صدر لضبط جريمة واقعة بالفعل وترجحت نسبتها للمأذون بتفتيشه وليس عن جريمة مستقبلة يكون قد أصاب صحيح القانون ويكون ما ينعاه الطاعن فى هذا الشأن على غير أساس.
3 - لما كان قضاء محكمة النقض قد جرى على أن وكلاء النيابة الكلية الذين يعملون مع رئيس النيابة مختصون باعمال التحقيق فى جميع الحوادث التى تقع بدائرة المحكمة الكلية التى هم تابعون لها وذلك بناء على تفويض من رئيس النيابة أو من يقوم مقامه تفويضا أصبح على النحو الذى استقر عليه العمل فى حكم المفروض ولايستطاع نفيه إلا إذا كان هناك نهى صريح، ومن ثم فإن اذن التفتيش الصادر فى هذه الدعوى يكون صحيحا وصادرا ممن يملكه ويكون النعى عليه فى هذا الشأن غير سديد.
4 - لما كان الدفع بصدور الاذن بالتفتيش بعد الضبط هو دفاع موضوعى يكفى للرد عليه اطمئنان المحكمة الى وقوع الضبط بناء على الاذن أخذاً بالادلة التى أوردته أو كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شاهد الإثبات وصحة تصويره للواقعة وان الضبط كان بناء على اذن النيابة العامة بالتفتيش، فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الخصوص ينحل إلى جدل موضوعى فى تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها فى شأنه أمام محكمة النقض.
5 - من المقرر أنه متى كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أن العينه المضبوطه هى التى ارسلت للتحليل وصار تحليلها واطمأنت كذلك إلى النتيجة التى انتهى إليها التحليل - كما هو الحال فى الدعوى المطروحة - فلا تثريب عليها إن هى قضت فى الدعوى بناء على ذلك.
6 - إن إجراءات التحريز انما قصد بها تنظيم العمل للمحافظة على الدليل خشية توهينه ولم يرتب القانون على مخالفتها بطلانا ما، بل ترك الأمر فى ذلك إلى اطمئنان المحكمة إلى سلامة الدليل وأن الأحراز المضبوط لن تصل اليها يد العبث، واذ كانت المحكمة قد اقامت قضاءها على عناصر صحيحة وسائغة واطمأنت الى عدم حصول عبث بالمضبوطات فإنه لا يقبل من الطاعن ما يثيره فى هذا الصدد اذ لا يعدو فى حقيقته ان يكون جدلا موضوعيا مما لا يجوز اثارته أمام محكمة النقض.
7 - إن وزن اقوال الشهود وتقدير الظروف التى يؤدون فيها شهاداتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه اليها من مطاعن وحام حولها من شبهات مرجعه الى محكمة الموضوع تقدره التقدير الذى تطمئن اليه دون رقابة من محكمة النقض.
8 - إن تناقض أقوال الشهود بفرض حصوله لا يعيب الحكم ما دام قد استخلص الإدانة من أقوالهم بما لا تناقض فيه.
9 - للمحكمة أن تأخذ من أقوال الشهود بما تطمئن إليه وتطرح ما عداه دون أن تكون ملزمه بإيراده فى حكمها إذ الأصل أنها لا تلتزم بأن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: 1 - احرز بقصد الاتجار جوهرا مخدرا (حشيش) فى غير الأحوال المصرح بها قانونا. 2 - احرز بقصد الاتجار جوهرين مخدرين (البتوريتال والمثيل فيوبارتنيال) فى غير الأحوال المصرح بها قانونا. واحالته إلى محكمة جنايات طنطا لمعاقبته طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الاحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضوريا عملا بالمواد 1/ 1، 2، 7/ 1, 34/ أ، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل البند رقم 57 من الجدول رقم واحد المحلق والمعدل بقرار وزير الصحة رقم 295 لسنة 1976 مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات أولا: بمعاقبته بالاشغال الشاقة ثلاث سنوات وتغريمه ثلاث آلاف جنيه ومصادرة المخدر المضبوط عن التهمة الأولى المنسوبة اليه. ثانيا: ببراءة عن التهمة الثانية ومصادرة المضبوطات.
فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض..... الخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحراز جوهر مخدر بقصد الاتجار قد شابه قصور فى التسبيب وفساد فى الاستدلال ذلك بأن الحكم جاء مجهلا لادلة الثبوت فى الدعوى. كما ان المدافع عن الطاعن دفع ببطلان الاذن بالتفتيش لا بتنائه على تحريات غير جدية لم يحدد مجريها عنوان الطاعن الصحيح ومهنته لصدوره عن جريمة مستقبلة وممن لا يملك إصداره قانونا، كما دفع ببطلان التفتيش لاجرائه قبل الاذن به مدللا على ذلك بتلاحق الاجراءات، لا ان الحكم اعرض عن هذه الدفوع ورد عليها بما لا يتفق وصحيح القانون، كما أن الطاعن أقام دفاعه ان ما تم ضبطه ليس هو ما تم تحليله وان الأوراق خلت من محضر بالوزن والتحريز وان ضابط الواقعة تناقض فى أقواله بخصوص أفراد القوة المرافقة له الا ان المحكمة ردت على هذا الدفاع بما لا يصلح ردا. مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التى دان الطاعن بها واورد على ثبوتها فى حقه ادلة مستمدة من أقوال شاهد الاثبات وما جاء بتقرير المعامل الكيماوية وهى أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى الى ما رتب عليها وقد أورد الحكم بيانا كافيا بمؤداها مما لا محل معه لما يثيره الطاعن من تجهيلها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لاصدار الأمر بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التى يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت اشراف محكمة الموضوع التى متى اقتنعت بجدية الاستدلالات التى بنى عليها أمر التفتيش وكفايتها لتسويغ اجرائه فلا معقب عليها فى ذلك لتعلقه بالموضوع لا بالقانون، واذ كانت المحكمة قد سوغت الأمر بالتفتيش وردت على شواهد الدفع ببطلانه لعدم جدية التحريات التى سبقته بادلة بادلة منتجة لها أصلها الثابت فى الأوراق وكان عدم ايراد محل إقامة الطاعن وصناعته لا يقدح بذاته فى جدية التحريات فإن ما ينعاه الطاعن فى هذا الشأن لايكون مقبولا. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد اثبت فى مدوناته أن الرائد....... قد استصدر اذن النيابة بالتفتيش بعد ان دلت التحريات على أن الطاعن يتجر فى المواد المخدرة فإن مفهوم ذلك أن الأمر صدر لضبط جريمة تحقق وقوعها لا لضبط جريمة مستقبلة أو محتملة، ومن ثم فإن الحكم اذ انتهى الى أن الاذن صدر لضبط جريمة واقعة بالفعل وترجحت نسبتها للمأذون بتفتيشه وليس عن جريمة مستقبلة يكون قد أصاب صحيح القانون ويكون ما ينعاه الطاعن فى هذا الشأن على غير أساس، لما كان ذلك، وكان الحكم قد رد على الدفع ببطلان اذن التفتيش لصدوره ممن لا يملك اصداره قانونا بقوله "اما بخصوص الدفع ببطلان اذن التفتيش لا يملكه مكانيا وانعقاد الاختصاص باصداره لرئيس النيابة فإنه دفع ظاهر البطلان ذلك أنه لا مانع قانونى فى أن يصدر وكيل النيابة الكلية اذنا بالضبط والتفتيش بناء على تحريات تعرض عليه". وكان قضاء محكمة النقض قد جرى على أن وكلاء النيابة الكلية الذين يعملون مع رئيس النيابة مختصون باعمال التحقيق فى جميع الحوادث التى تقع بدائرة المحكمة الكلية التى هم تابعون لها وذلك بناء على تفويض من رئيس النيابة أو من يقوم مقامة تفويضا أصبح على النحو الذى استقر عليه العمل فى حكم المفروض ولا يستطاع نفيه إلا إذا كان هناك نهى صريح، ومن ثم فإن اذن التفتيش الصادر فى هذه الدعوى يكون صحيحا وصادرا ممن يملكه ويكون النعى عليه فى هذا الشأن غير سديد. لما كان ذلك، وكان الدفع بصدور الاذن بالتفتيش بعد الضبط هو دفاع موضوعى يكفى للرد عليه اطمئنان المحكمة الى وقوع الضبط بناء على الاذن أخذاً بالادلة التى أودرته أو كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شاهد الإثبات وصحة تصويره للواقعة وأن الضبط كان بناء على اذن النيابة العامة بالتفتيش، فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الخصوص ينحل إلى جدل موضوعى فى تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها فى شأنه أمام محكمة النقض، لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه متى كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أن العينة المضبوطة هى التى أرسلت للتحليل وصار تحليلها واطمأنت كذلك إلى النتيجة التى انتهى إليها التحليل - كما هو الحال فى الدعوى المطروحة - فلا تثريب عليها إن هى قضت فى الدعوى بناء على ذلك فضلا عما هو مقرر من أن إجراءات التحريز انما قصد بها تنظيم العمل للمحافظة على الدليل خشية توهينه ولم يرتب القانون على مخالفتها بطلانا ما، بل ترك الأمر فى ذلك إلى اطمئنان المحكمة إلى سلامة الدليل وأن الأحراز المضبوطة لن تصل اليها يد العبث، وإذ كانت المحكمة قد اقامت قضاءها على عناصر صحيحة وسائغة واطمأنت إلى عدم حصول عبث بالمضبوطات فإنه لا يقبل من الطاعن ما يثيره فى هذا الصدد إذ لا يعدو فى حقيقته أن يكون جدلا موضوعيا مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التى يؤدون فيها شهاداتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه اليها من مطاعن وحام حولها من شبهات مرجعة إلى محكمة الموضوع تقدره التقدير الذى تطمئن اليه دون رقابة من محكمة النقض، وكان تناقض أقوال الشهود بفرض حصوله لا يعيب الحكم ما دام قد استخلص الإدانة من أقوالهم بما لا تناقض فيه، ذلك أن للمحكمة أن تأخذ من أقوال الشهود بما تطمئن إليه وتطرح ما عداه دون أن تكون ملزمه بايراده فى حكمها إذ الأصل أنها لا تلتزم بأن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أفصح عن اطمئنانه إلى ما حصله من أقوال ضابط الواقعة، وخلا ما حصله منها من شائبة التناقض، كما ينازع الطاعن فى أن له مأخذه الصحيح من الأوراق، فإن ما أثير من نعى فى هذا الخصوص لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا فى تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه، لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.