أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثالث - السنة 3 - صـ 1100

جلسة 22 من مايو سنة 1952
(169)
القضية رقم 137 سنة 20 قضائية

برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد حلمي باشا وكيل المحكمة وبحضور حضرات أصحاب العزة: عبد العزيز محمد بك وعبد الحميد وشاحي بك ومصطفى فاضل بك وعبد العزيز سليمان بك المستشارين.
( أ ) استئناف فرعي. الحكم بقبوله أو عدم قبوله. أمر متعلق بالنظام العام. للمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها.
(ب) استئناف فرعي. المحكمة ضمت دعويين للفصل فيهما بحكم واحد. اختلاف الدعويين سبباً وموضوعاً. كل منهما تعتبر دعوى مستقلة عن الأخرى بالرغم من قرار الضم. استئناف الحكم الصادر في أحداهما لا يبرر رفع استئناف فرعي عن الحكم الصادر في الدعوى الأخرى متى كان لم يرفع عنه استئناف أصلي.
(جـ) تزوير. حكم قضى برد وبطلان عقد. تقريره أن المورث الذي نسب إليه الإمضاء الموقع بها على العقد لم يكن يوقع بإمضائه على الأوراق المقدمة في الدعوى من الطرفين. هذا لا يفيد نقل عبء الإثبات إلى عاتق المدعى عليهم بالتزوير بل يفيد أن المحكمة استخلصت في حدود سلطتها الموضوعية أن المورث كان يوقع بختمه لا بإمضائه مما يؤيد ما ادعاه المدعون بالتزوير وعجز عن نفيه المدعى عليهم. الإدعاء بالإخلال بحق الدفاع. على غير أساس.
(د) تزوير. استخلاص المحكمة دليل التزوير المادي من ذات الورقة المدعي بتزويرها. لا إخلال بحق الدفاع.
1 - الحكم بقبول أو عدم قبول الاستئناف الفرعي أمر متعلق بالنظام العام للتقاضي فلا على المحكمة إن هي قضت من تلقاء نفسها بعدم قبوله.
2 - متى كانت الطلبات في كل من الدعويين متميزة عن الأخرى سبباً وموضوعاً مما يجعل كلا منهما مستقلة عن الأخرى وكان لا يغير من هذا النظر قرار محكمة الدرجة الأولى بضم الدعويين أحداهما إلى الأخرى والفصل فيهما بحكم واحد لاتحاد الخصوم فيهما، لما كان ذلك فإنه يكون صحيحاً ما قضت به المحكمة من عدم قبول الاستئناف الفرعي المرفوع عن الحكم الصادر في إحدى الدعويين لعدم رفع استئناف أصلي عن هذا الحكم.
3 - متى كان الحكم إذ قضى برد وبطلان العقد المطعون فيه بالتزوير قد قرر أن هذا العقد موقع عليه بإمضاء منسوب إلى مورث المطعون عليهم مع أنه يبين من الاطلاع على أوراق الدعوى والوصولات المقدمة من الطاعنين أن المورث لم يكن يوقع بإمضائه عليها فإن هذا الذي ذهب إليه الحكم لا يفيد أنه نقل عبء إثبات التزوير من عاتق المدعين إلى عاتق المدعى عليهم بل يفيد أن المحكمة استخلصت في حدود سلطتها الموضوعية من الأوراق المقدمة في الدعوى سواء من الطاعنين أو من المطعون عليهم أن مورث الأخيرين إنما كان يوقع بختمه لا بإمضائه مما يؤيد ما ادعاه المطعون عليهم وعجز عن نفيه الطاعنان من أنه كان يجهل القراءة والكتابة.
4 - متى كانت المحكمة إذ قضت بتزوير العقد المطعون فيه أقامت قضاءها لا على صورته المقدمة من المدعيين بالتزوير على ما شاهدته المحكمة من تغيير مادي في بيان مقدار الأجرة فيه. فإن المحكمة في ذلك لم تخل بحق الطاعنين في الدفاع، إذ كان هذا العقد مقدماً منهما وكان موضوع الطعن بالتزوير ومحل بحث الطرفين ولا على المحكمة إن هي استخلصت دليل التزوير المادي مما احتواه نفس العقد من تغيير.


الوقائع

في يوم 13 من مايو سنة 1950 طعن بطريق النقض في حكمي محكمة مصر الابتدائية بهيئة استئنافية الصادر أولهما في 30 من نوفمبر سنة 1949 وثانيهما في 5 من إبريل سنة 1950 في الاستئناف رقم 136 سنة 1949 وذلك بتقرير طلب فيه الطاعنان الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكمين المطعون فيهما وإحالة القضية على محكمة الاستئناف للفصل فيها مجدداً من دائرة أخرى وإلزام المطعون عليهم بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وفي 18 من مايو سنة 1950 أعلن المطعون عليهم بتقرير الطعن وفي أول يونيه سنة 1950 أودع الطاعنان أصل ورقة إعلان المطعون عليهم بالطعن وصورة مطابقة للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب الطعن وحافظة بمستنداتهما. ولم يقدم المطعون عليهم دفاعاً. وفي 10 من فبراير سنة 1952 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعنين بالمصروفات. وفي 8 من مايو سنة 1952 سمعت الدعوى على ما هو مبين بمحضر الجلسة إلخ.


المحكمة

من حيث إن الوقائع حسبما يبين من الحكمين المطعون فيهما وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن المطعون عليهم أقاموا على الطاعنين الدعويين رقم 2077، 2078 لسنة 1947 مدني شبرا الأولى بمبلغ 150 قرش صاغ أجرة شهر نوفمبر سنة 1948 عن دكان استأجرها الطاعنان من مورث المطعون عليهم بعقد إيجار مؤرخ في أول مايو سنة 1939 نص فيه على أن الأجرة 105 قرش صاغ شهرياً وقد بلغت بالزيادة المسموح بها قانوناً 150 قرشاً صاغاً والثانية بإلزام الطاعنين بمبلغ 23 ج و345 م متأخراً إيجار عن دكان أخرى استأجرها الطاعنان من مورث المطعون عليهم بعقد إيجار محرر في 15 من إبريل سنة 1939 بأجرة شهرية مقدارها تسعون قرشاً بلغت بالزيادة المسموح بها 105 قروش صاغ كما طلبوا ما استجد من أول ديسمبر سنة 1948 وضمت الدعويان أحداهما إلى الأخرى ورفع الطاعنان دعوى فرعية في كلتا الدعويين بإلزام المطعون عليهم بمبلغ 25 ج تعويضاً لكيديتها وقدم الطاعنان إلى المحكمة إثباتاً لدفاعهما عن مقدار الأجرة التي التزما بها عقدي إيجار مؤرخين في 1/ 4/ 1936، 15/ 4/ 1939 يتضمن أولهما تأجير إحدى الدكاكين لهما بمبلغ 35 قرشاً صاغاً شهرياً ويتضمن الثاني تأجير الدكاكين الأخرى بمبلغ سبعين قرشاً شهرياً وقالا إن هذين العقدين قد اندمجا بمجموع قيمتهما في عقد أول مايو سنة 1939 المطالب بأجرته في الدعوى رقم 2077 لسنة 1947 شبرا وفي 25 من نوفمبر سنة 1949 قضت المحكمة بطلبات المطعون عليهم في الدعوى رقم 2077 وبرفض دعواهم رقم 2078 وبإلزامهم بمبلغ 25 ج للطاعنين تعويضاً لهما لكيدية هذه الدعوى فاستأنف المطعون عليهم الحكم الصادر في الدعوى رقم 2078 وطلبوا إلغاءه والحكم لهم بالطلبات الواردة بعريضة دعواهم. واستأنف الطاعنان فرعياً بجلسة 25 مايو سنة 1949 الحكم الصادر في الدعوى رقم 2077 وطلبا إلغاءه فيما قضى به عليهما والحكم لهما في تلك الدعوى بمبلغ 25 ج وهو مبلغ التعويض الذي لم تقض به محكمة أول درجة. وأثناء نظر الاستئنافين طعن المطعون عليهم في عقدي 1/ 4/ 1936، 15/ 4/ 19390 بالتزوير استناداً إلى أن دليل التزوير في العقد الأول هو أنه منسوب فيه إلى مورثهم أنه وقع عليه بإمضائه مع أنه لا يعرف القراءة والكتابة وإلى أن الدليل التزوير في العقد الثاني هو أن صورة هذا العقد المقدم منهم تتضمن أن أجرة الدكان التي طالبوا بها هي تسعون قرشاً لا سبعون قرشاً كما ورد في الصورة المقدمة من الطاعنين والتي حصل بها تغيير في مقدار الأجرة. وفي 30 من نوفمبر سنة 1949 قضت المحكمة بقبول دعوى التزوير وبرد وبطلان العقدين المطعون فيهما. وفي 5 من إبريل سنة 1950 قضت أولاً بقبول الاستئناف الأصلي المرفوع من المطعون عليهم عن الحكم الصادر في الدعوى رقم 2078 وبإلغاء هذا الحكم وبإلزام الطاعنين بمبلغ الإيجار المتأخر للمطعون عليهم وبرفض دعوى التعويض الفرعية وثانياً بعدم قبول الاستئناف الفرعي المرفوع من الطاعنين عن الحكم الصادر في الدعوى رقم 2077 لعدم رفع استئناف أصلي عنه فقرر الطاعنان الطعن بطريق النقض في الحكمين الأنف ذكرهما.
ومن حيث إن الطعن بني على خمسة أسباب حاصل أولهما أن الحكم الصادر في 5 من إبريل سنة 1950 خالف القانون إذ قضت المحكمة من تلقاء نفسها بعدم قبول الاستئناف الفرعي دون أن يتمسك المطعون عليهم بالدفع بعدم قبوله مع أن الدفع بعدم القبول المؤسس على عدم اتصال الاستئناف الأصلي بالاستئناف الفرعي ليس من النظام العام فلا تجوز إثارته إلا لمن كان له مصلحة فيه كما أخطأ الحكم إذ بنى قضاءه بعدم قبول الاستئناف الفرعي على انعدام صلته بالاستئناف الأصلي مع أن تقرير محكمة أول درجة بضم الدعويين رقم 2077، 2078 أحداهما إلى الأخرى والفصل فيهما بحكم واحد يفيد ارتباطهما مما يجعل الاستئناف الفرعي مقبولاً ولو كان الاستئناف الأصلي مرفوعاً عن الحكم الصادر في إحدى الدعويين دون الأخرى.
ومن حيث إن هذا السبب مردود في شقه الأول بأن الحكم بقبول أو عدم قبول الاستئناف الفرعي أمر متعلق بالنظام العام للتقاضي فلا على المحكمة إذ هي قضت من تلقاء نفسها بعدم قبوله ومردود في شقه الثاني بأنه لما كانت الطلبات في كل من الدعويين رقمي 2077، 2078 متميزة عن الأخرى سبباً وموضوعاً مما يجعل كلاً منهما مستقلة عن الأخرى وكان لا يغير من هذا النظر قرار محكمة الدرجة الأولى بضم الدعويين والفصل فيهما بحكم واحد لاتحاد الخصوم فيهما، لما كان ذلك كان صحيحاً ما قضى به الحكم الصادر في 5 إبريل سنة 1950 من عدم قبول الاستئناف الفرعي المرفوع عن الحكم الصادر في الدعوى رقم 2077 لعدم رفع استئناف أصلي عن هذا الحكم.
ومن حيث عن السبب الثاني يتحصل في أن الحكم الصادر في 30 من نوفمبر سنة 1949 خالف القانون إذ قضى برد وبطلان عقد الإيجار المؤرخ في أول إبريل سنة 1936 استناداً إلى أنه كان من المتعين على الطاعنين إثبات صحة توقيع مورث المطعون عليهم فيه مع أن المطعون عليهم وقد ادعوا بتزوير هذا العقد كان يجب أن يكلفوا هم بإثبات دعواهم.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بما أورده الحكم المطعون فيه من أن عقد أول إبريل سنة 1936 موقع عليه بإمضاء منسوب إلى مورث المطعون عليهم مع أنه يبين من الاطلاع على أوراق الدعوى والإيصالات المقدمة من الطاعنين أن المورث لم يكن يوقع بإمضائه عليها وهذا الذي ذهب إليه الحكم لا يفيد أنه نقل عبء إثبات التزوير من عاتق المطعون عليهم إلى عاتق الطاعنين بل يفيد أن المحكمة استخلصت في حدود سلطتها الموضوعية من الأوراق المقدمة في الدعوى سواء من الطاعنين أو من المطعون عليهم أن مورث الآخرين إنما كان يوقع بختمه لا بإمضائه مما يؤيد ما ادعاه المطعون عليهم وعجز عن نفيه الطاعنان من أنه كان يجهل القراءة والكتابة.
ومن حيث إن حاصل السبب الثالث هو أن الحكم الصادر في 30 من نوفمبر سنة 1949 برد وبطلان عقد الإيجار المؤرخ في أول إبريل سنة 1936 مشوب بالمسخ ومخالفة الثابت بالأوراق وبالقصور ذلك أن الطاعنين قالا في دفاعهما أنه على فرض أن مورث المطعون عليهم لم يوقع بإمضائه على عقد إيجار أول إبريل سنة 1936 فإن الطعن بتزوير هذا العقد غير منتج لعدم تأثيره في النزاع الموضوعي وهو ثبوت أجرة إحدى الدكاكين موضوع عقد أول إبريل بمبلغ خمسة وثلاثين قرشاً بموجب إيصالات قدمها الطاعنان وتتضمن ما كانا يدفعانه إلى مورث المطعون عليهم وكان رد الحكم أن مسخ هذا الدفاع واتخذ منه دليلاً على اعتراف الطاعنين بالتزوير مع أن قول الطاعنين بعدم توقيع مورث المطعون عليهم بإمضائه على العقد إنما كان على سبيل الفرض الجدلي ومع أن الأجرة ثابتة من الإيصالات الأنف ذكرها وقد أطرح الحكم دلالتها بمقولة أن بصمة ختم مورث المطعون عليهم الموقع بها على إيصالين منها غير ظاهرة مع أن توجد إيصالات أخرى تحمل بصمات أخرى ظاهرة لمورث المطعون عليهم وقد أغفل الحكم التحدث عنها.
ومن حيث إن هذا السبب بجميع وجوهه مردود بأن الحكم قرر أنه بفرض صدور الإيصالات المشار إليها من مورث المطعون عليهم فإنها لا تدل على صحة عقد الإيجار المؤرخ أول إبريل سنة 1936 ولا على حقيقة الأجرة المتفق عليها فيه وليس في هذا الذي قرره الحكم ما يخالف الثابت بالأوراق أو ينطوي على قصور في التسبيب.
ومن حيث إن السبب الرابع يتحصل في أن الحكم الصادر في 30 من نوفمبر سنة 1949 خالف القانون كما شابه البطلان لإخلاله بحق الطاعنين في الدفاع ذلك أنه قضى برد وبطلان عقد 15 إبريل سنة 1939 المقدمة صورته من الطاعنين وتتضمن أن أجرة إحدى الدكاكين هي سبعون قرشاً استناداً إلى أن صورة العقد المقدم من المطعون عليهم تتضمن أجرة قدرها تسعون قرشاً لا سبعون قرشاً مع أن هذه الصورة لا حجية لها قانوناً إذ لم يوقع عليها الطاعنان كما قضى الحكم من تلقاء نفسه برد وبطلان العقد السالف ذكره لتغيير مادي في مقدار الأجرة المدونة به من غير أن يتمسك المطعون عليهم بهذا التغيير ودون أن ينبه الطاعنين إليه فحرمهما بذلك من حق الدفاع.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بأن الحكم أقام قضاءه بتزوير عقد 15 إبريل سنة 1939 وهو أحد العقدين المطعون فيهما بالتزوير لا على صورته المقدمة من المطمعون عليهم بل على ما شاهدته المحكمة من تغيير في بيان مقدار الأجرة فيه إذ غيرت كلمة تسعين إلى سبعين والمحكمة في ذلك لم تخل بحق الطاعنين في الدفاع إذ كان هذا العقد مقدماً منهما وكان موضوع الطعن بالتزوير ومحل بحث الطرفين ولا على المحكمة إذ هي استخلصت دليل التزوير المادي مما احتواه نفس العقد من تغيير.
ومن حيث إن حاصل السبب الخامس هو أن الحكم الصادر في 5 من إبريل سنة 1950 مشوب بالقصور ذلك أن الطاعنين قالا في دفاعهما بأن عقد 15/ 4/ 1939 قد اندمج في عقد أول مايو سنة 1939 الذي حدد أجرتي الدكانين المطالب بهما ولا ثالث لهما ولكن المحكمة لم تلق بالاً إلى هذا الدفاع وأغفلت الرد على طلب الطاعنين التحقيق أو الانتقال لمعرفة إن كان ما استأجرا ثلاثة دكاكين أم دكانين.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بأن المحكمة بعد أن اقتنعت بتزوير العقدين المقدمين من الطاعنين بناء على الأدلة التي أوردتها لم يبق لديها إلا أن تقضي للمطعون عليهم بطلباتهم المؤسسة على عقد 15 إبريل سنة 1939 وفي قضائها هذا ما يفيد أنها لم تقتنع بدفاع الطاعنين بأن العقد المشار إليه اندمج في عقد أول مايو سنة 1939 مما لم تر معه المحكمة حاجة إلى إجابة طلبهما المشار إليه وهذا من حقها.
ومن حيث إنه يبين مما تقدم أن الطعن على غير أساس ومن ثم فيتعين رفضه.