أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 34 - صـ 1330

جلسة 30 من مايو سنة 1983

برئاسة السيد المستشار الدكتور سعيد عبد الماجد نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: صلاح عبد العظيم نائب رئيس المحكمة، الدكتور أحمد حسني، يحيى الرفاعي، وزكي المصري.

(261)
الطعن رقم 1648 لسنة 48 القضائية

1 - إفلاس "أوامر مأمور التفليسة".
عدم قابلية أوامر التفليسة للتظلم وفقاً لنص المادة 236 من قانون التجارة. مناطه. صدورها في حدود اختصاصه.
2 - إفلاس. دعوى "الدعوى البوليصية".
الطعن على التصرف الصادر من المفلس قبل فترة الريبة. سبيله. الدعوى البوليصية علة ذلك. دعوى إبطال هذا التصرف لا تعتبر من الدعاوى الناشئة عن التفليسة.
3، 4 - حكم "تسبيبه". نقض.
3 - انتهاء الحكم إلى النتيجة الصحيحة في القانون. قصوره في الإفصاح عن سنده من نصوصه. لا بطلان.
4 - إقامة الحكم قضاءه على دعامتين مستقلتين. كفاية إحداها لحمل قضائه. النعي عليه في الأخرى بفرض صحته نعي غير منتج.
5 - نقض "نعي غير مقبول".
الحكم في التظلم من أمر مأمور التفليسة بتسليم وكيل الدائنين أرضاً زراعية لا يتضمن فصلاً في الملكية. النعي عليه بأنه اعتبر عقد بيع هذه الأرض ناقلاً للملكية ونافذاً في حق جماعة الدائنين. نعي على غير محل من الحكم المطعون فيه. غير مقبول.
1 - إن الأوامر التي يصدرها مأمور التفليسة - ولا تكون قابلة للتظلم وفقاً لنص المادة 236 من قانون التجارة - هي تلك التي يصدرها في حدود اختصاصه فإنه يقبل التظلم منها أمام المحكمة الابتدائية كما يكون الحكم الصادر في التظلم في هذه الحالة قابلاً للطعن فيه بالمعارضة أو بالاستئناف وفقاً لنص المادة 395 من قانون التجارة.
2 - لما كان الأمر موضوع النزاع قد صدر من مأمور التفليسة في شأن يخرج عن حدود اختصاصه فإن مؤدى ذلك أنه كان يتعين على الطاعن بصفته وكيلاً للدائنين أن يلجأ إلى القضاء للحصول على حكم بإبطال التصرف الصادر من الشركة المفلسة إلى المطعون ضدها الثانية، وإذ كان الثابت بمدونات الحكم المطعون فيه أن هذا التصرف قد تم قبل فترة الريبة فإن دعوى إبطاله لا تعتبر من الدعاوى الناشئة عن التفليسة إذ لا تستند إلى تطبيق أحكام تتعلق بالإفلاس ومن ثم لا تختص بنظرها محكمة الإفلاس، وإنما يكون الطعن في مثل هذا التصرف الحاصل قبل فترة الريبة وفقاً للقواعد العامة عن طريق الدعوى البوليصية.
3 - لما كان الحكم المطعون فيه قد انتهى في أسبابه إلى النتيجة الصحيحة في القانون فإن النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون يكون على غير أساس، ولا يبطله قصوره في الإفصاح عن سنده من نصوص القانون إذ لمحكمة النقض أن تستكمل ما قصر الحكم في بيانه من ذلك.
4 - من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه إذا أقيم الحكم على دعامتين مستقلتين وكانت إحداهما لم يوجه إليها أي تعييب وتكفي وحدها لحمل قضاء الحكم فإن تعييبه في الدعامة الأخرى بفرض صحته يكون غير منتج.
5 - إن النعي غير مقبول لوروده على غير محل من الحكم المطعون فيه، ذلك أن الحكم لم يقض بنفاذ عقد البيع المؤرخ 1/ 5/ 1949 ولم يعتبر هذا العقد ناقلاً لملكية الأرض موضوع النزاع وما كان للمحكمة أن تتعرض لذلك وهي بصدد الفصل في النزاع المعروض عليها والذي يدور حول مدى اختصاص مأمور التفليسة في إصدار أمر ولائي بتسليم أرض في حيازة الغير إلى وكيل الدائنين بمقولة أنها مملوكة للشركة المفلسة إذ أنه نزاع لا يستلزم الفصل في مسألة الملكية التي استبقاها الحكم المطعون فيه ليتناضل فيها الطرفان أمام المحاكم المختصة ولم ينكر على الطاعن حقه في رفع دعوى بشأنها بالطريق العادي أو السير في دعوى ثبوت الملكية إن كانت قد رفعت حقاً ومن ثم يكون النعي على الحكم المطعون فيه بهذا السبب بالخطأ في تطبيق القانون على غير أساس.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن بصفته وكيلاً لدائني تفليسة شركة أسترا للألبان والأسواق المحلية - بمقتضى الحكم الصادر في القضية رقم 25 لسنة 1959 - إفلاس الجيزة - تقدم إلى السيد مأمور التفليسة في 25/ 3/ 1978 طالباً إصدار أمر بتسليمه أرضاً زراعية بناحية كرداسة مملوكة ومكلفة باسم الشركة المفلسة وبتاريخ 27/ 3/ 1978. صدر الأمر من مأمور التفليسة بذلك ونفذ بتاريخ 28/ 3/ 1978. تظلمت المطعون ضدها من هذا الأمر استناداً إلى أن المطعون ضدها الثانية سبق لها أن أشترت الأرض المذكورة من الشركة المفلسة بموجب عقد عرفي مؤرخ في 11/ 5/ 1949 ثم قامت ببيعها إلى المطعون ضدها الأولى بعقد عرفي مؤرخ في 16/ 2/ 1976 فأقامت الدعوى رقم 1518 لسنة 1976 مدني كلي الجيزة بطلب إثبات ملكيتها لهذه الأطيان وتدخلت فيها المطعون ضدها الأولى منضمة إليها في طلباتها. وبتاريخ 6/ 5/ 1978 حكمت محكمة أول درجة برفض التظلم وتأييد الأمر المتظلم منه. استأنف المطعون ضدهما هذا الحكم بالاستئناف رقم 346 لسنة 95 ق وبتاريخ 26/ 6/ 1978 قضت محكمة استئناف القاهرة بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض التظلم موضوعاً وبإلغاء الأمر المتظلم منه. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن بني على أربعة أسباب ينعي الطاعن بها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان السبب الأول يقول إنه لما كانت المادة 197 من قانون المرافعات لا تجيز التظلم من الأمر الولائي إلا ممن رفض طلبه أو ممن صدر عليه الأمر، وكانت المادة 236 من قانون التجارة لا تجيز التظلم من الأوامر التي تصدر من مأمور التفليسة إلا في الأحوال المبينة في القانون، كما أن الحكم الصادر في التظلم الذي يرفع عن هذا الأمر لا يقبل المعارضة أو الاستئناف إلا إذا كان أساس الطعن مجاوزة مأمور التفليسة لحدود سلطته. وإذ كان الطاعن قد دفع بعدم جواز الاستئناف وبعدم جواز التظلم من الأمر الولائي الصادر من مأمور التفليسة لعدم صدوره ضد أي من المطعون ضدهما إلا أن الحكم المطعون فيه أغفل الرد على هذا الدفاع بمقولة إن الطاعن لم يبين الأساس الذي ينهض عليه ومن ثم يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن الأوامر التي يصدرها مأمور التفليسة - ولا تكون قابلة للتظلم وفقاً لنص المادة 236 من قانون التجارة - هي تلك التي يصدرها في حدود اختصاصه المبين في القانون، أما إذا كان الأمر صادراً في شأن لا يدخل في اختصاصه فإنه يقبل التظلم منه أمام المحكمة الابتدائية كما يكون الحكم الصادر في التظلم في هذه الحالة قابلاً للطعن فيه بالمعارضة أو بالاستئناف وفقاً لنص المادة 395 من قانون التجارة، لما كان ذلك وكان الثابت بمدونات الحكم المطعون فيه أن الأمر موضوع النزاع قد صدر من مأمور التفليسة بتسليم الطاعن - باعتباره وكيلاً للدائنين في تفليسة شركة أسترا للألبان - أطياناً زراعية كانت وقت إصداره في حيازة المطعون ضدها الأولى بناء على عقد بيع عرفي صادر لها من المطعون ضدها الثانية التي اشترتها بدورها من الشركة المفلسة بعقد عرفي سابق تاريخه على إشهار الإفلاس. وكان مأمور التفليسة قد استند في إصدار أمره بالتسليم إلى أن هذه الأطيان ما زالت مملوكة للشركة ومكلفة باسمها، فإن ذلك الأمر يكون خارجاً عن حدود وظيفته المبينة في القانون ويكون للمطعون ضدهما التظلم منه أمام المحكمة الابتدائية كما يكون الحكم الصادر في التظلم قابلاً للطعن بالطرق المقررة في القانون عملاً بمفهوم المخالفة لما تقضي به المادة 395 من قانون التجارة المشار إليها، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر وقضى بقبول الاستئناف وبقبول التظلم في الأمر فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ولا يعيبه إغفاله الرد على ما استند إليه الطاعن في دفاعه ما دام قد انتهى إلى النتيجة الصحيحة ومن ثم يكون النعي على الحكم بالخطأ في تطبيق القانون على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الثاني أن الحكم المطعون فيه قضى بإلغاء الأمر الصادر من مأمور التفليسة بتسليم الأطيان للطاعن تأسيساً على فهم خاطئ لأحكام القانون بمقولة إن مهمة وكيل الدائنين تنحصر في وضع اليد على الأموال الموجودة تحت يد المفلس أو في محلاته، والديون التي له قبل الآخرين، أو ما تصرف فيه خلال فترة الريبة التي تحددها المحكمة أما التصرفات السابقة على فترة الريبة فليس له أن يتعرض لها إلا أن يقاضي في شأنها بطرق التقاضي العادية أمام المحكمة المختصة وبذلك فرق الحكم بين ما تم من تصرفات في فترة الريبة وما تم قبلها دون أن يبين السند القانوني الذي اعتمد عليه في حين أن الأمر الولائي يعتبر طريقاً لرفع الدعوى لأن التظلم من هذا الأمر يطرح النزاع برمته على القضاء شأنه شأن النزاع الذي يعرض بطريق الدعوى المبتدأة. وليس صحيحاً ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن المحاكم العادية تختص دون محكمة الإفلاس بنظر ما يوجهه وكيل الدائنين من طعون إلى التصرفات الصادرة من المفلس قبل فترة الريبة.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه لما كانت هذه المحكمة قد انتهت وهي بصدد الرد على السبب الأول إلى أن الأمر موضوع النزاع قد صدر من مأمور التفليسة في شأن يخرج عن حدود اختصاصه فإن مؤدى ذلك أنه كان يتعين على الطاعن بصفته وكيلاً للدائنين أن يلجأ إلى القضاء للحصول على حكم بإبطال التصرف الصادر من الشركة المفلسة إلى المطعون ضدها الثانية وإذ كان الثابت بمدونات الحكم المطعون فيه أن هذا التصرف قد تم قبل فترة الريبة فإن دعوى إبطاله لا تعتبر من الدعاوى الناشئة عن التفليسة إذ لا تستند إلى تطبيق أحكام تتعلق بالإفلاس ومن ثم لا تختص بنظرها محكمة الإفلاس، وإنما يكون الطعن في مثل هذا التصرف الحاصل قبل الريبة وفقاً للقواعد العامة عن طريق الدعوى البوليصية لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى في أسبابه إلى هذه النتيجة الصحيحة في القانون فإن النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون يكون على غير أساس ولا يبطله قصوره في الإفصاح عن سنده من نصوص القانون إذ لمحكمة النقض أن تستكمل ما قصر الحكم في بيانه من ذلك.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الثالث أن الحكم المطعون فيه خالف قواعد الإثبات بالاستناد في قضائه إلى صورة ضوئية لعقد بيع ابتدائي رغم تمسك الطاعن بأن هذه الصورة ليست لها حجية في الإثبات إلا بقدر ما تهدي إلى الأصل وهو ما ينطوي على خطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي غير منتج ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه إذا أقيم الحكم على دعامتين مستقلتين وكانت إحداهما لم يوجه إليها أي تعييب وتكفي وحدها لحمل قضاء الحكم فإن تعييبه في الدعامة الأخرى بفرض صحته يكون غير منتج. لما كان ذلك وكان الثابت بمدونات الحكم المطعون فيه أنه اعتبر التصرف في الأطيان موضوع النزاع قد صدر من الشركة المفلسة قبل فترة الريبة مستنداً في ذلك إلى دعامتين أولاهما تاريخ التصرف الثابت بالصورة الضوئية لعقد البيع بمقولة إن الطاعن لم يطعن على هذا التاريخ بأي مطعن وثانيتهما أن ميزانيات الشركة التي قدمت لم تتضمن بين أصولها الأرض موضوع النزاع وكانت هذه الدعامة الأخيرة - والتي لم يعيبها الطاعن - تكفي وحدها لحمل قضاء الحكم في هذا الصدد فإن تعييبه في الدعامة الأولى وبفرض صحته يكون غير منتج.
وحيث إن حاصل ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه بالسبب الرابع أن عقد البيع الابتدائي المؤرخ 1/ 5/ 1949 الصادر من الشركة المفلسة للمطعون ضدها الثانية لم يسجل قبل الحكم بشهر الإفلاس ومن ثم فلا ينقل ملكية الأرض موضوع النزاع وإذ ذهبت محكمة الاستئناف إلى نفاذ ذلك العقد غير المسجل في حق جماعة الدائنين واعتبرته ناقلاً للملكية وأنكرت على الطاعن حقه في استلام هذه الأطيان لإدارتها مع باقي أموال التفليسة فإنها تكون قد أخطأت في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول لوروده على غير محل من الحكم المطعون فيه، ذلك أن الحكم لم يقض بنفاذ عقد البيع المؤرخ في 1/ 5/ 1949 ولم يعتبر هذا العقد ناقلاً لملكية الأرض موضوع النزاع وما كان للمحكمة أن تتعرض لذلك وهي بصدد الفصل في النزاع المعروض عليها والذي يدور حول مدى اختصاص مأمور التفليسة في إصدار أمر ولائي بتسليم أرض في حيازة الغير إلى وكيل الدائنين بمقولة أنها مملوكة للشركة المفلسة إذ أنه نزاع لا يستلزم الفصل في مسألة الملكية التي استبقاها الحكم المطعون فيه ليتناضل فيها الطرفان أمام المحاكم المختصة ولم ينكر على الطاعن حقه في رفع دعوى بشأنها بالطريق العادي أو السير في دعوى ثبوت الملكية إن كانت قد رفعت حقاً ومن ثم يكون النعي على الحكم المطعون فيه بهذا السبب بالخطأ في تطبيق القانون على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.