أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 34 - صـ 1341

جلسة 30 من مايو سنة 1983

برئاسة السيد المستشار عبد الحميد المنفلوطي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: جلال الدين أنسي، فهمي عوض مسعد، دكتور منصور وجيه وفهمي الخياط.

(263)
الطعن رقم 1537 لسنة 48 القضائية

1 - حكم "المصلحة في الطعن". استئناف.
المصلحة في الطعن. كفاية تحققها وقت صدور الحكم ولو زالت بعد ذلك.
2 - نقض "السبب الجديد" دفوع. اختصاص "الاختصاص القيمي" نظام عام. إيجار "إيجار الأماكن".
الدفع بعدم الاختصاص القيمي. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض متى كان مختلطاً بواقع. مثال.
3 - إيجار "إيجار الأماكن". عقد.
عقد الإيجار غير الخاضع للقوانين الاستثنائية انتهاءه بانتهاء مدته. أو بصدور التنبيه بالإخلاء بشرائطه 563، 598، 599 مدني.
الاتفاق على جعل حق إنهاء العقد بالتنبيه من أحد طرفيه دون الآخر. صحيح.
1 - لما كان المستقر في قضاء هذه المحكمة أنه يجوز الطعن في الحكم من كل من كان طرفاً في الخصومة أمام المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه ولم يتخل عن منازعته حتى صدر الحكم ضده، وكان يكفي لتحقق المصلحة في الطعن قيامها وقت صدور الحكم ولا عبرة بزوالها من بعد، لما كان ذلك وكان الحكم الابتدائي قد قضى برفض دعوى المطعون ضده وإلزامه بمصاريفها، فإنه يضحى سديداً ما خلص إليه الحكم المطعون فيه من أن له صفة ومصلحة في طعنه عليه بطريق الاستئناف واستمراره في مباشرته حتى يقضي فيه.
2 - لما كان الطاعن لم يقدم ما يثبت سبق منازعته في تقدير قيمة طلب فسخ عقد إيجار المخبز موضوع النزاع وتمسكه بعدم اختصاص المحكمة قيمياً بنظره، وكان ما يثيره الطاعن بشأن الاختصاص في هذا الصدد، على الرغم من تعلقه بالنظام العام عملاًَ بالمادة 109 من قانون المرافعات، مختلط بواقع لم يسبق طرحه على محكمة الموضوع هو تحقيق مدة عقد الإيجار السارية ومداها وبالتالي تقدير المقابل النقدي عنها فلا يجوز من ثم إثارته أمام محكمة النقض لأول مرة.
3 - مفاد المواد 563، 598، 599 من القانون المدني أنه إذا اتفق العاقدان على مدة ما انقضى الإيجار - غير الخاضع للقوانين الاستثنائية - بفواتها ما لم يشترط لانتهائه صدور التنبيه بالإخلاء من أحدهما للآخر قبل فوات المدة بوقت معين وإلا فيمتد الإيجار إلى مدة أخرى طبقاً لاتفاقهما ومتى اتفقا على جعل حق إنهاء الإيجار بالتنبيه مقصوراً على أحدهما دون الآخر فإن هذا الاتفاق لا مخالفة فيه للقانون ويكون ملزماً لهما.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 3363 سنة 1968 مدني كلي الإسكندرية على الطاعن بطلب الحكم بإخلاء المخبز المبين بالصحيفة وتسليمه له بالحالة التي سلم بها وقت التعاقد، وقال بياناً لها أنه بموجب عقد مؤرخ 28/ 7/ 67 استأجر الطاعن منه هذا المخبز بمقوماته المادية والمعنوية لصنع الخبز الأفرنكي إلا أنه أزال دورة المياه الثابتة برخصة المخبز وأقام مكانها فرناً لصنع الخبز الشامي مما أضر به فأقام الدعوى، حكمت المحكمة بندب خبير لمعاينة المخبز وإثبات حالته وبيان ما إذا كان قد حدثت به تغييرات بعد استئجاره وتاريخ حدوثها وماهيتها.. إلخ، وبعد أن قدم الخبير تقريره - حكمت بتاريخ 6/ 4/ 1972 برفض الدعوى، استأنف المطعون ضده هذا الحكم بالاستئناف رقم 644 سنة 28 قضائية إسكندرية. وبتاريخ 28/ 5/ 1978 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبإخلاء المخبز وتسليمه، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعي الطاعن بالسبب الأول فيها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول أنه دفع أمام محكمة الاستئناف بعدم قبول الاستئناف لرفعه من غير ذي صفة لأن المخبز موضوع النزاع فرضت عليه الحراسة القضائية وتسلمه الحارس القضائي فيكون هذا الأخير هو صاحب الصفة في التقاضي بشأن أعمال إدارته إلا أن الحكم المطعون فيه رفض هذا الدفع على أساس أن الحارس القضائي يعتبر نائباً عن ذوي الشأن في إدارة المخبز وأن المطعون ضده ما كان لينتظر حتى يستأنف الحارس القضائي الحكم الصادر برفض دعواه هو وإلا تعرض لسقوط الحق في الاستئناف في حين أنه لا يجوز أن يحل أحد من ذوي الشأن محل الحارس في أداء مهمته أو بعضها وأن صحيفة الاستئناف قدمت من المطعون ضده بعد صدور الحكم القاضي بفرض الحراسة على المخبز بخمسة عشر يوماً ولم يكن هناك محلاً للتعرض لسقوط الحق في الطعن لأن ميعاد الطعن يقف بموت المحكوم عليه أو فقد أهليته فضلاً عن أن الحكم لم يناقش حكم الحراسة للوقوف على مدى أحقية المطعون ضده في استلام المخبز.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان المستقر في قضاء هذه المحكمة أنه يجوز الطعن في الحكم من كل من كان طرفاً في الخصومة أمام المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه ولم يتخل عن منازعته حتى صدر الحكم ضده، وكان يكفي لتحقق المصلحة في الطعن قيامها وقت صدور الحكم ولا عبرة بزوالها من بعد، لما كان ذلك وكان الحكم الابتدائي قد قضى برفض دعوى المطعون ضده وإلزامه بمصاريفها، فإنه يضحى سديداً ما خلص إليه الحكم المطعون فيه من أن له صفة ومصلحة في طعنه عليه بطريق الاستئناف واستمراره في مباشرته حتى يقضى فيه، ويكون النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعي بالسبب الثاني من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة قواعد الاختصاص المتعلقة بالنظام العام، وفي بيان ذلك يقول أن الحكم انتهى إلى عدم خضوع عقد الإيجار للامتداد القانوني وإذ كان هذا العقد لمدة سنة تبدأ من 1/ 8/ 1967 وتنتهي في 31/ 7/ 1968 بأجرة سنوية قدرها 240 جنيه وقد أنذره المطعون ضده بالإخلاء في 6/ 11/ 1968 فإن قيمة الدعوى تقدر بأجرة المدة الباقية وقدرها 180 جنيه استناداً إلى حكم المادة 37/ 8 من قانون المرافعات مما تكون معه المحكمة غير مختصة قيمياً بنظر الدعوى وإذ كان هذا الاختصاص متعلقاً بالنظام العام فإنه يحق للطاعن إثارة ذلك أمام محكمة النقض لأول مرة.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أنه لما كان الطاعن لم يقدم ما يثبت سبق منازعته في تقدير قيمة طلب فسخ عقد إيجار المخبز موضوع النزاع وتمسكه بعدم اختصاص المحكمة قيمياً بنظره وكان ما يثيره الطاعن بشأن الاختصاص في هذا الصدد على الرغم من تعلقه بالنظام العام عملاًَ بالمادة 109 من قانون المرافعات، مختلط بواقع لم يسبق طرحه على محكمة الموضوع هو تحقيق مدة عقد الإيجار السارية ومداها وبالتالي تقدير المقابل النقدي عنها فلا يجوز إثارته أمام محكمة النقض لأول مرة.
وحيث إن الطاعن ينعي بالوجه الأول من السبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك يقول أن الحكم أقام قضاءه على أن عقد الإيجار انتهى بالتنبيه الذي وجهه إليه المطعون ضده المؤجر في حين أن هذا العقد ينص على أنه هو صاحب الحق في إنهائه بتنبيه يوجهه إلى المؤجر.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك لأن مفاد المواد 563، 598، 599 من القانون المدني أنه إذا اتفق العاقدان على مدة ما انقضى الإيجار - غير الخاضع للقوانين الاستثنائية - بفواتها ما لم يشترط لانتهائه صدور التنبيه بالإخلاء من أحدهما للآخر قبل فوات المدة بوقت معين وإلا فيمتد الإيجار إلى مدة أخرى طبقاً لاتفاقهما ومتى اتفقا على جعل حق إنهاء الإيجار بالتنبيه مقصوراً على أحدهما دون الآخر فإن هذا الاتفاق لا مخالفة فيه للقانون ويكون ملزماً لهما، لما كان ذلك وكان البند الثالث من عقد الإيجار المبرم بين الطرفين قد نص على أنه "تحددت مدة هذا الإيجار ابتداء من 1/ 8/ 1967 وتنتهي في 31/ 7/ 1968 قابلة للتجديد ضمناً لمدة مماثلة وهكذا على التوالي سنوياً ما لم يخطر السيد خريستو قيدس "المستأجر" المؤجر قبل ثلاثة شهور من نهاية المدة في رغبته في عدم التجديد" وكان المعنى الظاهر لتلك العبارات اتفاق الطرفين على جعل حق إنهاء العقد بالتنبيه مقصوراً على المستأجر "الطاعن" فإن الحكم المطعون فيه إذا أقام قضاءه على أن العبارة الأخيرة من البند الخاصة بإعلان المستأجر برغبته في عدم التجديد ليس من شأنها أن تمنع المؤجر نفسه من إعلان رغبته من جانبه في عدم تجديد العقد شريطة أن يقوم هو أيضاً بمراعاة الميعاد الذي نص عليه القانون في المادة 563 من القانون المدني بما يعني أنه اعتبر أن الاتفاق بين الطرفين على قصر حق إنهاء الإيجار بالتنبيه على المستأجر لا يمنع المؤجر من أن ينهي العقد من جانبه بهذا الطريق على أن يلتزم بمواعيد التنبيه المنصوص عليها في القانون مع أن هذا الاتفاق لا مخالفة فيه للقانون وملزم لهما فإنه يكون مخطئاً في تطبيق القانون مما حجبه عن أعمال قواعد تفسير تلك العبارات بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
ولما تقدم يتعين نقض الحكم المطعون فيه.