أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثالث - السنة 3 - صـ 1180

جلسة 5 يونيه سنة 1952
(186)
القضية رقم 442 سنة 21 قضائية

برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد حلمي باشا وكيل المحكمة وبحضور حضرات أصحاب العزة: عبد العزيز محمد بك وعبد المعطي خيال بك وعبد الحميد وشاحي بك وعبد العزيز سليمان بك المستشارين.
مخاصمة. دعوى مخاصمة القضاة وأعضاء النيابة وجوب إيداع الأوراق والمستندات المؤيدة للمخاصمة مع التقرير المشتمل على أوجهها وأدلتها والدعوى في مرحلتها الأولى. عدم جواز تقديم أوراق أو مستندات والدعوى في هذه المرحلة غير ما سبق تقديمه مع تقرير المخاصمة. مثال.
إن المادة 800 من قانون المرافعات إذ أوجبت على طالب المخاصمة أو يودع مع التقرير المشتمل على أوجهها وأدلتها الأوراق المؤيدة لها. وإذ قضت المادة 801 بأن تنظر الدعوى في غرفة المشورة في أول جلسة تعقد بعد ثمانية الأيام التالية لتبليغ صورة تقرير المخاصمة إلى القاضي أو عضوية النيابة المخاصم. وإذ نصت المادة 802 على أن تحكم المحكمة على وجه السرعة في تعلق أوجه المخاصمة بالدعوى وجواز قبولها وذلك بعد سماع أقوال الطرفين والنيابة العامة إذا تدخلت في الدعوى، إذ نصت المواد المشار إليها على ذلك فقد دلت بجلاء على أن الفصل في دعوى المخاصمة وهي في مرحلتها الأولى، مرحلة الفصل في تعلق أوجه المخاصمة بالدعوى وجواز قبولها، لا يكون إلا على أساس ما يرد في تقرير المخاصمة والأوراق المودعة معه، وعلى أنه لا يحوز في هذه المرحلة تقديم أو قبول أوراق أو مستندات غير التي أودعت مع التقرير، الأمر الذي ينبني عليه أن يكون قرار المحكمة بضم الملفات المنوه عنها في تقرير المخاصمة والتي قال الطاعن إنها تحوي الأوراق والمستندات المؤيدة لدعواه مخالفاً لصريح نص القانون ومن ثم لا يتعلق به حق للطاعن بعد أن فاته أن يودع مع تقرير المخاصمة الأوراق والمستندات المذكورة، مما يكون معه في غير محله ما ينعاه على الحكم من بطلان في هذا الخصوص، كما أنه لا على المحكمة إذ هي اكتفت في حدود سلطتها الموضوعية بما أبداه أطراف الخصومة أمامها من أقوال وبما احتواه ملف الدعوى من أوراق.


الوقائع

في يوم 17 من ديسمبر سنة 1951 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف الإسكندرية الصادر في 20 من نوفمبر سنة 1951 في الاستئناف رقم 381 سنة 7 ق - وذلك بتقرير طلب فيه الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإلزام المطعون عليهم بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وفي 29 و30 و31 من ديسمبر سنة 1951 أعلن المطعون عليهم بتقرير الطعن. وفي 6 من يناير سنة 1952 أودع الطاعن أصل ورقة إعلان المطعون عليهم بالطعن وصورة مطابقة للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب الطعن وحافظة بمستنداته. وفي 22 منه أودع المطعون عليه الأول مذكرة بدفاعه طلب فيها رفض الطعن وإلزام الطاعن بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وفي 10 من فبراير سنة 1952 أودع الطاعن مذكرة بالرد. ولم يقدم المطعون عليهما الثاني والثالث دفاعاً. وفي 20 من إبريل سنة 1952 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاًً وإلزام الطاعن بالمصروفات. وفي 22 من مايو سنة 1952 سمعت الدعوى على ما هو مبين بمحضر الجلسة إلخ..


المحكمة

من حيث إن وقائع الدعوى الصادر فيها الحكم المطعون فيه تتحصل، حسبما يستفاد منه ومن سائر الأوراق المقدمة في الطعن، في أن النيابة العامة أقامت الدعوى رقم 911 جنح بندر دمنهور سنة 1946 واتهمت فيها نقولا قشعمي - أخا الطاعن - بأنه اختلس مبلغ 1112 جنيهاً و67 مليم إضراراً بورثة والدهما جرجوره قشعمي وبأنه قدم إلى مصلحة الضرائب إقراراً خاطئاً وبيانات غير صحيحة. كما أقامت الدعوى رقم 1470 جنح بندر دمنهور سنة 1948 واتهمت فيها نقولا قشعمي والأستاذ فؤاد جاماتي المحامي بأنهما لم يقدما في الميعاد إلى مصلحة الضرائب إقراراً عن أرباحهما التجارية في سنوات 1941 و1942 و1943 وبأنهما قدما بيانات غير صحيحة عن نتيجة عمليتهما التجارية الخاصة بشراء القمح وبيع الدقيق. وتدخل الطاعن مدعياً مديناً في هاتين الدعوتين. كما أقام الطاعن الدعوى المباشرة رقم 1719 جنح بندر دمنهور سنة 1948 على نقولا قشعمي والأستاذ فؤاد جاماتي لخيانتهما الأمانة، وشهادتهما زوراً لصالح محمد مرسي النمراوي الصغير في الجنحة رقم 230 بندر دمنهور سنة 1943. وقررت محكمة جنح بندر دمنهور برياسة المطعون عليه الثالث ضم الدعويين الأخيرتين إلى الدعوى الأولى ثم قضت في 13 من مايو سنة 1951 ببراءة المتهمين ورفض الدعوى المدنية في الدعويين الأولى والثانية وبعدم اختصاصها بنظر الدعوى المدنية في الدعوى الثالثة. فلجأ الطاعن إلى المطعون عليه الثاني بوصفه رئيساً لنيابة دمنهور ثم إلى المطعون عليه الأول بوصفه محامياً عاماً لدى محكمة استئناف الإسكندرية طالباً منهما استئناف الحكم المذكور، فلم يجيباه إلى هذا الطلب. وفي 11 من أكتوبر سنة 1951 قرر الطاعن بقلم كتاب محكمة استئناف الإسكندرية بمخاصمة المطعون عليهم لوقوع خطأ مهني جسيم منهم، بحجة أن المطعون عليه الثالث قضى ببراءة المتهمين في الدعويين الأولى والثالثة على الرغم من ثبوت التهم التي كانت موجهة إليهما على ما هو ثابت بالتحقيقات والمستندات وملفات القضايا، وأنه قضى بسقوط الحق في إقامة الدعوى العمومية بمضي المدة في الدعوى الثانية على الرغم من ثبوت العكس من التحقيقات التي أجريت فيها، وأنه قضى بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى المدنية المرفوعة فيها على الرغم من قيام علاقته السببية المباشرة بين الجريمة والضرر الذي أصاب الطاعن فيها، وبحجة أن المطعون عليهما الأولين امتنعا عن استئناف حكم البراءة في الدعاوى الثلاث على الرغم مما شابه من الأخطاء الجسيمة السالف ذكرها ولفت نظرهما إليها من الطاعن ومطالبتهما بهذا الاستئناف، كما طلب الطاعن في ختام التقرير ضم ملفات القضايا التي كانت مضمومة إلى الدعاوى المشار إليها لوجود مستنداته بها ولما في أوراقها من تأييد لأوجه المخاصمة. وحددت لنظر الدعوى جلسة 5 من نوفمبر سنة 1951 وفيها سمعت المحكمة أقوال الطاعن والمطعون عليهم والنيابة العامة، ثم أرجأت إصدار الحكم إلى جلسة 20 من نوفمبر سنة 1951 مع تكليف قلم كتاب المحكمة ضم القضايا المنوه عنها في تقرير المخاصمة، ثم قضت بالجلسة المذكورة بعدم جواز قبول المخاصمة وتغريم الطاعن 100 جنيه وبإلزامه بالمصاريف. وقد قرر الطاعن الطعن بطريق النقض في الحكم المذكور.
ومن حيث إن الطعن بني على سببين يتحصل أولهما في أن الحكم المطعون فيه مشوب بالبطلان - ذلك بأن الطاعن طلب في صحيفة دعواه ضم ملفات القضايا التي كانت مضمومة إلى الدعوى الصادر فيها الحكم الذي نشأت عنه المخاصمة وأشر الرئيس الدائرة المختصة في 9 من أكتوبر سنة 1951 بضمها، وهذه الملفات هي تحقيق النيابة العسكرية رقم 190 سنة 1943 دمنهور والقضية رقم 230 سنة 1943 جنح بندر دمنهور والقضية 2005 سنة 1946 جنح مستأنفة محكمة دمنهور وملف الضرائب الخاص بالمتهمين وتحقيق النيابة رقم 1164 سنة 1944 والقضية رقم 131 سنة 1949 جنح مستأنفة محكمة دمنهور، ولما نظرت الدعوى بجلسة 5 من نوفمبر سنة 1951 لم تكن هذه الملفات قد ضمت واعترضت الطاعن على ذلك كما قرر أنه لا يمكن السير في الدعوى بدونها لوجود مستنداته بها ولما في أوراقها من تأييد لأوجه المخاصمة كما طلب التأجيل لحضور محاميه لإبداء دفاعه كاملاً، ولكن المحكمة أرجأت إصدار الحكم إلى جلسة 20 من نوفمبر سنة 1951 مع تكليف قلم الكتاب ضم الملفات المشار إليها، ثم قدم الطاعن إلى المحكمة في 18 من نوفمبر سنة 1951 عريضة أبان فيها أن نيابة دمنهور التي يرأسها المطعون عليه الثاني لم ترسل جميع الملفات المقرر بضمها على الرغم من طلبها منها مراراً، ومع ذلك كله قضت المحكمة في الدعوى بعدم جواز قبول المخاصمة، وبذلك تكون قد فصلت فيها دون أن تكون تحت نظرها الملفات التي رفعت على أساسها ومن ثم أخلت بحق الطاعن في الدفاع.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بأنه - إذ أوجبت المادة 800 من قانون المرافعات على طلب المخاصمة أن يودع مع التقرير المشتمل على أوجهها وأدلتها الأوراق المؤيدة لها - وإذ قضت المادة 801 بأن تنظر الدعوى في غرفة المشورة في أول جلسة تعقد بعد ثمانية الأيام التالية لتبليغ صورة تقرير المخاصمة إلى القاضي أو عضو النيابة المخاصم - وإذ نصت المادة 802 على أن تحكم المحكمة على وجه السرعة في تعلق أوجه المخاصمة بالدعوى وجواز قبولها وذلك بعد سماع أقوال الطرفين والنيابة العامة إذا تدخلت في الدعوى - إذ نصت المواد المشار إليها على ذلك فقد دلت بجلاء على أن الفصل في دعوى المخاصمة وهي في مرحلتها الأولى - مرحلة الفصل في تعلق أوجه المخاصمة بالدعوى وجواز قبولها لا يكون إلا على أساس ما يرد في تقرير المخاصمة والأوراق المودعة معه، وعلى أنه لا يحوز في هذه المرحلة تقديم أو قبول أوراق أو مستندات غير التي أودعت مع التقرير، الأمر الذي ينبني عليه أن يكون قرار المحكمة بضم الملفات المنوه عنها في تقرير المخاصمة مخالفاً لصريح نص القانون ومن ثم لا يتعلق به حق الطاعن بعد أن فاته أن يودع مع تقرير المخاصمة الأوراق والمستندات المؤيدة لدعواه، مما يكون معه في غير محله ما ينعاه على الحكم من بطلان في هذا الخصوص، كما أنه لا على المحكمة إذ هي اكتفت في حدود سلطتها الموضوعية بما أبداه أطراف الخصومة أمامها من أقوال وبما احتواه ملف الدعوى من أوراق.
ومن حيث إن السبب الثاني يتحصل في أن الحكم أخطأ في الإسناد وخالف الثابت بالأوراق إذ قالت المحكمة في خصوص التهمة الثانية التي كانت موجهة إلى المتهمين في الدعوى رقم 1470 سنة 1948 جنح بندر دمنهور، وموضوعها تقديم بيانات غير صحيحة عن عملية طحن الغلال وبيع الدقيق، وهي التي قضى المطعون عليه الثالث بسقوط الحق في إقامة الدعوى العمومية عنها بمضي المدة - قالت المحكمة أن إدعاء الطاعن بأن هذه المدة لم تسقط لانقطاعها بالتحقيق الذي أجرته النيابة العامة في 24 من فبراير سنة 1948 هو إدعاء خاطئ لأن هذا التحقيق لم يكن خاصاً بموضوع التهمة المذكورة وإنما بموضوع التهمة الثانية في الدعوى رقم 911 جنح بندر دمنهور سنة 1946 مع أن الثابت بالتحقيق المشار إليه والذي استمر حتى يوم 2 من مارس سنة 1948 وسئل فيه الأستاذ فؤاد جاماتي هو أنه كان خاصاً بذات التهمة التي قالت المحكمة أنه لم يكن خاصاً بها. وهذا الإسناد الباطل كان له أثره في قضائها إذ لو كانت فهمت الأمر على وجهه الصحيح لكان لها رأي آخر فيه.
ومن حيث إن هذا السبب غير مقبول. إذ لم يقدم الطاعن إلى هذه المحكمة صورة رسمية من حكم محكمة جنح بندر دمنهور الصادر في الدعويين رقم 1470 سنة 1948 و911 سنة 1946 ولا صورة رسمية من محضر التحقيق الذي يقول أن النيابة العامة بدأته في 24 من فبراير سنة 1948 واستمرت فيه حتى يوم 2 من مارس سنة 1948 وانقطعت به المدة المسقطة للدعوى العمومية عن التهمة الثانية التي كانت موجهة إلى المتهمين في الدعوى رقم 1470 جنح بندر دمنهور سنة 1948. مما يكون معه النعي بالخطأ في الإسناد ومخالفته الثابت بالأوراق عارياً عن الدليل. أما الصورة العرفية التي قدمها الطاعن عن محضر التحقيق المشار إليه فلا يصح التعويل عليها.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ومن ثم يتعين رفضه.