أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 46 - صـ 1235

جلسة 27 من نوفمبر سنة 1995

برئاسة السيد المستشار/ عبد المنعم وفا نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ علي بدوي نائب رئيس المحكمة، عبد العزيز محمد، منير الصاوي وزهير بسيوني.

(241)
الطعن رقم 6278 لسنة 63 القضائية

(1) عقد "عقد النقل البحري". التزام "التزامات الناقل البحري".
التزام الناقل البحري هو التزام بتحقيق غاية هي تسليم البضاعة المشحونة كاملة وسليمة إلى المرسل إليه في ميناء الوصول أياً كانت الطريقة المتفق عليها في العقد لهذا التسليم. عدم تنفيذه الالتزام خطأ يرتب مسئوليته لا يدرؤها عنه إلا إثبات السبب الأجنبي الذي تنتفي به علاقة السببية.
(2) محكمة الموضوع "سلطتها في فهم الواقع". التزام "انقضاء الالتزام".
سلطة محكمة الموضوع في تقدير ما إذا كانت الواقعة المدعى بها تعتبر سبباً أجنبياً ينتفي به الالتزام وتنقضي به المسئولية. شرطه. إقامة قضاءها على أسباب سائغة تكفى لحمله.
(3) نقل "نقل بحري".
نظام فيو. دلالته.
(4) نقل "نقل بحري". مسئولية. تعويض.
التحديد القانوني لمسئولية الناقل البحري في حالة عدم بيان جنس البضاعة أو قيمتها في سند الشحن والمعتبر حداً أقصى للمسئولية القانونية لما يمكن أن يحكم به عليه. كيفية احتسابه. المادة الثانية من بروتوكول بروكسل لسنة 1968.
5 - تعويض "تقدير قيمته". التزام.
الأصل في الإلزام قضاء بأداء مبلغ من النقود أن يكون بالعملة الوطنية ما لم يكن هناك اتفاق بين الخصوم. (مثال في تعويض).
1 - من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن التزام الناقل البحري هو التزام بتحقيق غاية هي تسليم البضاعة المشحونة كاملة وسليمة إلى المرسل إليه في ميناء الوصول أياً كانت الطريقة المتفق عليها في العقد لهذا التسليم وكان عدم تنفيذ المدين لالتزامه التعاقدي يعتبر خطأ يترتب مسئوليته التي لا يدرؤها عنه إلا إذا أثبت السبب الأجنبي الذي تنتفي به علاقة السببية وهذا السبب قد يكون حادثاً فجائياً أو قوة قاهرة أو خطأ من المضرور أو من الغير.
2 - جرى قضاء محكمة النقض على أن لمحكمة الموضوع تقدير ما إذا كانت الواقعة المدعى بها تعتبر سبباً أجنبياً ينتفي به الالتزام وتنتفي به المسئولية متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله.
2 - سند شحن البضاعة عبارة "Fio" يعني أن الناقل وهو المؤجر في مشارطات الإيجار لا يتحمل مصروفات الشحن والتفريغ فحسب، ولا شأن لهذا النظام بمسئولية الناقل عن تسليم البضاعة المشحونة كاملة وسليمة إلى المرسل إليه في ميناء الوصول.
4 - مؤدى نص المادة الثانية من بروتوكول بروكسل سنة 1968 الخاص بتعديل الاتفاقية الدولية لتوحيد بعض القواعد المتعلقة بسندات الشحن الموقعة في بروكسل عام 1924 المنطبق على واقعة النزاع - أن التحديد القانوني لمسئولية الناقل البحري في حالة عدم بيان جنس البضاعة أو قيمتها في سند الشحن يعتبر حداً أقصى للمسئولية القانونية لما يمكن أن يحكم به عليه وهو مبلغ لا يزيد على ما يعادل عشرة آلاف فرنك عن كل طرد أو وحده أو ثلاثين فرنك عن كل كيلو من الوزن القائم للبضاعة المفقودة أو التالفة أيهما أكبر، والفرنك يعتبر وحدة مكونة من 65.5 ملليجرام من الذهب بدرجة نقاوة عيار 900 في الألف، ولما كان القانون 185 لسنة 1901 قد حدد وزن الذهب الخالص في الجنية بمقدار 2.55187 جرام ابتداء من 19 سبتمبر سنة 1949، وكان من مقتضى الأمر العالي الصادر في 2 من أغسطس سنة 1914، أن يكون للجنيه الورق نفس القيمة الفعلية التي للجنيه الذهب، فإن ما يلزم به الناقل البحري وفقاً لنص المادة الثانية من بروتوكول بروكسل سنة 1968 هو عدد من الجنيهات الورقية مساو لعدد الجنيهات الذهبية المشتملة على ذهب يعادل وزن الذهب الذي يشمل عليه 30 فرنكا فرنسياً عن كل كيلو جرام وذلك على أساس أن وزن الذهب في الجنيه الواحد هو ما حدده القانون رقم 185 لسنة 1951، لما كان ذلك وكان لا جدال بين الطرفين في أن وزن البضاعة التالفة 396679 كيلو فإن التعويض المستحق عنها هو مبلغ 274907 جنيه، ولما كانت القيمة الفعلية للضرر أقل من المبلغ المقدر عن تحديد المسئولية فإنه يتعين إلزام الناقل بقيمة الضرر.
5 - من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الأصل في الإلزام قضاء بأداء مبلغ من النقود أن يكون بالعملة الوطنية وكان الثابت بالأوراق أن الحكم المطعون فيه قد ألزم الطاعنة بأداء قيمة التعويض بالدولار الأمريكي دون أن يكون هناك اتفاق بين الخصوم على أداء التعويض بالعملة الأجنبية فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن........ (المطعون ضدها) أقامت الدعوى رقم 2534 سنة 1987 تجاري كلي إسكندرية ضد الطاعن......... بطلب الحكم بإلزامه بأن يدفع لها مبلغ 138822.42 دولار أمريكي وفوائده القانونية. وقالت بياناً لذلك إنه بموجب سند شحن رقم 3 صادر بميناء الإسكندرية في 29/ 1/ 1984 من منشأة "ساماتور للملاحة" شحنت بالسفينة "سالم أ" المملوكة للطاعن رسالة ألومنيوم بعدد 1352 ربطة وزنها 1235 طن برسم التفريغ في ميناء "روتردام"، لأمر المطعون ضدها، وأنه بوصول السفينة مقصدها وتفريغ الرسالة اعتباراً من 22/ 2/ 1984 تبين أنه لحقها تلف جسيم بالالتواء والانبعاج والخدوش مما أثبته في حينه تقرير خبراء هيئة اللويدز الصادر في 22/ 3/ 1984 وبلغت قيمة هذه الأضرار المبلغ المطالب به ولما لم تُجد المطالبة الودية فقد أقامت الدعوى ندبت المحكمة خبيراً، وبعد أن قدم تقريره حكمت بتاريخ 27/ 5/ 1992 بسقوط الدعوى بالتقادم السنوي. استأنفت الشركة المطعون ضدها هذا الحكم بالاستئناف رقم 1151 سنة 48 ق الإسكندرية وبتاريخ 19/ 5/ 1993 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدفع المبدى من الطاعن بسقوط الدعوى بالتقادم وبإلزامه بأن يؤدي للمطعون ضدها مبلغ 114390 دولار وفوائده القانونية. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب حاصل النعي بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله ومخالفة الثابت بالأوراق وفى بيان ذلك يقول الطاعن إن الحكم قضى بإلزامه بالتعويض أخذاً بتقارير الخبرة المقدمة من المطعون ضدها وتقرير الخبير المنتدب أمام محكمة أول درجة وإذ كانت الأسباب التي أوردها لا تؤدي إلى النتيجة التي استخلصها فقد قال إن الناقل أقر في سند الشحن بسلامة البضاعة المشحونة وأصدر سند شحن خال من التحفظات رغم أن هذا السند تضمن عبارة "Fios" وعبارة تستيف فوب وهو ما يعني أن رسالة التداعي تم تستيفها بمعرفة الشاحن كما أن الثابت من التقارير المشار إليها عدم كفاية التغليف وسوء الرصد والتستيف وأن الرسالة تم شحنها بملاحظات "أن بعض الأحزمة مكسورة" وأن السفينة تعرضت لظروف جوية سيئة خلال الرحلة البحرية ومن ثم فإن التلف المدعى به يكون راجعاً إلى خطأ الشاحن والعيب الذاتي بالبضاعة مما يعتبر أجنبياً تنتفي معه مسئولية الناقل البحري.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان المقرر - في قضاء هذه المحكمة أن التزام الناقل البحري هو التزام بتحقيق غاية هي تسليم البضاعة المشحونة كاملة وسليمة إلى المرسل إليه في ميناء الوصول أياً كانت الطريقة المتفق عليها في العقد لهذا التسليم وكان عدم تنفيذ المدين لالتزامه التعاقدي يعتبر خطأ يترتب مسئوليته التي لا يدرؤها عنه إلا إذا أثبت السبب الأجنبي الذي تنتفي به علاقة السببية وهذا السبب قد يكون حادثاً فجائياً أو قوة قاهرة أو خطأ من المضرور أو من الغير. ولمحكمة الموضوع - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - تقدير ما إذا كانت الواقعة المدعى بها تعتبر سبباً أجنبياً ينتفي به الالتزام وتنقضي به المسئولية متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة تكفى لحمله، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بالتعويض على القول بأن "المحكمة تطمئن.. إلى تقارير الخبرة المقدمة ضمن مستندات المستأنفة..... كما أنها ترى أن تقدير الخبير المنتدب أمام محكمة أول درجة قد استند على أبحاث فنية سليمة ولا يعيبه أنه استخلص نتائجه من تقارير الخبرة المقدمة طالما أن رأى فيها ما يكفيه لأداء مهمته" مما مفاده أن مفاده أن المحكمة اطمأنت للأسس التي أقام عليها الخبير تقريره بشأن التلف المدعى به وهو ما يدخل في سلطتها التقديرية وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أورد بمدوناته "إن تلفاً لحق بالبضاعة وأن الناقل أقر في سند الشحن بسلامة البضاعة المشحونة بإصداره سند شحن خالي ونظيف ولم يكن ما أصاب البضاعة من تلفيات راجعاً إلى ضعف التغليف بل إلى سقوط بعض البضاعة على بعضها الآخر" وهو من الحكم استخلاص موضوعي سائغ له أصله الثابت في الأوراق ويؤدي إلى ما انتهى إليه من نفي وجود السبب الأجنبي وتحقق مسئولية الناقل عن التلف موضوع الدعوى فإن النعي يكون على غير أساس، ولا يغير من ذلك ما تمسك به الطاعن من أن سند شحن البضاعة عبارة "Fio" ذلك أن هذا النظام يعني أن الناقل وهو المؤجر في مشارطات الإيجار لا يتحمل مصروفات الشحن والتفريغ فحسب، ولا شأن لهذا النظام بمسئولية الناقل عن تسليم البضاعة المشحونة كاملة وسليمة إلى المرسل إليه في ميناء الوصول على نحو ما سلف البيان.
وحيث إن حاصل ما ينعاه الطاعن بالسببين الثاني والخامس على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك أمام محكمة الموضوع بأن التعويض يتعين احتسابه وفقاً للمادة الثانية من بروتوكول تعديل معاهدة بروكسل لسندات الشحن لسنة 1968 بمبلغ لا يزيد على ما يعادل عشرة آلاف فرنك عن كل طرد أو وحده أو ثلاثين فرنك عن كل كيلو من الوزن القائم للبضاعة المفقودة أو التالفة أيهما أكبر، ولما كانت قيمة الفرنك المشار إليه في الفقرة (د) من المادة سالفة الذكر تعادل بالعملة المصرية 23.1 مليماً فإن أقصى تعويض تستحقه المطعون ضدها على أساس الطرد أو الوحدة هو مبلغ 61677 ج وعلى أساس الوزن هو مبلغ 274898.54 ج غير أن الحكم أغفل الرد على هذا الدفاع الجوهري الذي قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى واحتسب التعويض بالمخالفة لأحكام البروتوكول المذكور، وجاء قضاءه قائم على فكرة مبهمة وغامضة بخصوص احتساب تحديد المسئولية بمبلغ 773788.45 دولار كما جاء به بشأن الحد الأقصى للمسئولية أن قيمة الفرنك البونكاريه هي 0.98021 دولار ثم أجرى القسمة على 15.057 فرنك بونكاريه، في حين أن أساس هذا التحديد ليس له أصل في الواقع أو القانون مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أن مؤدى نص المادة الثانية من بروتوكول بروكسل سنة 1968 الخاص بتعديل الاتفاقية الدولية لتوحيد بعض القواعد المتعلقة بسندات الشحن الموقعة في بروكسل عام 1924 - المنطبق على واقعة النزاع - أن التحديد القانوني لمسئولية الناقل البحري في حالة عدم بيان جنس البضاعة أو قيمتها في سند الشحن يعتبر حداً أقصى للمسئولية القانونية لما يمكن أن يحكم أن يحكم به عليه وهو مبلغ لا يزيد على ما يعادل عشرة آلاف فرنك عن كل طرد أو وحده أو ثلاثين فرنك عن كل كيلو من الوزن القائم للبضاعة المفقودة أو التالفة أيهما أكبر، والفرنك يعتبر وحدة مكونة من 65.5 ملليجرام من الذهب بدرجة نقاوة عيار 900 في الألف، ولما كان القانون 185 لسنة 1951 قد حدد وزن الذهب الخالص في الجنية بمقدار 2.55187 جرام ابتداء من 19 سبتمبر سنة 1949، وكان من مقتضى الأمر العالي الصادر في 2 من أغسطس سنة 1914، أن يكون للجنيه الورق نفس القيمة الفعلية التي للجنيه الذهب، فإن ما يلزم به الناقل البحري وفقاً لنص المادة الثانية من بروتوكول بروكسل سنة 1968 هو عدد من الجنيهات الورقية مساو لعدد الجنيهات الذهبية المشتملة على ذهب يعادل وزن الذهب الذي يشمل عليه 30 فرنكاً فرنسياً عن كل كيلو جرام وذلك على أساس أن وزن الذهب في الجنيه الواحد هو ما حدده القانون رقم 185 لسنة 1951، لما كان ذلك وكان لا جدال بين الطرفين في وزن البضاعة التالفة 396679 كيلو فإن التعويض المستحق عنها هو مبلغ 274907 جنيه، ولما كانت القيمة الفعلية للضرر أقل من المبلغ المقدر عن تحديد المسئولية فإنه يتعين إلزام الناقل بقيمة الضرر، وإذ خلص الحكم المطعون فيه إلى هذه النتيجة الصحيحة فإنه لا يعيبه ما وقع في أسبابه من تقريرات قانونية خاطئة بالنسبة لكيفية احتساب الحد الأقصى للمسئولية إذ لمحكمة النقض تصحيح ما وقع فيه من أخطاء ويضحى النعي عليه في هذا الخصوص غير منتج.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسببين الثالث والرابع على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفى بيان ذلك يقول إن الحكم قضي بالتعويض بالعملة الأجنبية في حين أنه يمتنع قانوناً الوفاء في مصر بغير العملة المصرية.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أنه لما كان المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن الأصل في الإلزام قضاء بأداء مبلغ من النقود أن يكون بالعملة الوطنية، وكان الثابت بالأوراق أن الحكم المطعون فيه قد ألزم الطاعنة بأداء قيمة التعويض بالدولار الأمريكي دون أن يكون هناك اتفاق بين الخصوم على أداء التعويض بالعملة الأجنبية فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما يوجب نقضه لهذا السبب.
وحيث عن الموضوع صالح للفصل فيه ولما تقدم وكان سعر الدولار طبقاً للبيان المقدم من البنك المركزي المصري في تاريخ وصول السفينة 83.1683 قرشاً فإن التعويض المستحق بالعملة الوطنية يكون 114390 دولار × 83.1683 قرشاً = 95136.21837 ج وهو ما يتعين الحكم به للمطعون ضدها.