أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 46 - صـ 1243

جلسة 27 من نوفمبر سنة 1995

برئاسة السيد المستشار/ عبد المنعم وفا نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ علي بدوي نائب رئيس المحكمة، عبد العزيز محمد، منير الصاوي وزهير بسيوني.

(242)
الطعن رقم 8954 لسنة 64 القضائية

(1) إفلاس "التوقف عن الدفع".
التوقف عن الدفع. هو الذي ينبئ عن مركز مالي مضطرب وضائقة مستحكمة يتزعزع معها ائتمان التاجر وتتعرض بها حقوق دائنيه لخطر محقق أو كبير الاحتمال. امتناع المدين عن الدفع قد لا يعتبر توقفاً بالمعنى سالف بيانه. علة ذلك.
(2) حكم "تسبيب الحكم". نقض "رقابة محكمة النقض".
وجوب بيان الحكم الصادر بالإفلاس. الوقائع المكونة لحالة التوقف عن الدفع حتى تستطيع محكمة النقض أن تراقبها في تكييفها القانوني لهذه الوقائع باعتبار أن التوقف عن الدفع هو أحد الشروط التي يتطلبها القانون لشهر الإفلاس.
(3) حكم "تسبيب الحكم" "ما يعد قصوراً".
عدم مناقشة الحكم دفاع الطاعن من أن توقفه عن الدفع لسبب مشروع ولا ينبئ عن مركز مالي مضطرب. قصور.
1 - التوقف عن الدفع المقصور في المادة 195 من قانون التجارة هو الذي ينبئ عن مركز مالي مضطرب وضائقة مستحكمة يتزعزع معها ائتمان التاجر تتعرض بها حقوق دائنيه لخطر محقق أو كبير الاحتمال، ولئن كان امتناع المدين عن الدفع دون أن تكون لديه أسباب مشروعة يعتبر قرينة في غير مصلحته، إلا أنه قد لا يعتبر توقفاً بالمعنى السالف بيانه إذ قد يكون مرجع هذا الامتناع عذراً طرأ عليه مع اقتداره على الدفع وقد يكون المنازعة في الدين من حيث صحته أو مقداره أو حلول أجل استحقاقه أو انقضائه لسبب من أسباب الانقضاء.
2 - يتعين على محكمة الموضوع أن تفصل في حكمها - الصادر بالإفلاس - الوقائع المكونة لحالة التوقف عن الدفع حتى تستطيع محكمة النقض أو تراقبها في تكييفها القانوني لهذا الوقائع باعتبار أو التوقف عن الدفع هو أحد الشروط التي يتطلبها القانون لشهر الإفلاس.
3 - متى كان الحكم المطعون فيه لم يناقش دفاع الطاعن من أن توقفه عن دفع المبلغ المطالب به كان لسبب مشروع ولا ينبئ عن مركز مالي مضطرب وكان بحث هذا الدفاع على ضوء ما قدمه الطاعن من مستندات من شأنه لو صح - أن يغير وجه الرأي في الدعوى فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوباً بالقصور في التسبيب وفساد الاستدلال فضلاً عن مخالفة القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى رقم 1162 لسنة 1989 إفلاس شمال القاهرة قال فيها إنه يداين........ بمبلغ 34000 جنيه بموجب سندات إذنيه مؤرخه 1/ 4/ 1976 استحقت السداد اعتبار من 1/ 5/ 76 وحتى 1/ 7/ 1978 وقد قام الأخير بتظهير هذه السندات له تظهيراً ناقلاً للملكية وبناء على ذلك أنذر الطاعن بانتقال حق هذه السندات إليه ثم أنذره بالسداد إلا أنه لم يقم بالوفاء فاستصدر أمر أداء برقم 319 لسنة 1984 محكمة شمال القاهرة في 29/ 8/ 1984 بإلزام الطاعن بأن يؤدي له مبلغ 34000 ج وقد أصبح هذا الأمر نهائياً لعدم حصول الطعن عليه وقد أنذره بالوفاء فلم يقم بالسداد لذا طلب المطعون ضده الحكم بإشهار إفلاسه لتوقفه عن دفع قيمة السندات الإذنية واعتبار يوم 1/ 3/ 1983 تاريخ مؤقتاً للتوقف عن الدفع، وبتاريخ 26/ 11/ 1992 حكمت محكمة أول درجة بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في الدعويين رقمي 166 لسنة 1978، 22 لسنة 1980 إفلاس شمال القاهرة، استأنف المطعون ضده الأول هذا الحكم بالاستئناف رقم 3439 لسنة 109 ق القاهرة بتاريخ 26/ 7/ 1994 حكمت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وبإشهار إفلاس الطاعن واعتبار يوم 1/ 3/ 1983 تاريخاً مؤقتاً للتوقف عن الدفع......، طعن الطاعن على هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعن بالسبب الأول منهما على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وفى بيان ذلك يقول أن الحكم اتخذ من مجرد امتناعه عن سداد المبلغ محل النزاع، دليلاً على توقفه عن الدفع دون أن يبين الأسباب التي تسانده فيما انتهي إليه إذ أن مجرد الامتناع عن دفع الدين لا يعتبر توقفاً عن الدفع بالمعنى الذي يتطلبه القانون لإشهار الإفلاس ولكن يجب أن يكشف التوقف عن الدفع عن مركز مالي مضطرب إذ قد يكون التوقف عن الدفع لأسباب مشروعة، وقد أثار الطاعن أمام محكمة الموضوع دفاعاً جوهرياً حاصلة أنه أقام طعناً بالبطلان على أمر الأداء سند المطالبة، وأن امتناعه عن السداد كان مرجعه منازعته في الدين ودلل على ثبات مركزه المالي بمستندات تثبت سداده لملايين الجنيهات، إلا أن الحكم المطعون فيه أغفل الرد على هذا الدفاع ولم يبحث منازعته الجدية في أمر الأداء محل النزاع مكتفياً بتقرير عدم جدية هذه المنازعة بما يشوب الحكم المطعون فيه بالقصور في التسبيب وفساد في الاستدلال فضلاً عن مخالفة القانون.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن التوقف عن الدفع المقصود في المادة 195 من قانون التجارة هو الذي ينبئ عن مركز مالي مضطرب وضائقة مستحكمة يتزعزع معها ائتمان التاجر وتتعرض بها حقوق دائنيه لخطر محقق أو كبير الاحتمال، ولئن كان امتناع المدين عن الدفع دون أن تكون لديه أسباب مشروعة يعتبر قرينة في غير مصلحته، إلا أنه قد لا يعتبر توقفاً بالمعنى السالف بيانه إذ قد يكون مرجع هذا الامتناع عذراً طرأ عليه مع اقتداره على الدفع وقد يكون لمنازعة في الدين من حيث صحته أو مقداره أو حلول أجل استحقاقه أو انقضائه لسبب من أسباب الانقضاء ويتعين على محكمة الموضوع أن تفصل في حكمها - الصادر بالإفلاس - الوقائع المكونة لحالة التوقف عن الدفع حتى تستطيع محكمة النقض أن تراقبها في تكييفها القانوني لهذه الوقائع باعتبار أو التوقف عن الدفع هو أحد الشروط التي يتطلبها القانون لشهر الإفلاس. ولما كان الحكم المطعون فيه قد أورد بمدوناته تبريرا لشهر إفلاس الطاعن قوله "وكان قد توافر شروط شهر الإفلاس في الأوراق من عدم سداد المستأنف ضده الطاعن، الدين المطالب به رغم إنذاره بالسداد فيعد بذلك متوقفاً عن الدفع - ولكون سندات الدين أوراق تجارية والمستأنف ضده تاجر الأمر الذي يتعين معه شهر إفلاسه". وكان يبين من هذا الذي قرره الحكم أنه اتخذ من مجرد امتناع الطاعن عن سداد المبلغ المطالب به دليلاً على توقفه عن الدفع دون أن يبين إن كان هذا التوقف ينبئ عن اضطراب خطير في حالة المدين المالية وتزعزع ائتمانه والأسباب التي يستند إليها في ذلك وهو ما يعجز محكمة النقض عن مراقبة تكييف الوقائع وإنزال حكم القانون عليها في هذا الخصوص، متى كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه لم يناقش دفاع الطاعن من أن توقفه عن دفع المبلغ المطالب به كان لسبب مشروع ولا ينبئ عن مركز مالي مضطرب وكان بحث هذا الدفاع على ضوء ما قدمه الطاعن من مستندات من شأنه لو صح - أن يغير وجه الرأي في الدعوى فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوباً بالقصور في التسبيب وفساد الاستدلال فضلاً عن مخالفة القانون بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث السبب الثاني للطعن