أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 34 - صـ 1369

جلسة 5 من يونيو سنة 1983

برئاسة السيد المستشار محمد البنداري العشري نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم فراج نائب رئيس المحكمة، عبد العزيز فودة، وليم رزق بدوي ومحمد لبيب الخضري.

(268)
الطعن رقم 437 لسنة 50 القضائية

1 - نقض "الخصوم في الطعن" حكم "الطعن في الحكم".
الطعن بالنقض لا يجوز إلا من المحكوم عليه.
2، 3، 4 - دعوى "تكييف الدعوى" "سبب الدعوى". محكمة الموضوع. اختصاص "اختصاص ولائي" نقض.
2 - لمحكمة الموضوع تكييف الدعوى وأن تنزل عليها وصفها الصحيح في القانون. وجوب تقيدها في ذلك بالوقائع والطلبات المطروحة عليها.
3 - فهم الواقع في الدعوى من سلطة محكمة الموضوع. تكييفها لهذا الواقع مسألة قانون. خضوعه لرقابة محكمة النقض.
4 - في عقد الإيجار الاتفاق على مسئولية المستأجر عن هلاك العين المؤجرة لسبب أجنبي كالعمليات الحربية جائز. أثره. وجوب أن تكون على مقتضى هذا الشرط دون المطالبة بالإعانة المقررة بالقانون رقم 44 لسنة 1967 مؤدى ذلك اختصاص المحاكم العادية بنظر المنازعات الناشئة عنه.
5 - نقض "سلطة محكمة النقض".
لمحكمة النقض أن تصحح أسباب الحكم المنطوية على أخطاء قانونية بغير أن تنقضه.
1 - جرى قضاء هذه المحكمة على أنه لا يجوز الطعن في الأحكام إلا من المحكوم عليه. ولما كان الثابت أن الحكم المطعون فيه لم يقضي بشيء على الطاعن الثالث ومن ثم يتعين القضاء بعدم قبول الطعن منه.
2 - جرى قضاء هذه المحكمة على أنه لمحكمة الموضوع تكييف الدعوى بما تتبينه من وقائعها وأن تنزل عليها وصفها الصحيح في القانون غير مقيدة في ذلك إلا بالوقائع والطلبات المطروحة عليها.
3 - لئن كان المقرر أن فهم الواقع في الدعوى من سلطة محكمة الموضوع المطلقة متى كان استخلاصها لما استخلصت سائغاً وله سنده إلا أن تكييفها لهذا الواقع يعتبر من المسائل القانونية التي تخضع فيها لرقابة النقض.
4 - إذ كان الواقع في الدعوى أن المطعون ضده بصفته رفعها مطالباً بالتعويض عن فقد اللنش نتيجة العمليات الحربية استناداً إلى البند الثاني من عقد الإيجار المبرم بينه وبين الطاعن الثاني بصفته والذي نعى على أن يكون للمطعون ضده الحق في التعويض عن فقد أو إصابة إحدى الوحدات المؤجرة أو أفراد طاقمها نتيجة العمليات الحربية وهذا النص الذي يشترط فيه المؤجر على المستأجر مسئولية الأخير عن تلف العين المؤجرة أو هلاكها لسبب أجنبي هو العمليات الحربية صحيح في القانون طبقاً لما يقضي به نصا الفقرة الثانية من المادة 583 والفقرة الأولى من المادة 211 من القانون المدني ومن ثم فلا تكون المطالبة على مقتضاه أساسها الإعانة المقررة بالقانون رقم 44 لسنة 1967 وإنما أساسها الشرط الوارد في عقد الإيجار والذي تجيزه نصوص القانون المدني فتختص المحاكم العادية بنظر المنازعات التي تنشأ منه.
5 - من المقرر أنه لا يبطل الحكم ما يكون قد اشتملت عليه أسبابه من أخطاء قانونية إذ لمحكمة النقض أن تصحح هذه الأسباب بغير أن تنقضه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع تتحصل - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - في أن المطعون ضده بصفته أقام الدعوى رقم 5119 سنة 1976 مدني كلي شمال القاهرة على الطاعنين بصفتهم طالباً إلزامهم متضامنين بأن يدفعوا له مبلغ 12000 جنيه، وقال في بيان دعواه إنه بموجب عقد إيجار مؤرخ 1/ 5/ 1972 استأجر منه الطاعن الثاني بصفته أربعة مراكب من بينها مركب "الحياد" وذلك للعمل مع القوات البحرية في سفاجة وبتاريخ 13/ 6/ 1974 غرق المركب المذكور أثناء قيامه بعمله في ظل سريان عقد الإيجار وقد تحرر عن ذلك المحضر رقم 179 في 7/ 7/ 1974 ولما كان البند الثاني من عقد الإيجار يتضمن حق المؤجر بصفته بالتعويض عن فقد العين المؤجرة أثناء وجودها بيد المستأجر بصفته مما دعاه لإقامة الدعوى بطلباته سالفة الذكر. وبتاريخ 1/ 12/ 1977 ندبت محكمة أول درجة خبيراً وبعد أن قدم تقريره حكمت بجلسة 12/ 3/ 1979..... ثالثاً..... بإلزام الطاعنين متضامنين بأن يدفعوا للطاعن بصفته مبلغ 4500 جنيه - استأنف الطاعنون هذا الحكم بالاستئناف رقم 2547 سنة 96 ق القاهرة وبجلسة 24/ 12/ 1979 حكمت محكمة الاستئناف بتعديل الحكم المستأنف إلى إلزام الطاعنين الأول والثاني بصفتهما بأن يؤديا للمطعون ضده بصفته مبلغ 4500 جنيه، فطعن الطاعنون على هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً، وإذ عرض الطعن على المحكمة منعقدة بغرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إنه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يجوز الطعن في الأحكام إلا من المحكوم عليه - لما كان ذلك - وكان الثابت أن الحكم المطعون فيه لم يقضي بشيء على الطاعن الثالث ومن ثم يتعين القضاء بعدم قبول الطعن منه.
وحيث إن الطعن من الطاعنين الأول والثاني استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعي الطاعنان بها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقولان أن الحكم خالف قواعد الاختصاص الولائي إذ أنه بالنسبة للأضرار الناشئة عن الأعمال الحربية استناداً إلى القانون رقم 44 سنة 1967 المعدل بالقانون رقم 41 سنة 1970 وعملاً بنصوصه فإنه يقوم بحصر الخسائر في النفس أو المال لجان تشكل بقرار من وزير الشئون الاجتماعية لمواجهة تلك الأضرار مما تكون معه الدعوى باعتبارها طعناً على قرار التقدير الصادر من اللجنة الإدارية المختصة منازعة إدارية لا يختص بها القضاء العادي ورغم تمسك الطاعنين في الاستئناف بالدفع بعدم الاختصاص الولائي إلا أن الحكم المطعون فيه التفت عنه، وأضاف الطاعنان بالجلسة أن عقد الإيجار سند المطعون ضده في المطالبة لا يجدي في مخالفة الحكم لقواعد الاختصاص الولائي لأنه عقد إداري واستطردا في تقرير الطعن إلى القول بأن تقدير اللجان الإدارية طبقاً لما ينص عليه القانون رقم 44 لسنة 1967 تقدير نهائي لا يقبل الطعن عليه وإذا كانت المادة الأولى من القانون رقم 11 سنة 1972 قد ألغت المادة 9 من القانون رقم 44 سنة 1967 التي تقضي بذلك وبالتالي فإن تقدير التعويض يخضع لرقابة القضاء فإن هذه الرقابة بالنسبة لقرارات اللجان الإدارية تكون للقضاء الإداري لا للقضاء العادي خاصة وأن الطاعنين تمسكا لدى محكمة الاستئناف بأن المطالبة ليست عن تقدير تعويض وإنما عن تقدير إعانة جوازية من باب تقدير الرعاية الاجتماعية وتقدر بحسب قدرة الدولة المالية ومن ثم فلا يقبل الطعن في التقدير ولكن الحكم المطعون فيه فسر القانون وأوله تأويلاً خاطئاً فشابه قصور في التسبيب يبطله، كما يقول الطاعنان أنهما دفعا بانتفاء الصفة في الدعوى بالنسبة للطاعنين الأول والثاني وبينا أنه إذا كان أساس المطالبة هو القانون رقم 44 سنة 1967 المعدل بالقانون رقم 41 سنة 1970 وليس العقد أو المسئولية العقدية فإن المبالغ التي تصرف كإعانات أو معاشات وفقاً لنصوصه تختص بصرفها وزارة الشئون الاجتماعية وهي التي كان يجب اختصامها ومن ثم تكون المنازعة رفعت على غير ذي صفة بالنسبة للطاعنين الأول والثاني بصفتيهما وإذ ألزمهما الحكم المطعون فيه بأداء المبلغ المحكوم به يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتفسيره.
وحيث إن النعي برمته غير سديد ذلك أنه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لمحكمة الموضوع تكييف الدعوى بما تبينته من وقائعها وأن تنزل عليها وصفها الصحيح في القانون غير مقيدة في ذلك إلا بالوقائع والطلبات المطروحة عليها وأن تكييف الخصوم للدعوى لا يقيد المحكمة ولا يمنعها من فهم الواقع فيها على حقيقته ثم تنزل عليه التكييف القانوني الصحيح هذا ولئن كان المقرر أن فهم الواقع في الدعوى من سلطة محكمة الموضوع المطلقة متى كان استخلاصها لما استخلصت سائغاً وله سنده إلا أن تكييفها لهذا الواقع يعتبر من المسائل القانونية التي تخضع فيها لرقابة النقض كما أنه ليس لمحكمة الموضوع أن تغير من تلقاء نفسها الأساس الذي رفعت بمقتضاه الدعوى - لما كان ذلك - وكان الواقع في الدعوى أن المطعون ضده بصفته رفعها مطالباً بالتعويض عن فقد اللنش نتيجة العمليات الحربية استناداً إلى البند الثاني من عقد الإيجار المبرم بينه وبين الطاعن الثاني بصفته والذي نص على أن يكون للمطعون ضده الحق في التعويض عن فقد أو إصابة إحدى الوحدات المؤجرة أو أفراد طاقمها نتيجة العمليات الحربية وهذا النص الذي يشترط فيه المؤجر على المستأجر مسئولية الأخير عن تلف العين المؤجرة أو هلاكها لسبب أجنبي هو العمليات الحربية صحيح في القانون طبقاً لما يقضي به نصا الفقرة الثانية من المادة 583 والفقرة الأولى من المادة 211 من القانون المدني إذ يجعل النص الأول المستأجر مسئولاً عما يصيب العين المؤجرة أثناء انتفاعه بها من تلف أو هلاك غير ناشئ عن استعمالها استعمالاً مألوفاً ويجيز النص الثاني الاتفاق على أن يكون المستأجر مسئولاً حتى عن السبب الأجنبي ولو كان القوة القاهرة الناشئة عن الأعمال الحربية، ومن ثم فلا تكون المطالبة على مقتضاه أساسها الإعانة المقررة بالقانون رقم 44 لسنة 1967 وإنما أساسها الشرط الوارد في عقد الإيجار والذي يجيزه نصوص القانون المدني فتختص المحاكم العادية بنظر المنازعات التي تنشأ عنه ولا يجدي الطاعنين الإدعاء بأن عقد الإيجار بما تضمنه من الشرط المنصوص عليه في البند الثاني منه عقد إداري لأن الإدعاء بذلك سبب قانوني يخالطه واقع لم يسبق طرحه على محكمة الموضوع ذلك أن للعقد الإداري شروط خاصة يتعين على محكمة الموضوع تبينها والتحقق منها حتى تقول كلمتها في ذلك ومن المقرر أنه لا يقبل لأول مرة في النقض التحدي بسبب قانوني يخالطه واقع لم يسبق عرضه على محكمة الموضوع - لما كان ذلك - فإن الحكم المطعون فيه يكون سليماً في نتيجته التي انتهى إليها من اختصاص المحاكم العادية بنظر الدعوى باعتبار أنها مطالبة بالتعويض عن هلاك العين المؤجرة وهو الأساس الذي رفعت الدعوى بناء عليه ولا يجوز للمحكمة أن تغيره من تلقاء نفسها بأن تجعل أساس المطالبة هو ما نص عليه القانون رقم 44 سنة 1967 في شأن الإعانات والمعاشات والقروض عن الخسائر في النفس والمال نتيجة للأعمال الحربية ومن المقرر أنه لا يبطل الحكم ما يكون قد اشتملت عليه أسبابه من أخطاء قانونية إذ لمحكمة النقض أن تصحح هذه الأسباب بغير أن تنقضه لما كان ما تقدم - وكان العقد الذي تضمن الشرط أساس الدعوى مبرماً بين الطاعن الثاني بصفته نائباً لقائد القوات البحرية للإمداد والإصلاح وهي وحدة إدارية تتبع وزارة الدفاع التي يمثلها الطاعن الأول وبين المطعون ضده ومن ثم فإن الطاعنين المذكورين يكونان مسئولين باعتبارهما مستأجرين عن التعويض المطالب به ولا شأن لوزارة الشئون الاجتماعية بذلك ويكون الحكم المطعون فيما انتهى إليه من رفض الدفع بعدم قبول الطعون لرفعها على غير ذي صفة وبقبولها صحيحاً في القانون ويضحى النعي عليه برمته على غير أساس متعيناً رفضه.