أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 46 - صـ 1252

جلسة 28 من نوفمبر سنة 1995

برئاسة السيد المستشار/ محمود شوقي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أحمد الزواوي، محمد جمال حامد، سعيد شعله نواب رئيس المحكمة وعبد الباسط أبو سريع.

(244)
الطعن رقم 2271 لسنة 59 القضائية

(1، 2) عقد "عقد نقل الأشخاص". نقل "الناقل البري". مسئولية "المسئولية العقدية" "مسئولية أَمين النقل البري عن الأشخاص". إثبات "عبء الإثبات".
(1) عقد نقل الأشخاص. التزام الناقل بموجبه بضمان سلامة الراكب. التزام بتحقيق غاية. إصابة الراكب بضرر أثناء تنفيذ العقد. كفايته لقيام مسئولية الناقل بغير حاجة لإثبات وقوع خطأ من جانبه. لا ترتفع هذه المسئولية إلا بالقوة القاهرة أو خطأ المضرور أو خطأ من الغير لم يكن في مقدور الناقل توقعه أو تفاديه متى كان هذا الخطأ وحده هو سبب الضرر للراكب.
(2) خطأ الحكم القاضي برفض دعوى التعويض استناداً إلى أن إصابة الراكب قد نشأت عن خطأ الغير المتمثل في وقوف الركاب بباب عربة السكك الحديدية وتزاحمهم وتدافعهم حال دخول القطار محطة الوصول. خطأ الغير على هذا النحو كان في مقدور هيئة السكك الحديدية توقعه أو تفاديه باتخاذها الاحتياطات الكفيلة بغلق أبواب القطارات أثناء سيرها مما لا يدرأ عنها المسئولية.
1 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن عقد نقل الأشخاص يلقى على عاتق الناقل التزاماً بضمان سلامة الراكب وهو التزام بتحقيق غاية فإذا أصيب الراكب بضرر أثناء تنفيذ عقد النقل تقوم مسئولية الناقل عن هذا الضرر بغير حاجة إلى إثبات وقوع خطأ من جانبه ولا ترتفع هذه المسئولية إلا إذا أثبت هو أن الحادث نشأ من قوة قاهرة أو خطأ في الراكب المضرور أو خطأ في الغير.
على أنه يشترط في خطأ الغير الذي يعفي الناقل من المسئولية إعفاءاً كاملاً ألآ يكون في مقدور الناقل توقعه أو تفاديه وأن يكون هذا الخطأ وحدة هو الذي سبب الضرر للراكب.
2 - لما كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض دعوى الطاعن على قوله "أنه لم يثبت بالأوراق البتة أن أحداً من العاملين على القطار التابعين لهيئة السكك الحديدية قد وقع منه أي خطأ البتة هذا من جانب ومن جانب آخر فالثابت لهذه المحكمة من الإطلاع على صورة محضر العوارض المحرر عن الحادث أن الخطأ الذي أدى إلى وقوع الضرر ينحصر في خطأ المصاب وغيره من الركاب المتمثل في وقوفهم عند باب عربة القطار حال سيره داخلاً لمحطة الوصول وتزاحمهم تدافعهم مما أدى إلى سقوطه من القطار حال سيره وحدوث إصابته". مؤدى هذا أن الحكم أقام قضاءه على أن الضرر قد نشأ عن خطأ الغير، ولما كانت الهيئة المطعون ضدها لم تتخذ الاحتياطات اللازمة والكفيلة بغلق أبواب القطارات أثناء سيرها وأن لا تفتح إلا بعد الوقوف في محطات الوصول رغم تفشي ظاهرة تدافع الركاب الصاعدين والنازلين من القطارات قبل وقوفها بالمحطات وهو خطأ كان في مقدور الهيئة توقعه وتفاديه مما لا يدرأ عنها المسئولية وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى 3923 لسنة 1985 مدني جنوب القاهرة الابتدائية على الهيئة المطعون ضدها بطلب الحكم بإلزامها بأن تدفع إليه مبلغ عشرين ألف جنيه تعويضاً عما أصابه من أضرار مادية وأدبية نتيجة بتر قدمه اليسرى أثناء نزوله من القطار بمحطة الوصول وحرر عن الواقعة المحضر 51 لسنة 1983 عوارض الإسماعيلية ومحكمة أول درجة حكمت بتاريخ 26/ 12/ 1987 بالتعويض الذي قدرته، استأنف الطرفان هذا الحكم بالاستئنافين 998، 1128 لسنة 105 ق القاهرة وبتاريخ 23/ 3/ 1989 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعُرض الطعن على هذه الحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن حاصل ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب ذلك أنه أقام قضاءه برفض الدعوى على سند من القول بانتفاء مسئولية الهيئة المطعون ضدها لتوافر الخطأ من جانبه ومن الغير لوقوفه على باب العربة قبل توقف القطار في محطة الوصول وتزاحمه مع باقي الركاب وتدافعهم مما أدى لسقوطه وحدوث إصابته في حين أن الهيئة مسئولة عن سلامة الركاب وأن خطأ الغير متوقع ويمكن تفاديه ولم يثبت وقوع خطأ منه مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن عقد نقل الأشخاص يلقى على عاتق الناقل التزاماً بضمان سلامة الراكب وهو التزام بتحقيق غاية فإذا أصيب الراكب بضرر أثناء تنفيذ عقد النقل تقوم مسئولية الناقل عن هذا الضرر بغير حاجة إلى إثبات وقوع خطأ من جانبه ولا ترتفع هذه المسئولية إلا إذا أثبت هو أن الحادث نشأ من قوة قاهرة أو خطأ في الراكب المضرور أو خطأ في الغير، ويشترط في خطأ الغير الذي يعفي الناقل من المسئولية إعفاءاً كاملاً ألا يكون في مقدور الناقل توقعه أو تفاديه وأن يكون هذا الخطأ وحدة هو الذي سبب الضرر للراكب، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض دعوى الطاعن على قوله "أنه لم يثبت بالأوراق البتة أن أحداً من العاملين على القطار التابعين لهيئة السكك الحديدية قد وقع منه أي خطأ البتة هذا من جانب ومن جانب آخر فالثابت لهذا المحكمة من الإطلاع على صورة محضر العوارض المحرر عن الحادث أن الخطأ الذي أدى إلى وقوع الضرر ينحصر في خطأ المصاب وغيره من الركاب المتمثل في وقوفهم عند باب عربة القطار حال سيره داخلاً لمحطة الوصول وتزاحمهم وتدافعهم مما أدى إلى سقوطه من القطار حال سيره وحدوث إصابته". مؤدى هذا أن الحكم أقام قضاءه على أن الضرر قد نشأ عن خطأ الغير، ولما كانت الهيئة المطعون ضدها لم تتخذ الاحتياطات اللازمة والكفيلة بغلق أبواب القطارات أثناء سيرها وأن لا تفتح إلا بعد الوقوف في محطات الوصول رغم تفشي ظاهرة تدافع الركاب الصاعدين والنازلين من القطارات قبل وقوفها بالمحطات وهو خطأ كان في مقدور الهيئة توقعه وتفاديه مما لا يدرأ عنها المسئولية وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون. وقد حجبه ذلك عن بحث دفاع الهيئة المطعون ضدها بأن الحادث وقع نتيجة خطأ الطاعن وحده وهو دفاع جوهري - قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى بما يعيبه كذلك بالقصور ويوجب نقضه.