أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 34 - صـ 1375

جلسة 8 من يونيو سنة 1983

برئاسة السيد المستشار محمود عثمان درويش نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: أحمد صبري أسعد، محمد إبراهيم خليل، أحمد شلبي ومحمد عبد الحميد سند.

(269)
الطعن رقم 365 لسنة 50 القضائية

عقد. التزام "تنفيذ الالتزام".
حق المتعاقد في الامتناع عن تنفيذ التزامه لعدم تنفيذ المتعاقد الآخر ما التزم به. م 161 مدني. لا حاجة لحكم بفسخ العقد.
للمتعاقد في العقود الملزمة للجانبين - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - إذا كانت الالتزامات المتقابلة مستحقة الوفاء، الحق في الامتناع عن تنفيذ التزامه إذا لم يقم المتعاقد الآخر بتنفيذ ما التزم به إعمالاً لنص المادة 161 من القانون المدني من غير حاجة إلى حكم بفسخ العقد.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 767 سنة 1978 مدني أسوان الابتدائية ضد مورث الطاعنين المرحوم...... بطلب الحكم بتسليمه العقار المبين بالأوراق. وقال بياناً للدعوى أنه اشترى منه العقار المذكور بموجب عقد مؤرخ 25/ 4/ 1974 لقاء ثمن مقبوض مقداره 300 جنيه، وقد حكم بصحة ونفاذ ذلك العقد في الدعوى رقم 859 سنة 1977 مدني أسوان الابتدائية غير أنه امتنع عن تسليمه العقار المبيع فأقام الدعوى بطلبه سالف البيان، وبتاريخ 29/ 1/ 1979 حكمت المحكمة بتسليم العقار سالف الذكر للمطعون عليه. استأنف مورث الطاعنين هذا الحكم لدى محكمة استئناف أسيوط (مأمورية أسوان) بالاستئناف رقم 39 سنة 54 ق مدني. وبتاريخ 8/ 12/ 1979 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر، وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعي الطاعنون بالوجه الثاني من السبب الأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والتناقض في التسبيب، وفي بيان ذلك يقولون أن الحكم أقام قضاء بالتسليم على أنهم التزموا برد الثمن إلى المطعون عليه بمقتضى عقد قسمة مبرم بينهم بتاريخ 9/ 5/ 1978 في حياة مورثهم، وأن عدم وفائهم بهذا الالتزام يعد سبباً مشروعاً لنفاذ عقد البيع، وإذ ذهب الحكم المطعون فيه بعد ذلك إلى بطلان عقد القسمة آنف الذكر على سند من القول بأنه يتضمن تعاملاً في تركة إنسان على قيد الحياة في حين أنه تضمن تنازل المطعون عليه عن تنفيذ عقد البيع محل النزاع، وخول الحكم لهذا الأخير حق المطالبة بتنفيذ عقد البيع المذكور قبل أن يحصل على حكم بفسخ عقد القسمة سالف الذكر، فإن الحكم المطعون فيه يكون فضلاً عن خطئه في تطبيق القانون قد شابه التناقص في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن التناقض الذي يعيب الحكم - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو الذي تتماحى به الأسباب بحيث لا يبقى ما يمكن حمل الحكم عليه، لما كان ذلك وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه بتسليم العقار محل النزاع إلى المطعون عليه على ما خلصت إليه محكمة الموضوع في حدود سلطتها في فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة فيها من أن اتفاق الطاعنين الوارد بعقد القسمة آنف الذكر على قسمة عقارات من بينها العقار موضوع النزاع حال حياة مورثهم البائع للمطعون عليه هو اتفاق مستقل عن اتفاقهم مع المطعون عليه بشأن العقار المبيع، وأن الاتفاق الأول لا يعتد به لوروده على تعامل في تركة إنسان على قيد الحياة، بينما التزام المطعون عليه في الاتفاق الثاني برد العقار إلى الطاعنين مشروط بالتزامهم برد الثمن إليه، وهو التزام لم يقم الطاعنون بتنفيذه، لما كان ما تقدم وكان للمتعاقد في العقود الملزمة للجانبين - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - إذا كانت الالتزامات المتقابلة مستحقة الوفاء الحق في الامتناع عن تنفيذ التزامه إذا لم يقم المتعاقد الآخر بتنفيذ ما التزم به إعمالاً لنص المادة 161 من القانون المدني من غير حاجة إلى حكم بفسخ العقد، وكان ما خلصت إليه محكمة الموضوع له أصله الثابت بالأوراق وتحتمله عبارات المحرر سالف الذكر وقد أقامت قضاءها على ما يكفي لحمله، ومن ثم فإن هذا النعي يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالوجه الأول من السبب الأول وبالسببين الثاني والثالث على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقولون أنهم تمسكوا أمام محكمة الموضوع بأن صلحاً قد تم بينهم وبين المطعون عليه بتنازله بعقد القسمة آنف الذكر عن الحكم الصادر لصالحه بصحة ونفاذ عقد البيع موضوع النزاع وإذ أطرح الحكم المطعون فيه هذا الدفاع مع أن هذا العقد يتضمن اشتراطاً لمصلحة الغير إذ بموجبه اشترط الطاعنون على المطعون عليه التنازل عن عقد البيع لمصلحة مورثهم، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد شابه القصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه - حسبما سلف البيان - على أن تنازل المطعون عليه عن عقد البيع محل النزاع والتزامه برد العقار المبيع إلى الطاعنين مشروط بالتزامهم برد الثمن إليه، وهو التزام لم يقم الطاعنون بتنفيذه، لما كان ذلك وكان الطعن قد رفع بتاريخ 3/ 2/ 1980 قبل صدور القانون رقم 218 لسنة 1980 الذي أوجب على قلم كتاب محكمة النقض طلب ضم ملف القضية بجميع مفرداتها، ولم يقدم الطاعنون ما يدل على أنهم أثاروا أمام محكمة الموضوع ما ورد بالنعي من دفاع يخالطه واقع بشأن الاشتراط لمصلحة الغير، فلا يجوز التحدي بذلك لأول مرة أمام محكمة النقض، ومن ثم يكون هذا النعي برمته في غير محله.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.