أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 34 - صـ 1385

جلسة 9 من يونيو سنة 1983

برئاسة السيد المستشار محمود حسن رمضان نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: أحمد ضياء عبد الرازق، محمد رأفت خفاجي، محمد سعيد عبد القادر وماهر قلاده واصف.

(272)
الطعن رقم 510 لسنة 48 القضائية

1، 2 - إيجار "إيجار الأماكن: المزايا الممنوحة للمستأجر". عقد.
1 - الإصلاحات والتحسينات التي يحدثها المؤجر بالعين المؤجرة قبل التأجير. وجوب تقويمها وإضافة مقابلها للأجرة.
2 - التحسينات التي يجريها المؤجر بالعين المؤجرة بعد التأجير وأثناء انتفاع المستأجر - كميزة جديدة - لا سبيل لإلزام المستأجر بمقابل الانتفاع بها. إلا بموافقته. علة ذلك.
1 - من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الإصلاحات والتحسينات الجديدة التي يكون المؤجر قد أدخلها في العين المؤجرة قبل التأجير تقوم ويضاف ما يقابل انتفاع المستأجر بها إلى الأجرة التي تحدد على الأسس التي قررتها تشريعات إيجار الأماكن المتعاقبة.
2 - التحسينات التي يجريها المؤجر في العين المؤجرة بعد التأجير وأثناء انتفاع المستأجر والتي تعتبر ميزة جديدة يوليها له بقصد تسهيل هذا الانتفاع ودون أن تكون ضرورية له، كالمصاعد، فإنه لا سبيل إلى إلزام المستأجر بمقابل الانتفاع بها يضاف إلى الأجرة إلا بموافقته، كما أنه لا يحق له هذا الانتفاع دون أداء مقابله، وذلك كله إعمالاً للأصل العام المقرر بالفقرة الأولى من المادة 147 من القانون من أن "العقد شريعة المتعاقدين فلا يجوز نقضه ولا تعديله إلا باتفاق الطرفين أو للأسباب التي يقررها القانون" مما مؤداه أنه لا يجوز إجبار المستأجر على أداء مقابل هذه الميزة، والتي لم تكن في حسبانه عند التعاقد، مع ما قد تمثله من عبء على كاهله، إلا إذا كان قد طلبها أو وافق عليها، فأصبح بذلك التزامه مقابل الانتفاع بها التزاماً تعاقدياً لا يجوز له التحلل من الوفاء به، أو إذا ثبت أنه انتفع بها وإن لم يكن قد وافق عليها، فعندئذ يقوم مقام ما انتفع به ويلزم بأدائه، وكل ذلك ما لم ينص القانون على إلزام المستأجر بمقابل الانتفاع بهذه الميزة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى رقم 5081 لسنة 1972 مدني كلي شمال القاهرة على الطاعن بطلب الحكم بإلغاء قرار لجنة تقدير الإيجارات الصادر في 29/ 2/ 1972 بإلزامه بأن يؤدي إلى الأخير مبلغ 3.356 جنيهاً شهرياً مقابل انتفاعه بالمصعد. وقال بياناً لدعواه أنه بموجب عقد إيجار مؤرخ في 10/ 1/ 1964 استأجر شقة بالطابق الثاني من العقار المبين بالصحيفة بأجرة سرى عليها التخفيض المقرر بالقانون 7 لسنة 1965، وكان وقتئذ يتكون من أربعة طوابق، وفي عام 1967 اشترى الطاعن العقار وقام بتعليته بإضافة الطابقين الخامس والسادس اللذين خصص ثلاث شقق فيهما لسكناه وأفراد أسرته، ثم قام بتركيب مصعد لينتفع به هو وأسرته على حساب المستأجرين، وطلب إلى لجنة تقدير الإيجارات أن تقدر مقابلاً لاستعماله يضاف إلى الأجرة، فأصدرت اللجنة قرارها المطعون عليه بتقدير مبلغ 2.900 جنيهاً شهرياً يلزم بأدائه للطاعن اعتباراً من 1/ 12/ 1971 مقابل استعمال المصعد ومبلغ 456 مليماً شهرياً اعتباراً من 1/ 1/ 1972 ضريبة إضافية عن هذا الاستعمال، في حين أنه عندما استأجر الشقة التي يسكنها بالعقار لم يكن به مصعد ولم يكن في تقديره احتمال تركيبه أو أن يتحمل مقابلاً لاستعماله، وهو ليس في حاجة إليه لأنه يقيم في الطابق الثاني ولا يرغب في الانتفاع به، وليس للمالك أن يضيف تحسينات بالعين أثناء انتفاع المستأجر، دون موافقته ثم يلزمه بمقابلها. ندبت المحكمة خبيراً، وبعد أن قدم تقريره قضت برفض الدعوى وتأييد قرار اللجنة المطعون فيه, استأنف المطعون ضده هذا الحكم بالاستئناف رقم 2534 لسنة 93 ق القاهرة. وبتاريخ 23/ 1/ 78 قضت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وبإلغاء قرار لجنة تقدير الإيجارات. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعي بهما الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول أن الحكم أقام قضاءه على أن المطعون ضده الأول ليس في حاجة لاستعمال المصعد ولا يرغب في ذلك، ومن ثم لا يلزم بمقابل هذا الاستعمال بغير موافقة منه، كما لا يحق له - من جهة أخرى - الانتفاع به، في حين أن مقابل الانتفاع بالمصعد هو من عناصر تقدير الأجرة القانونية للعين المؤجرة، ومن ثم يتعلق بالنظام العام فيلتزم به المستأجر دون أن يتوقف ذلك على رضائه، ولا يجوز له التحلل من هذا الالتزام، هذا إلى أنه تمسك بأنه كان عليه أن يقوم بتركيب المصعد نظراً لأن قانون التنظيم ألزم مالك العقار عند إنشائه أو تعليته بما يجاوز خمسة طوابق بضرورة تركيبه، على أن يقدر مقابل الانتفاع به على حدة، وإن كان ذلك لا يحتم وجود المصعد عند إنشاء البناء أو شغله لصعوبة توافر الأنواع الصالحة منه، وإذ قضى الحكم المطعون فيه مع ذلك بإلغاء قرار لجنة تقدير الإيجارات بتحديد مقابل الانتفاع بالمصعد فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي بشقيه مردود، ذلك أنه ولئن كان من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن الإصلاحات والتحسينات الجديدة التي يكون المؤجر قد أدخلها في العين المؤجرة قبل التأجير تُقوَّم ويضاف ما يقابل انتفاع المستأجر بها إلى الأجرة التي تحدد على الأسس التي قررتها تشريعات إيجار الأماكن المتعاقبة، إلا أنه بالنسبة للتحسينات التي يجريها المؤجر في العين المؤجرة بعد التأجير وأثناء انتفاع المستأجر، والتي تعتبر ميزة جديدة يوليها له بقصد تسهيل هذا الانتفاع ودون أن تكون ضرورية له، كالمصاعد، فإنه لا سبيل إلى إلزام المستأجر بمقابل الانتفاع بها يضاف إلى الأجرة إلا بموافقته، كما أنه لا يحق له هذا الانتفاع دون أداء مقابله وذلك كله إعمالاً للأصل العام المقرر بالفقرة الأولى من المادة 147 من القانون المدني من أن "العقد شريعة المتعاقدين فلا يجوز نقضه ولا تعديله إلا باتفاق الطرفين أو - للأسباب التي يقررها القانون"، مما مؤداه أنه لا يجوز إجبار المستأجر على أداء مقابل هذه الميزة، والتي لم تكن في حسبانه عند التعاقد، مع ما قد تمثله من عبء على كاهله، إلا إذا كان قد طلبها أو وافق عليها، فأصبح بذلك التزامه بمقابل الانتفاع بها التزاماً تعاقدياً لا يجوز له التحلل من الوفاء به، أو إذا ثبت أنه انتفع بها وإن لم يكن قد وافق عليها، فعندئذ يقوّم مقابل ما انتفع به ويلزم بأدائه، وكل ذلك ما لم ينص القانون على إلزام المستأجر بمقابل الانتفاع بهذه الميزة، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر، وأقام قضاءه على ما حصله من واقع الدعوى من أن المطعون ضده الأول - والذي يسكن بالطابق الثاني من العقار - لم يوافق على الانتفاع بالمصعد وليس في حاجة إليه لأن شقته لا ترتفع عن سطح الأرض إلا بحوالي ستة أمتار وأن الطاعن لم يقم بتركيب المصعد إلا بمناسبة بناء الطابقين الخامس والسادس المخصص معظمهما لسكناه وأفراد أسرته، وكان الحكم قد عرض لما أبداه الطاعن من أنه كان ملزماً قانوناً بتركيب المصعد ورد عليه بقوله "إن قانون رقم 45 لسنة 1962 في شأن تنظيم المباني جاء خلواً من هذا الإلزام وكذلك القرارات الصادرة تنفيذاً له ماعدا القرار رقم 651 لسنة 1970 الصادر في 29/ 10/ 1970 والمعمول به من تاريخ نشره طبقاً للمادة 2 منه..... بينما تاريخ التعاقد على المصعد تم في 21/ 3/ 1970 قبل سريان هذا القرار....." وكان هذا الذي أورده الحكم لا ينطوي على خطأ في تطبيق القانون وله أصله الثابت في الأوراق، فإن النعي عليه بسببي الطعن يكون على غير أساس.
ولما تقدم يتعين القضاء برفض الطعن.