أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 34 - صـ 1398

جلسة 9 من يونيو سنة 1983

برئاسة السيد المستشار محمدي الخولي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: عزت حنورة، محمد مختار منصور، محمد رأفت خفاجي ومحمود نبيل البناوي.

(275)
الطعن رقم 1245 لسنة 49 القضائية

1 - جمعيات.
الحسابات السنوية للجمعيات التعاونية. لا تكون نهائية إلا بتصديق جمعيتها العمومية عليها. م 32 قانون 317 لسنة 1956.
2 - التزام "انقضاء الالتزام: المقاصة القانونية". محكمة الموضوع "مسائل الواقع".
المقاصة القانونية. شرطها. خلو الدين من النزاع الجدي وإن يكون معلوم المقدار. استقلال محكمة الموضوع بتقدير وجه الجد في المنازعة طالما أقامت قضاءها على أسباب سائغة.
1 - يدل نص المادة 32 من القانون رقم 317 لسنة 1956 الخاص بالجمعيات على أن الحسابات السنوية للجمعيات التعاونية لا تكون نهائية إلا بتصديق الجمعية العمومية عليها.
2 - مفاد نص المادة 362 من القانون المدني أن وقوع المقاصة القانونية يستلزم اجتماع شرطين في الدين هما أن يكون خالياً من النزاع الجدي محققاً لا شك في ثبوته في ذمة المدين وأن يكون معلوم المقدار وتقدير وجه الجد في المنازعة من الأمور التي تستقل بها محكمة الموضوع بغير معقب عليها من محكمة النقض طالما أقامت قضاءها على أسباب سائغة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الجمعية التعاونية للنقل بالسيارات بمحافظة البحيرة - المطعون ضدها - استصدرت أمر الأداء رقم 132 سنة 1977 مدني كلي دمنهور بإلزام الطاعن بأن يدفع لها مبلغ 2700 جنيهاً استناداً إلى أن هذا المبلغ كان في عهدته إبان عمله مديراً لها ولم يقم برده، تظلم الطاعن من هذا الأمر بالتظلم رقم 2226 سنة 1977 مدني كلي دمنهور طالباً الحكم بإلغائه وقال بياناً لذلك أنه سبق أن أصدرت الجمعية العمومية للمطعون ضدها قراراً بمنحه مكافأة عن مدة إدارته منفرداً لها وفوضت في تحديدها محافظ البحيرة ولما تأخر عرض أمر تحديد هذه المكافأة على المحافظ أصدر رئيس مجلس إدارة الجمعية قراراً بصرف مبلغ 2500 جنيهاً له من حساب المكافأة حتى يتم عرض أمرها على المحافظ وأجرت الجمعية تسوية هذا المبلغ خصماً مما كان في عهدته من مبالغ وأدرجت هذه التسوية في ميزانيتها ولما كانت ذمته قد برئت تبعاً لذلك من المبلغ المطالب به فقد أقام تظلمه للحكم له بطلباته، بتاريخ 17/ 11/ 1977 قضت المحكمة برفض التظلم، استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية "مأمورية دمنهور" بالاستئناف رقم 308 سنة 33 قضائية طالباً إلغاءه والحكم له بطلباته، ندبت المحكمة خبيراً في الدعوى وبعد أن أودع الخبير تقريره قضت بتاريخ 8/ 4/ 1979 بتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن؛ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعي الطاعن بالوجهين الثاني والثالث من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت بالأوراق والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك يقول أن الثابت من تقرير الخبير أن مكافأته التي حددها رئيس مجلس الإدارة قد تمت تسويتها خصماً من حساب العهدة التي كانت لديه وأدرجت هذه التسوية في ميزانية الجمعية عن سنة 1974 - 1975 وهو ما مؤداه اعتبار هذه التسوية نهائية دون توقف ذلك على اعتماد الجمعية العمومية لتلك الميزانية، وإذ اعتبر الحكم المطعون فيه التسوية غير نهائية من مجرد اعتماد تلك الميزانية من الجمعية العمومية التي لم تنعقد بعد فإنه يكون فضلاً عن فساده في الاستدلال قد خالف الثابت بالأوراق.
وحيث إن هذا النعي مردود, ذلك أن النص في المادة 32 من القانون 317 سنة 1956 الخاص بالجمعيات التعاونية على أن "تعقد الجمعية العمومية السنوية بدعوة من مجلس الإدارة خلال الأربعة أشهر التالية لانتهاء السنة المالية وذلك للتصديق على الحسابات السنوية وعلى تقارير مجلس الإدارة والمفتشين ومراجعي الحسابات السنوية.. وتصدر القرارات بأغلبية أصوات الحاضرين وإذا تساوت الأصوات اعتبر الأمر المعروض مرفوضاً"، يدل على أن الحسابات السنوية للجمعية التعاونية لا تكون نهائية إلا بتصديق الجمعية العمومية عليها، لما كان ذلك وكان البين من الحكم المطعون فيه أن ميزانية الجمعية المطعون ضدها عن سنة 1974/ 1975 - والتي أدرجت تسوية المكافأة المبدئية للطاعن ضمن بنودها - لم يصدق عليها بعد من الجمعية العمومية، فإن الحكم المطعون فيه إذ خلص إلى أن هذه التسوية لم تصبح نهائية بعد يكون استخلاصه سائغاً وله أصله الثابت بالأوراق ومن ثم فإن النعي بهذين الوجهين يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعي بالوجه الأخير من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول أن المراد بخلو الدين من النزاع كشرط لوقوع المقاصة القانونية أن يكون هذا الدين محققاً معلوم المقدار وإذ كان قرار مجلس الإدارة بصرف مكافأته صادراً ممن يملكه وأصبح نهائياً فإن شروط وقوع المقاصة القانونية تكون متوافرة دون اعتداد بالمنازعة غير الجدية التي أثارتها الجمعية المطعون ضدها، وإذ اعتد الحكم المطعون فيه بهذه المنازعة ورتب على ذلك تخلف شروط المقاصة القانونية يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه لما كان مفاد نص المادة 362 من القانون المدني أن وقوع المقاصة القانونية يستلزم اجتماع شرطين في الدين هما أن يكون خالياً من النزاع الجدي محققاً لا شك في ثبوته في ذمة المدين وأن يكون معلوم المقدار، وكان تقرير وجه الجد في المنازعة من الأمور التي تستقل بها محكمة الموضوع بغير معقب عليها من محكمة النقض متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى رفض المقاصة القانونية على قوله "فإنه فضلاً عن أن رئيس مجلس الإدارة الذي وافق بتاريخ 25/ 12/ 1974 على صرف المبلغ - المكافأة المبدئية - غير مفوض في ذلك من قبل الجمعية العمومية وإنما المفوض في التقدير هو محافظ البحيرة الذي لم يصدر قراره بعد في هذا الشأن فإن التسوية التي أجريت هي وعلى ما يبين من الأوراق ومحاضر أعمال الخبير تسوية مؤقتة وليست نهائية وما زالت معلقة على موافقة الجمعية العمومية ولم يثبت حتى الآن أن الجمعية العمومية قد انعقدت وأقرت التقدير والتسوية وميزانية عام 1974 - 1975 فيكون المبلغ المقدر للمستأنف - الطاعن - قيمة المكافأة المبدئية محل نزاع من الجمعية المستأنف عليها - المطعون ضدها - لعدم تعيين مقدار المكافأة من الجهة التي تملك هذا التقدير فلا تكون شروط المقاصة القانونية قد توافرت فيه كدين على الجمعية للمستأنف"، وهي أسباب سائغة تؤدي إلى ما خلص إليه الحكم المطعون فيه من جدية منازعة المطعون ضدها في الدين بما يكفي لحمل قضائه فإن النعي بهذا الوجه يكون جدلاً موضوعياً لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إن الطاعن ينعي بالسبب الأول وبالوجه الأول من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور والخطأ في فهم الواقع وفي بيان ذلك يقول أنه تمسك أمام محكمة الاستئناف بأن قرار مجلس إدارة الجمعية بصرف مكافأة له صادر ممن يملكه قانوناً حيث خولت المادة 42 من قرار وزير النقل رقم 89 سنة 1967 مجلس الإدارة جميع السلطات اللازمة لإدارة الجمعية ولم يخول هذا القرار ولا القانون رقم 317 سنة 1956 الخاص بالجمعيات التعاونية، الجمعية العمومية أية سلطات في هذا الشأن وإذ أغفل الحكم المطعون فيه هذا الدفاع الجوهري إيراداً ورداً وأقام قضاءه على أن الجمعية العمومية قد فوضت المحافظ في تقدير قيمة المكافأة وأن مجلس الإدارة غير مفوض في ذلك، يكون فضلاً عن قصوره قد أخطأ في فهم الواقع في الدعوى.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أنه لما كان الحكم المطعون فيه قد خلص سائغاً - على ما سلف بيانه - إلى تخلف شرطي وقوع المقاصة القانونية وهو ما يكفي لحمل قضائه، فإن هذا النعي - أيّاً كان وجه الرأي فيه - يكون غير منتج.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.