أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 34 - صـ 1440

جلسة 20 من يونيو سنة 1983

برئاسة السيد المستشار محمد إبراهيم الدسوقي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: جهدان حسين عبد الله، محمد رأفت خفاجي، حسين على حسين والحسيني الكناني.

(283)
الطعن رقم 810 لسنة 52 القضائية

1، 2 - إيجار "إيجار الأماكن" "وفاة المستأجر أو تركه العين". محكمة الموضوع.
1 - امتداد عقد الإيجار في حالة وفاة المستأجر أو تركه العين المؤجرة لأقاربه حتى الدرجة الثالثة. شرطه.
2 - استخلاص توافر الإقامة من عدمه من مسائل الواقع. استقلال محكمة الموضوع بتقديرها.
3 - حكم "تسبيبه". إثبات "شهادة الشهود" "القرائن". محكمة الموضوع.
تقدير أقوال الشهود والقرائن واستخلاص الواقع منها. من إطلاقات محكمة الموضوع طالما لم تخرج عن مدلولها وكان استخلاصها سائغاً.
4 - إيجار "إيجار الأماكن" "وفاة المستأجر أو تركه العين" وكالة "الوكالة المستترة".
إبرام رب الأسرة عقد الإيجار ليقيم فيه مع أسرته ليس من شأنه اعتبارهم مستأجرين أصليين. علة ذلك. ثبوت قيام نيابة قانونية بين المستأجر الذي أبرم العقد وآخرين. أثره. اعتبارهم مستأجرين أصليين. مثال.
1 - مؤدى نص المادة 29/ 1 من القانون رقم 49 لسنة 1977 أن المشرع رغبة منه في حماية شاغلي الأماكن المؤجرة ولحل أزمة الإسكان استحدث في المادة المذكورة حكماً يقضي باستمرار عقد الإيجار وامتداده في حالة وفاة المستأجر أو تركه للعين المؤجرة لصالح أقاربه إلى الدرجة الثالثة إذا ثبت إقامتهم مع المستأجر بالعين المؤجرة إقامة مستقرة لمدة سنة على الأقل سابقة على الوفاة أو الترك.
2 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن استخلاص توافر الإقامة من مسائل الواقع التي تستقل بتقديرها محكمة الموضوع دون معقب عليها من محكمة النقض متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة.
3 - تقدير أقوال الشهود واستخلاص الواقع منها هو من إطلاقات محكمة الموضوع ما دام لم تخرج في ذلك عما يؤدي إليه مدلولها ولا مخالفة فيه للثابت بالأوراق واطمئنانها إلى أقوال شاهد دون آخر مرجعه إلى وجدانها، كما أن تقديرها للقرائن القضائية مما تستقل به دون رقابة عليها في تقديرها لقرينة من شأنها أن تؤدي إلى الدلالة التي استخلصتها منها.
4 - إذا كان المستأجر الذي أبرم عقد الإيجار باسمه هو رب الأسرة وكان استئجاره السكن ليقيم فيه مع أفراد أسرته قياماً منه بواجبات أدبية تجاههم وهي واجبات ذات طابع خاص وقابلة للتغيير والتبديل، لا يعني اعتبار هؤلاء الأفراد مستأجرين أصليين مثله، إذ لا توجد في هذه الصورة نيابة حقيقية، فإن الأمر يختلف إذا ثبت قيام هذه النيابة بين المستأجر الذي أبرم عقد الإيجار باسمه وبين آخرين، حتى لو كانت النيابة مستترة على المؤجر وكانت لا تلزم هذا الأخير، إذ أن الوكالة المستترة ترتب في العلاقة بين الموكل والوكيل جميع الآثار القانونية التي ترتبها الوكالة السافرة، ولا يكون الوضع في هذه الحالة مجرد واجبات أدبية على عاتق الوكيل بل التزامات قانونية منشؤها عقد الوكالة. لما كان ذلك وكان المؤجر غير مختصم في الدعوى، وكانت الورقة العرفية المؤرخة.... والمنسوب صدورها إلى..... الذي أبرم عقد الإيجار باسمه تتضمن إقراره بأن جميع منقولات شقة النزاع ملك له ولأخويه.....،....... (الطاعن الأول) حيث قاموا بتأثيثها بالتعاون سويّاً منذ أكثر من عشر سنوات وأن عقد الإيجار كتب باسمه باعتباره الأخ الأكبر، فإن ذلك يعني أنه إنما كان نائباً عن أخويه المذكورين في استئجار الشقة وأنهما يعتبران مستأجرين أصليين لها وأن هذا الإقرار يرتب التزامات قانونية وليست مجرد واجب أدبي. وإذ كانت الورقة التي يتضمنها هذا الإقرار مزيلة بتوقيع منسوب إلى...... وكانت زوجته المطعون ضدها خلفاً عاماً له فإنها تكون حجة عليها بما دون فيها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضدها أقامت الدعوى رقم 816 لسنة 1980 شمال القاهرة الابتدائية على الطاعنين بطلب الحكم بتمكينها بمفردها من الشقة المبينة بالصحيفة ومنقولاتها وإخلاء الطاعنين منها وقالت بياناً لها أنها تزوجت بشقيق الطاعنين المرحوم.... بعقد مؤرخ 24/ 3/ 1970 مصدق عليه من السفارة المصرية ببلغاريا وحضرت معه وعاشا في شقة الزوجية محل النزاع دون سواهما، وفي 29/ 5/ 1979 توفى زوجها، وقد حضر الطاعنان المأتم ورفضا بعد ذلك مبارحة الشقة لذلك أقامت الدعوى، وبتاريخ 29/ 6/ 1980 قضت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات ونفي ما تدون بالمنطوق، وبعد سماع الشهود حكمت بتاريخ 29/ 3/ 1981 بطرد الطاعنين وتمكين المطعون ضدها بمفردها من الشقة بمحتوياتها. استأنف الطاعنان الحكم بالاستئناف رقم 3835 لسنة 98 ق القاهرة. وبتاريخ 23/ 1/ 1982 حكمت المحكمة بتعديل الحكم المستأنف بقصره على تمكين المطعون ضدها بمفردها من شقة النزاع دون الطاعنين وإخلائهما منها. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالوجه الأول من السبب الأول والوجهين الأول والثالث من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك يقولان إن دفاعهما لم يقتصر على أن لهما صفة المستأجر منذ بدءه الإيجار فحسب بل تمسكا أيضاً بنص المادة 29/ 1 من القانون رقم 49 لسنة 1977 والتي تقضي باستمرار عقد الإيجار لأقارب المستأجر إلى الدرجة الثالثة المقيمين معه مدة سنة على الأقل سابقة على وفاته، إلا أن الحكم المطعون فيه خلط بين الأمرين ورتب على انتقاء الأمر الأول انتقاء الأمر الثاني، كما إنه ذهب إلى عدم ثبوت إقامتهما بعين النزاع مدة سنة سابقة على وفاة المستأجر مستنداً في ذلك إلى أقوال شاهدي المطعون ضدها وأقوال زوجة الشاهد الأول في محضر التحقيق الإداري المؤرخ 20/ 8/ 1979 وإلى إقرار المالك رغم أن أقوال الشاهدين متناقضة إذ قرر أولهما إن الطاعن الأول هو الذي يقيم بعين النزاع وقرر الثاني أن الطاعنة الثانية هي التي تقيم بها، كما أن أقوال زوجة الشاهد الأول في التحقيق الإداري تناقض أقوال هذا الشاهد، هذا إلى أن إقرار المالك لا يعد من قبيل الإقرارات القضائية لصدوره من شخص غير مختصم في الدعوى ولم تقدم منه الورقة المتضمنة هذا الإقرار، وهو صاحب مصلحة في إبقاء المطعون ضدها وحدها بالعين وهي أجنبية وليس لها ولد ليحصل على الشقة من بعدها.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أن مؤدى نص المادة 29/ 1 من القانون رقم 49 لسنة 1977 أن المشرع رغبة منه في حماية شاغلي الأماكن المؤجرة ولحل أزمة الإسكان استحدث في المادة المذكورة حكماً يقضي باستمرار عقد الإيجار وامتداده في حالة وفاة المستأجر أو تركه للعين المؤجرة لصالح أقاربه إلى الدرجة الثالثة إذا ثبت إقامتهم مع المستأجر بالعين المؤجرة إقامة مستقرة لمدة سنة على الأقل سابقة على الوفاة أو الترك، وكان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن استخلاص توافر هذه الإقامة من مسائل الواقع التي تستقل بتقديرها محكمة الموضوع دون معقب عليها من محكمة النقض متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة، كما أن تقدير أقوال الشهود واستخلاص الواقع منها هو من إطلاقات محكمة الموضوع ما دام لم تخرج في ذلك عما يؤدي إليه مدلولها ولا مخالفة فيه للثابت بالأوراق وأن اطمئنانها إلى أقوال شاهد دون آخر مرجعه إلى وجدانها، وأن تقديرها القرائن القضائية مما تستقل به دون رقابة عليها في تقديرها لقرينة من شأنها أن تؤدي إلى الدلالة التي استخلصتها منها، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد واجه دفاع الطاعنين إقامتهما بعين النزاع مدة سنة سابقة على وفاة شقيقهما المستأجر وانتهى إلى عدم إقامتهما بها مدة سنة سابقة على وفاته مستخلصاً ذلك من شهادة شاهدي المطعون ضدها وأقوال.... في محضر التحقيق الإداري والمستند المتضمن إقرار المالك، وكان ما استخلصه سائغاً لا خروج فيه عما يؤدي إليه مدلولها ولا مخالفة فيه للثابت بالأوراق فإن النعي لا يعدو أن يكون جدلاً في تقدير محكمة الموضوع للأدلة بغية الوصول في هذا الخصوص إلى نتيجة أخرى غير التي أخذت بها تلك المحكمة وهو ما لا يجوز أمام محكمة النقض.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالوجهين الرابع والخامس من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه بالفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك يقولان إن الحكم استدل من خلو البطاقة التموينية للمورث - المستأجر الأصلي - من اسمي الطاعنين أنه لا يعولهما وبذلك يكون قد أضاف الإعالة شرطاً لم يتطلبه القانون لامتداد عقد الإيجار للأقارب المقيمين مع المستأجر مدة سنة سابقة على الوفاة، كما أنه استند إلى أن إضافة اسم الطاعنة الثانية لهذه البطاقة المؤرخة 28/ 11/ 1967 كان في 14/ 12/ 1978 واستدل من ذلك أن إقامتها مع شقيقها المتوفى لم تمتد مدة سنة سابقة على وفاته، في حين أن التاريخ الصحيح الثابت بهذه البطاقة لإضافة اسمها هو 14/ 12/ 1968.
وحيث إن هذا النعي مردود في وجهه الأخير بأن الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه إنه أورد في هذا الخصوص رداً على دفاع الطاعنة الثانية في صحيفة الاستئناف أن شقيقها المستأجر الأصلي يرعاها "..... هذا بالإضافة إلى دلالة الثابت من البطاقة التموينية التي استخرجها المستأجر الأصلي على ضوء بطاقته الشخصية وما أثبت فيها من مقررات تموينية منذ 28/ 11/ 1967 بما لا يتفق والقول بوجود من يعوله باعتباره مقيماً معه في كنفه" ومن ثم فإن النعي بهذا الوجه لا يرد على محل من قضاء الحكم المطعون فيه، ومردود في وجهه الآخر بأن الحكم وقد أقام قضاءه على أسباب سائغة تكفي لحمله فلا يعيبه ما يكون قد استطرد إليه تزيداً من الاستدلال ببطاقة التموين ويكون النعي بهذا الوجه غير منتج.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالوجه الثاني من السببين الأول والثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك يقولان أنهما قدما ورقة مؤرخة 12/ 1/ 1979 بتوقيع شقيقهما المرحوم....... زوج المطعون ضدها يقر فيها أنه إنما استأجر شقة النزاع باسمه عن نفسه وبصفته نائباًَ عن أشقائه باعتباره الأخ الأكبر، وهو إقرار لم تجحده المطعون ضدها ولم تطعن عليه بأي مطعن، إلا أن الحكم المطعون فيه أهدر هذه الورقة بمقولة أن الأوراق قد خلت من دليل على أن الطاعنين كانت لهما صفة المستأجر الأصلي منذ بدء التعاقد وأنه لم يثبت إقامتهما في شقة النزاع مدة سنة سابقة على تاريخ وفاة المرحوم...... مع أن الورقة المذكورة تعني أن الطاعنين يعتبران مستأجرين أصليين، وبثبوت هذه الصفة لهما لا يثور معها امتداد العقد بعد وفاة المذكور، إذ هما طرفان فيه، فلا علاقة بين ثبوت صفة المستأجر الأصلي وبين الإقامة بالعين.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح بالنسبة للطاعنة الثانية، إذ لم يرد ذكر لاسمها في المحرر المؤرخ 12/ 1/ 1979 وإنما اقتصر على الطاعن الأول وشقيقه.......، وصحيح بالنسبة للطاعن الأول، ذلك أنه إذا كان المستأجر الذي أبرم عقد الإيجار، باسمه هو رب الأسرة وكان استئجاره المسكن ليقيم فيه مع أفراد أسرته قياماً منه بواجبات أدبية تجاههم وهي واجبات ذات طابع خاص وقابلة للتغير والتبديل، لا يعني اعتبار هؤلاء الأفراد مستأجرين أصليين مثله، إذ لا توجد في هذه الصورة نيابة حقيقية، فإن الأمر يختلف إذا ثبت قيام هذه النيابة بين المستأجر الذي أبرم عقد الإيجار باسمه وبين آخرين، حتى لو كانت النيابة مستترة على المؤجر، وكانت لا تلزم هذا الأخير، إذ أن الوكالة المستترة ترتب في العلاقة بين الموكل والوكيل جميع الآثار القانونية التي ترتبها الوكالة السافرة، ولا يكون الوضع في هذه الحالة مجرد واجبات أدبية على عاتق الوكيل بل التزامات قانونية منشؤها عقد الوكالة، لما كان ذلك وكان المؤجر غير مختصم في الدعوى وكانت الورقة العرفية المؤرخة 12/ 1/ 1979 والمنسوب صدورها إلى المرحوم...... الذي أبرم عقد الإيجار باسمه تتضمن إقراره بأن جميع منقولات شقة النزاع ملك له ولأخويه...... و...... (الطاعن الأول) حيث قاموا بتأثيثها بالتعاون سوياً منذ أكثر من عشر سنوات وأن عقد الإيجار كتب باسمه باعتباره الأخ الأكبر، فإن ذلك يعني أنه إنما كان نائباً عن أخويه المذكورين في استئجار الشقة وإنهما يعتبران مستأجرين أصليين لها وأن هذا الإقرار يرتب التزامات قانونية، وليس مجرد واجب أدبي، وإذ كانت الورقة التي يتضمنها هذا الإقرار مزيلة بتوقيع منسوب إلى المرحوم.... وكانت زوجته المطعون ضدها خلفاً عاماً له فإنها تكون حجة عليها بما دوّن فيها، وإذ كانت هذه الورقة تتضمن إقرار غير قضائي مما يترك تقديره لمحكمة الموضوع، إلا أنه يتعين عليها إذ رأت عدم الأخذ به أن تبين الأسباب التي دعتها لذلك، ولما كان الحكم المطعون فيه قد طرح هذا الإقرار بمقولة إن أوراق الدعوى ومستنداتها خلو من دليل على أن الطاعن الأول كانت له صفة المستأجر الأصلي منذ بدء التعاقد فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون، كما أخطأ في قوله أن هذا الإقرار لا يعتد به لعدم ثبوت إقامة الطاعن الأول في شقة النزاع منذ سنة سابقة على تاريخ وفاة المرحوم......، وهو ما يتضمن فساداً في الاستدلال إذ أن عدم الاعتداد بالإقرار غير القضائي إنما يؤسس على وجود ما يكذبه باعتباره إخباراً عن أمر سابق، فإذا كان هذا الإقرار يعني ثبوت صفة المستأجر الأصلي للطاعن الأول، فإن عدم إقامته الفعلية في شقة النزاع لمدة سنة سابقة على تاريخ وفاة شقيقه المرحوم...... لا تعني كذب الإقرار كما لا تعني إنهاء حقه في الإجارة.