أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
السنة الحادية والأربعون - صـ 1094

جلسة 13 من ديسمبر سنة 1990

برئاسة السيد المستشار/ محمد عبد المنعم البنا نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ د. على فاضل حسن وعبد الوهاب الخياط وعبد اللطيف ابو النيل نواب رئيس المحكمة وعمار ابراهيم.

(198)
الطعن رقم 29291 لسنة 59 القضائية

(1) حكم "وضعه والتوقيع عليه واصداره".
عدم رسم القانون شكلا لصياغة الحكم.
(2) مأمور الضبط القضائى. قبض. تفتيش "تفتيش السيارات".
القيود الواردة على حق رجال الضبط القضائى فى اجراء القبض والتفتيش بالنسبة للسيارات. نطاقه ؟
حق مأمورى الضبط القضائى ايقاف السيارات المعدة للايجار للتحقق من عدم مخالفة احكام قانون المرور.
(3) استيقاف. رجال السلطة العامة. محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل".
الاستيقاف. ما هيته ؟
تقدير قيام المبرر للاستيقاف من عدمه. موضوعى.
(4) مأمورو الضبط القضائى. تلبس. محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل".
تقدير قيام أو انتفاء حالة التلبس. موضوعى.
(5) مواد مخدرة. قانون "تفسيره".
لا يشترط لاعتبار الجانى حائزا لمادة مخدرة أن يكون محرزا لها. كفاية أن يكون سلطانه. مبسوطا عليها ولو كان المحرز لها شخصا غيره.
(6) مواد مخدرة. جريمة "اركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". قصد جنائى.
القصد الجنائى فى جريمة احراز أو حيازة المخدر. قوامه العلم بكنه المادة المخدرة.
1 - إن القانون لم يرسم شكلا خاصا يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التى وقعت فيها.
2 - من المقرر أن القيود الواردة على حق رجال الضبط القضائى فى اجراء القبض والتفتيش بالنسبة الى السيارات انما تنصرف الى السيارات الخاصة بالطرق العامة فتحول دون تفتيشها أو القبض على ركابها الا فى الاحوال الاستثنائيه التى رسمها القانون طالما هى فى حيازة اصحابها، اما السيارات المعدة للايجار - كالسيارة التى كان يستقلها الطاعن - فإن من حق مأمورى الضبط القضائى ايقافها اثناء سيرها فى الطرق العامة للتحقق من عدم مخالفة احكام قانون المرور.
3 - من المقرر أن الاستيقاف هو اجراء يقوم به رجل السلطة العامة فى سبيل التحرى عن الجرائم وكشف مرتكبيها ويسوغه اشتباه تبرره الظروف وهو أمر مباح لرجل السلطة العامة إذا ما وضع الشخص نفسه طواعيه منه واختيارا فى موضع الريب والظن، على نحو ينبئ عن ضرورة تستلزم تدخل المستوقف للتحرى والكشف عن حقيقته عملا بحكم المادة 24 من قانون الاجراءات الجنائية، وكان الفصل فى قيام المبرر للاستيقاف أو تخلفه من الامور التى يستقل بتقديرها قاضى الموضوع بغير معقب ما دام لا ستنتاجه ما يسوغه.
4 - ان تقدير توافر حالة التلبس أو عدم توافرها هو من الامور الموضوعية البحت التى توكل بداءة لرجل الضبط القضائى على أن يكون تقديره خاضعا لرقابة سلطة التحقيق تحت اشراف محكمة الموضوع - وفق الوقائع المعروضة عليها - بغير معقب ما دامت النتيجة التى انتهت اليها تتفق منطقيا مع المقدمات والوقائع التى اثبتها فى حكمها.
5 - من المقرر أنه لا يشترط لاعتبار الجانى حائزا لمادة مخدرة أن يكون محرزا للمادة المضبوطة، بل يكفى لاعتباره كذلك أن يكون سلطانه مبسوطا عليها ولو لم تكن فى حيازته المادية أو كان المحرز للمخدر شخصا غيره.
6 - ان القصد الجنائى فى جريمة حيازة المواد المخدرة انما يتوافر بعلم الحائز بأن المادة التى يحرزها هى من المواد المخدرة وكان ما اورده الحكم المطعون فيه تحصيلا لواقعة الدعوى وبيانا لادلة الثبوت وردا على ما اثاره الدفاع كافيا وسائغا فى الدلالة على صلة الطاعن بالمخدر المضبوط وعلى علمه بحقيقته، ولا خروج فيه عن موجب الاقتضاء العقلى والمنطقى، فإن النعى على الحكم فى هذا الصدد يكون غير سديد.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه حاز جوهرا مخدرا (حشيش) وكان ذلك بقصد الاتجار فى غير الاحوالا المصرح بها قانونا. واحالته الى محكمة جنايات قنا لمعاقبته طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الاحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضوريا عملا بالمواد 1/ 1، 2، 37/ 1، 38، 42 من القانون 182 لسنة 1960 المعدل والبند 57 من الجدول رقم 1 المحلق والمستبدل بقرار وزير الصحة رقم 295 لسنة 1976 بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة خمس سنوات وبتغريمه ثلاثة الاف جنيه ومصادرة الجوهر المخدر المضبوط باعتبار أن حيازة المخدر كانت بغير قصد الاتجار أو التعاطى او الاستعمال الشخصى.
فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة حيازة جوهر مخدر بغير قصد الاتجار او التعاطى أو الاستعمال الشخصى قد شابه القصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال والخطأ فى الاسناد ذلك بأنه لم يستظهر بأدلة كافية اركان الجريمة التى دانه بها، ورد على الدفع ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس بما لا يصلح ردا، كما اطرح الدفع بانتفاء صلة الطاعن باللفافة المحتوية على المخدر المضبوط وعدم علمه بكنه محتوياتها بما لايسوغ اطراحه وقد نقل الحكم عن ضابط الواقعة أنه لاحظ تحريك الطاعن لساقيه حركة غير طبيعية اثناء وجوده بالسيارة التى كان يستقلها ولما فتح هو بابها زاد الطاعن من حركة قدميه محاولا دفع علبة ورقية لاختفائها اسفل المقعد الذى كان يجلس عليه في حين أن الضابط وإن شهد في التحقيقات بأن الطاعن كان يحرك قدميه داخل السيارة بصورة اثارت شكوكه الا أنه لم يصف هذه الحركة بانها غير طبيعية كما لم يذكر أن الطاعن كان يحاول دفع علبة ورقية تحت مقعدة وانما قال أنه رأى لفافة تحت المقعد. هذا الى أنه ذكر أن الطاعن هو الذى قام بفتح باب السيارة بقوة محاولا الهرب، كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه فيما أورده بصدد بيان واقعة الدعوى ثم بصدد الرد على الدفع ببطلان القبض والتفتيش قد بين هذه الواقعة بما يجمل فى أن الطاعن كان يستقل سيارة نقل ويجلس بجوار قائدها وعند احدى نقط المرور أوقفها الملازم اول........ للاطلاع على الرخص، وكان الرائد....... رئيس قسم مكافحة المخدرات بمحافظة قنا موجودا بالقرب منه فى مهمة للتحرى عن احد تجار المخدرات, واراد التحقيق من شخصية الطاعن فطالبه بابراز بطاقته الشخصية، ولاحظ أنه قد بدا عليه الارتباك عندما وضع يده بين طيات ملابسه خراج البطاقة، واخذ يحرك ساقيه بصورة غير طبيعية ثم زاد من هذه الحركة مما جعل الضابط يتجه بصره نحو قدميه فرآه يدفع بهما علبة من الورق فى محاولة لاخفائها تحت المقعد الذى كان يجلس عليه، ثم ما لبث ان نزل من السيارة محاولا الهرب فأمسك به الضابط، كلف الملازم اول......... بالتقاط العلبة الورقية التى تركها بالسيارة والتى تبين عند فضها انها تحوى سبع طرب من الحشيش وساق الحكم على ثبوت الواقعة على هذه الصورة ادلة مستمدة من شهادة كل من الرائد....... والملازم اول..... الذين حصل الحكم اقوالها بما يتفق مع بيانه للواقعة، ونقل عنهما أن الطاعن اعترف بحيازته للمخدر المضبوط، كذلك من تقرير المعامل الكيماوية الذى اثبت أن المادة المضبوطة هى لمخدر الحشيش، لما كان ذلك، وكان القانون لم يرسم شكلا خاصا يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التى وقعت فيها وكان مجموع ما اورده الحكم على السياق المتقدم بيانه كافيا لتفهم واقعة الدعوى حسبما استخلصتها المحكمة وتتوافر به جميع الاركان القانونية للجريمة التى دان الطاعن بها، وكانت الادلة التى اوردها الحكم سائغة ومن شأنها أن تؤدى الى ما رتب عليها، فإن ما يثيره الطاعن من عدم استظهار الحكم لاركان الجريمة يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض للدفع ببطلان القبض والتفتيش واطرحه استنادا الى أن الجريمة كانت فى حالة تلبس، وان ما قام به الضابط قبل ذلك كان مجرد استيقاف بعد أن وضع الطاعن نفسه موضع الريب والشبهات بما ظهر عليه من ارتباك ومحاولته دفع العلبة الورقية بقدميه لإخفائها أسفل مقعدة ثم مغادرته السيارة ومحاولا الهرب لمجرد ان ضابط المرور استوقف السيارة النصف نقل التى كان يركبها للاطلاع على الرخص والتحقيق من شخصية راكبيها. وهو اجراء مشروع يبيحه القانون. وما انتهى اليه الحكم فيما تقدم صحيح فى القانون، ذلك أنه لما كان من المقرر أن القيود الواردة على حق رجال الضبط القضائى فى اجراء القبض والتفتيش بالنسبة الى السيارات انما تنصرف الى السيارات الخاصة بالطرق العامة فتحول دون تفتيشها أو القبض على ركابها الا فى الاحوال الاستثنائية التى رسمها القانون طالما هى فى حيازة اصحابها، اما السيارات المعدة للايجار - كالسيارة التى كان يستقلها الطاعن - فإن من حق مأمورى الضبط القضائى ايقافها اثناء سيرها فى الطرق العامة للتحقق من عدم مخالفة احكام قانون المرور. وكان من المقرر كذلك ان الاستيقاف هو اجراء يقوم به رجل السلطة العامة فى سبيل التحرى عن الجرائم وكشف مرتكبيها ويسوغه اشتباه تبرره الظروف، وهو أمر مباح لرجل السلطة العامة إذا ما وضع الشخص نفسه طواعيه منه واختيارا فى موضع الريب والظن، على نحو ينبئ عن ضرورة تستلزم تدخل المستوقف للتحرى والكشف عن حقيقته عملا بحكم المادة 24 من قانون الاجراءات الجنائية، وكان الفصل فى قيام المبرر للاستيقاف أو تخلفه من الامور التى يستقل بتقديرها قاضى الموضوع بغير معقب ما دام لا ستنتاجه ما يسوغه، كما أن تقدير توافر حالة التلبس أو عدم توافرها هو من الامور الموضوعية البحت التى توكل بداءة لرجل الضبط القضائى على أن يكون تقديره خاضعا لرقابة سلطة التحقيق تحت اشراف محكمة الموضوع - وفق الوقائع المعروضة عليها - بغير معقب، ما دامت النتيجة التى انتهت اليها تتفق منطقيا مع المقدمات والوقائع التى اثبتها فى حكمها، وكان الحكم المطعون فيه قد خلص فى منطق سليم واستدلال سائغ وبما يتفق وحكم القانون الى مشروعية ما قام به رجل الضبط القضائى من ايقاف السيارة التى كان يستقلها الطاعن الذى وضع نفسه اثر ذلك موضع الريب على نحو برر استيقافه، وان حالة التلبس ترتبت على مشاهدة الضابط للمخدر فى العلبة بعد أن تخلى عنها الطاعن عند نزوله من السيارة محاولا الهرب. فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون فى غير محله. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد رد على دفاع الطاعن فى شأن عدم علمه بكنه ما تحويه العلبة التى ضبط بها المخدر وانتفاء صلته بها بقوله "وعن الدفع بعدم صلة المتهم الاول (الطاعن) بالعلبة المضبوطة كانت اسفل المتهم وكان يدفعها يقدميه محاولا اخفائها الامر الذى يتوافر معه الركن المادى فى جريمة الاحراز وهو اتصال المتهم اتصالا ماديا بالمخدر المضبوط وانبساط سلطانه عليه. واما عن الدفع بعدم علم المتهم الاول بمحتويات العلبة فلا تساير المحكمة الدفاع فى هذا الشأن ذلك أن محاولة المتهم اخفاء العلبة عن نظر ضابط الواقعة ثم محاولته الفرار بعد النزول من السيارة بخلاف ما بدا عليه من علامات الاتباك جميعها بعلمه بما فى داخل العلبة وان ما بداخلها يشكل حيازته جريمة ولذا حاول اخفاءها ثم حاول الهرب الامر الذى تطمئن معه المحكمة تماما الى المتهم الاول هو الحائز الفعلى لعلبة المخدر المضبوط وانه كان يعلم تمام العلم بما تحويه من مخدر". واذ كان من المقرر أنه لا يشترط لاعتبار الجانى حائزا لمادة مخدرة أن يكون محرزا للمادة المضبوطة، بل يكفى لاعتباره كذلك أن يكون سلطانه مبسوطا عليها ولو لم تكن فى حيازته المادية أو كان المحرز للمخدر شخصا غيره. وكان القصد الجنائى فى جريمة حيازة المواد المخدرة انما يتوافر بعلم الحائز بأن المادة التى يحرزها هى من المواد المخدرة وكان ما اورده الحكم المطعون فيه تحصيلا لواقعة الدعوى وبيانا لادلة الثبوت وردا على ما اثاره الدفاع كافيا وسائغا فى الدلالة على صلة الطاعن بالمخدر المضبوط وعلى علمه بحقيقته، ولا خروج فيه عن موجب الاقتضاء العقلى والمنطقى، فإن النعى على الحكم فى هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان البين من المفردات المضمومة أن ما حصله الحكم من اقوال ضابط الواقعة له صداه واصله الثابت فى الاوراق فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم بدعوى الخطأ فى الاسناد يكون غير صحيح. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير اساس متعينا رفضه موضوعا.