أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
السنة الحادية والأربعون - صـ 1114

جلسة 27 من ديسمبر سنة 1990

برئاسة السيد المستشار/ محمد عبد المنعم البنا نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ الدكتور على فاضل حسن وعبد الوهاب الخياط وعبد اللطيف أبو النيل (نواب رئيس المحكمة) وأحمد جمال عبد اللطيف.

(201)
الطعن رقم 589 لسنة 59 القضائية

(1) محضر الجلسة. حكم "بيانات الديباجة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
ذكر اسم قاض فى الحكم سهوا بدلا من آخر ورد اسمه بمحضر الجلسة. لا عيب.
(2) خيانة امانة. تبديد. قانون "تفسيره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
التسليم فى جريمة خيانة الامانة. يستوى حصوله من المجنى عليه أو من شخص آخر قام بالتسليم لحسابه.
(3) خيانة امانة. تبديد. إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير قيام المانع الأدبى أو انتفاؤه. موضوعى. المجادلة فى ذلك أمام النقض. غير جائزة.
(4) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل".
العبرة فى الاثبات باقتناع القاضى واطمئنانه الى الادلة المطروحة عليه. عدم جواز مطالبته بالأخذ بدليل دون آخر إلا اذا قيده القانون بدليل معين.
(5) خيانة أمانة. تبديد. إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل".
الالتزام بقواعد الاثبات المدنية فى جريمة التبديد. مقصور على اثبات عقد الامانة. حصول الاختلاس أو نفى حصوله أورد الشئ محل عقد الامانة. خضوعه لاقتناع قاضى الموضوع.
(6) إجراءات "إجراءات المحاكمة". إثبات "شهود". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
لا محل للنعى على الحكم عدم استجابة المحكمة لطلب توجيه اليمين الحاسمة. أساس ذلك ؟
النعى على المحكمة قعودها عن إجراء لم يطلب منها. غير جائز.
(7) محكمة ثانى درجة "نظرها الدعوى والفصل فيها".
محكمة ثانى درجة. تحكم على مقتضى الأوراق. لا تجرى من التحقيقات الا ما ترى هى لزوما لاجرائه.
1 - إنه وإن جاء بديباجة الحكم المطعون فيه أنه صدر من هيئة مشكلة من رئيس المحكمة....... القاضيين...... و.......، الا أن البين من محاضر جلسات المحاكمة الاستئنافية أن الهيئة التى سمعت المرافعة فى الدعوى اعتبارا من جلسة 8/ 4/ 1986 وحتى حجزها للحكم بجلسة 29/ 4/ 1986 كانت مشكلة من رئيس المحكمة....... والقاضيين..... و...... وان هذه الهيئة ذاتها هى التى نطقت بالحكم، بجلسة 20/ 5/ 1986 مما يبين منه أن ذكر اسم القاضى...... فى ورقة الحكم بدلا من اسم القاضى......... باعتباره عضو اليمين بتلك الهيئة انما كان وليد سهو وقع فيه الكاتب وهو ما يؤكده ما هو ثابت من المفردات من توقيع القاضي....... على منطوق الحكم المدون برول المحكمة، ومن ثم يكون النعى بصدور الحكم من غير الهيئة التى سمعت المرافعة غير صحيح.
2 - لما كان لا يشترط فى التسليم باعتباره عنصرا فى جريمة خيانة الامانة أن يكون حاصلا من ذات المجنى عليه، وانما يستوى أن يكون حاصلا منه أو من شخص آخر قام بالتسليم لحسابه، وكان الطاعن لا ينازع فى أنه تسلم المال محل الجريمة بناء على عقد من عقود الامانة، فإنه لا جدوى مما يثيره من أن المال لم يسلم اليه من شخص المجنى عليه لأن ذلك بفرض صحته غير مؤثر فى قيام الجريمة.
3 - لما كان من المقرر أن قيام المانع الأدبى أو عدم قيامه هو مما يدخل فى نطاق الوقائع فتقديره متروك لقاضى الموضوع تبعا لوقائع كل دعوى وملابساتها وانه متى أقام الحكم قضاءه بذلك - كما هو الحال فى الدعوى المطروحة - على أسباب مؤدية اليه فلا تجوز المناقشة فى ذلك أمام محكمة النقض. ومن ثم فان النعى على الحكم فى هذا الصدد يكون غير قويم.
4 - الأصل فى المحاكمات الجنائية أن العبرة فى الاثبات هى باقتناع القاضى واطمئنانه الى الادلة المطروحة عليه، وانه لا تصحج مطالبته بالأخذ بدليل دون آخر الا اذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه.
5 - إن ما هو مقرر من وجوب الالتزام بقواعد الاثبات المدنية فى صدد جريمة التبديد انما يقتصر على اثبات عقد الامانة، أما حصول الاختلاس أو نفى حصوله وهو ما يدخل فيه رد الشئ محل عقد الامانة فإن المحكمة لا تتقيد فيه بتلك القواعد رجوعا الى الأصل العام وهو مبدأ حرية القاضى الجنائى فى الاقتناع.
6 - إن ما ينعاه الطاعن من عدم استجابة المحكمة لطلب توجيه اليمين الحاسمة - المنصوص عليها فى المادة 114 من قانون الاثبات فى المواد المدنية والتجارية - الى المدعى بالحقوق المدنية فى شأن واقعة رد مبلغ الامانة لا يكون له محل، اذ لا يعرف قانون الاجراءات الجنائية سوى اليمين المنصوص عليها فى المادة 283 منه والتى يجب أن يحلفها الشاهد قبل اداء الشهادة، وهو ما اكدته المادة 288 من هذا القانون بالنسبة للمدعى بالحقوق المدنية وذلك نصت عليه من أنه يسمع كشاهد ويحلف اليمين، واذ لم يطلب الطاعن سماع شهادة المدعى بالحقوق المدنية طبقا الحكم هذه المادة، فإنه لا يكون له - من بعد - أن ينعى على المحكمة عدم قيامها بهذا الاجراء الذى لم يطلبه منها.
7 - أن محكمة ثانى درجة انما تحكم على مقتضى الأوراق، وانها لا تجرى من التحقيقات الا ما ترى هى لزوما لاجرائه.


الوقائع

أقام المدعى بالحقوق المدنية دعواه بطريق الادعاء المباشر أمام محكمة جنح الشرق ضد الطاعن بوصف انه خان الامانة الموكولة اليه بموجب التوكيل رقم 353 لسنة 1979 عام مصر الجديدة بأنه بدد حق المدعى بالحقوق المدنية فى شركة (........) على غير ارادته ودون توجيه منه وذلك بسوء قصد واضرارا به وطلب عقابه بالمادة 341 من قانون العقوبات والزامه بأن يدفع له مبلغ 101 جنيها على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضوريا عملا بمادة الاتهام بحبس المتهم سنة مع الشغل وكفالة مائة جنيه لوقف التنفيذ والزامه بأن يؤدى المدعى بالحقوق المدنية مبلغ 101 جنيها على سبيل التعويض المؤقت. استأنف المحكوم عليه، ومحكمة بورسعيد الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف والايقاف بالنسبة لعقوبة الحبس لمدة ثلاث سنوات.
فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة خيانة الامانة قد شابه بطلان وخطأ فى تطبيق القانون وأخلال بحق الدفاع ذلك بأنه صدر من غير الهيئة التى سمعت المرافعة، وان الطاعن رغم عدم توافر اركان الجريمة فى حقه ذلك أن المال المدعى بتبديده لم يسلم اليه من شخص المجنى عليه هذا الى أنه رده اليه وأن لم يحصل منه على دليل كتابى بسبب المانع الأدبى المتمثل فى علاقتى القرابة والمصاهره القائمة بينهما والتى لم يعتد بها الحكم رغم اعتداده بها كمبرر بعدم قيام المجنى عليه الغاء التوكيل الصادر منه للطاعن، كما رد الحكم بما لا يصلح ردا على ما تمسك به الطاعن أمام محكمة ثانى درجة من توجيه اليمين الحاسمة إلى المجنى عليه المدعى بالحقوق المدنية فى شأن واقعة الرد، وذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
ومن حيث إنه وإن جاء بديباجة الحكم المطعون فيه أنه صدر من هيئة مشكلة من رئيس المحكمة....... القاضيين...... و........، الا أن البين من محاضر جلسات المحاكمة الاستئنافية أن الهيئة التى سمعت المرافعة فى الدعوى اعتبارا من جلسة 8/ 4/ 1986 وحتى حجزها للحكم بجلسة 29/ 4/ 1986 كانت مشكلة من رئيس المحكمة....... والقاضيين..... و...... وان هذه الهيئة ذاتها هى التى نطقت بالحكم، بجلسة 20/ 5/ 1986 مما يبين منه أن ذكر اسم القاضى....... فى ورقة الحكم بدلا من اسم القاضى..... باعتباره عضو اليمين بتلك الهيئة انما كان وليد سهو وقع فيه الكاتب وهو ما يؤكده ما هو ثابت من المفردات من توقيع القاضي..... على منطوق الحكم المدون برول المحكمة، ومن ثم يكون النعى بصدور الحكم من غير الهيئة التى سمعت المرافعة غير صحيح. لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائى المؤيد لاسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة التبديد التى دان الطاعن بها واورد على ثبوتها فى حقه أدلة سائغة تؤدى الى ما انتهى اليه. وكان لا يشترط فى التسليم باعتباره عنصرا فى جريمة خيانة الامانة أن يكون حاصلا من ذات المجنى عليه، وانما يستوى أن يكون حاصلا منه أو من شخص آخر قام بالتسليم لحسابه، وكان الطاعن لا ينازع فى أنه تسلم المال محل الجريمة بناء على عقد من عقود الامانة، فإنه لا جدوى مما يثيره من أن المال لم يسلم اليه من شخص المجنى عليه لأن ذلك بفرض صحته غير مؤثر فى قيام الجريمة. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لما قام عليه دفاع الطاعن من قيام مانع أدبى حال دون حصوله على دليل كتابى يثبت قيامه برد المال محل الجريمة وأطرحه فى قوله "كما أنه لا يغير من هذا النظر ما ذكره وكيل المتهم من أن الأخير قد سلم المدعى المدنى مبلغ العشرة آلاف جنيه ولكنه لم يحصل على سند مكتوب يفيد ذلك لوجود مانع ادبى بينهما وذلك مردود أيضا بان المانع الأدبى قد افتقد بين الطرفين بعد ما ثار الخلاف بين شقيق المدعى بالحق المدنى - ...... - وبين........ شريك المدعى المدنى والذى ذكر فيه الأول أن شقيقه - المدعى المدنى - طلب منه أن يقوم بادارة الشركة أثناء غيبته فى الخارج ومحاولته الحصول على مفاتيح تلك الشركة ثم شكاية المدعى بالحق المدنى بالمحضر رقم 2624 لسنة 1986 ادارى الشرق والذى ذكر فيها بانه كانت توجد خلافات سابقة بينه وبين شريكة نظراً لانه لم يحصل على ارباحه من الشركة فضلا عن عدم وجود دفاتر حساب منتظمه للشركة كل ذلك يدل على افتقاد الثقة بين الطرفين وبالتالى لم يعد هناك ثمة موانع من الحصول على سند وقد دب الشك فى نفوس الشركاء واستطال النزاع الى اسرتيهما". واذ كان من المقرر أن قيام المانع الأدبى أو عدم قيامه هو مما يدخل فى نطاق الوقائع فتقديره متروك لقاضى الموضوع تبعا لوقائع كل دعوى وملابساتها وانه متى أقام الحكم قضاءه بذلك - كما هو الحال فى الدعوى المطروحة - على أسباب مؤدية اليه فلا تجوز المناقشة فى ذلك أمام محكمة النقض. ومن ثم فان النعى على الحكم فى هذا الصدد يكون غير قويم. لما كان ذلك، وكانت المحكمة - فى حدود سلطتها فى تقدير ادلة الدعوى - قد اقتنعت بعدم صحة ما اثاره الطاعن من قيامه برد المال محل الجريمة، وكان الأصل فى المحاكمات الجنائية أن العبرة فى الاثبات هى باقتناع القاضى واطمئنانه الى الادلة المطروحة عليه، وانه لا تصح مطالبته بالأخذ بدليل دون آخر الا اذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه، وكان ما هو مقرر من وجوب الالتزام بقواعد الاثبات المدنية فى صدد جريمة التبديد انما يقتصر على اثبات عقد الامانة، أما حصول الاختلاس أو نفى حصوله وهو ما يدخل فيه رد الشئ محل عقد الامانة فإن المحكمة لا تتقيد فيه بتلك القواعد رجوعا الى الأصل العام وهو مبدأ حرية القاضى الجنائى فى الاقتناع، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن من عدم استجابة المحكمة لطلب توجيه اليمين الحاسمة - المنصوص عليها فى المادة 114 من قانون الاثبات فى المواد المدنية والتجارية - الى المدعى بالحقوق المدنية فى شأن واقعة رد مبلغ الامانة لا يكون له محل، اذ لا يعرف قانون الاجراءات الجنائية سوى اليمين المنصوص عليها فى المادة 283 منه والتى يجب أن يحلفها الشاهد قبل اداء الشهادة، وهو ما أكدته المادة 288 من هذا القانون بالنسبة للمدعى بالحقوق المدنية وذلك نصت عليه من أنه يسمع كشاهد ويحلف اليمين، واذ لم يطلب الطاعن سماع شهادة المدعى بالحقوق المدنية طبقا الحكم هذه المادة، فإنه لا يكون له - من بعد - أن ينعى على المحكمة عدم قيامها بهذا الاجراء الذى لم يطلبه منها، هذا فضلا عما هو مقرر من أن محكمة ثانى درجة انما تحكم على مقتضى الأوراق، وانها لا تجرى من التحقيقات الا ما ترى هى لزوما لاجرائه. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا مع الزام الطاعن المصاريف المدنية.