أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 46 - صـ 1355

جلسة 11 من ديسمبر سنة 1995

برئاسة السيد المستشار/ عبد المنعم وفا نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ علي بدوي نائب رئيس المحكمة، عبد العزيز محمد، منير الصاوي وزهير بسيوني.

(266)
الطعن رقم 6206 لسنة 64 القضائية

(1، 2) إفلاس. نظام عام. محكمة الموضوع "سلطتها التقديرية".
(1) قواعد الإفلاس اعتبارها من النظام العام لتعلقها بتنشيط الائتمان. حق طلب إشهار الإفلاس للدائن والمدين والمحكمة من تلقاء نفسها. للمحاكم ولو لم يصدر حكم من المحكمة المختصة بشهر الإفلاس أن تستند إلى حالة التوقف عن الدفع لترتب بعض الآثار عليها كتوقيع عقوبات الإفلاس بالتقصير وبالتدليس والطعن في تصرفات المدين وهو ما يعتبر بمثابة إقرار حالة إفلاس فعلي. م 215 من قانون التجارة. تنازل الدائن عن حكم إشهار الإفلاس الذي يصدر بناء على طلبه غير مؤثر على قيام ذلك الحكم وإعمال آثاره. علة ذلك.
(2) الدين الذي يشهر الإفلاس عند التوقف عن دفعه. شرطه أن يكون ديناً تجارياً حال الأداء ومعلوم المقدار وخالياً من النزاع الجدي. على محكمة الموضوع أن تستظهر جميع المنازعات التي يثيرها المدين حول توافر هذه الشروط لتقدير جدية تلك المنازعات وأن تقيم قضائها في هذا الخصوص على أسباب سائغة تكفي لحمله.
1 - جرى قضاء هذه المحكمة أن أحكام قواعد الإفلاس تعتبر من النظام العام لتعلقها بتنشيط الائتمان فقد وضع المشرع نظاماً قائماً بذاته لوحظ فيه حماية حقوق الدائنين مع رعاية المدين حسن النية وأن يكون ذلك تحت إشراف السلطة القضائية ومن أجل ذلك لم يجعل المشرع للدائن وحده حق طلب إشهار إفلاس المدين بل خول ذلك أيضاً للمدين ذاته والمحكمة من تلقاء نفسها كما أجاز بالمادة 215 من قانون التجارة للمحاكم ولو لم يصدر حكم من المحكمة المختصة بشهر الإفلاس أن تستند إلى حالة التوقف عن الدفع لترتب بعض الآثار عليها كتوقيع عقوبات الإفلاس بالتقصير وبالتدليس والطعن في تصرفات المدين وهو ما يعتبر بمثابة إقرار حالة إفلاس فعلي ويترتب على ذلك أن تنازل الدائن عن حكم إشهار الإفلاس الذي يصدر بناء على طلبه غير مؤثر على قيام ذلك الحكم وإعمال آثاره لأنه في حقيقة الأمر لم يصدر لمصلحته فحسب وإنما لمصلحة جميع الدائنين ولو لم يكونوا طرفاً في الإجراءات أو كانوا دائنين غير ظاهرين.
2 - يشترط في الدين الذي يشهر الإفلاس عند التوقف عن دفعه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن يكون ديناً تجارياً حال الأداء ومعلوم المقدار وخالياً من النزاع الجدي وأنه يجب على محكمة الموضوع عند الفصل في طب الإفلاس أن - تستظهر جميع المنازعات التي يثيرها المدين حول توافر هذه الشروط لتقدير جدية تلك المنازعات وأنه لئن كان لها السلطة التامة لتقدير جدية المنازعة في الدين المرفوع بشأنه دعوى الإفلاس وحالة التوقف عن الدفع إلا أن ذلك مشروط بأن تكون قد أقامت قضائها في هذا الخصوص على أسباب سائغة تكفي لحمله وكان الثابت من أوراق الدعوى أن الطاعن نازع المطعون ضدهما الثالث والرابع في دينهما استناداً إلى أنه ليس مديناً لهما بأية مبالغ وطعن بالتزوير على سندات المديونية المقدمة منهما وكان الحكم المطعون فيه إذ التفت عن هذا الدفاع الجوهري بمقوله أن الطعن بالتزوير غير جدي قصد به تعطيل الفصل في الاستئناف وهو ما لا يواجه جوهر دفاع الطاعن الذي من شأنه لو صح أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى فإن الحكم يكون معيباً بالقصور فضلاً عن مخالفة القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام على الطاعن الدعوى رقم 920 لسنة 1989 إفلاس جنوب القاهرة بطلب الحكم بإشهار إفلاسه وتحديد يوم 28/ 2/ 1989 تاريخاً مؤقتاً لتوقفه عن الدفع وذلك استناداً إلى أن الطاعن توقف عن دفع دين له في ذمته، وبتاريخ 14/ 11/ 1990 إجابته لطلبه، استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 2951 لسنة 107 ق القاهرة، وتدخل المطعون ضدهما الثالث والرابع في الاستئناف منضمين إلى المطعون ضده الأول في طلباته استناداً إلى توقف الطاعن عن دفع دين لهما قدره 10000ج، طعن الطاعن بالتزوير على سندات المديونية التي قدمها المتدخلين، وبتاريخ 8/ 3/ 1994 حكمت المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً وبتحديد جلسة لاستكتاب الطاعن، وبعد أن تم الاستكتاب قضت بتاريخ 4/ 5/ 1994 ببطلان الحكم المستأنف وبإشهار إفلاس الطاعن واعتبار يوم 30/ 6/ 1989 تاريخاً مؤقتاً لتوقفه عن الدفع، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب حاصل الثاني منها الخطأ في تطبيق القانون وفى بيان ذلك يقول الطاعن أن الخصومة قد تحددت أمام محكمة أول درجة بينه وبين المطعون ضده الأول، وإذ تنازل الأخير عن الحكم الابتدائي فإن تدخل المطعون ضدهما الثالث والرابع منضمين إليه في الاستئناف يكون غير قائم، ولما كان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وقضي بعد إبطال الحكم الابتدائي لعدم تدخل النيابة العامة بإشهار إفلاسه استناداً لسندات طالبي التدخل التي طرحت لأول مرة في الاستئناف، فإنه يكون قد أنشأ دعوى إفلاس جديدة وفوت عليه درجة من درجات التقاضي.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كانت أحكام قواعد الإفلاس - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - تعتبر من النظام العام لتعلقها بتنشيط الائتمان فقد وضع المشرع نظاماً قائماً بذاته لوحظ فيه حماية حقوق الدائنين مع رعاية المدين حسن النية وأن يكون ذلك تحت إشراف السلطة القضائية ومن أجل ذلك لم يجعل المشرع للدائن وحده حق طلب إشهار إفلاس المدين بل خول ذلك أيضاً للمدين ذاته والمحكمة من تلقاء نفسها كما أجاز بالمادة 215 من قانون التجارة للمحاكم ولو لم يصدر حكم من المحكمة المختصة بشهر الإفلاس تستند إلى حالة التوقف عن الدفع لترتب بعض الآثار عليها كتوقيع عقوبات الإفلاس بالتقصير وبالتدليس والطعن في تصرفات المدين وهو ما يعتبر بمثابة إقرار حالة إفلاس فعلي ويترتب على ذلك أن تنازل الدائن عن حكم إشهار الإفلاس الذي يصدر بناء على طلبه غير مؤثر على قيام ذلك الحكم وإعمال آثاره لأنه في حقيقة الأمر لم يصدر لمصلحته فحسب وإنما لمصلحة جميع الدائنين ولو لم يكونوا طرفاً في الإجراءات أو كانوا دائنين غير ظاهرين، وإذ كان الحكم المطعون فيه لم يترتب أثراً على تنازل المطعون ضده الأول عن الحكم الابتدائي لوجود دائنين آخرين - المطعون ضدهما الثالث والرابع - يسند أن للطاعن التوقف عن دفع دينهما، فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً في هذا الخصوص.
وحيث إن حاصل النعي بالسببين الأول والثالث أن الحكم المطعون فيه شابه البطلان والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع، ذلك أن الطاعن طعن بالتزوير على سندات المديونية التي قدمها المطعون ضدهما الثالث والرابع إلى محكمة الاستئناف، إلا أن المحكمة بالرغم من تحديدها جلسة لاستكتابه اعتمدت في قضائها على هذه المستندات واكتفت في خصوص الطعن بالتزوير بالقول أنه طعن غير جدي قصد به تعطيل الفصل في الاستئناف دون إبداء أسباب ذلك، مما يعيب حكمها بالبطلان والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه لما كان يشترط في الدين الذي يشهر الإفلاس عند التوقف عن دفعه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يكون ديناً تجارياً حال الأداء ومعلوم المقدار وخالياً من النزاع الجدي وأنه يجب على محكمة الموضوع عند الفصل في طب الإفلاس أن تستظهر جميع المنازعات التي يثيرها المدين حول توافر هذه الشروط لتقدير جدية تلك المنازعات، وأنه لئن كان لها السلطة التامة لتقدير جدية المنازعة في الدين المرفوع بشأنه دعوى الإفلاس وحالة التوقف عن الدفع إلا أن ذلك مشروط بأن تكون قد أقامت قضائها في هذا الخصوص على أسباب سائغة تكفي لحمله لما كان ذلك وكان الثابت من أوراق الدعوى أن الطاعن نازع المطعون ضدهما الثالث والرابع في دينهما استناداً إلى أنه ليس مديناً لهما بأية مبالغ وطعن بالتزوير على سندات المديونية المقدمة منهما وكان الحكم المطعون فيه إذ التفت عن هذا الدفاع الجوهري بمقوله أن الطعن بالتزوير غير جدي قصد به تعطيل الفصل في الاستئناف وهو ما لا يواجه جوهر دفاع الطاعن الذي من شأنه لو صح أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى فإن الحكم يكون معيباً بالقصور فضلاً عن مخالفة القانون بما يوجب نقضه لهذا السبب.