أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 39 - صـ 126

جلسة 21 من يناير سنة 1988

برئاسة السيد المستشار/ أحمد مدحت المراغي - نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد رأفت خفاجي - نائب رئيس المحكمة، محمد فؤاد شرباش، محمد محمد طيطه وسامي فرج.

(29)
الطعن رقم 78 لسنة 51 القضائية

(1) دعوى "الصفة في الدعوى". محكمة الموضوع:
التحقيق من صفة رافع الدعوى. استقلال محكمة الموضوع به متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة.
(2) شيوع "إدارة المال الشائع".
إدارة المال الشائع. حق للشركاء مجتمعين. تولي أحدهم الإدارة دون اعتراض الباقين. اعتباره وكيلاً عنهم. المادتان 827، 828 مدني.
(3) إيجار "إيجار الأماكن". "انتهاء الإيجار".
قبول المؤجر للأجرة من الورثة وتحريره إيصال سدادها باسم مورثهم المستأجر لا تعد موافقة منه على قيام علاقة إيجارية جديدة. علة ذلك. انتفاء الموافقة الصريحة أو الضمنية.
(4) إيجار "إيجار الأماكن". "الامتداد القانوني". محكمة الموضوع.
امتداد عقد الإيجار بعد وفاة المستأجر أو تركه العين لصالح زوجته وأولاده ووالديه. م 21 ق 52 لسنة 1969. شرطه. إقامتهم معه إقامة مستقرة حتى الوفاة أو الترك أياً كانت مدة الإقامة أو بدايتها. لقاضي الموضوع تقدير كون الإقامة مستقرة من عدمه.
1 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن التحقق من صفة رافع الدعوى هو تحصيل تستقل به محكمة الموضوع متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة.
2 - مؤدى المادتين 827، 828 من القانون المدني أن إدارة المال الشائع تكون من حق الشركاء مجتمعين ما لم يتفقوا على خلاف ذلك، وإذا تولى أحد الشركاء الإدارة دون اعتراض من البائعين عد وكيلاً عنهم.
3 - قبول المؤجر للأجرة من ورثة المستأجر الأصلي بعد وفاته لا يعتبر بمثابة موافقة منه على قيام علاقة إيجارية جديدة، ما دام قد تحفظ عند الوفاء بها، وحرر إيصال السداد باسم المستأجر الأصلي، إذ تنقضي بذلك الموافقة الصريحة أو الضمنية على قيام تلك العلاقة، وإذ ذهب الحكم المطعون فيه إلى أن الإيصال المؤرخ 1/ 12/ 1978 قد حرر باسم المستأجر الأصلي وأن ذلك لا يعد إقراراً بامتداد عقد الإيجار لورثة المستأجر فإن النعي يكون على غير أساس.
4 - مؤدى نص الفقرة الأولى من المادة 21 من القانون رقم 52 لسنة 1969 أن المشرع رغبة منه في حماية شاغلي الأماكن المؤجرة ولحل أزمة الإسكان استحدث في المادة المذكورة حكماً يقضي باستمرار عقد الإيجار وامتداده في حالة وفاة المستأجر أو تركه العين المؤجرة لصالح زوجته وأولاده ووالديه المقيمين معه وقت الوفاة أو الترك، ويشترط لكي يتمتع أي من هؤلاء بميزة الامتداد أن تثبت له إقامة مستقرة مع المستأجر بالعين المؤجرة، أياً كانت مدتها وأياً كانت بدايتها بشرط أن تستمر حتى تاريخ الوفاة أو الترك، ومن المقرر أن الفصل في كون الإقامة مستقرة من عدمه من مطلق سلطة قاضي الموضوع متى أقام قضاءه على أسباب سائغة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدهما أقاما الدعوى رقم 1859 سنة 1979 مدني كلي القاهرة على الطاعنين للحكم بانتهاء عقد الإيجار المؤرخ 28/ 4/ 1945 وإخلاء الشقة المبينة بالصحيفة وطرد الطاعنين منها والتسليم، وقالا في بيانها أن مورث الطاعنين استأجر الشقة محل النزاع بموجب عقد الإيجار سالف البيان، إلا أنه أقام في مسكن آخر مع زوجته وأولاده - الطاعنين - حتى توفي في 26/ 5/ 1977، فيكون عقد استئجاره للشقة محل النزاع قد انتهى بوفاته، فأقام الدعوى، أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق، وبعد سماع الشهود حكمت بإنهاء عقد الإيجار المؤرخ 28/ 4/ 1945، وألزمت الطاعنين بتسليم الشقة محل النزاع للمطعون ضدهما. استأنف الطاعنون عدا الأولى هذا الحكم بالاستئناف رقم 2588 سنة 97 ق القاهرة، وبتاريخ 17/ 11/ 1980 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بعدم جواز الطعن بالنقض من الطاعنة الأولى، وبرفض الطعن بالنسبة لباقي الطاعنين، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة، حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن المحامي الذي رفع الطعن بالنقض لم يقدم التوكيل الصادر له من الطاعنة الأولى حتى إقفال باب المرافعة في هذا الطعن ومن ثم يكون الطعن المقام من الطاعنة الأولى غير مقبول للتقرير به من غير ذي صفة.
وحيث إن الطعن بالنسبة لباقي الطاعنين قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعى الطاعنون بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك يقولون أن الحكم أقام قضاءه برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة على ما استخلصه من شهادتي ميلاد المطعون ضدهما من أنهما ولدي المؤجر، في حين أنه كان يجب على المحكمة أن تكلفهما بتقديم الإعلام الشرعي المثبت لوفاة مورثهما، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن التحقق من صفة رافع الدعوى هو تحصيل تستقل به محكمة الموضوع متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة. وكان مؤدى نص المادتين 827، 828 من القانون المدني أن إدارة المال الشائع تكون من حق الشركاء مجتمعين ما لم يتفقوا على خلاف ذلك، وإذا تولى أحد الشركاء الإدارة دون اعتراض من الباقين عد وكيلاً عنهم، لما كان ذلك، وكان الحكم قد أثبت وفاة مورث المطعون ضدهما - المؤجر - مما جاء بشهادة الوفاة المؤرخة 7/ 8/ 1975، واستخلص من شهادتي ميلاد المطعون ضدهما أنهما ولدي المؤجر المذكور، وهي أسباب سائغة للتحقق من صفتهما، ولا يغير من ذلك أن يكون هناك ورثة آخرون للمؤجر إذا أن سكوتهم وعدم اعتراضهم على رفع الدعوى وهي من أعمال الإدارة، عد المطعون ضدهما وكيلين عنهم، ومن ثم فإن النعي يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقولون أنهم تمسكوا أمام محكمة أول درجة بأن عقد الصلح المؤرخ 2/ 8/ 1953 أضاف إلى الغرض من استعمال العين المؤجرة للسكنى المحدد في عقد الإيجار عرضاً آخر هو استعمالها في نشاط مهني، ومن ثم يمتد عقد الإيجار بعد وفاة المستأجر الأصلي لصالح ورثته وشركائه عملاً بالمادة 29/ 2 من القانون رقم 49 لسنة 1977، إلا أن الحكم المطعون فيه أغفل الرد على هذا الدفاع الجوهري الذي يتغير به وجه الرأي في الدعوى مما يعيبه بالقصور الذي أدى به إلى الخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه ولئن كان مورث المطعون ضدهما - المؤجر - قد صرح لمورث الطاعنين - المستأجر - باستغلال الشقة محل النزاع مكتباً هندسياً علاوة على استعمالها للسكنى إلا أن الثابت من الحكم الابتدائي أن الأخير قد أخطر المؤجر المذكور في 8/ 3/ 1955 بأنه أنهى استغلال العين المؤجرة في مزاولة النشاط المهني وأنه يطلب إعادة استعمالها للسكنى كما كانت، ولم يطعن هو أو ورثته - الطاعنون - على هذا الإخطار بأي مطعن، ومن ثم يكون النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقولون أنهم تمسكوا أمام محكمة الموضوع بأن المطعون ضدهما قد قبلا منهم أجرة الشقة محل النزاع بموجب الإيصال المؤرخ 1/ 12/ 1978 عن المدة من 1/ 1/ 1979 حتى 30/ 6/ 1979 وهي مدة لاحقة لعلمها بوفاة مورثهم على النحو الثابت بصحيفة الدعوى، ولاحقه لرفعها، مما يعتبر إقراراً منهما بامتداد عقد الإيجار إليهم، وقد رد الحكم المطعون فيه على دفاعهم بأن الإيصال مؤرخ 1/ 12/ 1978 وأنه صادر باسم المستأجر الأصلي مورث الطاعنين. مما يعيب الحكم المطعون فيه ويوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن قبول المؤجر للأجرة من ورثة المستأجر بعد وفاته، لا يعتبر بمثابة موافقة منه على قيام علاقة إيجارية جديدة، ما دام قد تحفظ عند الوفاء بها، وحرر إيصال السداد باسم المستأجر الأصلي، إذ تنتفي بذلك الموافقة الصريحة أو الضمنية على قيام تلك العلاقة، وإذا ذهب الحكم المطعون فيه إلى أن الإيصال المؤرخ 1/ 12/ 1978 قد حرر باسم المستأجر الأصلي وأن ذلك لا يعد إقراراً بامتداد عقد الإيجار لورثة المستأجر فإن النعي بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقولون أن ظروف المرض أجبرت مورثهم المستأجر الأصلي على الإقامة في مسكن والدة زوجته، وكان ذلك على سبيل الاستضافة، ومن ثم فإن إعلانه بالأوراق القضائية في هذا المسكن، وتشييع جنازته منه لا يصلح دليلاً على إقامته وورثته فيه على سبيل الاستقرار، ولا يحول دون تمسكهم بشقة النزاع وامتداد عقد الإيجار إليهم إذ لا يعتبر ذلك احتجازاً لأكثر من مسكن، وإذ اعتد الحكم المطعون فيه بتلك الإقامة فإنه يكون معيباً بما يوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مؤدى نص الفقرة الأولى من المادة 21 من القانون رقم 52 لسنة 1969 أن المشرع رغبة منه في حماية شاغلي الأماكن المؤجرة ولحل أزمة الإسكان، استحدث في المادة المذكورة حكماً يقضي باستمرار عقد الإيجار وامتداده في حالة وفاة المستأجر أو تركه العين المؤجرة لصالح زوجته وأولاده ووالديه المقيمين معه وقت الوفاة أو الترك، ويشترط لكي يتمتع أي من هؤلاء بميزة الامتداد أن تثبت له إقامة مستقرة مع المستأجر بالعين المؤجرة أياً كانت مدتها وأياً كانت بدايتها بشرط أن تستمر حتى تاريخ الوفاة أو الترك، وكان من المقرر أيضاً أن الفصل في كون الإقامة مستقرة من عدمه من مطلق سلطة قاضي الموضوع متى أقام قضاءه على أسباب سائغة، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بإنهاء عقد إيجار الشقة محل النزاع على ما قرره شاهد المطعون ضدهما من أن الطاعنين لم يقيموا بها حتى وفاة مورثهم فينتهي بذلك عقد استئجارها، حتى ولو لم يكن لهم مسكن آخر بمدينة القاهرة، فإنه يكون قد أعمل صحيح حكم القانون، هذا إلى أن الحكم لم يعول في قضائه على احتجاز المستأجر أو ورثته الطاعنين لمسكن آخر، ومن ثم فإن النعي في شقه الأخير لا يصادف محلاً من قضائه، ويكون غير مقبول.
لما تقدم يكون الطعن برمته على غير أساس ويتعين نقضه.