أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 34 - صـ 1455

جلسة 21 من يونيو سنة 1983

برئاسة السيد المستشار عبد العزيز عبد العاطي إسماعيل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: يحيى العموري، محمد المرسي فتح الله نائبي رئيس المحكمة، أحمد كمال سالم وسعد بدر.

(286)
الطعن رقم 1350 لسنة 49 القضائية

1 - دعوى "قيمة الدعوى". اختصاص "اختصاص قيمي".
تقدير قيمة الدعوى. العبرة بقيمة الحق المدعى به. وجوب مراعاة الضوابط الواردة في قانون المرافعات.
2 - شفعة "دعوى الشفعة". اختصاص "الاختصاص القيمي". دعوى "تقدير قيمة الدعوى".
دعوى الشفعة. تقدير قيمتها بالثمن الحقيقي الذي حصل به البيع دون قيمة العقار. بيع العين المشفوعة بعقدي بيع. أثره. وجوب تقدير قيمتها بقيمة كل عقد على حده.
1 - الأصل في تقدير قيمة الدعوى أنها تقدر بقيمة الطلب المدعى به أي الحق الذي يتمسك به المدعي أو الالتزام الذي يطالب خصمه بأدائه أو المركز القانوني المطلوب تقريره وذلك مع مراعاة ما وضعه المشرع - في قانون المرافعات - من ضوابط وقواعد في هذا الصدد باعتبار أن قيمة الدعوى يتحدد على أساسها الاختصاص النوعي ونصاب الاستئناف وكلاهما من الأمور المتعلقة بالنظام العام.
2 - المقرر - وعلى ما جرى به قضاء النقض - أن الطلب المدعي به في دعوى الشفعة هو الحق في أخذ العقار المبيع إلى الغير والحلول فيه محل المشتري وذلك في مقابل الثمن الحقيقي الذي حصل الاتفاق عليه بين البائع والمشتري، قلّ هذا الثمن عن قيمة العين الحقيقية وقت البيع أو زاد عليه، ويعتبر الثمن الوارد في العقد هو الثمن الحقيقي إلى أن يثبت الشفيع صوريته، وأنه إذا كانت العين المشفوعة قد بيعت بموجب عقدي بيع فإن الحق في الشفعة باعتبارها سبب من أسباب الملكية يثبت لكل عقد منها على استقلال ومن ثم فإن الدعوى بطلب أخذ المبيع بالشفعة تقدر باعتبار قيمة كل منها على حدة مما مفاده أن قيمة دعوى الشفعة لا تقدر بقيمة العقار ذاته بل بقيمة الثمن الحقيقي الذي حصل به البيع وباعتبار أن المدعي الشفيع يحل بموجب هذا الحق محل المشتري في ذلك التعاقد والذي يعد بهذه المثابة سنداً لملكية الشفيع للعقار المشفوع فيه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 354 سنة 1973 مدني كلي سوهاج ضد المطعون ضدهم بطلب الحكم بأحقيته في أخذ العقار المبيع بالشفعة والمبين الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى وبإنذار إبداء الرغبة في الشفعة لقاء ثمن قدره 300 جنيه والمصاريف الاحتمالية التي تثبت فعلاً أنها صرفت لإتمام الصفقة وحلوله فيها محل المشترين - المطعون ضدهم من الرابع للسادس - وتسليمها له بما عليها من زراعة وقت التسليم، قضت محكمة الدرجة الأولى بسقوط حق الطاعن في أخذ العقار المبيع بالشفعة لعدم إيداعه الثمن الحقيقي للعقار هو مبلغ 500 جنيه والذي أنحسم الخلاف فيه بحلف المطعون ضدهم اليمين الحاسمة الموجهة إليه من الطاعن بشأنه، استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 289 سنة 53 قضائية أسيوط "مأمورية سوهاج" وقد دفع المطعون ضدهم الثلاثة الأول باعتبار الاستئناف كأن لم يكن لعدم إعلان صحيفته خلال ثلاثة شهور من تاريخ تقديمها لقلم الكتاب، كما دفع باقي المطعون ضدهم بعدم جواز الاستئناف لقلة النصاب، وبتاريخ 21/ 4/ 1979 قضت محكمة الاستئناف بعدم جواز الاستئناف على اعتبار أن قيمة العقار المشفوع فيه إنما تقدر طبقاً لنص المادة 37 مرافعات بمبلغ 71.460 جنيهاً طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، قدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه للسببين الثاني والثالث عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ومخالفته وفي بيان ذلك يقول إنه إذا كان القانون قد أوجب على الشفيع بنص المادة 492/ 2 من القانون المدني أن يودع خلال ثلاثين يوماً من إعلان الرغبة بالأخذ بالشفعة في خزانة المحكمة الكائن في دائرتها العقار كل الثمن الحقيقي الذي حصل به البيع دون قيمة العقار محسوباً طبقاً لنص المادة 37 مرافعات بما مفاده أن دعوى الشفعة إنما تقدر وقت رفعها لقيمة العقار الواردة في عقد البيع، وإذ احتسب الحكم المطعون فيه قيمة عقار النزاع طبقاً للمادة 37 من قانون المرافعات وقضى بعدم جواز الاستئناف لقلة النصاب فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أنه لما كان الأصل في تقدير قيمة الدعوى إنما تقدر بقيمة الطلب المدعى به أي الحق الذي يتمسك به المدعي أو الالتزام الذي يطالب خصمه بأدائه، أو المركز القانوني المطلوب تقريره وذلك مع مراعاة ما وضعه المشرع في قانون المرافعات من ضوابط وقواعد في هذا الصدد باعتبار أن قيمة الدعوى يتحدد على أساسها الاختصاص النوعي ونصاب الاستئناف - وكلاهما من الأمور المتعلقة بالنظام العام - وكان من المقرر - وعلى ما جرى به قضاء النقض - أن الطلب المدعي به في دعوى الشفعة هو الحق في أخذ العقار المبيع إلى الغير والحلول فيه محل المشتري وذلك في مقابل الثمن الحقيقي الذي حصل الاتفاق عليه بين البائع والمشتري - قل هذا الثمن عن قيمة العين الحقيقية وقت البيع أو زاد عليه - ويعتبر الثمن الوارد في العقد هو الثمن الحقيقي إلى أن يثبت الشفيع صوريته، وأنه إذا كانت العين المشفوعة قد بيعت بموجب عقدي بيع فإن الحق في الشفعة باعتبارها سبباً من أسباب الملكية يثبت لكل عقد منها على استقلال ومن ثم فإن الدعوى بطلب أخذ المبيع بالشفعة تقدر باعتبار قيمة كل منها على حده - مما مفاده أن قيمة دعوى الشفعة لا تقدر بقيمة العقار ذاته بل بقيمة الثمن الحقيقي الذي حصل به البيع وباعتبار أن المدعي الشفيع يحل بموجب هذا الحق محل المشتري في ذلك التعاقد والذي يعد بهذه المثابة سنداً لملكية الشفيع للعقار المشفوع فيه، لما كان ذلك وكان الثابت بالأوراق أن دعوى الشفعة الماثلة رفعت من الطاعن عن مساحة 1 فدان و1 قيراط أطياناً مبينة الحدود والمعالم بعريضة الدعوى والمبيعة من المطعون ضدهم الثلاثة الأول إلى باقي المطعون ضدهم لقاء ثمن حدد بطلب الشهر العقاري رقم 2465 سنة 1972 سوهاج المقدم منهم بمبلغ 300 جنيه ثم قيل بأنه مبلغ 500 جنيه الثابت بالتعاقد الحاصل عنه بين البائعين والمشتري والمقضي بصحته ونفاذه بالحكم رقم 521 سنة 1971 مدني كلي سوهاج وإذ قام الطاعن بإيداع الثمن المذكور فضلاً عن المصروفات الاحتمالية ومن ثم فإن قيمة دعوى الشفعة تقدر في هذه الحالة بقيمة الثمن الحقيقي الذي تم به البيع والتعاقد الحاصل عنه بين البائعين والمشتري والذي يستهدف الطاعن بدعواه الحلول فيه محل المشتري وأخذ الأطيان المبيعة بالشفعة وليكون الحكم الصادر له بذلك سنداً له في الملكية - وذلك دون النظر - في هذا الشأن - إلى قيمة العقار ذاته - لما كان ما تقدم وكان الحكم المطعون فيه قد بني قضاءه بعدم جواز الاستئناف لقلة النصاب على سند من القول بأن دعوى الشفعة تقدر قيمتها بقيمة العقار وفقاً لما نصت عليه المادة 37 من قانون المرافعات أخذاً بما ورد بالمذكرة الإيضاحية عن ذلك النص من شموله دعاوى الشفعة وغيرها من الدعاوى التي تتصل بالملكية وهو ما خلص منه إلى تقدير قيمة الأطيان المشفوع فيها وفقاً لضريبتها مبلغ 71.460 جنيه واعتباره بالتالي تقديراً لقيمة الدعوى المستأنفة فإن الحكم المطعون فيه يكون قد خالف في ذلك صحيح القانون وأخطأ في تطبيقه - وعلى نحو ما سلف بيانه - فضلاً عن فساد استدلاله بما ورد بالمذكرة الإيضاحية من تمثيل للدعاوى المتعلقة بملكية العقارات بأنها تشتمل دعاوى الشفعة إذ فضلاً عن انتفاء حجية ما ورد بالمذكرة الإيضاحية في هذا الصدد - إلا أنه لا ينصرف مع ذلك إلى حكم الفقرة الأولى من المادة 37 مرافعات الخاصة بتقدير قيمة العقارات وفقاً لضريبتها - بل إلى حكم الفقرة الثانية منها وهو الذي يحدد نسب التقدير بحسب ما إذا كانت الدعوى متعلقة بحق الملكية أو بحق الرقبة أو بحق المنفعة أو بحق الارتفاق وهو ما لا تعارض فيه - وعلى فرض التسليم بما ورد بالمذكرة الإيضاحية - في هذا الصدد إلا أنه لا ينصرف مع ذلك إلى حكم الفقرة الأولى من المادة 37 مرافعات الخاصة بتقدير قيمة العقارات وفقاً لضريبتها - بل إلى حكم الفقرة الثانية منها وهو الذي يحدد نسب التقدير بحسب ما إذا كانت الدعوى متعلقة بحق الملكية أو بحق الرقبة أو بحق المنفعة أو بحق الارتفاق وهو ما لا تعارض فيه - وعلى فرض التسليم بما ورد بالمذكرة الإيضاحية من أن دعوى الشفعة من دعاوى الملكية مع قواعد تقدير قيمة دعوى الشفعة المقررة قانوناً والمعمول بها قضاء والمبينة فيما سلف. لما كان ذلك وكانت محكمة الاستئناف قد حجبت نفسها بذلك عن نظر موضوع الاستئناف والفصل فيه - فإنه يكون من المتعين نقض الحكم المطعون فيه في خصوص قضائه بعدم جواز الاستئناف - لما كان ما تقدم وكان شكل الاستئناف صالحاً للفصل فيه فإنه يتعين القضاء بقبول الاستئناف شكلاً وإحالة القضية إلى محكمة الاستئناف للفصل في الموضوع.