أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 39 - صـ 163

جلسة 26 من يناير سنة 1988

برئاسة السيد المستشار/ محمد جلال الدين رافع - نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مرزوق فكري، صلاح محمد أحمد - نائبي رئيس المحكمة، أحمد نصر الجندي ومصطفى حسيب عباس محمود.

(37)
الطعن رقم 97 لسنة 54 ق "أحوال شخصية"

(1) حكم "الطعن في الحكم: ميعاد الطعن". إعلان "إعلان المقيم بالخارج":
تخلف المحكوم عليه عن الحضور في جميع الجلسات المحددة لنظر الدعوى وعدم تقديمه مذكرة بدفاعه. أثره. بدء ميعاد الاستئناف في حقه من تاريخ إعلانه بالحكم لشخصه أو في موطنه الأصلي. م 213 من قانون المرافعات. لا يغني عن ذلك ثبوت علمه بالحكم بأية طريقة أخرى ولو كانت قاطعة.
(2) أحوال شخصية "الأحوال الشخصية للمسلمين" تطليق: "تطليق للغيبة".
التطليق للغيبة. م 12 من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929. شرطه. أن تكون غيبة الزوج سنة فأكثر في بلد غير البلد الذي تقيم فيه الزوجة. وأن تكون غيبه الزوج بغير عذر مقبول. تقدير العذر من سلطة قاضي الموضوع طالما كان استخلاصه سائغاً.
(3) محكمة الموضوع "تقدير أدلة الدعوى":
محكمة الموضوع. عدم التزامها بتعقب كل حجج الخصوم والرد عليها استقلالاً. طالما قام قضاؤها على أسباب سائغة.
1 - الأحوال التي يكون فيها المحكوم عليه قد تخلف عن الحضور في جميع الجلسات المحددة لنظر الدعوى ولم يقدم مذكرة بدفاعه يبدأ ميعاد الاستئناف في حقه - وفقاً للمادة 213 من قانون المرافعات - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - من تاريخ إعلانه بالحكم لشخصه أو في موطنه الأصلي مما لا يتأتى معه القول في هذه الحالة بأن ميعاد الاستئناف يجري في تاريخ تسليم صورة إعلان الحكم للنيابة متى كان للمعلن إليه موطن معلوم بالخارج. هذا إلى وجوب حصول إعلان الحكم بالإجراءات التي رسمها قانون المرافعات لكي يعلن المعلن إليه بكل أجزائه علماً كاملاً، ولا يغني عن ذلك ثبوت علمه بأية طريقة أخرى ولو كانت قاطعة.
2 - نص المادة 12 من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 يدل على أن المشرع أجاز للزوجة إذا ما ادعت على زوجها غيابه عنها سنة فأكثر، وتضررت فعلاً من بعده عنها هذه المدة الطويلة أن تطلب الطلاق بسبب هذا الضرر والطلقة هنا بائنة لأن سببها الضرر فكانت كالفرقة بسبب مضارة الزوج، وشرط ذلك توافر أمرين: أولها أن تكون غيبة الزوج المدة المشار إليها في بلدة غير البلد الذي تقيم فيه الزوجة. والثاني: أن تكون غيبة الزوج بغير عذر مقبول. وتقدير الضرر أمر متروك لقاضي الموضوع طالما كان استخلاصه سائغاً.
3 - محكمة الموضوع ليست ملزمة بتعقب كل حجج الخصوم والرد عليها استقلالاً وأنه لا يعيب حكمها عدم الرد على مستندات مقدمة وحسبها أن تقيم قضاءها على أسباب سائغة كافية لحمله.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن الطاعنة أقامت الدعوى رقم 1069 لسنة 1979 كلي أحوال شخصية الإسكندرية ضد المطعون ضده بطلب تطليقها عليه طلقة بائنة. وقالت بياناً لدعواها أنه تزوجها في 27/ 9/ 1978 بصحيح العقد الشرعي، وإذ غاب عنها أكثر من سنة بلا عذر مقبول فقد أقامت الدعوى. أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق وبعد سماع شاهدي الطاعنة حكمت في 29/ 12/ 1982 بتطليقها على المطعون ضده. استأنف المطعون ضده هذا الحكم بالاستئناف رقم 62 لسنة 1983 شرعي عال الإسكندرية، وبتاريخ 28/ 5/ 1984 حكمت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى. طعنت الطاعنة على هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب، تنعى الطاعنة بالأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون. وفي بيان ذلك تقول أنها دفعت بسقوط حق المطعون ضده في الاستئناف لرفعه بعد الميعاد استناداً إلى أنه يقيم في الخارج بدولة الكويت وتم إعلانه بالصورة التنفيذية للحكم الغيابي المستأنف وذلك بتسليم صورة الإعلان للنيابة العامة وهو ما يبدأ به ميعاد الاستئناف الذي انقضى قبل رفعه. هذا إلى أن المطعون ضده علم يقيناً بصدور الحكم المستأنف عن غير طريق الإعلان وفي خلال ميعاد الاستئناف. وإذ قضى الحكم المطعون فيه برفض الدفع الذي أبدته تأسيساً على أن ميعاد الاستئناف لا يبدأ من تاريخ تسليم إعلان الحكم المستأنف للنيابة العامة وإنما يجرى الميعاد في حق المطعون ضده من تاريخ إعلانه بالحكم لشخصه أو في موطنه المعلوم بالخارج وهو ما لم يتم في الدعوى ويظل ميعاد الاستئناف قائماً فإن الحكم بذلك يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي غير سديد. ذلك أنه في الأحوال التي يكون فيها المحكوم عليه قد تخلف عن الحضور في جميع الجلسات المحددة لنظر الدعوى ولم يقدم مذكرة بدفاعه يبدأ ميعاد الاستئناف في حقه وفقاً للمادة 213 من قانون المرافعات - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - من تاريخ إعلانه بالحكم لشخصه أو في موطنه الأصلي مما لا يتأتى من القول في هذه الحالة بأن ميعاد الاستئناف يجري من تاريخ تسليم صورة إعلان الحكم للنيابة متى كان للمعلن إليه موطن معلوم بالخارج. هذا إلى وجوب حصول إعلان الحكم بالإجراءات التي رسمها قانون المرافعات لكي يعلم المعلن إليه بكل أجزائه علماً كاملاً، ولا يغني عن ذلك ثبوت علمه بأية طريقة أخرى ولو كانت قاطعة. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد التزم بهذا النظر وأوجب إعلان الحكم الغيابي المستأنف إلى شخص المطعون ضده أو في موطنه المعلوم بالخارج حتى يجرى في حقه ميعاد الاستئناف، ورتب على خلو الأوراق مما يفيد تمام الإعلان على هذا النحو وقضى الدفع بسقوط حقه في الاستئناف فإنه لا يكون أخطأ في تطبيق القانون. ويكون النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك تقول أن الحكم أقام قضاءه برفض دعواها على سند من أن وجود المطعون ضده بالخارج في عمل يعتبر عذراً مقبولاً لغيابه وأنها لم تقدم الدليل على تضررها رغم أن الغياب المجرد إذا ما استطالت مدته ما يتوافر معه الضرر الموجب للتطبيق.
وحيث إن هذا النعي في غير محله. ذلك أنه لما كان من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن نص المادة 12 من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 يدل على أن المشرع أجاز للزوجة إذا ما ادعت على زوجها غيابه عنها سنة فأكثر، وتضررت فعلاً من بعده عنها هذه المدة الطويلة أن تطلب الطلاق بسبب هذا الضرر والطلقة هنا بائنة لأن سببها الضرر وكانت الفرقة بسبب مضارة الزوج، وشرط ذلك توافر أمرين: أولها: أن تكون غيبه الزوج المدة المشار إليها في بلدة غير البلد الذي تقيم فيه الزوجة. والثاني: أن تكون غيبة الزوج بغير عذر مقبول - وتقدير العذر أمر متروك لقاضي الموضوع طالما كان استخلاص سائغاً، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بتوافر العذر المقبول لغياب المطعون ضده على سند من قوله ".......الثابت من حافظة مستندات المستأنف أن المستأنف ضدها تعلم بأنه يعمل بدولة الكويت وظلت تراسله بخطابات حتى سنة 1982 وقد أقرت بصحتها وكان هو بدوره يراسلها ويرسل إليها مبالغ كبيرة من المال على النحو الثابت بالأوراق المقدمة من المستأنف بحافظة مستنداته، ومن مؤدى هذا كله أن المستأنف قد غاب عن زوجته المستأنف ضدها لمدة تزيد عن السنة بعذر مقبول وهو العمل بدولة الكويت وبرضاها......." وكان هذا من الحكم استخلاصاً موضوعياً سائغاً له أصله الثابت في الأوراق ويؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها. فإن النعي بهذا السبب لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك تقول أنها قدمت مستندات ومذكرة بدفاعها تضمنت دليل زواجها من آخر وإعلانات المطعون ضده بدعواها ودعوى النفقة التي أقامتها ضده وهي مستندات لو أحاط بها الحكم المطعون فيه يتغير وجه الرأي في الدعوى، كما طلبت إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات علم المطعون ضده بدعواها وبالحكم الابتدائي الغيابي علماً يقينياً قبل فوات ميعاد استئنافه غير أن المحكمة لم تستجب لها وهذا ما يعيب الحكم المطعون فيه بالقصور والإخلال بحق الدفاع.
وحيث إن هذا النعي في شقه الأول في غير محله، ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن محكمة الموضوع ليست ملزمة بتعقب كل حجج الخصوم والرد عليها استقلالاً وأنه لا يعيب حكمها عدم الرد على مستندات مقدمة وحسبها أن تقيم قضاءها على أسباب سائغة كافية لحمله. وإذ كان ذلك. وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض دعوى - الطاعنة على سند مما استخلص من المكاتبات المتبادلة بينها وبين الطاعن وما أرسله لها من مبالغ نقدية بالقاهرة من توافر علمها بعمله ورضاها بذلك وهو ما يعتبر عذراً مقبولاً لغيابه عنها وكان هذا من الحكم استخلاصاً سائغاً يكفي لحمل قضائه. فإنه لا عليه أن لم يرد على مستندات الطاعنة، والنعي في شقه الثاني مردود بما ورد في الرد على السبب الأول من أن إعلان المطعون ضده بالصورة التنفيذية للحكم الغيابي المستأنف لشخصه دون موطنه المعلوم بالخارج وبالإجراءات التي رسمها قانون المرافعات حتى يجرى ميعاد الاستئناف في حقه أمر لا يغني عنه ثبوت علمه بالحكم من أي طريق آخر وعلى ذلك فلا جدوى من طلب الطاعنة إحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت علم المطعون ضده بالحكم المستأنف من غير طريق الإعلان المذكور ولا على المحكمة إن هي التفتت عن هذا الطلب. ويكون النعي بشقيه على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.