أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 39 - صـ 177

جلسة 26 من يناير سنة 1988

برئاسة السيد المستشار/ يحيى الرفاعي - نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد شوقي - نائب رئيس المحكمة، محمد حسن العفيفي، أحمد مكي ومحمود رضا الخضري.

(40)
الطعن رقم 1129 لسنة 54 القضائية

هبة. إثبات.
إثبات التصرفات القانونية بشهادة الشهود. م 63 إثبات. مناطه. إجازة الهبة الباطلة لعيب في الشكل بتنفيذها تنفيذاً اختيارياً. مؤداه. انقلابها هبة صحيحة. أثره. خضوعها للقواعد العامة في الإثبات.
لئن كان جواز إثبات التصرفات القانونية بشهادة الشهود طبقاً للاستثناء المنصوص عليه في المادة 63 من قانون الإثبات - عند وجود مانع مادي أو أدبي يحول دون الحصول على دليل كتابي - منوطا بألا تكون هذه التصرفات مما يوجب الشارع إفراغها في محرر رسمي، لأن الرسمية تكون ركناً من أركانها فلا تنعقد ولا تثبت بغيرها، وكان النص في المادة 488 من القانون المدني على أن "تكون الهبة بورقة رسمية وإلا وقعت باطلة ما لم تتم تحت ستار عقد آخر". وفي المادة 489 منه على أنه "إذا قام الواهب أو ورثته مختارين بتنفيذ هبة باطلة لعيب في الشكل فلا يجوز لهم أن يستردوا ما سلموه" يدل على أنه وإن كانت الورقة الرسمية شرطاً لانعقاد الهبة فلا تصح ولا تثبت بغيرها." إلا أنه لما كانت الهبة الباطلة لعيب في الشكل ترد عليها الإجازة عن طريق تنفيذها تنفيذًا اختيارياً من جانب الواهب أو ورثته - بأن يكون الواهب أو الوارث عالماً بأنها باطلة لعيب في الشكل ومع ذلك يقوم بتنفيذها راضياً مختاراً وهو على بينة من أمره فيسلم المال الموهوب إلى الموهوب له قاصداً من ذلك إجازة الهبة فتنقلب الهبة الباطلة إلى هبة صحيحة لهذه الإجازة الخاصة ولا يجوز له أن يسترد ما سلمه - فإن مقتضى ذلك أن إثبات عقد الهبة التي يتم تنفيذها تنفيذاً اختيارياً لا يتقيد بأن يكون بورقة رسمية بل يكون خاضعاً للقواعد العامة في إثبات سائر العقود.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدها الأولى أقامت الدعوى 235 لسنة 1975 بندر سوهاج الجزئية بطلب الحكم بإلزام الطاعنين والمطعون ضدها الثانية بأن يدفعوا إليها متضامنين مبلغ 160 جنيهاً - قيمة ريع حصتها في العقارات المبينة بالصحيفة والمخلفة عن مورثهم - وذلك عن المدة من 31/ 10/ 1974 حتى مايو سنة 1975 وإذ نازع الطاعنون في ملكية مورث الطرفين. حكمت محكمة بندر سوهاج في 30/ 11/ 1975 بعدم اختصاصها قيمياً بنظر الدعوى وبإحالتها إلى محكمة سوهاج الابتدائية التي قيدتها برقم 80 لسنة 1976 وندبت فيها خبيراَ لأداء المهمة المبينة بمنطوق حكمها، وبعد أن قدم الخبير تقريره حكمت في 31/ 1/ 1981 بإلزام الطاعنين بأن يدفعوا إلى المطعون ضدها الأولى مبلغ 86.828 جنيه. استأنف الطاعنون هذا الحكم بالاستئناف 189 لسنة 56 ق أسيوط (مأمورية سوهاج) وبتاريخ 12/ 2/ 1984 قضت محكمة الاستئناف برفضه - طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وقدمته النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إنه مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، ذلك أنهم تمسكوا في دفاعهم أمام محكمة الموضوع بأن المورث كان قد وهبهم أرض العقارين بعقد غير رسمي وقام بتنفيذ هذه الهبة اختياراً بأن سلمهم الأرض الموهوبة فتملكوها بذلك وطلبوا إحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبتوا ذلك بشهادة الشهود - لوجود مانع أدبي من الإثبات بالكتابة لصلة الزوجية بين المورث والطاعنة الأولى وصلة الأبوة بالطاعنين الآخرين - وقد رد الحكم على هذا الدفاع بأن هبة العقار يجب أن تحرر بعقد رسمي في حين أن عقد الهبة الباطلة لعيب في الشكل إذا تم تنفيذه اختياراً وكان هناك مانع من موانع إثابته بالكتابة جاز إثباته بكافة طرق الإثبات.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه وإن كان جواز إثبات التصرفات القانونية بشهادة الشهود طبقاً للاستثناء المنصوص عليه في المادة 63 من قانون الإثبات - عند وجود مانع مادي أو أدبي يحول دون الحصول على دليل كتابي منوطاً بألا تكون هذه التصرفات مما يوجب الشارع إفراغها في محرر رسمي لأن الرسمية تكون ركناً من أركانها فلا تنعقد ولا تثبت بغيرها، وكان النص في المادة 488 من القانون المدني على أن "تكون الهبة بورقة رسمية وإلا وقعت باطلة ما لم تتم تحت ستار عقد آخر". وفي المادة 489 منه على أنه "إذا قام الواهب أو ورثته مختارين بتنفيذ هبة باطلة لعيب في الشكل فلا يجوز لهم أن يستردوا ما سلموه"، يدل على أنه وإن كانت الورقة الرسمية شرطاً لانعقاد الهبة فلا تصح ولا يصح ولا تثبت بغيرها، إلا أنه لما كانت الهبة الباطلة لعيب في الشكل ترد عليها الإجازة عن طريق تنفيذها تنفيذًا اختيارياً من جانب الواهب أو ورثته - بأن يكون الواهب أو الوارث عالماً بأنها باطلة لعيب في الشكل ومع ذلك يقوم بتنفيذها راضياً مختاراً وهو على بينه من أمره فيسلم المال الموهوب إلى الموهوب له قاصداً من ذلك إجازة الهبة فتنقلب الهبة الباطلة إلى هبة صحيحة لهذه الإجازة الخاصة ولا يجوز له أن يسترد ما سلمه - ومقتضى ذلك أن إثبات عقد الهبة التي يتم تنفيذها تنفيذاً اختيارياً لا يتقيد بأن يكون بورقة رسمية بل يكون خاضعاً للقواعد العامة في إثبات سائر العقود، ولما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر ورفض إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات الهبة وتنفيذها الاختياري بشروطه المشار إليها وأقام قضاءه في هذا الخصوص على أن "عقد الهبة لا يقوم إلا بالورقة الرسمية ولا مجال فيه للقول بوجود المانع الأدبي ولا يجوز إثباته بكافة طرق الإثبات وحجب نفسه بذلك عن أن يقول كلمته في المانع الذي تمسك به الطاعنون، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه دون حاجة لمناقشة باقي أوجه الطعن.