أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 39 - صـ 184

جلسة 27 من يناير سنة 1988

برئاسة السيد المستشار/ محمد محمود راسم - نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ حسين علي حسين - نائب رئيس المحكمة، حمدي محمد علي، عبد الحميد سليمان ومحمد بكر غالي.

(42)
الطعن رقم 461 لسنة 52 القضائية

(1 - 2) دعوى "الصفة في الدعوى". اختصاص. إيجار.
(1) رئيس المدينة هو وحده صاحب الصفة في تمثيل وحدته المحلية قبل الغير ولدى القضاء فيما يدخل في نطاق اختصاصه.
(2) رئيس المدينة - دون المحافظ - هو صاحب الصفة في تأجير العقارات المملوكة ملكية خاصة للدولة والواقعة في نطاق مدينته. علة ذلك.
1 - النص في المادتين 52، 53 من القانون المدني يدل على أنه متى اكتسبت إحدى الجهات أو المنشآت الشخصية الاعتبارية فإن القانون يخولها كافة مميزات الشخصية القانونية من ذمة مالية مستقلة وإرادة يعبر عنها نائبها، وأهلية لاكتساب الحقوق والالتزام بالواجبات فضلاً عن أهليتها للتقاضي وذلك وفقاً للقواعد وفي الحدود المقررة لسند إنشائها ويتعين بالتالي أن تكون مخاطبة الشخص الاعتباري في مواجهة النائب القانوني عنه الذي يحدده سند إنشائه بحيث لا يحاج بأية إجراءات أو تصرفات قانونية توجه إلى غيره، وإذ كان قانون نظام الحكم المحلي رقم 52 سنة 1975 - الواجب التطبيق على واقعة الدعوى - قد نص في المادة الأولى منه على أن "وحدات الحكم المحلي هي المحافظات والمراكز والمدن والأحياء والقرى ويكون لكل منها الشخصية الاعتبارية" ونص في المواد 36، 43، 51، 69 منه على الموارد المالية الخاصة بكل وحدة محلية عدا الأحياء، واختص الوحدة المحلية بالمدينة بحصيلة الحكومة من إيجار المباني الداخلة في أملاكها الخاصة، كما نص في المادة الثانية منه على أن "تتولى وحدات الحكم المحلي إنشاء وإدارة جميع المرافق العامة الواقعة في دائرتها فيما عدا المرافق القومية أو ذات الطبيعة الخاصة التي يصدر باستثنائها قرار من رئيس الجمهورية وتحدد اللائحة التنفيذية المرافق المحلية التي تتولى المحافظات إنشاءها وإدارتها والمرافق التي تتولى إنشاؤها وإدارتها الوحدات الأخرى للحكم المحلي" ونصت المادة الرابعة من القانون المذكور على أن "يمثل المحافظة محافظها، كما يمثل كل وحدة من وحدات الحكم المحلي الأخرى رئيسها وذلك أمام القضاء في مواجهة الغير"، ونصت المادة 11 من اللائحة التنفيذية للقانون على أن "تباشر الوحدات المحلية كل في دائرة اختصاصها، وطبقاً لإمكانيات كل منها وفي نطاق السياسة العامة للدولة شئون الإسكان والشئون العمرانية والمرافق البلدية الآتية........ المحافظة على أملاك الدولة وإدارتها وتنظيم استغلالها ومنع التعديات والتقاسيم المخالفة" فإن مفاد هذه النصوص مجتمعة أن المشرع قد جعل لكل وحدة من وحدات الحكم المحلي شخصية اعتبارية مستقلة عن باقي الوحدات ولكل منها ذمة مالية خاصة بها، وحدد الممثل القانوني لها الذي له حق التعامل مع الغير وتمثيل الوحدة المحلية أمام القضاء مما مقتضاه أن رئيس المدينة يكون هو وحده صاحب الصفة في تمثيل وحدته المحلية وهي المدينة قبل الغير فيما يدخل في نطاق اختصاصه طبقاً لأحكام القانون.
2 - لما كانت اللائحة التنفيذية قد ناطت بالوحدة المحلية في دائرة اختصاصها فيما يتعلق بشئون الإسكان إدارة أملاك الدولة وتنظيم استغلالها ومنحت المدينة الحق في الاستئثار بحصيلة إيجار المباني الداخلة في أملاك الحكومة الخاصة كمورد مالي خاص بها من بين الموارد الأخرى التي نصت عليها المادة 51 من القانون المشار إليه، ومن ثم فإن صاحب الصفة في التعامل مع الغير بشأن تأجير العقارات المبنية المملوكة ملكية خاصة للدولة يكون هو رئيس المدينة الواقع في نطاقها العقار المؤجر باعتبار أن التأجير هو عمل من أعمال الإدارة الداخلة في حدود ولايته، ولا يغير من ذلك ما نصت عليه المادة 28/ 4 من القانون المذكور من أن "يكون المحافظ في دائرة اختصاصه رئيساً لجميع الأجهزة والمرافق المحلية" أو ما نصت عليه المادة 30 من أنه "يكون للمحافظ اختصاصات الوزير في المسائل المالية والإدارية بالنسبة لأجهزة الوحدات المحلية وموازناتها والمرافق التي نقلت إليها......." ذلك أن رئاسة المحافظ للأجهزة والمرافق وتمتعه بسلطات الوزير في المسائل المالية والإدارية المتعلقة بها، لا يفقد الوحدات المحلية في دائرة المحافظة شخصيتها الاعتبارية المستقلة عن المحافظ وهو الممثل القانوني لوحدة المحافظة فحسب ولا يسلب رئيس الوحدة المحلية سلطاته التي منحه القانون إياها ولا تعني أيضاً السماح للمحافظ بالاشتراك مع الممثل القانوني للوحدات المحلية الأخرى في النيابة عنها أمام القضاء أو في مواجهة الغير لما في ذلك من مخالفة صريحة لحكم المادتين الأولى والرابعة من القانون المشار إليه - لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر، وأقام قضاءه بثبوت العلاقة الإيجارية عن المسكن محل النزاع بين الطاعن الثاني بصفته وبين المطعون ضده على سند من أن الطاعن الأول بصفته (محافظ سوهاج) قد وافق على تأجير إحدى وحدات العقار المملوك للحكومة والكائن بدائرة مدينة سوهاج إلى المطعون ضده فإنه يكون معيباً بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده أقام على الطاعنين وآخرين الدعوى رقم 5508 لسنة 1979 أمام محكمة سوهاج الابتدائية طالباً الحكم بإثبات العلاقة الإيجارية بينه وبين مجلس سوهاج منذ 1/ 12/ 1978 عن الشقة محل النزاع وقال شرحاً لدعواه أن الطاعن الأول بصفته (محافظ سوهاج) قد وافق بتاريخ 20/ 12/ 1978 على تأجير شقة النزاع إليه، وإذ رفض الطاعن الثاني بصفته (رئيس مجلس المدينة) تحرير عقد إيجار له عن هذه الشقة رغم أنه يقيم بها من قبل ترك المستأجر السابق لها فقد أقام الدعوى، وبتاريخ 8/ 12/ 1980 قضت المحكمة برفض الدعوى. استأنف المطعون ضده هذا الحكم بالاستئناف رقم 59 سنة 1956 ق أسيوط "مأمورية سوهاج" وبتاريخ 27/ 12/ 1981 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام الطاعن الثاني بصفته بتحرير عقد إيجار للمطعون ضده عن شقة النزاع، طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة رأته جديراً بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد ينعى به الطاعنان على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله وفي بيان ذلك يقولان أن الحكم المطعون فيه طبق على واقعة الدعوى القانون رقم 43 لسنة 1979 بشأن نظام الحكم المحلي رغم أن القانون السابق رقم 52 سنة 1975، الذي صدرت في ظله موافقة المحافظ على تأجير شقة النزاع للمطعون ضده في 20/ 12/ 1978 يكون هو القانون الواجب التطبيق وإذ خلص الحكم إلى أن محافظ سوهاج له صلاحية التعاقد على تأجير الوحدات السكنية التابعة لمجلس مدينة سوهاج رغم مخالفة ذلك لأحكام كل من القانونين رقمي 52 سنة 1975، 43 سنة 1979 إذ تقتصر سلطة المحافظ فيها بالنسبة لوحدات الحكم المحلي الواقعة في نطاق المحافظة على مجرد الإشراف والتوجيه ولا يمتد إلى تمثيلها أمام القضاء أو مواجهة الغير حيث يقتصر ذلك على رؤساء هذه الوحدات دون غيرهم، وتكون موافقة المحافظ على التأجير قد صدرت من غير ذي صفة ولا ينعقد بها العقد.
وحيث إن هذا النعي سديد ذلك أن النص في المادة 52 من القانون المدني على أن "الأشخاص الاعتبارية هي: 1 - الدولة وكذلك المديريات والمدن والقرى بالشروط التي يحددها القانون، والإدارات والمصالح وغيرها من المنشآت العامة التي يمنحها القانون شخصية اعتبارية......" وفي المادة 53 منه على أن 1 - الشخص الاعتباري يتمتع بجميع الحقوق إلا ما كان منها ملازماً لصفة الإنسان الطبيعي وذلك في الحدود التي قررها القانون - 2 - فيكون له ( أ ) ذمة مالية مستقلة (ب) أهلية في الحدود التي يعينها سند إنشائه أو التي يقرها القانون (ج) حق التقاضي (د)....... 3 - ويكون له نائب يعبر عن إرادته، يدل على أنه متى اكتسبت إحدى الجهات أو المنشآت الشخصية الاعتبارية فإن القانون يخولها كافة مميزات الشخصية القانونية من ذمة مالية مستقلة وإرادة يعبر عنها نائبها، وأهلية لاكتساب الحقوق والالتزام بالواجبات فضلاً عن أهليتها للتقاضي وذلك وفقاً للقواعد وفي الحدود المقررة لسند إنشائها ويتعين بالتالي أن تكون مخاطبة الشخص الاعتباري في مواجهة النائب القانوني عنه الذي يحدده سند إنشائه بحيث لا يحاج بأية إجراءات أو تصرفات قانونية توجه إلى غيره، وإذا كان قانون نظام الحكم المحلي رقم 52 سنة 1975 - الواجب التطبيق على واقعة الدعوى - قد نص في المادة الأولى منه على أن "وحدات الحكم المحلي هي المحافظات والمراكز والمدن والأحياء والقرى ويكون لكل منها الشخصية الاعتبارية" ونص في المواد 36، 43، 51، 69 منه على الموارد المالية الخاصة بكل وحدة محلية عدا الأحياء، واختص الوحدة المحلية بالمدينة بحصيلة الحكومة من إيجار المباني الداخلة في أملاكها الخاصة، كما نص في المادة الثانية منه على أن "تتولى وحدات الحكم المحلي إنشاء وإدارة جميع المرافق العامة الواقعة في دائرتها فيما عدا المرافق القومية أو ذات الطبيعة الخاصة التي يصدر باستثنائها قرار من رئيس الجمهورية، وتحدد اللائحة التنفيذية المرافق المحلية التي تتولى المحافظات إنشائها وإدارتها والمرافق التي تتولى إنشاؤها وإدارتها الوحدات الأخرى للحكم المحلي" ونصت المادة الرابعة من القانون المذكور على أن "يمثل المحافظة محافظها، كما يمثل كل وحدة من وحدات الحكم المحلي الأخرى رئيسها وذلك أمام القضاء وفي مواجهة الغير" ونصت المادة 11 من اللائحة التنفيذية للقانون على أن "تباشر الوحدات المحلية كل في دائرة اختصاصها، وطبقاً لإمكانيات كل منها وفي نطاق السياسة العامة للدولة شئون الإسكان والشئون العمرانية والمرافق البلدية الآتية........ المحافظة على أملاك الدولة وإدارتها وتنظيم استغلالها ومنع التعديات والتقاسيم المخالفة" فإن مفاد هذه النصوص مجتمعة أن المشرع قد جعل لكل وحدة من وحدات الحكم المحلي شخصية اعتبارية مستقلة عن باقي الوحدات ولكل منها ذمة مالية خاصة بها، وحدد الممثل القانوني لها الذي له حق التعامل مع الغير وتمثيل الوحدة المحلية أمام القضاء مما مقتضاه أن رئيس المدينة يكون هو وحده صاحب الصفة في تمثيل وحدته المحلية وهي المدينة قبل الغير فيما يدخل في نطاق اختصاصه طبقاً لأحكام القانون - ولما كانت اللائحة التنفيذية قد ناطت بالوحدة المحلية في دائرة اختصاصها فيما يتعلق بشئون الإسكان إدارة أملاك الدولة وتنظيم استغلالها ومنحت المدينة الحق في الاستئثار بحصيلة إيجار المباني الداخلة في أملاك الحكومة الخاصة كمورد مالي خاص بها من بين الموارد الأخرى التي نصت عليها المادة 51 من القانون المشار إليه، ومن ثم فإن صاحب الصفة في التعامل مع الغير بشأن تأجير العقارات المبنية المملوكة ملكية خاصة للدولة يكون هو رئيس المدينة الواقع في نطاقها العقار المؤجر باعتبار أن التأجير هو عمل من أعمال الإدارة الداخلة في حدود ولايته، ولا يغير من ذلك ما نصت عليه المادة 28/ 4 من القانون المذكور من أن "يكون المحافظ في دائرة اختصاصه رئيساً لجميع الأجهزة والمرافق المحلية" أو ما نصت عليه المادة 30 من أنه "يكون للمحافظ اختصاصات الوزير في المسائل المالية والإدارية بالنسبة لأجهزة الوحدات المحلية وموازناتها والمرافق التي نقلت إليها......." ذلك أن رئاسة المحافظ للأجهزة والمرافق وتمتعه بسلطات الوزير في المسائل المالية والإدارية المتعلقة بها، لا يفقد الوحدات المحلية في دائرة المحافظة شخصيتها الاعتبارية المستقلة عن المحافظ وهو الممثل القانوني لوحدة المحافظة فحسب، ولا يسلب رئيس الوحدة المحلية سلطاته التي منحه القانون إياها ولا تعني أيضاً السماح للمحافظ بالاشتراك مع الممثل القانوني للوحدات المحلية الأخرى في النيابة عنها أمام القضاء أو في مواجهة الغير لما في ذلك من مخالفة صريحة لحكم المادتين الأولى والرابعة من القانون المشار إليه - لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر، وأقام قضاءه بثبوت العلاقة الإيجارية عن المسكن محل النزاع بين الطاعن الثاني بصفته وبين المطعون ضده على سند من أن الطاعن الأول بصفته (محافظ سوهاج) قد وافق على تأجير إحدى وحدات العقار المملوك للحكومة والكائن بدائرة مدينة سوهاج إلى المطعون ضده فإنه يكون معيباً بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم وإذ كان الثابت أن المطعون ضده لم يتعاقد مع رئيس المدينة التي تقع شقة النزاع في دائرتها باعتباره صاحب الحق وحده في تأجيرها، وكانت موافقة المحافظ على التأجير له معدومة الأثر قانوناً، وإذ خلت الأوراق مما يفيد أن المطعون ضده كان مشاركاً للمستأجر السابق للعين منذ تاريخ استئجارها بالإقامة معه فيها وحتى تاريخ تركه لها حسبما يدعي، ومن ثم فإنه يتعين رفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض الدعوى.