أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 39 - صـ 193

جلسة 3 من فبراير سنة 1988

برئاسة السيد المستشار/ محمد محمود راسم - نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسين علي حسين - نائب رئيس المحكمة، حمدي محمد علي، محمد بكر غالي وعزت عمران.

(44)
الطعن رقم 1188 لسنة 57 القضائية

(1) استيلاء (الاستيلاء المؤقت). حيازة. اختصاص "اختصاص ولائي".
طلب الإخلاء المبني على تجرد واضع اليد من سنده لانتهاء مدة الاستيلاء دون الطعن على القرار الوزاري الصادر بذلك مقتضاه. اختصاص القضاء العادي بنظره.
(2) إعلان. مؤسسات.
إعلان الهيئات والمؤسسات العامة والوحدات التابعة لها بصحف الدعاوى والطعون والأحكام. كيفيته. ق 47 لسنة 1973. خلو الأوراق مما يفيد أن مركز إدارة الشركة الطاعنة يغاير المقر الذي تم الإعلان فيه. أثره. صحة الإعلان.
(3) حكم نقض "سلطة محكمة النقض".
النعي على ما أورده الحكم من تقريرات خاطئة. غير منتج لمحكمة النقض أن تستكمل أسبابه القانونية إذا شابها خطأ أو قصور.
(4، 5) حكم "حجية الحكم". قوة الأمر المقضي.
(4) قوة الأمر المقضي. مناطها. الحكم برفض دعوى إلغاء قرار وزير التموين بالاستيلاء على أرض النزاع لعدم مشروعيته لا حجية له في الدعوى بالإخلاء لتجرد واضع اليد من سنده لانتهاء مدة الاستيلاء. علة ذلك.
(5) عدم فصل الحكم السابق في المسألة الأساسية التي تقوم عليها الدعوى الحالية. مؤداه. عدم اكتساب الحكم السابق قوة الأمر المقضي.
(6) استئناف "تسبيب الحكم الاستئنافي".
قضاء محكمة الاستئناف بتعديل الحكم المستأنف. التزامها بتسبيب الشق الذي شمله التعديل - اعتبار باقي أسباب الحكم الابتدائي قائمة ولو خلا الحكم الاستئنافي من إحالة صريحة.
(7) استيلاء "الاستيلاء لأغراض التموين". "الاستيلاء المؤقت في قانون نزع الملكية للمنفعة العامة: اختلاف الاستيلائين".
الاستيلاء الحاصل لأغراض التموين وفقاً للقانون 95 لسنة 1945 اختلافه عن الاستيلاء المؤقت وفقاً لقانون نزع الملكية للمنفعة العامة. المدة في الحالة الأولى غير محددة ابتداءً ولا تنتهي إلا بصدور قرار من وزير التموين.
1 - إذ كان المطعون ضده بعد أن قصر طلباته أمام محكمة أول درجة على طلب الحكم بإخلاء العين المؤجرة، لم يجادل في صحة قرار الاستيلاء الصادر من وزير التموين - أو تفسيره أو تأويله وإنما انصبت منازعته على تجرد وضع يد الشركة الطاعنة من سبب مشروع يبرر حيازتها للعين بعد انتهاء مدة الاستيلاء والتي رأى أنها تنتهي بانقضاء ثلاث سنوات من تاريخ صدور القرار ومن ثم فإن الدعوى على هذه الصورة لا تثير ثمة منازعة إدارية بل تعد منازعة مدنية تختص بنظرها محاكم القضاء المدني، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بتأييد الحكم الابتدائي فيما تضمنته أسبابه من رفض الدفع بعدم الاختصاص الولائي فإنه لا يكون قد خالف القانون.
2 - النص في المادة الثالثة من مواد إصدار القانون رقم 47 لسنة 1973 بشأن الإدارات القانونية بالمؤسسات العامة والهيئات العامة أو الوحدات التابعة لها على أنه "استثناء من الأحكام المقررة في قانون المرافعات المدنية والتجارية تسلم إعلانات صحف الدعاوى وصحف الطعون والأحكام المتعلقة بالهيئات العامة أو المؤسسات العامة أو الوحدات التابعة لها في مركز إدارتها لرئيس مجلس الإدارة يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على وجوب تسليم صورة الورقة المراد إعلانها بالنسبة إلى الأشخاص الاعتبارية السابق بيانها لرئيس مجلس الإدارة أو من ينوب عنه، ولما كان البين من الأوراق أن صحيفة الاستئناف أودعت قلم كتاب المحكمة بتاريخ (.......) وتم إعلانها في (.......) إلى رئيس مجلس إدارة الشركة بصفته مخاطباً مع الموظف المختص في مركزها الرئيسي (.......) وهو ذات المقر الذي تم فيه إعلان صحيفة افتتاح الدعوى أمام محكمة أول درجة وإذ كانت الأوراق قد خلت مما يفيد أن مركز إدارة الشركة يغاير المقر الذي تم الإعلان فيه ومن ثم فإن إعلانها بصحيفة الاستئناف يكون قد تم صحيحاً وفقاً للقانون في خلال ثلاثة أشهر من تاريخ إيداعها قلم كتاب المحكمة وذلك إعمالاً لنص المادتين 70، 240 من قانون المرافعات ويكون الدفع المبدى من الشركة الطاعنة باعتبار الاستئناف كأن لم يكن على غير أساس.
3 - إذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى النتيجة الصحيحة قانوناً فإن النعي على ما أورده في مدوناته من تقريرات خاطئة يكون غير منتج إذ لمحكمة النقض أن تستكمل أسبابه القانونية إذا ما شابها خطأ أو قصور.
4 - المقرر في قضاء هذه المحكمة - أن الحكم السابق صدوره بين الخصوم أنفسهم لا يحوز قوة الأمر المقضي بالنسبة للدعوى اللاحقة إلا إذا اتحد الموضوع والسبب في كل من الدعويين وذلك وفقاً لنص المادة 101 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 لما كان ذلك وكان البين من الأوراق أن الدعوى السابقة التي أقامها المطعون ضده على الشركة الطاعنة أمام محكمة القضاء الإداري كانت تتعلق بطلب إلغاء قرار وزير التموين - بالاستيلاء على الأرض محل النزاع استناداً إلى عدم مشروعيته وقضت المحكمة برفضها، بينما أن الدعوى الحالية أقامها المطعون ضده على ذات الشركة بطلب إخلاء الأرض المشار إليها على أساس أن قرار الاستيلاء المذكور قد انتهى أثره بانقضاء ثلاث سنوات من تاريخ صدوره تطبيقاً لأحكام القانون رقم 577 لسنة 1954 بشأن نزع الملكية للمنفعة العامة، ومن ثم فإن كلاً من هاتين الدعويين يختلف عن الأخرى موضوعاً وسبباً وإن اتحد الخصوم فيها.
5 - إذ كان الحكم السابق صدوره لم يفصل في المسألة الأساسية التي تقدم عليها الدعوى الحالية بشأن زوال أثر قرار الاستيلاء بفوات المدة المشار إليها وبالتالي فإن ذلك الحكم لا يحوز قوة الأمر المقتضي بالنسبة للنزاع الحالي.
6 - محكمة الاستئناف - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - إذا ما قضت بتعديل الحكم المستأنف لا تلتزم بتسبيب الشق الخاص من الحكم الابتدائي الذي شمله التعديل، ويعتبر الآخر الذي أيدته محمولاً على ذات الأسباب التي استندت إليها محكمة أول درجة ولو خلا الحكم الاستئنافي من إحالة صريحة عليها.
7 - النص في المادة الأولى من القانون رقم 95 لسنة 1945 الخاص بشئون التموين على أنه "يجوز لوزير التموين لضمان تموين البلاد بالمواد الغذائية وغيرها من مواد الحاجيات الأولية وخامات الصناعة والبناء ولتحقيق العدالة في توزيعها أن يتخذ بقرارات يصدرها موافقة لجنة التموين العليا على كل أو بعض التدابير الآتية 1 - .......... 5 - الاستيلاء على أية واسطة....... أو عقار أو أي منقول........" يدل على أن المشرع قصد إلى أن يكون هذا الاستيلاء مختلفاً عن الاستيلاء المؤقت المنصوص عليه في قانون نزع الملكية للمنفعة العامة رقم 577 لسنة 1954 الذي نص فيه على تأقيت القرار بمدة أقصاها ثلاث سنوات والاختلاف بين قرار الاستيلاء في كل من القانونين ظاهر في أن استيلاء وزارة التموين على الأشياء غير محدد مدة معينة في حين أن الاستيلاء المؤقت طبقاً لقانون نزع الملكية محددة مدته ابتداء بحيث لا تزيد على ثلاث سنوات وقد رسم المشرع لكل حالة إجراءات وأحكام خاصة بتقدير مقابل الانتفاع ولم يضع في القانون الأول قواعد خاصة لتقدير ثمن العقار مهما طالت مدة الاستيلاء عليه بينما عمد بالنسبة للاستيلاء الذي تزيد مدته على ثلاث سنوات في قانون نزع الملكية إلى بيان كيفية تقدير ثمن العقار المستولى عليه، وإذ كان إنهاء قرار الاستيلاء على العقار الصادر وفقاً لأحكام القانون رقم 95 لسنة 1945 رهن بصدور قرار من وزير التموين برده إلى صاحبه إذا ما انتفت الحاجة إليه وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وأقام قضاءه بالإخلاء للعقار محل النزاع على سند من أن قرار وزير التموين بالاستيلاء عليه هو استيلاء مؤقت يحكمه قانون نزع الملكية للمنفعة العامة رقم 577 لسنة 1954 وقد زال أثره بانقضاء ثلاث سنوات من تاريخ صدوره دون أن تتخذ الجهة الإدارية إجراءات نزع الملكية فإنه يكون قد خالف صحيح القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 9818 لسنة 1983 مدني كلي شمال القاهرة على الشركة الطاعنة طالباً الحكم - بحسب طلباته الختامية فيها بإخلاء العين المؤجرة لها وتسليمها إليه وقال شرحاً لدعواه أنه بموجب عقد إيجار مؤرخ 16/ 6/ 1967 استأجرت منه الشركة قطعة أرض فضاء لمدة عشر سنوات تجدد بعد ذلك سنوياً. وقد أخطرها بتاريخ 9/ 4/ 1980 بعدم رغبته في تجديد العقد إلا أن السيد وزير التموين أصدر القرار رقم 34 بتاريخ 13/ 2/ 1980 بالاستيلاء على عين النزاع، وإذا انقضى على هذا الاستيلاء مدة تزيد على ثلاث سنوات فقد أقام الدعوى، دفعت الشركة الطاعنة بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى، وبعدم جواز نظرها لسابقة الفصل فيها بالحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 1357 لسنة 34 ق، وبتاريخ 30/ 12/ 1985 حكمت المحكمة برفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها، وبعدم قبول الدعوى لرفعها قبل الأوان - استأنف المطعون ضده هذا الحكم بالاستئناف رقم 1625 لسنة 103 ق القاهرة، وبتاريخ 26/ 2/ 1987 حكمت المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف فيما قضى به من عدم قبول الدعوى لرفعها قبل الأوان وبإخلاء الأرض محل النزاع وتسليمها للمطعون ضده وتأييده فيما عدا ذلك. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة رأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ستة أسباب تنعى الطاعنة بالسبب الرابع منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك تقول أن طلب إخلاء الأرض محل النزاع يتضمن التعرض للقرار الإداري الصادر بالاستيلاء على هذه العين وإذ أطرح الحكم المطعون فيه الدفع المبدى منها بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن المطعون ضده بعد أن قصر طلباته أمام محكمة أول درجة على طلب الحكم بإخلاء العين المؤجرة، لم يجادل في صحة قرار الاستيلاء أو تفسيره أو تأويله وإنما انصبت منازعته على تجرد وضع يد الشركة الطاعنة من سبب مشروع يبرر حيازتها للعين بعد انتهاء مدة الاستيلاء والتي رأى أنها تنتهي بانقضاء ثلاث سنوات من تاريخ صدور القرار، ومن ثم فإن الدعوى على هذه الصورة لا تثير ثمة منازعة إدارية بل تعد منازعة مدنية يختص بنظرها محاكم القضاء المدني لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بتأييد الحكم الابتدائي فيما تضمنته أسبابه من رفض الدفع بعدم الاختصاص الولائي، فإنه لا يكون قد خالف القانون ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون وفي بيان ذلك تقول أن إعلانها بأصل صحيفة الاستئناف قد تم باطلاً لعدم تسليم صورتها إلى رئيس مجلس الإدارة أو في المحل المختار للشركة وهو إدارتها القانونية ولذلك فقد تمسكت باعتبار الاستئناف كأن لم يكن لانقضاء الميعاد المحدد لإعلان صحيفة، إلا أن الحكم رفض هذا الدفع على سند من أن وكيل الشركة حضر بجلسة 22/ 10/ 1986 وأبدى دفاعه الموضوعي رغم مخالفة ذلك لما هو ثابت بمحضر الجلسة الأمر الذي يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أن النص في المادة الثالثة من مواد إصدار القانون رقم 47 لسنة 1973 بشأن الإدارات القانونية بالمؤسسات العامة والهيئات العامة والوحدات التابعة لها على أنه استثناء من الأحكام المقررة في قانون المرافعات المدنية والتجارية تسلم إعلانات صحف الدعاوى وصحف الطعن والأحكام المتعلقة بالهيئات العامة أو المؤسسات العامة أو الوحدات التابعة لها في مركز إدارتها لرئيس مجلس الإدارة يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على وجوب تسليم صورة الورقة المراد إعلانها بالنسبة إلى الأشخاص الاعتبارية السابق بيانها لرئيس مجلس الإدارة أو من ينوب عنه، ولما كان البين من الأوراق أن صحيفة الاستئناف أودعت قلم كتاب المحكمة بتاريخ 3/ 2/ 1986 وتم إعلانها في 20/ 4/ 1986 إلى رئيس مجلس إدارة الشركة بصفته - مخاطباً مع الموظف المختص وفي مركزها الرئيسي 7 أ شارع يوسف نجيب بالعتبة - قسم الموسكي - القاهرة وهو ذات المقر الذي تم فيه إعلان صحيفة افتتاح الدعوى أمام محكمة أول درجة وإذ كانت الأوراق قد خلت مما يفيد أن مركز إدارة الشركة يغاير المقر الذي تم الإعلان فيه ومن ثم فإن إعلانها بصحيفة الاستئناف يكون قد تم صحيحاً وفقاً للقانون وفي خلال ثلاثة أشهر من تاريخ إيداعها قلم كتاب المحكمة وذلك إعمالاً لنص المادتين 70، 240 من قانون المرافعات ويكون الدفع المبدى من الشركة الطاعنة باعتبار الاستئناف كأن لم يكن على غير أساس وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى هذه النتيجة الصحيحة قانوناً فإن النعي على ما أورده في مدوناته من تقريرات خاطئة يكون غير منتج إذ لمحكمة النقض أن تستكمل أسبابه القانونية إذا ما شابها خطأ أو قصور.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والإخلال بحق الدفاع وفي بيان ذلك تقول الطاعنة أنها تمسكت أمام محكمة الموضوع - بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها بالحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 1357 لسنة 34 ق والذي قضى برفض الطعن على قرار الاستيلاء على العقار محل النزاع إلا أن الحكم المطعون فيه - التفت عن الرد على هذا الدفع مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الحكم السابق صدوره بين الخصوم أنفسهم لا يحوز قوة الأمر المقضي بالنسبة للدعوى اللاحقة إلا إذا اتحد الموضوع والسبب في كل من الدعويين وذلك وفقاً لنص المادة 101 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968، لما كان ذلك وكان البين من الأوراق أن الدعوى السابقة رقم 1357 لسنة 34 ق التي أقامها المطعون ضده على الشركة الطاعنة أمام محكمة القضاء الإداري كانت تتعلق بطلب إلغاء قرار وزارة التموين رقم 34 لسنة 1980 بالاستيلاء على الأرض محل النزاع استناداً إلى عدم مشروعيته، وقضت المحكمة برفضها، بينما أن الدعوى الحالية أقامها المطعون ضده على ذات الشركة بطلب إخلاء الأرض المشار إليها على أساس أن قرار الاستيلاء المذكور قد انتهى أثره بانقضاء ثلاث سنوات من تاريخ صدوره في 13/ 2/ 1980 تطبيقاً لأحكام القانون رقم 577 لسنة 1954 بشأن نزع الملكية للمنفعة العامة، ومن ثم فإن كلاً من هاتين الدعويين تختلف عن الأخرى موضوعاً وسبباً وإن اتحد الخصوم فيهما، وإذ كان الحكم السابق صدوره لم يفصل في المسألة الأساسية التي تقوم عليها الدعوى لسبق الفصل فيها فإنه لا يكون قد خالف القانون ولا عليه إن هو لم يرد على هذا الدفاع بأسباب خاصة، ذلك أن محكمة الاستئناف - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة إذا ما قضت بتعديل الحكم المستأنف لا تلتزم إلا بتسبيب الشق الخاص من الحكم الابتدائي الذي شمله التعديل، ويعتبر الشق الآخر الذي أبدته محمولاً على ذات الأسباب التي استندت إليها محكمة أول درجة ولو خلا الحكم الاستئنافي من إحالة صريحة عليها ومن ثم فإن النعي برمته يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعي بالأسباب الأول والخامس والسادس من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك تقول أن قرار الاستيلاء رقم 34 لسنة 1980 والمتعلق بعين النزاع صدر استناداً إلى أحكام المرسوم بقانون المشار إليه قد خول لوزير التموين الحق في الاستيلاء إذا انتفت القانون رقم 577 لسنة 1954 الخاص بنزع الملكية للمنفعة العامة، ولما كان المرسوم بقانون المشار إليه قد خول لوزير التموين الحق في الاستيلاء على العقارات والمواد الأخرى المبينة فيه وجعل له الحق في إنهاء الاستيلاء إذا انتفت الحاجة إلى الأشياء المستولى عليها ومن ثم يكون غير محدد بزمن معين، وإذ كان الحكم - قد وصف واقعة الاستيلاء على الأرض محل النزاع بأنها من حالات الاستيلاء المؤقت وفقاً لأحكام قانون نزع الملكية للمنفعة العامة وأعمل مقتضاها، فإنه يكون قد أخطأ في تطبق القانون.
وحيث إن النعي سديد، ذلك أن النص في المادة الأولى من القانون رقم 95 لسنة 1945 الخاص بشئون التموين على أنه "يجوز لوزير التموين لضمان تموين البلاد بالمواد الغذائية وغيرها من مواد الحاجيات الأولية وخامات الصناعة والبناء ولتحقيق العدالة في توزيعها أن يتخذ بقرارات يصدرها بموافقة لجنة التموين العليا على كل أو بعض التدابير الآتية 1 - ......... 5 - الاستيلاء على أية واسطة........ أو عقار أو أي منقول........" يدل على أن المشرع قصد إلى أن يكون هذا الاستيلاء مختلفاً عن الاستيلاء المؤقت المنصوص عليه في قانون نزع الملكية للمنفعة العامة رقم 577 لسنة 1954 الذي نص فيه على تأقيت القرار بمدة أقصاها ثلاث سنوات، والاختلاف بين قرار الاستيلاء في كل من القانونين ظاهر في أن استيلاء وزارة التموين على الأشياء غير محدد بمدة معينة في حين أن الاستيلاء المؤقت طبقاً لقانون نزع الملكية محددة مدته ابتداء بحيث لا تزيد على ثلاث سنوات، وقد رسم المشرع لكل حالة إجراءات وأحكام خاصة بتقدير مقابل الانتفاع، ولم يضع في القانون الأول قواعد خاصة بتقدير ثمن العقار مهما طالت مدة الاستيلاء عليه بينما عمد بالنسبة للاستيلاء الذي تزيد مدته على ثلاث سنوات في قانون نزع الملكية إلى بيان كيفية تقدير ثمن العقار المستولى عليه، وإذ كان إنهاء قرار الاستيلاء على العقار الصادر وفقاً لأحكام القانون رقم 95 لسنة 1945 رهن بصدور قرار من وزير التموين برده إلى صاحبه إذا ما انتفت الحاجة إليه، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وأقام قضاءه بإخلاء العقار محل النزاع على سند من أن قرار وزير التموين بالاستيلاء عليه هو استيلاء مؤقت يحكمه قانون نزع الملكية للمنفعة العامة رقم 577 لسنة 1954 وقد زال أثره بانقضاء ثلاث سنوات من تاريخ صدوره دون أن تتخذ الجهة الإدارية إجراءات نزع الملكية، فإنه يكون قد خالف صحيح القانون بما يستوجب نقضه لهذا السبب.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم وإذ خلت الأوراق مما يفيد صدور قرار من الوزير المختص بإنهاء الاستيلاء على الأرض محل النزاع فإنه يتعين رفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف.