أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 39 - صـ 218

جلسة 8 من فبراير سنة 1988

برئاسة السيد المستشار/ الدكتور عبد المنعم بركة - نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد فؤاد بدر - نائب رئيس المحكمة، كمال نافع، محمد مصباح ويحيى عارف.

(48)
الطعن رقم 2296 لسنة 51 القضائية

(1 - 2) إيجار "إيجار الأماكن". "الامتداد القانوني". "المساكنة".
(1) المستأجر للمسكن هو الطرف الأصلي في عقد الإيجار. عدم اعتباره. نائباً عن الأشخاص الذين عددتهم المادة 29 ق 49 لسنة 1977. امتداد عقد الإيجار لصالح المقيمين منهم معه عند وفاته أو تركه للعين.
(2) المساكنة. ماهيتها. المشاركة السكنية مع المستأجر منذ بدء الإجارة. حق المساكن في البقاء بالعين المؤجرة بعد ترك المستأجر الأصلي أو إقامته ولو كان من غير من ورد ذكرهم بالمادة 29 ق 49 لسنة 1977 طالما لم تنقطع إقامته بها. علة ذلك.
(3 - 5) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الأدلة". إثبات "الإقرار غير القضائي". خبرة.
(3) الإقرار غير القضائي. حجيته قاصرة على المقر. خضوعه لتقدير محكمة الموضوع. شرطه. إقامته على أسباب سائغة.
(4) طلب ندب خبير. عدم التزام محكمة الموضوع بإجابته. إغفال الإشارة إليه قضاء ضمني بالرفض.
(5) تقدير الأدلة والمستندات المقدمة في الدعوى وأقوال الشهود والموازنة بينها. من سلطة محكمة الموضوع. لها الأخذ بأقوال شاهد دون آخر. شرطه. عدم الخروج بأقوالهم إلى ما لا يؤدي إليه مدلولها حسبها أن تبين الحقيقة التي اقتنعت بها وأن تقيم قضاءها على أسباب سائغة. عدم التزامها بتتبع حجج الخصوم وطلباتهم والرد عليها استقلالاً. علة ذلك.
1 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه وإن كان المشرع لم يعتبر المستأجر لعين للسكنى نائباً عن الأشخاص الذين عددهم نص المادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977، ولذلك عنى بالنص على استمرار عقد الإيجار لمصلحة من يكون مقيماً منهم معه عند وفاته أو تركه للعين.
2 - المساكنة تنشئ للمنتفعين بالعين المؤجرة من غير الأقارب المنصوص عليهم في المادة سالفة البيان، حقاً في البقاء فيها بالرغم من ترك المستأجر لها أو وفاته بشرط أن يثبت حصولها عند بدء الإيجار، ما دام أن إقامة هؤلاء المساكنين في العين لم تنقطع فإنه يحق لهم الإفادة من الامتداد القانوني، فإن شغل هؤلاء للعين بعد ترك المستأجر لها أو في حالة وفاته، يكون له سنده القانوني، ولا ينال من هذا النظر أن المشرع قد عدد في المادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977 فئات أقارب مستأجر عين للسكنى ممن يحق لهم الاستناد إلى مساكنتهم له كي يمتد عقد الإيجار لصالحهم بعد وفاته أو تركه للعين، ذلك لأن تخصيصهم بالذكر في النص لا ينفي حق من عداهم في التمسك بالمساكنة وما رتبه القانون عليه من استمرارهم فيها في الحالتين سالفتي الذكر، لأن حقهم مصدره ما تعارف المالكون والمستأجرون عليه في استمرار واضطراد من تحرير عقد الإيجار باسم مستأجر واحد في حالة تعددهم عند استئجار عين واحدة.
3- المقرر أن حجية الإقرار وفقاً لنص المادة 104 من قانون الإثبات قاصرة على المقر، ويخضع الإقرار غير القضائي لتقدير محكمة الموضوع ولها ألا تأخذ به أصلاً ولا معقب على تقديرها في ذلك متى بني على أسباب سائغة.
4 - محكمة الموضوع غير ملزمة بإجابة طلب ندب خبير متى وجدت في أوراق الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدتها للفصل فيها، وقضاؤها فيها دون إشارة إليه يعتبر قضاءً ضمنياً برفضه.
5 - محكمة الموضوع لها السلطة التامة في تقدير الأدلة والمستندات التي تقدم إليها وفي الموازنة بينها وترجيح ما تطمئن إليه وإطراح ما عداه وتقرير أقوال الشهود مرهون بما يطمئن إليه وجدانها، فلها أن تأخذ بأقوال شاهد دون آخر حسبما ترتاح إليه وتثق به ولا سلطان لأحد عليها إلا أن تخرج بتلك الأقوال إلى ما لا يؤدي إليه مدلولها، وحسبها أن تبين الحقيقة التي اقتنعت بها وأن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله، ولا عليها من بعد أن تتبع الخصوم في مختلف أقوالهم وحججهم وطلباتهم وترد استقلالاً على كل قول أو حجة أو طلب أثاروه ما دام في قيام الحقيقة التي أوردت دليلها الرد الضمني المسقط لتلك الأقوال والحجج والطلبات.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضدهما أقاما الدعوى رقم 5875 لسنة 1977 مدني كلي جنوب القاهرة على الطاعن بطلب الحكم بإلزامه بتحرير عقد بتأجير العين المبينة بالصحيفة وعقد الإيجار المؤرخ 17/ 6/ 1961 لهما بذات الشروط الواردة بذلك العقد، وقالا بياناً لذلك، إن....... استأجر تلك العين بموجب العقد المذكور لتكون سكناً له وأسرته المكونة من والدته والمطعون ضدها الأولى وبوفاة المستأجر الأصلي في 1/ 1/ 1973 ومن بعده والدته بتاريخ 31/ 5/ 1977 اقتصر الانتفاع بالعين على المطعون ضدها الأولى وزوجها - المطعون ضده الثاني - الذي أقام معها منذ إحدى عشرة سنة سابقة على وفاة والدتها بالتبني. كما أقامت المطعون ضدها الأولى الدعوى رقم 2136 لسنة 1978 مدني كلي جنوب القاهرة على الطاعن بطلب الحكم بإلزامه بتحرير عقد إيجار لها عن عين النزاع، وبنت دعواها على ذات أسانيد الدعوى السابق. وأقام الطاعن الدعوى رقم 7686 لسنة 1978 مدني كلى جنوب القاهرة على المطعون ضدهما بطلب الحكم بإخلائهما من عين النزاع، وقال في بيان ذلك، إنه عقب وفاة المستأجر الأصلي....... أصبح عقد الإيجار منتهاً إلا أن والدته طلبت اعتبارها المنتفعة الوحيدة بتلك العين وأقرت بذلك ثم توفيت بتاريخ 31/ 5/ 1977، بيد أن المطعون ضدهما استوليا على العين رغم وجود مسكن آخر لهما وزعما أنهما كانا يقيمان مع والدة المستأجر الأصلي، ولا رابطة تربطهما بهما سوى أنهما كانا قائمين على خدمتها، بعد أن ضمت المحكمة الدعويين الثانية والثالثة للأولى، قضت بتاريخ 27/ 1/ 1980 بإحالة الدعوى إلي التحقيق لإثبات ونفي ما دون بالمنطوق، وبعد سماع أقوال الشهود حكمت بتاريخ 28/ 5/ 1980 أولاً: في الدعويين رقمي 5875 السنة 1977، 2136 لسنة 1978 مدني كلي جنوب القاهرة بإلزام الطاعن بتحرير عقد إيجار عن عين النزاع للمطعون ضدها الأولى بذات شروط عقد الإيجار المؤرخ 17/ 6/ 1961 ثانياً: في الدعوى رقم 8686 لسنة 1978 مدني كلي جنوب القاهرة برفضها، استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 4349 لسنة 97 ق القاهرة، وبتاريخ 24/ 1/ 1981 قضت المحكمة بإحالة الدعوى إلي التحقيق لإثبات ونفي ما دون بالمنطوق، وبعد أن سمعت أقوال الشهود حكمت بتاريخ 27/ 6/ 1981 بتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، إذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعى بها الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول أنه تمسك بصحيفة الاستئناف وبمذكرته المقدمة بجلسة 7/ 1/ 1981 بأن للمطعون ضدهما مسكناً آخر وطلب إحالة الدعوى إلى التحقيق واحتياطياً ندب خبير للتحقق من ذلك، وهو دفاع جوهري قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى، إلا أن الحكم لم يواجه هذا الدفاع واتخذ من أقوال الشهود ركيزة لقضائه، وأهدر الإقرار الصادر من والدة المستأجر الأصلي بِعَجُز عقد الإيجار ومفاده أنها المنتفعة الوحيدة بعين النزاع بعد وفاة ابنها، في حين أن أثر ذلك الإقرار يمتد إلى زاعمي المساكنة وفقاً لأحكام التشريع الاستثنائي، ولا محل لإعمال القواعد العامة والقول بأن حجية ذلك الإقرار قاصرة على المقر وورثته، وما تستند إليه المطعون ضدها الأولى من أنها ابنة بالتبني لوالدة المستأجر الأصلي لا يجعلها من بين الأقارب الذين يمتد إليهم عقد الإيجار طبقاً لنص المادة 29/ 1 من القانون رقم 49 لسنة 1977، إذ أن الشريعة الإسلامية لا تعرف نظام التبني، بيد أن الحكم خالف هذا النظر وخرج عن مدلول أقوال الشهود، إذ قرر شاهدا المطعون ضدهما بانتفاء القرابة بين المطعون ضدهما والمستأجر الأصلي، وأفصح الحكم عن سبب اطمئنانه لأقوال الشاهدين المذكورين بقوله أنها تتفق مع مستندات الدعوى رغم أن مفاد تلك المستندات أن إقامة المطعون ضدهما بعين التداعي كانت على سبيل الاستضافة، وذلك جميعه مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه وإن كان المشرع لم يعتبر المستأجر لعين للسكنى نائباً عن الأشخاص الذين عددهم نص المادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977، ولذلك عنى بالنص على استمرار عقد الإيجار لمصلحة من يكون مقيماً منهم معه عند وفاته أو تركه للعين، إلا أنه مع ذلك - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - فإن المساكنة تنشئ للمنتفعين بالعين المؤجرة من غير الأقارب المنصوص عليهم في المادة سالفة البيان، حقاً في البقاء فيها بالرغم من ترك المستأجر لها أو وفاته بشرط أن يثبت حصولها عند بدء الإيجار، ما دام أن إقامة هؤلاء المساكنين في العين لم تنقطع فإنه يحق لهم الإفادة من الامتداد القانوني، فإن شغل هؤلاء للعين بعد ترك المستأجر لها أو في حالة وفاته، يكون له سنده القانوني، ولا ينال من هذا النظر أن المشرع قد عدل في المادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977 فئات أقارب مستأجر عين للسكنى ممن يحق لهم الاستناد إلى مساكنتهم له كي يمتد عقد الإيجار لصالحهم بعد وفاته أو تركه للعين، ذلك لأن تخصيصهم بالذكر في ذلك النص لا ينفي حق من عداهم في التمسك بالمساكنة وما رتبه القانون عليه من استمرارهم فيها في الحالتين سالفتي الذكر، لأن حقهم مصدره ما تعارف المالكون عليه في استمرار واضطراد من تحرير عقد الإيجار باسم مستأجر واحد في حالة تعددهم عند استئجار عين واحدة ومن المقرر أن حجية الإقرار وفقاً لنص المادة 104 من قانون الإثبات قاصرة على المقر، ويخضع الإقرار غير القضائي لتقدير محكمة الموضوع ولها ألا تأخذ به أصلاً ولا معقب على تقديرها في ذلك متى بني على أسباب سائغة، كما أن محكمة الموضوع غير ملزمة بإجابة طلب ندب خبير متى وجدت في أوراق الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدتها للفصل فيها، وقضاؤها فيها دون إشارة إليه يعتبر قضاءً ضمنياً برفضه، ولها السلطة العامة في تقدير الأدلة والمستندات التي تقدم إليها وفي الموازنة بينهما وترجيح ما تطمئن إليه وإطراح ما عداه، وتقرير أقوال الشهود مرهون بما يطمئن إليه وجدانها فلها أن تأخذ بأقوال شاهد دون آخر حسبما ترتاح إليه وتثق به ولا سلطان لأحد عليها إلا أن تخرج بتلك الأقوال إلى ما لا يؤدي إليه مدلولها، وحسبها أن تبين الحقيقة التي اقتنعت بها وأن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله، ولا عليها من بعد أن تتبع الخصوم في مختلف أقوالهم وحججهم وطلباتهم وترد استقلالاً على كل قول أن حجة أو طلب أثاروه ما دام في قيام الحقيقة التي أوردت دليلها الرد الضمني المسقط لتلك الأقوال والحجج والطلبات، لما كان ذلك، وكانت محكمة الموضوع قد أجابت الطاعن إلى طلب إحالة الدعوى إلى التحقيق وأقامت قضاءها على ما استنبطته من أقوال شاهدي المطعون ضدهما وما توافر في الدعوى من قرائن من أن إقامة المطعون ضدها الأولى بعين النزاع كانت منذ بدء العلاقة الإيجارية وحتى وفاة المستأجر الأصلي واستمرت هذه الإقامة مع زوجها المطعون ضده الثاني بعد زواجها له، مما يكسبها حقاً في الاستمرار في العين المؤجرة بعد وفاة المستأجر الذي أبرم العقد باسمه، وأن المسكن الآخر المقال بأن المطعون ضدهما يحتجزانه خاص بأسرة المطعون ضده الثاني، وأنه لا عبرة في هذا الخصوص بإقرار والدة المستأجر الأصلي الذي تضمن أنها المنتفعة الوحيدة بالعين، وهي أسباب صحيحة وسائغة لها معينها الثابت بالأوراق وتكفي لحمل قضاء الحكم المطعون فيه وتؤدي إلى النتيجة التي خلص إليها، وتتضمن الرد الضمني المسقط لما ساقه الطاعن، وإذ كان ذلك، وكان ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه من أن المطعون ضدها الأولى ابنة بالتبني لوالدة المستأجر وأن الشريعة الإسلامية لا تقر التبني، فإنه لا يصادف محلاً من الحكم المطعون فيه لأنه أقام قضاءه على توافره شروط المساكنة. وهي لا تتطلب صلة قربى بين المستأجر ومن يشاركه في السكنى حسبما سلف بيانه، ومن ثم فإن النعي يكون على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.