أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 34 - صـ 1495

جلسة 28 من يونيه سنة 1983

برئاسة السيد المستشار محمد محمود الباجوري نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: جلال الدين أنسي، هاشم قراعة، مرزوق فكري وواصل علاء الدين.

(292)
الطعن رقم 50 لسنة 52 القضائية

1 - أحوال شخصية "دعوى الأحوال الشخصية". دفوع "الدفوع الشكلية". وقف.
إلغاء الفصل الرابع من الباب الثاني من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية الخاص برفع الدعوى قبل الجواب عنها. أثره. وجوب إعمال قواعد إبداء الدفوع الشكلية في قانون المرافعات على دعاوى الأحوال الشخصية والوقف.
2 - أحوال شخصية "التطليق للضرر".
التطليق للضرر. م 6 قانون 25 لسنة 1929. شرطه. أن تصبح العشرة بين الزوجين مستحيلة بسبب إيذاء الزوج لزوجته بالقول أو بالفعل إيذاء لا يليق بمثلها. بيان صور سوء المعاملة بصحيفة الدعوى كعناصر للضرر ليس من شأنه أن تتعدد الدعوى بتعددها. أثر ذلك.
3 - أحوال شخصية "الإثبات في مسائل الأحوال الشخصية" البينة الشرعية.
قبول شهادة القرابات بعضهم لبعض عدا شهادة الأصل لفرعه أو الفرع لأصله أو أحد الزوجين لصاحبه - وفق الراجع في فقه الحنفية - ما لم تتوافر لها أسباب التهمة من جلب مغنم أو دفع مغرم.
1 - المقرر وفقاًَ لنص المادة الخامسة من القانون رقم 462 لسنة 1955 بإلغاء المحاكم الشرعية والملية أنه في الأحوال التي يرد بشأنها قواعد خاصة في لائحة ترتيب المحاكم الشرعية يتعين إتباع الأحكام المقررة في قانون المرافعات، وإذ ألغى الفصل الرابع من الباب الثاني من هذه اللائحة والخاص برفع الدعوى قبل الجواب عنها بموجب نص المادة 13 من القانون رقم 462 لسنة 1955 السالف البيان فإنه يتعين إعمال القواعد المنصوص عليها في قانون المرافعات بشأن إبداء الدفوع الشكلية في دعاوى الأحوال الشخصية والوقف.
2 - مفاد المادة السادسة من القانون رقم 25 لسنة 1929 أن الشارع أوجب كي يحكم القاضي بالتطليق أن يكون الضرر أو الأذى واقعاً من الزوج دون الزوجة وأن تصبح العشرة بين الزوجين مستحيلة بين أمثالهما، وإذ يقصد بالضرر في هذا المجال إيذاء الزوج زوجته بالقول أو بالفعل إيذاء لا يليق بمثلها فإن ما تسوقه الزوجة في صحيفة دعواها من صور لسوء المعاملة التي تلقاها من زوجها لا تعدو أن تكون بياناً لعناصر الضرر الموجب للتطليق وفقاً لحكم المادة المشار إليها فلا تتعدد الدعوى بتعددها بل إنها تندرج في ركن الإضرار الذي هو الأساس في إقامتها ولا على محكمة الموضوع إن هي اجتزأت بعض هذه الصور طالما وجدت فيها ما يكفي لتحقق الضرر الموجب للتطليق ولا يحول ذلك دون وجوب إعادة النظر في الصور الأخرى الذي طرح النزاع أمام محكمة الاستئناف ذلك أن الاستئناف وفقاً لنص المادة 317 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية يعيد الدعوى إلى الحالة التي كانت عليها قبل صدور الحكم المستأنف وذلك بالنسبة لما رفع عنه الاستئناف.
3 - الراجع في فقه الحنفية أن شهادة القرابات بعضهم لبعض عدا شهادة الأصل لفرعه أو الفرع لأصله أو أحد الزوجين لصاحبه تقبل وذلك ما لم تتوافر لها أسباب التهمة من جلب مغنم أو دفع مغرم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليها أقامت الدعوى رقم 320 لسنة 1981 أحوال شخصية "نفس" أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية ضد الطاعن بطلب الحكم بتطليقها عليه طلقة بائنة, وقالت شرحاً لدعواها أنه تزوجها بصحيح العقد الشرعي، وإذ أضر بها بأن سبها وهجرها مدة تزيد على سنة بما لا يستطاع معه دوام العشرة بينهما فقد أقامت الدعوى. دفع الطاعن بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى تأسيساً على أن محل إقامته والمطعون عليها بمدينة الإسكندرية. أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق، وبعد سماعها شاهدي المطعون عليها حكمت في 29/ 6/ 1981 برفض الدفع بعدم اختصاصها محلياً بنظر الدعوى وبتطليق المطعون عليها على الطاعن طلقة بائنة. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 349 لسنة 98 ق القاهرة. وفي 22/ 6/ 1982 حكمت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعي الطاعن بالوجه الأول من السبب الأول وبالسببين الثالث والرابع على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع. وفي بيان ذلك يقول أن الحكم ساير قضاء محكمة أول درجة برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة محلياً بنظر الدعوى على سند من أن الثابت بصحيفة افتتاح الدعوى أن المطعون عليها تقيم بالقاهرة ولم يقدم الطاعن ما يغاير ذلك وأن الشاهد الثاني من شاهدي المطعون عليها شهد بمغادرتها الإسكندرية إلى القاهرة في حين أن ما ورد بصحيفة الدعوى ليس دليلاً على محل الإقامة وأن شهادة الشاهد المذكور وحده لم يكتمل بها النصاب الشرعي للبينة وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية كما أن الدعوى حفلت بالمستندات القاطعة في إقامة المطعون عليها بمدينة الإسكندرية ومع ذلك فقد أطرحت المحكمة دلالتها لحملها تواريخ سابقة على رفع الدعوى في حين أنه لا يلزم تقديم أدلة جديدة على الإقامة الثابتة قبل رفع الدعوى، كما أنها أغفلت طلب إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات إقامة المطعون عليها بمدينة الإسكندرية وهو ما يعيب حكمها بالخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال فضلاً عن الإخلال بحق الدفاع.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أن المقرر وفقاًَ لنص المادة الخامسة من القانون رقم 462 لسنة 1955 بإلغاء المحاكم الشرعية والملية أنه في الأحوال التي لم يرد بشأنها قواعد خاصة في لائحة ترتيب المحاكم الشرعية يتعين إتباع الأحكام المقررة في قانون المرافعات، وإذ ألغى الفصل الرابع من الباب الثاني من هذه اللائحة والخاص بدفع الدعوى قبل الجواب عنها بموجب نص المادة 13 من القانون رقم 462 لسنة 1955 السالف البيان فإنه يتعين إعمال القواعد المنصوص عليها في قانون المرافعات بشأن إبداء الدفوع الشكلية في دعاوى الأحوال الشخصية والوقف ومنها ما تنص عليها المادة 108 منه من أن "الدفع بعدم الاختصاص المحلي والدفع بإحالة الدعوى إلى محكمة أخرى لقيام ذات النزاع أمامها.. يجب إبداؤها معاً قبل إبداء أي طلب أو دفاع في الدعوى أو دفع بعدم القبول وإلا سقط الحق فيما لم يبد منها.. ويجب إبداء جميع الوجوه التي يبنى عليها الدفع المتعلق بالإجراءات معاً وإلا سقط الحق فيما لم يبد منها" وإذ كان مؤدى هذا النص أنه يتعين على الخصم الذي يرغب في التمسك بالدفوع المتعلقة بالإجراءات أن يبديها معاً قبل التكلم في موضوع الدعوى وأن يبدي كافة الأوجه التي يقوم عليها كل منها دفعة واحدة وإلا سقط حقه في التمسك بما لم يبده منها، وكان الثابت بالأوراق أن الطاعن دفع بجلسة 18/ 5/ 1981 أمام محكمة أول درجة بعدم اختصاصها محلياً بنظر الدعوى تأسيساً على أنه يقيم بمدينة الإسكندرية ثم عاد في جلسة تالية وأضاف وجهاًَ جديداً لدفعه هو أن خصيمته المدعية تقيم أيضاً بذات المدينة، فإن حقه في التمسك بهذا الوجه الأخير يكون قد سقط، ويكون نعيه في خصوص ما أورده الحكم المستأنف والمؤيد بالحكم المطعون فيه من أسباب لقضائه برفض الدفع بعدم الاختصاص المحلي لثبوت إقامة المطعون عليها بالقاهرة في المحل المبين بصحيفة الدعوى - أياً كان وجه الرأي فيه - غير منتج ومن ثم غير مقبول.
وحيث إن الطاعن ينعي بالوجهين الثاني والثالث من السبب الأول وبالسبب الثاني من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والتناقض. وفي بيان ذلك أن أولهما يمت إلى المشهود لها بصلة القرابة وتوجد بينه وبينه خصومة دنيوية وجاءت أقواله متناقضة في خصوص واقعة الهجر المدعي بها، وأما الشاهد الثاني فقد اقتصرت شهادته على الهجر دون السب فلا يتوافر لواقعة التعدي به نصاب الشهادة هذا إلى أنه أيد الحكم الابتدائي على سند من ثبوت واقعتي السب والهجر في حين أنه قضى بالتطليق للهجر وحده وهو ما يعيبه بمخالفة القانون بإضافته سبباً جديداً للدعوى فضلاً عن تناقضه وخطئه في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أن النص في المادة السادسة من القانون رقم 25 لسنة 1929 ببعض أحكام الأحوال الشخصية على أنه "إذا أدعت الزوجة إضرار الزوج بها بما لا يستطاع معه دوام العشرة بين أمثالهما يجوز لها أن تطلب من القاضي التفريق، وحينئذ يطلقها طلقة بائنة إذا ثبت الضرر وعجز عن الإصلاح بينهما" يدل على أن الشارع أوجب كي يحكم القاضي بالتطليق أن يكون الضرر أو الأذى واقعاً من الزوج دون الزوجة وأن تصبح العشرة بين الزوجين مستحيلة بين أمثالهما، وإذ يقصد بالضرر في هذا المجال إيذاء الزوج زوجته بالقول أو بالفعل إيذاء لا يليق بمثلها فإن ما تسوقه الزوجة في صحيفة دعواها من صور لسوء المعاملة التي تلقاها من زوجها لا تعدو أن تكون بياناً لعناصر الضرر الموجب للتطليق وفقاً لحكم المادة المشار إليها فلا تتعدد الدعوى بتعددها بل إنها تندرج في ركن الإضرار الذي هو الأساس في إقامتها ولا على محكمة الموضوع إن هي اجتزأت بعض هذه الصور طالما وجدت فيها ما يكفي لتحقق الضرر الموجب للتطليق ولا يحول ذلك دون وجوب إعادة النظر في الصور الأخرى لدى طرح النزاع أمام محكمة الاستئناف ذلك أن الاستئناف وفقاً لنص المادة 317 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية يعيد الدعوى إلى الحالة التي كانت عليها قبل صدور الحكم المستأنف وذلك بالنسبة لما رفع عنه الاستئناف. لما كان ذلك وكان الثابت بالأوراق أن المطعون عليها أقامت دعواها بطلب التطليق تأسيساً على إيذاء الطاعن لها بهجره إياها وتعديه عليها بالسب. فإن إقامة الحكم المستأنف قضاءه بالتطليق على سند من ثبوت الضرر الناجم عن الهجر لا يحول دون وجوب تمحيص صورة الإيذاء الأخرى التي تنسب فيها المطعون عليها إلى الطاعن تعديه عليها بالسب بمعرفة محكمة الاستئناف ومن ثم فإن تأييدها الحكم المستأنف على سند من ثبوت الإيذاء بكلتى الصورتين لا يعد إضافة لسبب جديد ويكون النعي على حكمها بمخالفة القانون في هذا الخصوص غير سديد. لما كان ما تقدم، وكان الراجح في فقه الحنفية أن شهادة القرابات بعضهم لبعض عدا شهادة الأصل لفرعه أو الفرع لأصله أو أحد الزوجين لصاحبه تقبل وذلك ما لم تتوافر لها أسباب التهمة من جلب مغنم أو دفع مغرم، وكان الثابت من الأوراق أن شاهدي المطعون عليها ليسا أصولها أو فروعها وأنها خلو من الدليل على قيام أية خصومة دنيوية بين الطاعن وبين الشاهد الأول منهما وأنه لم تعتر شهادته ثمة تناقض في حصوله واقعة الهجر المدعي بها، وكان يكفي لتوافر الشهادة على قيام الضرر الموجب للتطليق - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن تتفق شهادة الشاهدين على إيذاء الزوج زوجته على وجه معين تتضرر منه ولا ترى معه الصبر والإقامة معه وذلك دون أن يشترط لذلك أن تنصب شهادتهما على كل واقعة من الوقائع التي تشكل هذا الإيذاء، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه خطأ في تطبيق القانون لقبوله البينة المقدمة من المطعون عليها يكون على غير أساس. لما كان ما سلف وكانت محكمة أول درجة قد اكتفت في قضائها بالتطليق بما تحقق لديها من ثبوت واقعة الهجر فإن تأييد الحكم المطعون فيه هذا القضاء لتحقق الضرر من الهجر ومن التعدي عليها بالسب لا ينطوي على أي تناقض ويكون النعي في هذا الخصوص في غير محله.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن