أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 34 - صـ 1501

جلسة 28 من يونيه سنة 1983

برئاسة السيد المستشار محمد محمود الباجوري نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد جلال الدين رافع، جلال الدين أنسي، هاشم قراعة ومرزوق فكري.

(293)
الطعن رقم 1940 لسنة 49 القضائية

1 - أحوال شخصية. وقف "التدخل في قضايا الوقف". نيابة عامة.
وجوب تدخل النيابة العامة في قضايا الوقف. م 1 قانون 628 لسنة 1955. شرطه.
2، 3 - دعوى "الخصوم في الدعوى" "دعوى عزل المصفي". تجزئة. قضاء مستعجل.
2 - حرية المدعي في تحديد نطاق الخصومة من حيث الخصوم، ما لم يوجب القانون اختصام أشخاص معينين فيها.
3 - دعوى عزل المصفي، عدم مساسها بنظام التصفية ذاته، قيامها على ما يوجه إلى إدارة المصفي أو شخصه من تجريح في أداء المهمة المنوط بها. أثره. جواز إقامتها أمام القضاء المستعجل، متى توافر الخطر العاجل.
1 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن تدخل النيابة العامة وجوبياً في المسائل المتعلقة بالوقف أهليّاً كان أو خيرياً طبقاً لنص المادة الأولى من القانون رقم 628 لسنة 1955 مرهون بأن يكون النزاع متعلقاً بإنشاء الوقف أو بالاستحقاق فيه أو بسائر مسائله مما كان الاختصاص بنظرها للمحاكم الشرعية قبل إلغائها بالقانون رقم 466 لسنة 1955.
2 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن رافع الدعوى له مطلق الحرية في تحديد نطاق الخصومة من حيث الخصوم إلا إذا أوجب عليه القانون اختصام أشخاص معينين فيها.
3 - الدعوى بعزل المصفي لا تمس نظام التصفية ذاته وإنما تقوم على ما يوجه إلى إدارته أو إلى شخصه من تجريح في أداء المهمة المنوط بها فتجوز إقامتها أمام القضاء المستعجل متى توافر هذا الخطر تعين عليه القضاء بعزل المصفي وله في هذه الحالة أن يعين حارساً قضائياً لإدارة المال موضوع التصفية لحين تعيين مصفي آخر.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليهم عدا الأخير (هيئة الأوقاف) أقاموا الدعوى رقم 4171 لسنة 1976 مدني أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية ضد الطاعن والمطعون عليها الأخيرة للحكم بإلزام الأول بتقديم حساب عن إدارته لأعيان وقف المرحوم...... في المدة من 1/ 9/ 1955 حتى 31/ 8/ 1977 وندب خبير لفحص الحساب وبصفة مستعجلة بعزل الطاعن من الحراسة على الوقف وتصفيته وتعيين المطعون عليهم الأول والسابع والعشرين والثامن والعشرين حراساً ومصفين بدلاً منه. وقالوا بياناً للدعوى أنهم من المستحقين لوقف المرحوم..... وأن الطاعن عين حارساً عليه بالحكم الصادر في الدعوى رقم 4215 لسنة 1955 مستعجل الإسكندرية ومصفيّاً له بالحكم في الدعوى 1603 لسنة 1955 مدني كلي الإسكندرية بيد أنه أخل بمقتضيات الأمانة فأساء إدارة الوقف وقدم عنها حسابات غير صحيحة وباع بعض أعيانه واستولى على ثمنها لنفسه وزعم لهيئة الأوقاف أن الوقف مغتصب لأنه في واقع الأمر وقف خيري ووعد بتزويدها بالمستندات المؤيدة لذلك مقابل حصوله على المكافأة المقررة كما استمر في مباشرة إدارة الوقف وتصفيته بالوكالة عن بعض المستحقين إلى ما بعد وفاتهم واستغل حاجة البعض الآخر فاستوقعهم على إقرارات بدفع نسبة من مستحقاتهم إليه مقابل إداراته للوقف في حين أنه عين حارساً ومصفياً له بدون أجر، وإذ أفقدته هذه التصرفات ثقة غالبية المستحقين فقد أقاموا الدعوى. طلبت المطعون عليها الأخيرة (هيئة الأوقاف) الحكم باستحقاقها لأعيان الوقف باعتباره وقفاً خيريّاً. ودفع الطاعن ببطلان صحيفة الدعوى وبانعدام الخصومة وبعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة لأنها لم ترفع من جميع المستحقين في الوقف فضلاً عن أنه لم يحكم للمطعون عليهم بالاستحقاق فيه. وفي 24/ 6/ 1978 حكمت المحكمة برفض الدفع الأول ثم حكمت بتاريخ 13/ 1/ 1979 برفض الدفعين بعدم القبول وبصفة مستعجلة برفض طلب عزل الطاعن من الحراسة والتصفية. استأنف المطعون عليهم هذا الحكم بالاستئناف رقم 96 لسنة 35 ق الإسكندرية، وفي 27/ 6/ 1979 حكمت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وتعيين المطعون عليه الأول حارساً ومصفيّاًَ للوقف لتنفيذ المهام المحددة بمقتضى حكمي الحراسة والتصفية. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعي الطاعن بالوجه الثالث من السبب الثالث منها على الحكم المطعون فيه البطلان لعدم تدخل النيابة العامة في الدعوى.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه لما كان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن تدخل النيابة العامة وجوبيّاً في المسائل المتعلقة بالوقف أهلياً كان أو خيريّاً طبقاً لنص المادة الأولى من القانون رقم 628 لسنة 1955 مرهون بأن يكون النزاع متعلقاً بإنشاء الوقف أو بالاستحقاق فيه أو بسائر مسائله مما كان الاختصاص بنظرها للمحاكم الشرعية قبل إلغائها بالقانون رقم 466 لسنة 1955، وكان الثابت بالأوراق أن منازعة المطعون عليها الثانية تقوم على تبعية أعيان النزاع لجهة الوقف الخيري وليس لوقف....... الأهلي موضوع النزاع وهي مسألة لا تتعلق بأصل الوقف وبسائر مسائلة المشار إليها، فإن تدخل النيابة العامة في الدعوى لا يكون وجوبياً ويكون النعي على الحكم بالبطلان لعدم حصول هذا التدخل على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون. وفي بيان ذلك يقول الطاعن أنه تمسك أمام محكمة الموضوع بدرجتيها بعدم قبول الدعوى لعدم اختصام جميع الممثلين في دعوى الحراسة والتصفية إلا أن الحكم أقام قضاءه برفض الدفع بعدم القبول على سند من أن الدعوى وقد رفعت بطلب استبدال الحارس والمصفي ليست من الدعاوى التي يوجب القانون فيها اختصام - أشخاص معينين في حين أن كلاً من الحارس والمصفي نائب عن المستحقين للمال الشائع فلا تستقيم الدعوى بطلب عزله أو استبداله إلا باختصامهم جميعاً لما يستلزمه الفصل فيها من استطلاع رأي أصحاب الأغلبية في الاستحقاق.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن رافع الدعوى له مطلق الحرية في تحديد نطاق الخصومة من حيث الخصوم فيها إلا إذا أوجب عليه القانون اختصام أشخاص معينين فيها، وكان عزل المصفي أو الحارس لا يتوقف على اتفاق ذوي الشأن وإنما على توافر الأسباب المبررة له فإنه لا أساس لوجوب اختصام جميع المستحقين للمال الشائع موضوع الحراسة أو التصفية، ويكون النعي على الحكم المطعون فيه قضاءه برفض الدفع بعدم قبول الدعوى رغم عدم اختصامهم جميعاً في غير محله.
وحيث إن حاصل النعي بباقي أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال. وفي بيان ذلك يقول الطاعن أن الحكم إذ قضى بصفة مستعجلة باستبدال المطعون عليه الأول به لتولي مهمة التصفية قد خالف ما تقضي به قواعد الاختصاص النوعي من أن يكون هذا الاستبدال بحكم موضوعي فضلاً عما يقتضيه الفصل في ذلك من المساس بأصل الحق مما يمتنع على القضاء المستعجل هذا إلى أن الحكم أقام قضاءه بعزله من الحراسة والتصفية على سند من توافر الخطر من استمراره في القيام بمهامها استخلاصاً من أن كشوف الحساب التي أودعها بملفي الحراسة والتصفية جاءت مقتضبة ومحررة باسمه الخاص وأن ما ورد بكتاب هيئة الأوقاف من أنه أبدى استعداده لها لإثبات تبعية الواقف لجهة الخيرات وما أقدم عليه من بيع بعض أطيانه بالمزاد القضائي الاختياري مما يدل على عدم أمانته على مصالح المطعون عليهم أصحاب الأغلبية في الاستحقاق، في حين أن كشوف الحساب بالحالة التي قدمت عليها لا تدل بذاتها على عدم أمانته ولا وجه للاحتجاج عليه بما تضمنه كتاب هيئة الأوقاف بعد أن ادعى بتزويره كما أن ما حرره من عقود بيع كان بموافقة محكمة بيوع المختصة وبناء على إجراءات لم تكن محل طعن من أحد وأنه لم يقض للمطعون عليهم باستحقاقهم في الوقف وهو ما يعيب الحكم بالقصور والفساد في الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن الدعوى بطلب عزل المصفي لا تمس نظام التصفية ذاته وإنما تقوم على ما يوجه إلى إدارته أو إلى شخصه من تجريح في أداء المهمة المنوط بها فتجوز إقامتها أمام القضاء المستعجل متى توافر خطر عاجل يتهدد مصالح ذوي الشأن من استمرار المصفي في تولي أعمال التصفية ومتى تحقق القاضي المستعجل من قيام هذا الخطر تعين عليه القضاء بعزل المصفي وله في هذه الحالة أن يعين حارساً قضائياً لإدارة المال موضوع التصفية لحين تعيين مصفي آخر. لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بعزل المصفي - الطاعن - لما نسب إليه من تصرفات تعرض مصالح المطعون عليهم للخطر العاجل لا يكون قد خالف قواعد الاختصاص النوعي وأنه وإن خالفها بقضائه بتعيين المطعون عليه الأول مصفيّاً بدلاً منه وهو ما يدخل في اختصاص قاضي الموضوع باعتبار أن التصفية ليست إجراء تحفظياً يقضي به مؤقتاً انتظاراً للوصول إلى قضاء موضوعي كما هو الحال في الحراسة القضائية بل هي بذاتها قضاء بإنهاء حالة الشيوع في المال موضوع التصفية، إلا أن الطاعن إذ لم يكن من بين المستحقين في الوقف المطلوب تصفيته فإن مصلحته في الطعن في هذا الحكم تقف عند حد القضاء بعزله، وإذ لم يطعن فيه أحد من هؤلاء فإن النعي عليه في خصوص قضائه بتعيين المطعون عليه الأول مصفيّاً بدلاً من الطاعن يكون غير مقبول. ولما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه بعزل الطاعن من الحراسة والتصفية على قوله: "وحيث إنه يبين من مطالعة كشوف الحساب التي قدمها المستأنف عليه الأول - الطاعن المرفقة ملف الدعوى 1603 لسنة 1955 وملف الدعوى 4215 لسنة 1955 مستعجل الإسكندرية أنها مقتضبة خصوصاً بالنسبة للمصروفات إذ أنه دون مبالغ المصروفات واصفاً إياها في معظمها أنها مصروفات ضرورية أو مصروفات رسمية دون بيان لأصلها ولئن ذكر أن مفردات الحساب مودعة بمكتب التصفية تحت طلب كل ذي شأن فهذا لا يكفي لأن الواجب أن تدون في كشوف الحساب أصل هذه المبالغ لتكون تحت نظر المستحقين والمحكمة على السواء، كما أنه لم يودع مع كشوفه مستندات الصرف أو الإيراد سواء بالنسبة لأعمال الإدارة أو أعمال التصفية، كما أن أصل حساب الوقف باسمه الخاص يعرض أمواله للخطر وحيث إن ما أثير حول إبلاغه هيئة الأوقاف عن استعداده لتسليمها مستندات الوقف التي تثبت أن أعيانه ملك لها قد أثبت إبلاغه الشفوي بكتاب من الأوقاف فطعن عليه بالتزوير وتولت النيابة تحقيق الأمر وخلصت إلى صحة المحرر وعدم وجود التزوير المعنوي المدعي به... وقد سئل في ذلك التحقيق أكثر من قانوني ومختص بالهيئة فأيدوا صحة إبلاغه.. وهذا الإبلاغ يلقي الشكوك حول سلامة تصرف المستأنف عليه الأول فإما أن يكون مقتنعاًَ بأن الوقف أهلي للمستحقين وعندئذ يكون غير مبرر إبلاغه وإما أن يقتنع بالعكس فيجهر بقناعته ويتخلى عن الحراسة والتصفية. وحيث إن سبق تحرير عقود بيع لبعض الأشخاص بالنسبة للأعيان التي بيعت بمزاد قضائي اختياري أيّاً كانت دوافع المستأنف عليه الأول إليه أمر لا يتفق مع طبيعة الأمور وما جرى عليه العمل. وحيث إنه متى كان ذلك.... وكان في بقاء المستأنف عليه مديراً ومتصرفاً في أعيان الوقف أمر يشكل خطراً داهماً وحالاً يستدعي إجراءاً عاجلاً لدرئه فإنه يتعين استبدال الحارس المصفي". وكان هذا الذي أورده الحكم من أدلة وقرائن لها أصلها الثابت بالأوراق ومن شأنها أن تؤدي في مجموعها إلى ما رتبه الحكم عليها من استظهار الخطر العاجل الذي يتهدد مصالح ذوي الشأن من استمرار الطاعن في تولي مهام الحراسة والتصفية ما يقتضي عزله، فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص بالقصور والفساد في الاستدلال يكون على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.