أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
المجلد الثاني - السنة 27 - صـ 1467

جلسة 19 من أكتوبر سنة 1976

برياسة السيد المستشار أحمد حسن هيكل نائب رئيس محكمة النقض وعضوية السادة المستشارين: محمد صدقي العصار، وعبد الرءوف عبد المجيد جودة، وزكي الصاوي صالح وجمال الدين عبد اللطيف.

(278)
الطعن رقم 458 لسنة 40 القضائية

(1) وكالة "الوكالة المستترة" عقد.
الوكالة المستترة. ماهيتها. أن يعير الوكيل اسمه للأصيل ويبرم العقد بصفته أصيلاً لا بصفته وكيلاً. أثرها. انصراف أثر العقد إلى الموكل شأنها شأن الوكالة السافرة.
(2) عقد "تفسير العقد". محكمة الموضوع. نقض.
تفسير العقد. من سلطة قاضي الموضوع. لا رقابة لمحكمة النقض عليه متى كانت عبارة العقد تحتمل المعنى الذي حصله.
(3، 4) وكالة. عقد "فسخ العقد حكم". بيع.
(3) الحكم الصادر بفسخ العقد الصادر من الوكيل المستتر. حجيته قبل الأصيل ولو لم يكن خصماً في الدعوى دون الوكيل.
(4) القضاء بفسخ عقد البيع. أثره. انحلال العقد بأثر رجعي منذ نشوئه. التزام المشتري برد العين المبيعة إلى البائع وبأن يرد الأخير ما قبضه من الثمن.
(5) نقض "المصلحة في الطعن".
قيام مصلحة نظرية بحتة للطاعن في التمسك بخطأ الحكم المطعون فيه. النعي على هذا الخطأ. غير مقبول.
1 - النص في المادة 713، والمادة 106 من القانون المدني يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة [(1)] - على أنه يجوز للوكيل أن يبرم العقد الذي تخوله الوكالة إصداره لا بصفته وكيلاً ولكن بصفته أصيلاً، ذلك أن وكالته في هذه الحالة تكون مستترة، ويعتبر وكأنه أعار اسمه للأصيل الذي وكله في إبرام العقد، وحكم هذه الوكالة المستترة أنها ترتب قبل الأصيل جميع الآثار القانونية التي ترتبها الوكالة السافرة، فينصرف أثر العقد المبرم إلى الأصيل، وإلى من يتعاقد مع الوكيل المستتر.
2 - لقاضي الموضوع السلطة التامة في تفسير عبارات العقد وتفهم نية العاقدين لاستنباط حقيقة الواقع فيها وتكييفها التكييف الصحيح ولا رقابة لمحكمة النقض عليه متى كانت عبارة العقد تحتمل المعنى الذي حصله وكان قد برر قوله بما يحمله ويؤدي إليه.
3 - متى ثبت أن المطعون عليه كان معيراً اسمه للطاعن في عقد البيع وقد تم هذا البيع لمصلحة الطاعن ولحسابه، وبالتالي ينصرف أثره إليه باعتبار أنه هو البائع الحقيقي، فإن مقتضى ذلك أن يكون الحكم الصادر بفسخ هذا العقد حجة عليه - وإن لم يكن مختصماً في دعوى الفسخ - فكان الشأن شأن الوكيل المستتر في الظاهر، مع كونه في الواقع شأن الموكل.
4 - مفاد نص المادة/ 160 من القانون المدني أن الفسخ يترتب عليه انحلال العقد بأثر رجعي منذ نشوئه، ويعتبر كأن لم يكن ويعاد كل شيء إلى ما كان عليه من قبل، وبالتالي فإنه يترتب على القضاء بفسخ عقد البيع أن تعود العين المبيعة إلى المطعون عليه - البائع - وأن يرد الأخير ما قبضه من الثمن.
5 - متى كان ما أورده الحكم المطعون فيه قاطع في أنه بتأييد حكم الفسخ - في دعوى أخرى - سيكون مآل الاستئناف حتماً هو تأييد الحكم المستأنف برفض الدعوى، ومن ثم فإن مصلحة الطاعن في التمسك بخطأ الحكم في قضائه بعدم قبول الدعوى بدلاً من الحكم برفضها تكون مصلحة نظرية بحتة ويكون النعي بأن الحكم المطعون فيه بنى قضاءه بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل الأوان على ما توهمه من عدم الفصل في استئناف حكم الفسخ رغم أنه قضى بتأييده - غير مقبول.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 2789 سنة 1964 مدني القاهرة الابتدائية ضد الجامعة الأمريكية ويمثلها المطعون عليه بصفته طالباً الحكم بإلزامه بأن يدفع له مبلغ 3610 جنيه، وقال شرحاً لدعواه إنه بعقد بيع تاريخه 21/ 6/ 1959 اشترى من المطعون عليه أرضاً صالحة للبناء مساحتها 94 فداناً و10 قراريط و10 أسهم مبينة الحدود والمعالم بالعقد لقاء ثمن قدره 200.000 جنيه دفع منه مبلغ 20.000 جنيه بموجب شيك واتفق على سداد الباقي عند التوقيع على العقد النهائي، ونص في البند الرابع على أحقية الطاعن في تحويل البيع إلى من يشاء بحيث تكون الزيادة في الثمن حقاً خالصاً له دون البائع الذي ليس له سوى الثمن المتفق عليه وأن البائع لا يمانع في هذا التحويل ويتعهد بالتوقيع على العقود اللازمة ويكون الطاعن مسئولاً بالتضامن مع المشتري الجديد عند تنفيذ الالتزامات الواردة بالعقد، ونفاذاً لذلك اتفق مع المطعون عليه على تحويل العقد إلى....... الكويتي الجنسية مقابل ثمن قدره 236110 جنيه، وحرر المطعون عليه مع هذا الأخير عقداً تاريخه 22/ 6/ 1959 يتضمن بيعه له ذات الأرض بالثمن المذكور، وإذ يستحق الطاعن الزيادة في الثمن وقدرها 36110 جنيه استلم منها مبلغ 30.000 جنيه واتفق الطرفان على أن يدفع الطاعن للمطعون عليه مبلغ 7500 جنيه تعويضاً عن وضع يد المستأجرين على الأرض المبيعة سدد منه مبلغ 5000 جنيه وبقى عليه مبلغ 2500 جنيه، وبخصمه من باقي فرق الزيادة في الثمن وقدره 6110 جنيه يكون المستحق له مبلغ 3610 جنيه وهو المبلغ المطالب به. وفي 16/ 3/ 1966 حكمت المحكمة برفض الدعوى. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 781 سنة 83 ق مدني القاهرة. وبتاريخ 20/ 3/ 1970 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم قبول الدعوى، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن بني على خمسة أسباب، ينعى الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في القانون وفي فهم الواقع والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول إن مؤدى ما تضمنه البند الرابع من العقد المؤرخ 21/ 6/ 1959 الصادر إليه من المطعون عليه من أحقيته في تحويل البيع إلى الغير وحصوله لنفسه على الزيادة في الثمن هو أن يصدر البيع منه إلى الغير، إلا أن ما حدث هو قيام المطعون عليه في 22/ 6/ 1959 بالتعاقد مباشرة مع الغير فباعه ذات الأرض بثمن قدره 236110 جنيه مما مقتضاه استقلال كل من العقدين عن الأخر وتباينه معه في خصوص شخص المشتري وثمن البيع وشروطه، يؤيد ذلك ما وصف به البيع الثاني والمشتري الثاني من أنهما جديدان، وما نص عليه في الاتفاق المبرم بين الطاعن والمطعون عليه في 23/ 8/ 1959 من أن عقد المشتري الثاني حل محل عقد الطاعن المؤرخ 21/ 6/ 1959 وأصبح هو الساري فيما عدا التزام الطاعن بضمان سداد باقي الثمن المتفق عليه في عقده، وبهذا يكون سبب التزام المطعون عليه يدفع فرق الزيادة في الثمن هو مجرد تعاقده مع الغير بثمن أكبر مما اشترى به الطاعن، يؤكد هذا النظر طريقة تنفيذ المطعون عليه لالتزامه فقد رد للطاعن مبلغ 20.000 جنيه مقدم الثمن الذي دفعه بالعقد المؤرخ 21/ 6/ 1959 كما دفع له 30.000 جنيه فوق الزيادة في مقدم الثمن بمجرد قبضه مبلغ 50.000 جنيه من المشتري الجديد بالعقد المؤرخ 22/ 6/ 1959، إلا أن الحكم المطعون فيه خلط ما بين العلاقتين واعتبر العقدين مرتبطين ووصف العقد الثاني بأنه صدر من المطعون عليه بالنيابة عن الطاعن مع أنه فضلاً عن انعدام الدليل على هذه النيابة وعدم إدعاء المطعون عليه قيامها، فإن من شروط النيابة أن يتعامل النائب باسم الأصيل، فإذا تعامل باسمه - كما فعل المطعون عليه - فقدت النيابة كيانها، مما يكون معه الحكم قد خالف القانون وأخطأ فهم الواقع وشابه الفساد في الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن النص في المادة 713 من القانون المدني على أن "تطبق المواد من 104 إلى 107 الخاصة بالنيابة في علاقة الموكل والوكيل بالغير الذي يتعامل مع الوكيل "وفي المادة 106 من هذا القانون على أنه "إذا لم يعلن العاقد وقت إبرام العقد أنه يتعاقد بصفته نائباً فإن أثر العقد لا يضاف إلى الأصيل دائناً أو مديناً إلا إذا كان من المفروض حتماً أن من تعاقد معه النائب يعلم بوجود النيابة، أو كان يستوي عنده أن يتعامل مع الأصيل أو النائب".، يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أنه يجوز للوكيل أن يبرم العقد الذي تخوله الوكالة إصداره لا بصفته وكيلاً ولكن بصفته أصيلاً، ذلك أن وكالته في هذه الحالة تكون مستترة ويعتبر وكأنه أعار اسمه للأصيل الذي وكله في إبرام العقد وحكم هذه الوكالة المستترة أنها ترتب قبل الأصيل جميع الآثار القانونية التي ترتبها الوكالة السافرة فينصرف أثر العقد المبرم إلى الأصيل وإلى من يتعاقد مع الوكيل المستتر، وإذا كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على أن المطعون عليه لم يكن في تعاقده مع المشتري الآخر بعقد البيع المؤرخ 22/ 6/ 1959 إلا اسماً مستعاراً للطاعن واستدل على ذلك بما نص عليه في البند الرابع من عقد البيع المؤرخ 21/ 6/ 1959 الصادر من المطعون عليه إلى الطاعن من موافقة المطعون عليه على أحقية الطاعن في تحويل العقد إلى الغير وفي الزيادة في الثمن وتعهد المطعون عليه بالتوقيع على كافة العقود اللازمة لذلك وبأن المطعون عليه هو الذي حرر العقد بينه وبين المشتري الثاني بتاريخ 22/ 6/ 1959 متضمناً بيعه له ذات الأرض وبما ورد في البند الثاني من الاتفاق المعقود بتاريخ 22/ 8/ 1959 بين الطاعن والمطعون عليه من أن يدفع الأخير إلى الأول مبلغ 30000 جنيه فرق وقدره مقدم الثمن المدفوع من المشتري الثاني وقدره 50000 جنيه ويحتفظ المطعون عليه بمبلغ 20000 جنيه لأنه رد إلى الطاعن الشيك الذي كان قد حرره بهذا المبلغ للمطعون عليه من ثمن الصفقة وهي أسباب تبرر ما انتهى إليه الحكم من تكييف عقد البيع المؤرخ 22/ 6/ 1959 من أنه تعاقد بطريق التسخير، لما كان ما تقدم فإن النعي بهذا السبب يكون في غير محله.
وحيث إن مبنى الطعن بالأسباب الثاني والثالث والرابع أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وشابه فساد في الاستدلال والقصور، وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن الحكم فسر العقد المؤرخ 21/ 6/ 1959 والاتفاق الحاصل في 22/ 8/ 1959 على عكس ما تنتجه نصوصها فقرر أن نية الطرفين لم تنصرف قط إلى أن التزام المطعون عليه بدفع الزيادة في الثمن إلى الطاعن منبت الصلة بالعقد المؤرخ 22/ 6/ 1959 المبرم بين المطعون عليه والمشتري الثاني بل هو مرتبط به ومتوقف على مصيره، ويترتب على ذلك أن القضاء بفسخ العقد المذكور في الدعوى رقم 3143 سنة 1964 مدني القاهرة الابتدائية التي أقامها المشتري الثاني ضد المطعون عليه إذا تأيد في الاستئناف رقم 1440 سنة 82 ق مدني القاهرة فإنه يؤدي إلى انعدام سبب مطالبة الطاعن بفرق الزيادة في الثمن لأنه بالفسخ يرد المطعون عليه ما قبضه من الثمن ولا تكون هناك بالتالي زيادة في الثمن ويعود الحال بين الطاعن والمطعون عليه إلى ما كان عليه من قبل ويسترد العقد الأول قوته ويغدو منتجاً لآثاره وذلك باعتبار أن حكم الفسخ وإن كان ظاهره صادراً ضد المطعون عليه إلا أنه في مؤداه صادر ضد الطاعن وإن لم يكن مختصماً في دعوى الفسخ، وهذا الذي ذهب إليه الحكم مخالف لنصوص العقد المؤرخ 21/ 6/ 1959 واتفاق 22/ 8/ 1959 إذ مؤدى نصوصهما أن التزام المطعون عليه بدفع فرق الزيادة في الثمن متوقف على مجرد تعاقده مع الغير بثمن أكبر خاصة وأن الطاعن لم يضمن للمطعون عليه بقاء العقد الثاني ونفاذه، والمطعون عليه بدوره لم يجعل استحقاق فرق الثمن موقوفاً على قيام ذلك العقد، كما أن العقد المؤرخ 21/ 6/ 1959 يغاير العقد المؤرخ 22/ 6/ 1959 وقد انقضى العقد الأول بالاتفاق على حوالته إلى الغير ولا يسوغ في القانون أن يتعدى أثر الحكم بفسخ العقد إلى من لم يكن طرفاً فيه، وقد تمسك الطاعن بهذا الدفاع الجوهري أمام محكمة الموضوع إلا أن الحكم أغفل الرد عليه بما يجعله معيباً بالقصور ومخالفة القانون والفساد في الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي في جملته غير سديد، ذلك أنه لما كان لقاضي الموضوع السلطة التامة في تفسير عبارات العقد وتفهم نية العاقدين لاستنباط حقيقة الواقع منها وتكييفها التكييف الصحيح ولا رقابة لمحكمة النقض عليه متى كانت عبارة العقد تحتمل المعنى الذي حصله وكان قد برر قوله بما يحمله ويؤدي إليه، وكان يبين من الحكم المطعون فيه أنه بعد أن عرض للبند الرابع من عقد البيع المؤرخ 21/ 6/ 1959 والاتفاق المؤرخ 22/ 8/ 1959 أورد قوله "إن معنى كل ذلك ومؤداه أن الجامعة - المطعون عليه بصفته - لم تلتزم أبداً أن تدفع أي مبلغ للمستأنف - الطاعن - سواء التزاماً منجزاً أو معلقاً على شرط بل هي تعاقدت وباعت له، أما تحريرها عقد بيع للمشتري من المستأنف مباشرة وإعطائها المستأنف فرق مقدم الثمن بالزيادة فليس إلا تنفيذاً لشرط من شروط تعاقدها مع المستأنف.... وقول المستأنف بعد هذا أن الجامعة الأمريكية التزمت له بدفع فرق الزيادة في الثمن بمجرد سداد المشتري الثاني له.... قول غير صحيح إذا قصد منه أنه كائناً ما كان الأمر عن العلاقة بين الجامعة والمشتري الثاني وأياً كان مصير التعاقد بينه وبينها فهي ملتزمة سداد فرق الثمن بالزيادة - وذلك لأن نية المتعاقدين في عقد البيع المؤرخ 21/ 6/ 1959 واتفاق 22/ 8/ 1959 لم تتصرف أبداً كما يستقرأ من نصوصها - إلى هذا القصد، فالجامعة قد باعت للمستأنف عقاراً معيناً بسعر محدد وبشروط معروفة بينهما، فلا عليها بعد ذلك إن حاول هو إعادة بيع العقار لغيره بقصد الحصول على الفرق بين السعرين بالزيادة، ولا عليها أن تساعده على ذلك وتعينه فتقبل تحرير عقد بيع العقار بينها وبين المشتري الثاني مباشرة منعاً من قيام عقدين، ولا عليها إن تعهدت بتسليم فرق السعر بالزيادة للمستأنف لأن كل هذا لا تأثير له على تعاقدها مع المستأنف ولا هو يمس هذا التعاقد أو ينال منه من قريب أو بعيد."، مما مفاده أن الحكم استخلص أن نية المتعاقدين لم تتصرف إلى أن التزام المطعون عليه بأداء فرق الزيادة في الثمن إلى الطاعن يتحقق بمجرد التصرف بالبيع إلى المشتري الثاني بتاريخ 22/ 6/ 1959 وإنما هو معلق على نفاذ هذا العقد الذي أبرمه المطعون عليه نائباً عن الطاعن، ولما كان ما أورده الحكم سائغاً ويتسق ونصوص العقدين المشار إليهما ويؤدي إلى ما استخلصه منها، وكان ما ذكره الحكم من أن فسخ التعاقد بين المطعون عليه وبين المشتري الثاني قد صدر في حقيقته ضد الطاعن وإن لم يكن مختصماً في دعوى الفسخ - هذا القول يتفق مع صحيح القانون، ذلك لأن المطعون عليه وعلى ما سلف البيان في الرد على السبب الأول كأنه معيراً اسمه للطاعن في عقد البيع الثاني وقد تم هذا البيع لمصلحة الطاعن ولحسابه وبالتالي ينصرف أثره إليه باعتبار أنه هو البائع الحقيقي مما مقتضاه أن يكون الحكم الصادر بفسخ هذا العقد حجة عليه دون الوكيل المستتر فكأن الشأن شأنه في الظاهر مع كونه في الواقع شأن الموكل، ولما كانت المادة 160 من القانون المدني تنص على أنه "إذا فسخ العقد أعيد المتعاقدان إلى الحالة التي كانا عليها قبل العقد" مما مفاد أن الفسخ يترتب عليه انحلال العقد بأثر رجعي منذ نشوئه ويعتبر كأن لم يكن ويعاد كل شيء إلى ما كان عليه من قبل وبالتالي فإنه يترتب على القضاء بفسخ عقد البيع الثاني أن تعود العين المبيعة إلى المطعون عليه، وأن يرد الأخير ما قبضه من الثمن ولا تكون هناك زيادة في الثمن حتى يدعي الطاعن بأحقيته فيها، ولما كان ما أورده الحكم فيه الرد الكامل على دفاع الطاعن، فإن النعي عليه بهذه الأسباب يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الخامس أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور، وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن الحكم أقام قضاءه بعدم قبول الدعوى على ما قرره من أن حق الطاعن في المطالبة بفرق الزيادة في الثمن متوقف على إلغاء حكم الفسخ الصادر في الدعوى رقم 3143 سنة 1964 مدني القاهرة الابتدائية، وأنه طالما لم يفصل في استئنافه رقم 1440 سنة 82 ق مدني القاهرة، فإن الدعوى تعتبر مرفوعة قبل الأوان، في حين أن الطرفين نبها محكمة الاستئناف إلى أن حكم الفسخ قضي بتأييده في الاستئناف المذكور وقدما المستندات الدالة على ذلك، إلا أن الحكم غفل عنها وبنى قضاءه على ما توهمه من عدم الفصل في الاستئناف المشار إليه ولا يمكن الجزم بما كانت ستقضي به محكمة الاستئناف لو أنها اطلعت على تلك المستندات إذ العبرة بما قضى به الحكم في منطوقه، وهو ما يعيب الحكم بالخطأ في القانون والقصور.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه بالرجوع إلى الحكم المطعون فيه يبين أنه استند في قضائه بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل الأوان إلى قوله:"... إن مطالبة المستأنف بباقي الفرق تتوقف على مصير التعاقد بين الجامعة الأمريكية - المطعون عليه - والمشتري الثاني على هدى ما سيجرى به الحكم في الاستئناف 1440 سنة 82 ق القاهرة المرفوع عن حكم الفسخ 3143 سنة 1964 مدني كلي القاهرة فإن تأييد الحكم بالفسخ انعدم سبب المطالبة، وإن ألغي حكم الفسخ استئنافياً قام حق المستأنف عندئذ فقط في المطالبة بما لم يدفع له من فرق السعر، وهو ما لم يحصل حيث لما يقض بعد في الاستئناف 1440 سنة 82 ق القاهرة، وهذا الذي أورده الحكم قاطع في أنه بتأييد حكم الفسخ سيكون مآل الاستئناف حتماً هو تأييد الحكم المستأنف برفض الدعوى، ومن ثم فإن مصلحة الطاعن في التمسك بخطأ الحكم في قضائه بعدم قبول الدعوى بدلاً من الحكم برفضها تكون مصلحة نظرية بحتة ويكون النعي بهذا السبب غير مقبول.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.


[(1)] نقض 26/ 11/ 1964، مجموعة المكتب الفني السنة 15 ص 1073.