أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
المجلد الثاني - السنة 27 - صـ 1484

جلسة 26 من أكتوبر سنة 1976

برياسة السيد المستشار أحمد حسن هيكل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد صدقي العصار، وعبد الرؤوف جودة، وزكي الصاوي صالح، وجمال الدين عبد اللطيف.

(280)
الطعن رقم 598 لسنة 42 القضائية

(1 و2 و3) اختصاص "الاختصاص الولائي". قرار إداري. تحسين. قوة الأمر المقضي.
(1) القرارات الإدارية النهائية الصادرة من الإدارة أو من الجهات الإدارية ذات الاختصاص القضائي. الاختصاص بنظر الطعون فيها - عدا ما استثنى بنص خاص - منعقد لجهة القضاء الإداري.
(2) القرار الصادر من اللجنة المختصة بنظر الطعون في مقابل التحسين. قرار إداري نهائي. ق 222 لسنة 1955. اختصاص القضاء الإداري بالفصل في الطعن المرفوع عن هذا القرار.
(3) صدور قرار من اللجنة المختصة بنظر الطعون في مقابل التحسين. لا يعد قراراً إدارياً معدوماً لو تضمن مساساً بحجية حكم قضائي سابق. عدم اختصاص القضاء العادي بالفصل في الدعوى بطلب إلغاء هذا القرار أو وقف تنفيذه أو عدم الاعتداد به.
(4) اختصاص "اختصاص ولائي." نقض "الحكم في الطعن".
نقض الحكم لمخالفة قواعد الاختصاص. اقتصار مهمة محكمة النقض على الفصل في مسألة الاختصاص. عند الاقتضاء تعين المحكمة المختصة الواجب التداعي إليها بإجراءات جديدة. م 269/ 1 مرافعات.
1 - الاختصاص بنظر الطعون التي ترفع عن القرارات الإدارية النهائية سواء صدرت من الإدارة أو من الجهات الإدارية ذات الاختصاص القضائي ينعقد - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لمجلس الدولة بهيئة قضاء إداري دون غيره، عدا ما يرى المشروع بنص خاص إعطاء القضاء العادي ولاية نظره وذلك عملاً بمفهوم المادتين 8 و11 من قانون مجلس الدولة رقم 55 لسنة 1959 الذي صدر في ظله قرار لجنة الطعون في مقابل التحسين المطلوب إلغاؤه.
2 - مفاد نصوص المواد السادسة والسابعة والثامنة من القانون رقم 222 لسنة 1955 بشأن فرض مقابل تحسين على العقارات التي يطرأ عليها تحسين بسبب أعمال المنفعة العامة، إن القانون ناط باللجنة المنصوص عليها في المادة الثامنة منه ولاية الفصل في الطعون التي يرفعها ذوي الشأن عن القرارات الصادرة بفرض مقابل التحسين على عقاراتهم وأن قرار هذه اللجنة هو قرار إداري نهائي صادر من لجنه إدارية ذات اختصاص قضائي، وإذا لم يرد في هذا القانون نص خاص يخول القضاء العادي ولاية الفصل في الطعون التي ترفع عن قرارات اللجنة المذكورة، فإن مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري يكون هو الجهة القضائية المختصة بالفصل في تلك الطعون.
3 - إن القرار - الصادر من اللجنة المختصة بنظر الطعون في مقابل التحسين - المطلوب إلغاؤه وإن تضمن مساساً بحجية حكم قضائي سابق إلا أنه استكمل في ظاهره مقومات القرار الإداري غير مشوب بعيب بالغ الجسامة وظاهر الوضوح بحيث يجرده من الصفة الإدارية وينحدر به إلى درجة العدم، ومن ثم فلا تختص المحاكم العادية بالفصل فيما يرفع عنه من دعاوى بطلب إلغائه أو وقف تنفيذه أو عدم الاعتداد به وإذا خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى باختصاص القضاء العادي بنظر الدعوى المرفوعة بإلغاء قرار لجنة الطعون في مقابل التحسين باعتبار أن هذا القرار هو قرار إداري معدوم، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون [(1)].
4 - تنص المادة 269/ 1 من قانون المرافعات على أنه إذا كان الحكم المطعون فيه قد نقض لمخالفة قواعد الاختصاص تقتصر المحكمة على الفصل في مسألة الاختصاص وعند الاقتضاء تعين المحكمة المختصة التي يجب التداعي إليها بإجراءات جديدة، ومن ثم يتعين إلغاء الحكم المستأنف والحكم بعدم اختصاص القضاء العادي ولائياً بنظر الدعوى وباختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظرها.


المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليهم أقاموا الدعوى رقم 4357 لسنة 1969 مدني القاهرة الابتدائية ضد محافظ القاهرة وآخرين - الطاعنين - وقالوا بياناً لها إنه بتاريخ 25/ 3/ 1962 صدر قرار بنزع ملكية أرض يملكونها مساحتها 11 قيراطاً و11 سهماً تطبيقاً لأحكام القانون رقم 577 لسنة 1954 وقدرت لجنة التثمين بالمحافظة التعويض المستحق لهم على أساس 5000 جنيه للفدان فاعترضوا على هذا التقدير بالاعتراض رقم 6 لسنة 1964 أمام لجنة المنافع العامة بمحكمة القاهرة الابتدائية والتي قررت بتاريخ 28/ 4/ 1964 بتعديل التعويض إلى 7000 جنيه للفدان فطعنوا على هذا القرار وقيد طعنهم برقم 2471 لسنة 1964 مدني القاهرة الابتدائية وندبت المحكمة خبيراً هندسياً لتقدير قيمة الأرض وقت نزع ملكيتها وقدم الخبير تقريراً انتهى فيه إلى تقدير ثمن المتر المربع من الأرض بمبلغ أربعة جنيهات بعد خصم جنيه واحد مقابل التحسين والمرافق، وعلى هذا الأساس احتسب جملة التعويض بمبلغ 8020 جنيهاً و800 مليم. وبتاريخ 28/ 2/ 1964 حكمت المحكمة بتعديل ثمن المتر المربع من الأرض إلى مبلغ أربعة جنيهات غير أن اللجنة المختصة بمحافظة القاهرة فرضت مبلغ 3814 جنيهاً و763 مليماً مقابل تحسين على الأرض بواقع جنيه واحد و905 مليمات للمتر المربع على أساس أن قيمة الفدان قبل التحسين 5000 جنيه طبقاً لأحكام القانون رقم 222 لسنة 1955، فطعنوا في قرارها بالطعن رقم 81 لسنة 1967 تحسين القاهرة، وبتاريخ 11/ 6/ 1969 قررت لجنة طعون مقابل التحسين تعديل القرار المطعون فيه واعتبار قيمة المتر المربع قبل التحسين جنيهين و500 مليم وتأييده فيما عدا ذلك، وإذ صدر هذا القرار مخالفاً حجية الحكم النهائي الصادر في الدعوى رقم 2471 لسنة 1964 مدني القاهرة الابتدائية سالف الذكر لأن هذا الحكم قدر التعويض عن نزع الملكية على أساس القيمة الصافية للمتر المربع، مما لا يجوز معه فرض مقابل تحسين آخر، فقد أقاموا الدعوى الحالية بطلب إلغاء قرار لجنة طعون التحسين الصادر بتاريخ 11/ 6/ 1969 في الطعن رقم 81 لسنة 1967 تحسين القاهرة وإلغاء مقابل التحسين المفروض على قطعة الأرض المنزوعة ملكيتها. دفع الطاعنون بعدم جواز نظر الدعوى استناداً إلى أن قرار هذه اللجنة نهائي طبقاً لنص المادة الثامنة من القانون رقم 222 لسنة 1955 وطلبوا احتياطياً رفض الدعوى. وبتاريخ 31/ 1/ 1970 قضت محكمة القاهرة الابتدائية بطلبات المطعون عليهم. استأنف الطاعنون هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة وقيد الاستئناف برقم 989 لسنة 87 ق مدني القاهرة طالبين إلغاؤه والحكم أصلياً بعدم اختصاص القضاء العادي ولائياً بنظر الدعوى، واحتياطياً برفضها، بتاريخ 31/ 5/ 1972 قضت المحكمة برفض الدفع بعدم الاختصاص الولائي وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف وبعدم الاعتداد بقرار لجنة طعون التحسين الصادرة في الطعن رقم 81 لسنة 1967 تحسين القاهرة وببراءة ذمة المطعون عليهم من أي مقابل تحسين وذلك نزولاً على حجية الحكم الصادر في الدعوى رقم 2471 سنة 1964 مدني القاهرة الابتدائية. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها أصرت النيابة على رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقولون إن الحكم إذا قضى برفض الدفع بعدم اختصاص القضاء العادي ولائياً بنظر الدعوى مستنداً إلى أن الحكم النهائي الصادر في الدعوى رقم 2471 لسنة 1964 مدني القاهرة الابتدائية استنزل مقابل التحسين من التعويض الذي قدره عن نزع ملكية العقار المملوك للمطعون عليهم، ثم احتسبت لجنة الطعن قرارها الصادر بتاريخ 11/ 6/ 1959 مقابل تحسين عن القدر المذكور فيكون هذا القرار قد صدر مخالفاً حجية الحكم مشوباً بعيب عدم الاختصاص واغتصاب السلطة مما يجعله معدوماً وتكون جهة القضاء العادي هي صاحبة الولاية في عدم الاعتداد بالقرار المذكور، في حين أن المادة الثامنة من القانون رقم 222 لسنة 1955 نصت على تشكيل لجنة خاصة ناطت بها الفصل بقرارات نهائية في الطعون المقدمة من أصحاب الشأن في القرارات التي تصدر بفرض مقابل التحسين على عقاراتهم، وهذه اللجنة، جهة إدارية ذات اختصاص قضائي فيكون مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري هو الذي يختص وحده بالفصل فيما يرفع من طعون عن قرارات تلك اللجان عملاً بنص المادة 11 من قانون مجلس الدولة رقم 55 لسنة 1959، لا ينال من ذلك أن الحكم رقم 2471 لسنة 1964 مدني القاهرة الابتدائية صار نهائياً بعدم استئنافه فيما قضي به مجاوزاً اختصاصه عندما تصدى لمقابل التحسين لأن هذا التجاوز لا يكتسب حجية، هذا إلى أنه غير صحيح ما قرره الحكم المطعون فيه من أن تجاوز الحكم سالف الذكر للخصومة المعروضة عليه لا يعاب عليه ما دام أنه صار نهائياً، ذلك أنه لم يكن للمحكمة التي أصدرت الحكم المذكور ولاية التصدي لمقابل التحسين، ومن ثم فإن لجنة طعون التحسين لم تخالف القانون عندما أصدرت قرارها بغير التفات لهذا التجاوز، وإذ قضى الحكم المطعون فيه برفض الدفع بعدم الاختصاص الولائي وبعدم الاعتداد بالقرار الإداري الصادر من تلك اللجنة أخذاً بحجية الحكم رقم 2471 لسنة 1964 مدني القاهرة الابتدائية، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن الاختصاص بنظر الطعون التي ترفع عن القرارات الإدارية النهائية سواء صدرت من الإدارة أو من الجهات الإدارية ذات الاختصاص القضائي ينعقد - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لمجلس الدولة بهيئة قضاء إداري دون غيره، عدا ما يرى المشرع بنص خاص إعطاء القضاء العادي ولاية نظره، وذلك عملاً بمفهوم المادتين 8 و11 من قانون مجلس الدولة رقم 55 لسنة 1959 الذي صدر في ظله قرار لجنة الطعون في مقابل التحسين المطلوب إلغاؤه، وإذ تنص المادة السادسة من القانون رقم 222 لسنة 1955 بشأن فرض مقابل تحسين على العقارات التي يطرأ عليها تحسين بسبب أعمال المنفعة العامة على أن "تقدر قيمة العقار الداخل في منطقة التحسين قبل التحسين وبعده لجنة تؤلف من..." وتنص المادة السابعة منه على أن "لذوي الشأن الطعن في قرارات اللجان خلال ثلاثين يوماً من تاريخ إعلانهم بها" وتنص المادة الثامنة منه على أن "تفصل في الطعون لجنة تؤلف في كل مديرية أو محافظة من (1) رئيس المحكمة الابتدائية الكائن في دائرتها العقار أو وكيلها رئيساً.... وتفصل هذه اللجنة في الطعون في ميعاد لا يجاوز شهراً من تاريخ ورودها إليها وتكون قراراتها نهائية "مما مفاده أن القانون المذكور ناط باللجنة المنصوص عليها في المادة الثامنة منه ولاية الفصل في الطعون التي يرفعها ذوو الشأن عن القرارات الصادرة بفرض مقابل التحسين على عقاراتهم وأن قرار هذه اللجنة هو قرار إداري نهائي صادر من لجنة إدارية ذات اختصاص قضائي وإذ لم يرد في هذا القانون نص خاص يخول القضاء العادي ولاية الفصل في الطعون التي ترفع عن قرارات اللجنة المذكورة، فإن مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري يكون هو الجهة القضائية المختصة بالفصل في تلك الطعون، لا يغير من هذا النظر ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن القرار المطلوب إلغاؤه هو قرار معدوم لمساسه بحجية حكم قضائي نهائي، ذلك أن هذا القرار وقد صدر من اللجنة المختصة بنظر الطعون في مقابل التحسين على ما سلف البيان، فإن هذا القرار ولو تضمن مساساً بحجية حكم قضائي سابق يكون قد استكمل في ظاهره مقومات القرار الإداري غير مشوب بعيب بالغ الجسامة وظاهر الوضوح بحيث يجرده من الصفة الإدارية وتنحدر به إلى درجة العدم، ومن ثم فلا تختص المحاكم العادية بالفصل فيما يرفع عنه من دعاوى بطلب إلغائه أو وقف تنفيذه أو عدم الاعتداد به، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى باختصاص القضاء العادي بنظر الدعوى المرفوعة بإلغاء قرار لجنة الطعون في مقابل التحسين الصادر بتاريخ 11/ 6/ 1969 باعتبار أن هذا القرار هو قرار إداري معدوم فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
وحيث إن المادة 269/ 1 من قانون المرافعات تنص على أنه إذا كان الحكم المطعون فيه قد نقض لمخالفة قواعد الاختصاص تقتصر المحكمة على الفصل في مسألة الاختصاص وعند الاقتضاء تعين المحكمة المختصة التي يجب التداعي إليها بإجراءات جديدة، ولما سلف فإنه يتعين إلغاء الحكم المستأنف والحكم بعدم اختصاص القضاء العادي ولائياً بنظر الدعوى وباختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظرها.


[(1)] ذات المبدأ تقرر أيضاً بالحكمين الصادرين في الطعنين رقمي 580 و600 لسنة 42 ق الصادرين بجلسة 9/ 11/ 1976.