أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 39 - صـ 295

جلسة 24 من فبراير سنة 1988

برئاسة السيد المستشار/ عبد المنصف هاشم - نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ جرجس اسحق - نائب رئيس المحكمة، محمد فتحي الجمهودي، السيد السنباطي وإبراهيم الطويلة.

(61)
الطعن رقم 829 لسنة 53 القضائية

(1) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الأدلة". إثبات. حكم "تسبيب الحكم" موطن. تزوير. شفعة "إعلان الرغبة".
تحصل فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة فيها. من سلطة محكمة الموضوع طالما أقامت قضاءها وفقاً للمستندات المطروحة بما يكفي لحمله. (مثال: بشأن استخلاص عدم تخلي المدعى عليه عن موطنه وبالتالي صحة إعلان الرغبة والإعلان بصحيفة دعوى الشفعة).
(2) وكالة "التوكيل بالخصومة". محاماة "وكالة المحامي". شفعة "رفع دعوى الشفعة".
علاقة الخصوم بوكلائهم. عدم جواز تصدي المحكمة لها طالما لم ينكر صاحب الشأن وكالة وكيله. مباشرة المحامي للإجراء قبل صدور التوكيل ممن كلفه به. جائز ولو لم يكن ثابتاً قبل اتخاذ الإجراء. إجراءات الأخذ بالشفعة. لم يستلزم القانون لمباشرتها وكالة خاصة.
(3) نقض "أسباب الطعن: ما لا يصلح سبباً للطعن".
عدم تقديم الطاعن بالنقض الدليل على ما تمسك به من أوجه النعي. دفاع عار عن الدليل.
1 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن لمحكمة الموضوع السلطة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتقدير ما يقدم لها من أدلة ولا تثريب عليها في الأخذ بأي دليل تكون قد اقتنعت به ما دام هذا الدليل من طرق الإثبات القانونية وبحسبها أن تقيم قضاءها وفقاً للمستندات المطروحة عليها بما يكفي لحمله، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد قضى برفض الدفع باعتبار الاستئناف كأن لم يكن على سند من أن الطاعن أعلن بصحيفة الاستئناف إعلاناً صحيحاً في خلال ثلاثة أشهر من تاريخ إيداعها قلم الكتاب بذات الموطن الذي سبق إعلانه فيه بالرغبة في الشفعة وبصحيفة افتتاح الدعوى وعول في ذلك على أسباب الحكم الابتدائي الذي قضى برفض الادعاء بالتزوير الثابت منه أن الطاعن لم يتخلى عن هذا الموطن وأنه يعلم بما يجري به بصرف النظر عن تغيبه عنه فترات متقاربة أو متباعدة، وكان هذا الاستخلاص سائغاً ويتفق مع الثابت بأوراق الدعوى ومستنداتها ويؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها ذلك الحكم، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد فصل في الادعاء بالتزوير الذي يعتبر مطروحاً على محكمة الاستئناف عملاً بالمادة 233 من قانون المرافعات ويكون هذا النعي على غير أساس.
2 - جرى قضاء هذه المحكمة على أنه لا يجوز للمحكمة أن تتصدى لعلاقة الخصوم بوكلائهم إلا إذا أنكر صاحب الشأن وكالة وكيله، فإذا باشر المحامي الإجراء قبل أن يستصدر توكيلاً له من ذي الشأن الذي كلفه بالعمل فلا يعترض عليه بأن وكالته لم تكن ثابتة قبل اتخاذ الإجراء ما لم ينص القانون على خلاف ذلك، لما كان ذلك وكانت الأوراق قد خلت من منازعة المطعون عليها الأولى حول وكالة محاميها فيما قام باتخاذه من إجراءات الأخذ بالشفعة وكان القانون لم يستلزم أن يكون الوكيل مفوضاً في اتخاذ تلك الإجراءات تفويضاً خاصاً ثابتاً قبل مباشرتها....
3 - إذا لم يقدم الطاعن إلى محكمة الموضوع التوكيل المشار إليه بوجه النعي فإن دفاعه في هذا الشأن يكون عارياً عن الدليل ولا على الحكم المطعون فيه إن التفت عن مناقشته أو الرد عليه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليها الأولى أقامت الدعوى رقم 9773 سنة 1977 مدني شمال القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بأحقيتها في أخذ حصة في عقار مبين بالأوراق بالشفعة وقالت بياناً لذلك أن الطاعن اشترى بموجب عقد بيع مؤرخ 16/ 9/ 1973 من باقي المطعون عليهم حصة مقدارها 21 ط من 24 ط في ذلك العقار لقاء ثمن مقداره سبعة آلاف جنيه ولما كان من حقها باعتبارها شريكه على الشيوع أخذ تلك الحصة بالشفعة فقد أيدت رغبتها في ذلك ثم أودعت الثمن خزانة المحكمة وأقامت الدعوى بطلباتها سالفة البيان، ادعى الطاعن بتزوير إعلان الرغبة في الشفعة وإعلان صحيفة افتتاح الدعوى بتاريخ 30/ 3/ 1980 حكمت المحكمة برفض الادعاء بالتزوير ثم حكمت بتاريخ 26/ 4/ 1982 ببطلان إجراءات الأخذ بالشفعة. استأنفت المطعون عليها الأولى هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 4382 سنة 99 ق، وبتاريخ 8/ 2/ 1983 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وأحقية المطعون عليها الأولى في أخذ الحصة المباعة بالشفعة لقاء ثمن مقداره 7000 جنيه والتسليم، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ستة أسباب ينعى الطاعن بالثلاثة الأولى منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول أن المطعون عليها الأولى، دأبت على إعلانه في موطن كان يقيم فيه ثم تركه إلى آخر وأنه ادعى أمام محكمة أول درجة بتزوير إعلانه بالرغبة في الأخذ بالشفعة وبصحيفة افتتاح الدعوى كما دفع باعتبار الاستئناف كأن لم يكن لعدم إعلانه بصحيفته في الموطن الذي يقيم فيه فعلاً وطلب أجلاً لتقديم مستندات تؤيد هذا الدفع غير أن الحكم المطعون فيه التفت عن طلبه هذا وقضى برفض ذلك الدفع رغم أن مثوله أمام محكمة الاستئناف بعد مضي أكثر من ثلاثة أشهر من تاريخ إيداع صحيفة الاستئناف قلم الكتاب لا يصحح البطلان ولا يسقط حقه في التمسك به، كما أنه لم يقل كلمته في الادعاء بالتزوير والقرائن التي ساقها تأييداً له رغم أنه يعتبر مطروحاً على محكمة الدرجة الثانية.
وحيث إن هذا النعي برمته مردود ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن لمحكمة الموضوع السلطة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى، وتقدير ما يقدم لها من أدلة ولا تثريب عليها في الأخذ بأي دليل تكون قد اقتنعت به ما دام هذا الدليل من طرق الإثبات القانونية وبحسبها أن تقيم قضاءها وفقاً للمستندات المطروحة عليها بما يكفي لحمله، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد قضى برفض الدفع باعتبار الاستئناف كأن لم يكن على سند من أن الطاعن أعلن بصحيفة الاستئناف إعلاناً صحيحاً في خلال ثلاثة أشهر من تاريخ إيداعها قلم الكتاب بذات الموطن الذي سبق إعلانه فيه بالرغبة في الشفعة وبصحيفة افتتاح الدعوى وعول في ذلك على أسباب الحكم الابتدائي الذي قضى برفض الادعاء بالتزوير والثابت منه أن الطاعن لم يتخل عن هذا الموطن وأنه يعلم بما يجري به بصرف النظر عن تغيبه عنه فترات متقاربة أو متباعدة، وكان هذا الاستخلاص سائغاً ويتفق مع الثابت بأوراق الدعوى ومستنداتها ويؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها ذلك الحكم، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد فصل في الادعاء بالتزوير الذي يعتبر مطروحاً على محكمة الاستئناف عملاً بالمادة 233 من قانون المرافعات ويكون هذا النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسببين الرابع والسادس على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول أنه دفع بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة تأسيساً على أن طلب الأخذ بالشفعة من أعمال التصرف فلا يحق مباشرة إجراءات هذا الطلب إلا لصاحب الشأن أو لوكيل بموجب وكالة. خاصة والتوكيل الصادر من المطعون عليها الأولى لمحاميها لا يتضمن تقويضاً خاصاً له في طلب الأخذ بالشفعة ولا يصححه إصدار توكيل لاحق بعد مضي أربعة أشهر على تسجيل عقد البيع غير أن الحكم المطعون فيه رفض ذلك الدفع وأجاز للوكيل وكالة عامة اتخاذ إجراءات الشفعة ورفع الدعوى.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن قضاء هذه المحكمة جرى على أنه لا يجوز للمحكمة أن تتصدى لعلاقة الخصوم بوكلائهم إلا إذا أنكر صاحب الشأن وكالة وكيله فإذا باشر المحامي الإجراء قبل أن يستصدر توكيلاً له من ذي الشأن الذي كلفه بالعمل فلا يعترض عليه بأن وكالته لم تكن ثابتة قبل اتخاذ الإجراء ما لم ينص القانون على خلاف ذلك، لما كان ذلك وكانت الأوراق قد خلت من منازعة المطعون عليها الأولى حول وكالة محاميها فيما قام باتخاذه من إجراءات الأخذ بالشفعة وكان القانون لم يستلزم أن يكون الوكيل مفوضاً في اتخاذ تلك الإجراءات تفويضاً خاصاً. ثابتاً قبل مباشرتها فإن النعي بهذا السبب يكون في غير محله.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الخامس على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول أنه تمسك بسقوط حق المطعون عليها الأولى في الأخذ بالشفعة لسبق تنازلها عن هذا الحق وهذا التنازل مستفاد من التوكيل الصادر منها بتاريخ 27/ 1/ 73 للمطعون عليها الرابعة بالتصرف بالبيع في كل ما يؤول إليها بالميراث عن والديها ومنه عقار النزاع غير أن الحكم لم يرد على هذا الدفاع رغم أنه جوهري مما يعيبه بالقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول ذلك أن الطاعن لم يقدم إلى محكمة الموضوع التوكيل المشار إليه بوجه النعي - ومن ثم فإن دفاعه في هذا الشأن يكون عارياً عن الدليل ولا على الحكم المطعون فيه إن هو التفت عن مناقشته أو الرد عليه.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.