أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 39 - صـ 364

جلسة 7 من مارس سنة 1988

برئاسة السيد المستشار/ الدكتور عبد المنعم أحمد بركة - نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد فؤاد بدر - نائب رئيس المحكمة، فهمي الخياط، كمال نافع ومحمد مصباح.

(75)
الطعن رقم 1100 لسنة 57 القضائية

1 - إيجار "إيجار الأماكن". "الإخلاء لعدم سداد الأجرة". حجز.
(1) حجز ما للمدين لدى الغير. لا يمنع المحجوز عليه من مطالبة المحجوز لديه بما في ذمته. الوفاء يكون بإيداع المبلغ خزانة المحكمة. المادتان 336، 337 مرافعات. قضاء الحكم بالإخلاء لثبوت تخلف المستأجر عن سداد الأجر بعد تكليفه بالوفاء قانوناً، لا ينال من سلامته وجود حجز على الأجرة تحت يده طالما لم يودع ما في ذمته خزانة المحكمة.
(2 - 4) محكمة الموضوع "استنباط القرائن". دعوى "الصفة في الدعوى". إثبات.
(2) استخلاص توافر الصفة في الدعوى. مما يستقل به قاضي الموضوع متى أقام قضاءه على أسباب سائغة.
(3) لمحكمة الموضوع استنباط القرائن القضائية. ما دامت مؤدية عقلاً إلى النتيجة التي انتهت إليها.
(4) النعي بعدم جواز الاحتجاج بالصورة الضوئية لمستند في الدعوى. تعلقه بتقدير الدليل فيها. وجوب إثارته أمام محكمة الموضوع.
1 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن حجز ما للمدين لدى الغير لا يحول دون حق المحجوز عليه في مطالبة المحجوز لديه بما في ذمته على أن يكون الوفاء في هذه الحالة - وعلى ما تقضي به المادتان 336/ 337 من قانون المرافعات - بإيداع المبلغ خزانة المحكمة، لما كان ذلك وكان الحكم قد شيد قضاءه بالإخلاء على ما ثبت من تخلف الطاعن عن سداد الأجرة بعد تكليفه بالوفاء قانوناً فإن ما يثيره بشأن الحجز على الأجرة لا ينال من سلامة الحكم فيما قضى به ما دام لم يودع ما في ذمته - حسبما سلف بيانه - ويكون النعي على غير أساس.
2 - وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أنه لما كان استخلاص توافر الصفة هو من قبيل فهم الواقع فيها وهو مما يستقل به قاضي الموضوع وبحسبه أن يبين الحقيقة التي اقتنع بها وأن يقيم قضاءه على أسباب سائغة تكفي لحمله لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه في شأن توافر صفة الطاعن على ما أورده "أن الحكم الجنائي المذكور لم يرد به أن من تدعى هي زوجته أو مطلقة المستأنف (الطاعن) ولم يرد به أنها مستأجرة لذات عين النزاع........ وأنه هدم بنفسه زعمه القائل بأنه ليس بمستأجر لعين النزاع وأن مستأجرتها هي زوجته المطلقة وذلك حين ذهب في السبب الرابع من أسباب الاستئناف إلي أنه هو المستأجر وإن كان قد قرن ذلك بمقولة أنه من قبيل الفرض الجدلي القانوني إلا أن ما يدحض ذلك الافتراض ما جاء بإعلان حجز ما للمدين لدى الغير المؤرخ 29/ 12/ 1986 والمرسل من تلك التي قال عنها إنها زوجته ومطلقته إليه بصفته مستأجراً لعين النزاع فإنهاء الافتراض الذي هو في حقيقته واقع....... وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه في توافر صفة الطاعن في الدعوى وصحة تكليفه هو بالوفاء على ما ثبت من أنه هو المستأجر لشقة النزاع وأن العقد المبرم بينه وبين مورث المطعون ضدهم ما زال قائماً ومنتجاً لأثاره القانونية، وكانت هذه الأسباب سائغة ولها أصل ثابت في الأوراق وتكفي لحمل الحكم المطعون فيه، فإن النعي يكون على غير أساس.
3 - لمحكمة الموضوع استنباط القرائن القضائية التي تأخذ بها من وقائع الدعوى ما دامت مؤدية عقلاً إلي النتيجة التي انتهت إليها بما لا رقابة لمحكمة النقض عليها فيه.
4 - إذ كان الطاعن لم يتمسك أمام محكمة الاستئناف بعدم جواز الاحتجاج قبله بالصور الضوئية لشهادة وفاة مورث المطعون ضدهم ولم يطعن على هذه الصورة بأي مطعن ولم يطلب من المحكمة تكليف المطعون ضدهم بتقديم أصل هذه الشهادة وإنما اقتصر دفاعه على أن محكمة الدرجة الأولى لم تتبين ما إذا كانت وفاة المورث المذكور سابقة على تاريخ رفع الدعوى أم لاحقة عليه وهو قول لا ينطوي على منازعة في شأن الاحتجاج قبله بالصورة الضوئية فإن محاولة الطاعن في شأنها تكون متعلقة بتقدير الدليل الذي تستقل به محكمة الموضوع.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن المرحوم........ مورث المطعون ضدهم أقام الدعوى رقم 4467 سنة 1983 مدني كلي الإسكندرية على الطاعن بطلب الحكم بإخلائه من الشقة المبينة بالصحيفة وقال بياناً لها إنه بموجب عقد محول إليه في 25/ 3/ 1979 استأجر الطاعن من المالك السابق هذه الشقة بأجرة شهرية قدرها 20.50 جنيه وإذ لم يسدد الأجرة اعتباراً من 1/ 4/ 1979 فقد نبه عليه بإنذار أعلن إليه في 8/ 5/ 1982 إلا أنه امتنع عن السداد فأقام الدعوى بتاريخ 16/ 11/ 1983 حكمت المحكمة بانقطاع السير في الخصومة بوفاة المورث المذكور وبعد أن استأنفت الدعوى سيرها حكمت في 25/ 12/ 1985 بالإخلاء والتسليم استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 81 سنة 42 ق الإسكندرية وبتاريخ 5/ 2/ 1987 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعن بالوجه الأول من السبب الأول منهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم قضى بإخلائه من عين النزاع استناداً إلي أنه متأخر في الوفاء بأجرتها في حين أن عدم الوفاء بالأجرة يرجع إلي مانع قانوني هو الحجز الذي أوقعته مطلقته تحت يدها وتحت يده قبل إقفال باب المرافعة في الدعوى أمام المحكمة الاستئنافية على هذه الأجرة استيفاء لدين لها على المؤجر.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن حجز ما للمدين لدى الغير لا يحول دون حق المحجوز عليه في مطالبة المحجوز لديه بما في ذمته على أن يكون الوفاء في هذه الحالة - وعلى ما تقضي به المادتان 336/ 337 من قانون المرافعات - بإيداع المبلغ خزانة المحكمة، لما كان ذلك وكان الحكم قد شيد قضاءه بالإخلاء على ما ثبت من تخلف الطاعن عن سداد الأجرة بعد تكليفه بالوفاء قانوناً فإن ما يثيره بشأن الحجز على الأجرة لا ينال من سلامة الحكم فيما قضى به ما دام لم يودع ما في ذمته - حسبما سلف بيانه - ويكون النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الثاني من السبب الأول وبالوجهين الأول والثاني من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إنه دفع بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة ولعدم سبقها بتكليف المستأجرة الحقيقية بالوفاء، ذلك أنه وإن كان صحيحاً إن عقد الإيجار محرر باسمه إلا أن المستأجرة الحقيقية لعين النزاع هي السيدة/ ....... التي كانت زوجته في تاريخ التعاقد ودفعت لمورث المطعون ضدهم مبلغاً خارج نطاق العقد على النحو الثابت بالحكم الصادر ضده في الجنحة رقم 1060 سنة 1982 أمن دولة شرق إسكندرية ثم طلقها بعد ذلك وتنازل لها عن العقد مما كان يتعين تكليفها دونه بالوفاء بالأجرة واختصامها في الدعوى، غير أن الحكم قضى برفض الدفع بشقيه على سند من أنه لم يرد بالحكم المذكور أن المجني عليها هي زوجته أو مطلقته أو المستأجرة لعين النزاع وأن العقد المبرم بينه وبين مورث المطعون ضدهم ما زال قائماً ومنتجاً لآثاره في حين أن ذلك ثابت من البلاغ المقدم منها ومحاضر التحقيقات التي جرت بشأنها والتي أحال عليها الحكم الجنائي في أسبابه كما أن أحداً لم ينازعه في ذلك وقد سلم الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه من الحكم المطعون فيه بقيام هذه العلاقة مما تنعاه تزعمه أسباب الحكم الأخير الذي حجب نفسه عن بحث امتداد العقد إلى السيدة المذكورة بعد تطليقه لها وترك الإقامة بعين النزاع.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أنه لما كان استخلاص توافر الصفة هو من قبيل فهم الواقع فيها وهو مما يستقل به قاضي الموضوع وبحسبه أن يبين الحقيقة التي اقتنع بها وأن يقيم قضاءه على أسباب سائغة تكفي لحمله لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه في شأن توافر صفة الطاعن على ما أورده "أن الحكم الجنائي المذكور لم يرد به أن من تدعى........ هي زوجة أو مطلقة المستأنف (الطاعن) ولم يرد به أنها مستأجرة لذات عين النزاع...... وأنه هدم بنفسه زعمه القائل بأنه ليس بمستأجر لعين النزاع وأن مستأجرتها هي زوجته المطلقة وذلك حين ذهب في السبب الرابع من أسباب الاستئناف إلي أنه هو المستأجر وإن كان قد قرن ذلك بمقولة أنه من قبيل الفرض الجدلي القانوني إلا أن ما يدحض ذلك الافتراض ما جاء بإعلان حجز ما للمدين لدى الغير المؤرخ 29/ 12/ 1986 والمرسل من تلك التي قال عنها إنها زوجته ومطلقته إليه بصفته مستأجراً لعين النزاع فإنهاء الافتراض الذي هو في حقيقته واقع......." وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه في توافر صفة الطاعن في الدعوى وصحة تكليفه هو بالوفاء على ما ثبت من أنه هو المستأجر لشقة النزاع وأن العقد المبرم بينه وبين مورث المطعون ضدهم ما زال قائماً ومنتجاً لأثاره القانونية، وكانت هذه الأسباب سائغة ولها أصل ثابت في الأوراق وتكفي لحمل الحكم المطعون فيه، فإن النعي يكون على غير أساس.
وحيث إن الطعن ينعى بالوجه الثالث من السبب الثاني من سببي الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول أن الحكم المطعون فيه رد على ما تمسك به من أن محكمة الدرجة الأولى لم تتبين ما إذا كانت وفاة المؤجر مورث المطعون ضدهم قد حصلت قبل رفع الدعوى أو بعدها، تأن تاريخ الوفاة قد ثبت من صورة ضوئية لشهادة الوفاة لم يجحدها الطاعن ولم ينكرها ويفيد أن الوفاة تالية لتاريخ رفع الدعوى، في حين أنه لا يقبل من المحكمة أن تعول على هذه الصورة سواء جحدها أو سكت عن ذلك وكان يتعين عليها وقد جحدها في استئنافه أن تطرحها سيما ولم يقدم المطعون ضدهم إعلام وراثة يثبت صفتهم كخلف للمدعي حتى تتبين المحكمة تاريخ وفاة المورث.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان لمحكمة الموضوع استنباط القرائن القضائية التي تأخذ بها من وقائع الدعوى ما دامت مؤدية عقلاً إلي النتيجة التي انتهت إليها بما لا رقابة لمحكمة النقض عليها فيه وكان الطاعن لم يتمسك أمام محكمة الاستئناف بعدم جواز الاحتجاج قبله بالصورة الضوئية لشهادة وفاة مورث المطعون ضدهم ولم يطعن على هذه الصورة بأي مطعن ولم يطلب من المحكمة تكليف المطعون ضدهم بتقديم أصل هذه الشهادة وإنما اقتصر دفاعه على أن محكمة الدرجة الأولى لم تتبين ما إذا كانت وفاة المورث المذكور سابقة على رفع الدعوى أم لاحقة عليه وهو قول لا ينطوي على منازعة في شأن الاحتجاج قبله بالصورة الضوئية فإن محاولة الطاعن في شأنها تكون متعلقة بتقدير الدليل الذي تستقل به محكمة الموضوع، لما كان ذلك وكان الطاعن لم يسبق أن أثار أمام محكمة الاستئناف أي طعن في الحكم السابق صدوره بانقطاع سير الخصومة بوفاة المورث فيكون ذلك قد حاز الحجية في خصوصه، ومن ثم يكون النعي في غير محله.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.