أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 39 - صـ 380

جلسة 10 من مارس سنة 1988

برئاسة السيد المستشار/ مصطفى صالح سليم - نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ إبراهيم زغو، محمد عبد المنعم - نائبي رئيس المحكمة، ممدوح السعيد وإبراهيم بركات.

(78)
الطعن رقم 1739 لسنة 54 القضائية

(1) مسئولية "مسئولية تقصيرية" "مسئولية المتبوع". تعويض. تعليم "التعليم الخاص".
علاقة التبعية. مناطها. أن يكون للمتبوع سلطة فعلية في إصدار الأوامر إلى التابع في طريقة أداء عمله وفي الرقابة عليه ومحاسبته. المدارس الخاصة والعاملين بها. تبعيتهم لوزارة التعليم بالمعنى المقصود في المادة 174 مدني.
(2) دعوى "الدفاع الجوهري". محكمة الموضوع.
الدفاع الجوهري الذي تلتزم المحكمة بالرد عليه. ماهيته.
(3) حكم "حجية الحكم". مسئولية. تعويض.
الحكم نهائياً بإدانة المتهم في جريمة الإصابة الخطأ. وجوب تقيد المحكمة المدنية بحجية بشأن خطأ المتهم وعلاقة السببية بينه وبين الضرر.
1 - يدل نص المادة 174 من القانون المدني على أن علاقة التبعية تقوم على توافر الولاية في الرقابة والتوجيه بأن يكون للمتبوع سلطة فعلية في إصدار الأوامر إلى التابع في طريقة أداء عمله وفي الرقابة عليه في تنفيذ هذه الأوامر ومحاسبته على الخروج عليها إذ كان القانون رقم 16 سنة 1969 في شأن التعليم الخاص الذي ينطبق على واقعة الدعوى يقضي في مادته الثالثة بأن المدارس الخاصة تخضع لرقابة وزارة التربية والتعليم ومديريات التربية والتعليم وتفتيشها في الحدود الواردة بذلك القانون، وفي هذه الحدود توجب أحكام القانون اشتراط مؤهلات معينة فمن يعملون بتلك المدارس، كما توجب وضع لائحة لكل مدرسة تكفل انتظام ماليتها وحسن إدارة التعليم والامتحانات فيها واختصاصات العاملين بها ونظام تعينهم وترقيتهم وتأديبهم طبقاً للقرار الذي تصدره الوزارة بتعيين القواعد الأساسية المؤدية لتحقيق تلك الأغراض، كما أجاز القانون للوزارة منح الإعانات المالية لهذه المدارس ومساعدتها على الإدارة الفنية والمالية بجميع ما تراه من الوسائل، وكذلك أعطى القانون الوزارة - بالاتفاق مع وزير العمل سلطة إصدار قرار بالقواعد المنظمة لحقوق وواجبات العاملين بالمدارس الخاصة وعلاقاتهم بالوزارة وإجراءات التعيين والتأديب والفصل وغير ذلك من تلك القواعد، وخول القانون لموظفي الوزارة حق دخول هذه المدارس وطلب جميع البيانات الخاصة بها والاطلاع على سجلاتها للتحقق من تنفيذ أحكام القانون.
ومفاد ذلك كله أن للوزارة سلطة فعلية في رقابة وتوجيه العاملين بالمدارس الخاصة وهي سلطة تستمدها من القانون لا لحساب هذه المدارس وإنما لحسابها هي باعتبارها القوامة على مرفق التعليم بما يتحقق معه تبعية المدارس المذكورة والعاملين بها للوزارة بالمعنى المقصود في المادة 174 من القانون المدني بصرف النظر عن ملكية الأفراد للمدارس الخاصة أو طبيعة علاقة العاملين بها بأصحابها.
2 - يشترط لاعتبار الدفاع جوهرياً أن يكون مستنداً لأساس قانوني صحيح مما يتغير به وجه الرأي في الدعوى وأن يكون مقترناً بالدليل المثبت له أو مطلوب من المحكمة تحقيقه بإحدى الطرق المقررة في القانون، فإذا تخلف هذا الوصف عن الدفاع فلا على محكمة الموضوع إن هي التفتت عنه.
3 - صدور حكم جنائي نهائي بإدانة المتهم في تهمة الإصابة الخطأ يقيد المحكمة المدنية فيما فصل من خطأ المتهم وعلاقة السببية بين الخطأ والضرر بحيث يمتنع على الخصوم وعلى المحكمة نفسها معاودة البحث في ذلك.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده بصفته أقام على المدرسة القومية المشتركة بالزمالك والطاعن بصفته الدعوى رقم 4298 سنة 76 مدني جنوب القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بإلزامهما متضامنين بأن يدفعا له مبلغ 50000 جنيه والفوائد. وقال بياناً لدعواه أنه بتاريخ 14/ 3/ 76 وأثناء وجود ابنه....... المشمول بولايته التلميذ بالمدرسة سالفة الذكر مع زميله....... التلميذ بنفس المدرسة فقد أحدث الأخير به إصابات جسيمة برأسه نتج عنها كسر بالجمجمة وكدمات بالمخ وفقدان تام للوعي وشلل بالأطراف الأمامية وضبط عن الواقعة محضر الجنحة رقم 5044 سنة 76 أحداث القاهرة وقضى فيها بالإدانة. ولما كانت مديرة المدرسة قد أخلت بواجب الرقابة المكلفة به قانوناً كما أنها تابعة للطاعن فقد تحققت مسئوليتهما طبقاً للمادتين 173، 174 من القانون المدني وأثناء سير الدعوى تنازل المطعون ضده عن مخاصمة مديرة المدرسة فحكمت المحكمة بإثبات هذا التنازل وبعدم قبول الدعوى بالنسبة إلى الطاعن لرفعها على غير ذي صفة. استأنف المطعون ضده هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 119 سنة 95 ق فحكمت بتاريخ 22/ 4/ 82 بإلغائه فيما قضى به من عدم قبول الدعوى بالنسبة إلى الطاعن. وقبل الفصل في الموضوع بندب مصلحة الطب الشرعي لتوقيع الكشف الطبي على المجني عليه وبعد تقديم التقرير الطبي الشرعي عادت فحكمت بتاريخ 10/ 4/ 1984 بإلزام الطاعن بأن يؤدي إلى المطعون ضده تعويضاً مقداره 20000 جنيه والفوائد بواقع 4% طعن الطاعن في هذين الحكمين بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعن بالسبب الأول منهما على الحكم المطعون فيه الصادر بتاريخ 22/ 3/ 1982 مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله وفي بيان ذلك يقول أن الحكم اعتبر وزارة التربية والتعليم مسئولة عن إخلال موظفي المدرسة القومية الخاصة بالزمالك بواجب الرقابة على التلميذ المتهم على أساس مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه غير المشروعة طبقاً للقانون رقم 16 سنة 1969 في شأن التعليم الخاص في حين أن نصوص هذا القانون تفيد أن المدارس الخاصة منشآت غير حكومية وأن موظفيها يرتبطون مع أصحابها بعقود عمل ليست لوزارة التربية والتعليم سلطة فعلية عليهم في الرقابة والتوجيه وإنما تنحصر سلطتها في الإشراف الفني والإداري على هذه المدارس فحسب.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن النص في المادة 174 من القانون المدني على أنه يكون المتبوع مسئولاً عن الضرر الذي يحدثه تابعه بعمله غير المشروع متى كان واقعاً منه حال تأديته وظيفته أو بسببها وتقوم رابطة التبعية ولو لم يكن المتبوع حراً في اختيار تابعه متى كانت له عليه سلطة فعلية في رقابته وفي توجيهه، يدل على أن علاقة التبعية تقوم على توافر الولاية في الرقابة والتوجيه بأن يكون للمتبوع سلطة فعلية في إصدار الأوامر إلى التابع في طريقة أداء عمله وفي الرقابة عليه في تنفيذ هذه الأوامر ومحاسبته على الخروج عليها. ولما كان القانون رقم 16 سنة 1969 في شأن التعليم الخاص الذي ينطبق على واقعة الدعوى يقضى في مادته الثالثة بأن المدارس الخاصة تخضع لرقابة وزارة التربية والتعليم ومديريات التربية والتعليم ومفتشيها في الحدود الواردة بذلك القانون، وفي هذه الحدود توجب أحكام القانون اشتراط مؤهلات معينة فمن يعملون بتلك المدارس، كما توجب وضع لائحة لكل مدرسة تكفل انتظام ماليتها وحسن إدارة التعليم والامتحانات فيها واختصاصات العاملين بها ونظام تعيينهم وترقيتهم وتأديبهم طبقاً للقرار الذي تصدره الوزارة بتعيين القواعد الأساسية المؤدية لتحقيق تلك الأغراض، كما أجاز القانون للوزارة منح الإعانات المالية لهذه المدارس ومساعدتها على الإدارة الفنية والمالية بجميع ما تراه من الوسائل، وكذلك أعطى القانون الوزارة - بالاتفاق مع وزير العمل سلطة إصدار القواعد المنظمة لحقوق وواجبات العاملين بالمدارس الخاصة وعلاقاتهم بالوزارة وإجراءات التعيين والتأديب والفصل وغير ذلك من تلك القواعد، وخول القانون لموظفي الوزارة حق دخول هذه المدارس وطلب جميع البيانات الخاصة بها والاطلاع على سجلاتها للتحقق من تنفيذ أحكام القانون. ومفاد ذلك كله أن للوزارة سلطة فعلية في رقابة وتوجيه العاملين بالمدارس الخاصة وهي سلطة تستمدها من القانون لا لحساب هذه المدارس وإنما لحسابها هي باعتبارها القوامة على مرفق التعليم بما يتحقق معه تبعية المدارس المذكورة والعاملين بها للوزارة بالمعنى المقصود في المادة 174 من القانون المدني بصرف النظر عن ملكية الأفراد للمدارس الخاصة أو طبيعة علاقة العاملين بها بأصحابها.
لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر في قضائه فإنه يكون صحيحاً، ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول أنه تمسك في دفاعه أمام محكمة الدفوع بانتفاء مسئوليته لأن الحادث وقع بسبب خطأ المجني عليه كما تمسك بعنصر المفاجأة في الحادث إذ كان المجني عليه يجري وراء المتهم أثناء لعبهما في فناء المدرسة فوضع الأخير قدمه على رباط حذائه مما أدى إلى سقوطه وارتطام رأسه بعامود وإصابته، وقد أغفل الحكم المطعون فيه هذا الدفاع الجوهري مما يعيبه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه يشترط لاعتبار الدفاع جوهرياً أن يكون مستنداً لأساس قانوني صحيح مما يتغير به وجه الرأي في الدعوى وأن يكون مقترناً بالدليل المثبت له أو مطلوباً من المحكمة تحقيقه بإحدى الطرق المقررة في القانون، فإذا تخلف هذا الوصف عن الدفاع فلا على محكمة الموضوع إن هي التفتت عنه، ولما كان الثابت بالأوراق صدور حكم جنائي نهائي في الجنحة رقم 5044 سنة 1976 أحداث القاهرة بإدانة المتهم الحدث في تهمة الإصابة الخطأ وتسليمه لولي أمره وكان الحكم الجنائي مقيداً للمحكمة المدنية فيما فصل فيه من خطأ المتهم وعلاقة السببية بين الخطأ والضرر بحيث يمتنع على الخصوم وعلى المحكمة نفسها معاودة البحث في ذلك، إذ كان ذلك وكان دفاع الطاعن لأن الحادث وقع بسبب خطأ المجني عليه ينطوي على مخالفة لحجية الحكم الجنائي فيعتبر غير مستندٍ إلى أساس قانوني صحيح وليس من شأنه تغيير وجه الرأي في الدعوى. ومن ثم فلا يعد دفاعاً جوهرياً، كما أن ما تمسك به الطاعن من أن الحادث كان نتيجة عنصر المفاجأة، إذ لم يقم عليه الدليل أمام محكمة الموضوع ولم يطلب إليها تحقيقه وفقاً للأوضاع المقررة قانوناً فلا يعد دفاعاً جوهرياً كذلك، ومن ثم فلا جناح على الحكم المطعون فيه في التفاته عن الرد عليه ويكون النعي عليه بهذا السبب غير مقبول.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.