أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 39 - صـ 425

جلسة 21 من مارس سنة 1988

برئاسة السيد المستشار/ د. جمال الدين محمود - نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ منصور حسين عبد العزيز - نائب رئيس المحكمة، محمد السعيد رضوان، محمد ممتاز متولي، ود. عبد القادر عثمان.

(87)
الطعن رقم 33 لسنة 53 قضائية

(1: 7) محكمة الموضوع. بطلان. "تسبيب الحكم". دفاع. عمل "سلطة صاحب العمل" "إنهاء عقد". "فصل العامل". "تأديب العامل".
(1) عدم إلزام محكمة الموضوع بتتبع الخصوم في جميع حججهم وأوجه دفاعهم والرد عليها استقلالاً.
(2) بطلان الحكم لإغفاله دفاع أبداه الخصم. شرطه. أن يكون الدفاع جوهرياً ومؤثراً في نتيجة الحكم.
(3) سلطة صاحب العمل في تنظيم منشآته. مناطها. انتفاء سوء استعمال السلطة أو قصد الإساءة.
(4) إنهاء صاحب العمل للعقد غير المحدد المدة. أثره. انقضاء الرابطة العقدية ولو اتسم الإنهاء بالتعسف. ليس للعامل إلا الحق في التعويض إن كان أصابه ضرر. الاستثناء. الفصل بسبب النشاط النقابي.
(5) تقدير قيام المبرر لفصل العامل. مما يستقل به قاضي الموضوع.
(6) عدم مراعاة قواعد تأديب العامل. لا يمنع صاحب العمل من فسخ العقد إذا توافر المبرر لذلك.
(7) مخالفة القواعد التنظيمية الخاصة بوقف وفصل العامل. لا يترتب عليه أن يكون الفصل تعسفاً ولا يسلب المحكمة سلطتها في تقدير المبرر للفصل.
(8) محكمة الموضوع "مسائل الواقع".
لقاضي الموضوع سلطة تحصيل فهم الواقع في الدعوى. كفاية إقامة قضائه على أسباب سائغة تحمله.
1 - محكمة الموضوع غير ملزمة بأن تتبع جميع حجج الخصوم وأوجه دفاعهم وأن ترد على كل منها استقلالاً لأن قيام الحقيقة التي استخلصتها فيه الرد الضمني لكل حجة تخالفها.
2 - إغفال الحكم ذكر دفاع أبداه الخصم لا يترتب عليه بطلان الحكم إلا إذا كان الدفاع جوهرياً ومؤثراً في النتيجة التي انتهى إليها الحكم.
3 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن لصاحب العمل سلطة تنظيم منشآته واتخاذ ما يراه من الوسائل لإعادة تنظيمها رأى من ظروف العمل ما يدعو إلى ذلك طالما كان هذا الإجراء غير مشوب بسوء استعمال السلطة أو الإساءة إلى العامل.
4 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن لصاحب العمل إنهاء العقد غير المحدد المدة بإرادته المنفردة وأنه بهذا الإنهاء تنتهي الرابطة العقدية ولو اتسم بالتعسف غاية الأمر أنه يترتب للعامل الذي أصابه ضرر في هذه الحالة الحق في التعويض إلا في حالة واحدة ضمنها نص المادة 75 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 91 لسنة 1959 وهي ما إذا كان الفصل بسبب النشاط النقابي المكون للجريمة المنصوص عليها في المادة 231 من هذا القانون.
5 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن تقدير قيام المبرر لفصل العامل مما يستقل به قاضي الموضوع متى بني على أسباب سائغة.
6 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن عدم مراعاة قواعد التأديب لا يمنع من فسخ عقد العمل إذا توافر المبرر.
7 - النص في الفقرة الثانية من المادة 209 من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 91 لسنة 1959 بإصدار قانون العمل "........" والمادة السادسة من قرار وزير العمل رقم 96 لسنة 1962 بعدم تعديلها بالقرار 80 لسنة 1965 "........" والمادة السابعة منه (......) لا يعدو أن يكون تقريراً لقواعد تنظيمية لا يلزم من مخالفتها أن يكون الفصل تعسفياً ولا يسلب محكمة الموضوع سلطتها في تقدير المبرر للفصل.
8 - المقرر في قضاء هذه المحكمة - أن لقاضي الموضوع مطلق السلطة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وفي وزن وتقدير الأدلة المقدمة فيها والأخذ بما يقتنع به منها وإخراج ما عداه وحسبه في ذلك أن يقيم قضاءه على أسباب سائغة وكافية لحمله.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعنة قدمت شكوى إلى مكتب عمل مصر الجديدة بتاريخ 30/ 4/ 1981 ذكرت فيها أنها كانت تعمل في خدمة المطعون ضدها - شركة الطيران العربي الدولي - منذ 1/ 11/ 1980 وقد فصلت دون مبرر في 30/ 4/ 1981، ولم يتمكن مكتب العمل من تسوية النزاع فأحاله إلى محكمة شئون العمال الجزئية بالقاهرة، وبتاريخ 25/ 10/ 1981 قضت بصفة مستعجلة بوقف قرار الفصل وإلزام المطعون ضدها بأن تؤدي لها أجرها الشهري بواقع 100 جنيه اعتباراً من تاريخ الفصل في 30/ 4/ 1981 وحتى الفصل في الموضوع، وطلبت الطاعنة من محكمة الموضوع الحكم بإلزام المطعون ضدها بأن تؤدي إليها تعويضاً قدره عشرة آلاف جنيه، وبتاريخ 25/ 10/ 1981 أحيلت الدعوى إلى محكمة شمال القاهرة الابتدائية وقيدت برقم 12 لسنة 82 عمال كلي، وبتاريخ 29/ 4/ 1982 حكمت برفض الدعوى، استأنفت الطاعنة هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 736/ 99 ق وبتاريخ 17/ 11/ 1982 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنعى الطاعنة بالسبب الأول منهما على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي بيان ذلك تقول أنه لما كان الحكم قد انتهى إلى أن الفصل غير تعسفي تأسيساً على أن المطعون ضدها أوقفت العمل جزئياً، في حين أن الشركة المطعون ضدها قد خالفت نص المادة 209/ 2 من قانون عقد العمل الفردي التي تحظر على صاحب العمل وقف العمل كلياً أو جزئياً إلا اضطراراً ولأسباب جدية وبعد موافقة وزير العمل، وأنها قامت بفصلها وبعض العاملين دون عرض الأمر على اللجنة الثلاثية المنصوص عليها في القرار الوزاري رقم 96 لسنة 1962 ولم يكن لهذا الفصل ما يبرره من الأسباب التي عددتها المادة 76 من قانون العمل مما يجعل قرار الفصل باطلاً، وإذ أغفل الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه الرد على هذا الدفاع الجوهري الذي من شأنه تغيير وجه الرأي في الدعوى فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وشابه القصور في التسبيب بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أنه لما كانت محكمة الموضوع غير ملزمة بأن تتبع جميع حجج الخصوم وأوجه دفاعهم وأن ترد على كل منها استقلالاً لأن قيام الحقيقة التي استخلصتها في الرد الضمني لكل حجة تخالفها، وكان إغفال الحكم ذكر دفاع أبداه الخصم لا يترتب عليه بطلان الحكم إلا إذا كان الدفاع جوهرياً ومؤثراً في النتيجة التي انتهى إليها الحكم، وكان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن لصاحب العمل سلطة تنظيم منشآته واتخاذ ما يراه من الوسائل لإعادة تنظيمها متى رأى من ظروف العمل ما يدعو إلى ذلك طالما كان هذا الإجراء غير مشوب بسوء استعمال السلطة أو قصد الإساءة إلى العامل، وأن لصاحب العمل إنهاء العقد غير المحدد المدة بإرادته المنفردة وأنه بهذا الانتهاء تنتهي الرابطة العقدية ولو اتسم بالتعسف غاية الأمر أنه يرتب للعامل الذي أصابه ضرر في هذه الحالة الحق في التعويض إلا في حالة واحدة ضمنها نص المادة 75 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 91 لسنة 1959 هي ما إذا كان الفصل بسبب النشاط النقابي المكون للجريمة المنصوص عليها في المادة 231 من هذا القانون، وأن تقدير قيام المبرر لفصل العامل مما يستقل به قاضي الموضوع متى بني على أسباب سائغة، وأن عدم مراعاة قواعد التأديب لا يمنع من فسخ عقد العمل إذا توافر المبرر، لما كان ذلك وكان النص في الفقرة الثانية من المادة 209 من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 91 لسنة 1959 بإصدار قانون العمل ".... يحظر على صاحب العمل وقف العمل كلياً أو جزئياً إلا إذا كان مضطراً لذلك لأسباب جدية وبعد الحصول على موافقة وزير الشئون الاجتماعية والعمل بناء على طلب يقدمه بكتاب مسجل ويبت الوزير في هذا الطلب خلال ثلاثين يوماً من تاريخ وصوله إليه فإذا انقضت هذه المدة جاز لصاحب العمل وقفه" والمادة السادسة من قرار وزير العمل رقم 96 لسنة 1962 بعدم تعديلها بالقرار 80 لسنة 1965 "إذا رأت إدارة المنشأة التي تستخدم خمسة عمال فأكثر أن المخالفة التي ارتكبها العامل تستوجب فصله تعين عليها قبل أن تصدر قراراً نهائياً بذلك عرض الأمر على لجنة تشكل برئاسة مدير منطقة العمل المختص أو من ينوبه وعضوية ممثل للعمال تختاره اللجنة النقابية... وممثل لصاحب العمل......" والمادة السابعة منه "تتولى اللجنة المشار إليها في المادة السابقة بحث كل حالة تعرض عليها وإبلاغ إدارة المنشأة رأيها فيها وذلك في ميعاد لا يجاوز أسبوعاً من تاريخ إحالة الأوراق إليها......" لا يعدد أن يكون تقريراً لقواعد تنظيمية لا يلزم من مخالفتها أن يكون الفصل تعسفاً ولا يسلب محكمة الموضوع سلطتها في تقدير قيام المبرر للفصل، وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه جرى في قضائه على نفي تعسف صاحب العمل في استعمال حقه في فصل الطاعنة بما أورده "...... وكان الثابت من ظروف الدعوى وملابساتها وما تقدم فيها من مستندات الشركة المدعى عليها لم تقصد من وراء إنهاء عقد عمل "الطاعنة" الإضرار بها وإنما كان هدفها حسبما استقر في عقيدة المحكمة هو إعادة تنظيمها على نحو يقلل من خسائرها التي أفصحت عنها الأوراق ودون منازعة من أحد مما يؤكد ذلك ويعززه أن الشركة المدعى عليها لم تقتصر على إنهاء عقد الطاعنة وحدها حتى يقال أنها المقصود بعسفها وإنما شمل الإنهاء عدد غفير من عمالها غيرها الأمر الذي ينتفي وصف التعسف عن قرار إنهاء خدمة "الطاعنة" بالشركة المدعى عليها........" وكان ما أورده الحكم سائغاً وله أصله الثابت في الأوراق ومن شأنه أن يؤدي إلى النتيجة التي انتهى فإن ما تثيره الطاعنة بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك تقول أن الحكم أقام قضاءه برفض دعوى التعويض تأسيساً على أن الشركة المطعون ضدها قلصت نشاطها بعد ما لحقها من خسائر وقدمت مستندات من صنعها تخالف الواقع ولو صح ما تدعيه من أن مرد خسائرها هو عدم السماح لها بخطوط جوية لكان عليها أن تلجأ إلى التحكيم طبقاً لقوانين الاستثمار أو إلى القضاء للمطالبة بالسماح لها بتلك الخطوط ولم يمحص الحكم مستندات المطعون ضدها واستدل بها على قيام مبرر الفصل رغم عدم دلالتها على ذلك فإنه يكون مشوباً بالفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي مردود بما سبق ذكره في الرد على السبب الأول من سببي الطعن وبما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة من أن لقاضي الموضوع مطلق السلطة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وفي وزن وتقدير الأدلة المقدمة فيها والأخذ بما يقتنع به منها وإطراح ما عداه وحسبه في ذلك أن يقيم قضاءه على أسباب سائغة وكافية لحمله لما كان ذلك وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه أمام قضاءه بعدم أحقية الطاعنة في التعويض المطالب به عن قرار فصلها إلى عدم تعسف المطعون ضدها تأسيساً على حق رب العمل في إنهاء عقود بعض عماله في سبيل تنظيم منشآته أخذاً بالثابت من ظروف الدعوى وملابساتها وما قدم فيها من مستندات وكان ما أورده الحكم في هذا الخصوص سائغاً وله أصله الثابت في الأوراق ويكفي لحمل قضائه فإن النعي عليه بهذا السبب ينحل إلى جدل موضوعي لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض ويكون النعي عليه على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.