أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
المجلد الثاني - السنة 27 - صـ 1627

جلسة 23 من نوفمبر سنة 1976

برياسة السيد المستشار أحمد حسن هيكل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد صدقي العصار، وعبد الرؤوف عبد المجيد جودة، وزكي الصاوي صالح، وجمال الدين عبد اللطيف.

(302)
الطعن رقم 403 لسنة 40 القضائية

(1) بطلان. حكم. دعوى "الإعادة للمرافعة".
الأصل في الإجراءات أن تكون قد روعيت. البطلان المترتب على عدم إعلان من لم يحضر من الخصوم عند إعادة الدعوى للمرافعة. عدم جواز التمسك به إلا ممن شرع البطلان لمصلحته. م 21 مرافعات.
(2 و3 و4 و5) تقادم "التقادم المكسب". حيازة. ملكية. محكمة الموضوع.
(2) حسن النية الذي يقتضيه تملك العقار بالتقادم القصير. ماهيته.
(3) استخلاص حسن نية واضع اليد. من سلطة قاضي الموضوع متى كان استخلاصه سائغاً وكافياً لحمل قضائه.
(4) اكتساب الملكية بالتقادم. وجوب بيان الحكم للوقائع التي تؤدي إلى توافر شروط وضع اليد.
(5) واضع اليد على العقار بسبب وقتي معلوم. جواز اكتسابه للملكية في حالتين. أن يتلقى العقار من شخص يعتقد أنه هو المالك له، أو أن يجابه المالك مجابهة ظاهرة إنكار ملكيته والاستئثار بها دونه.
(6) نقض. "أثر نقض الحكم".
دعوى تثبيت الملكية لأطيان زراعية وبطلان التصرفات الواردة عليها. موضوع قابل للتجزئة. نقض الحكم الصادر برفض الدعوى. اقتصار أثر النقض على نصيب الطاعن من المدعين دون الآخرين.
1 - متى كان الأصل في الإجراءات أن تكون قد روعيت، فإن محكمة الاستئناف تكون قد تحققت من أن سند الوكالة - الصادر لمحامي الطاعنين الذي مثل بالجلسة بعد إعادة الدعوى للمرافعة - كان صادراً من كل الطاعنين، ولما كان الطاعنون لم يقدموا دليلاً على أن هذا التوكيل لم يصدر عنهم. وكان لا مصلحة لهم في التمسك بالبطلان لعدم إعلان من لم يحضر من المطعون عليهم - بإعادة الدعوى للمرافعة - إذ لا يجوز أن يتمسك بالبطلان إلا من شرع البطلان لمصلحته عملاً بما تقضي به المادة 21 من قانون المرافعات، لما كان ذلك فإن النعي على الحكم بالبطلان يكون في غير محله.
2 - حسن النية الذي يقتضيه التملك بالتقادم القصير هو اعتقاد المتصرف إليه اعتقاداً تاماً حين التصرف أن المتصرف مالك لما يتصرف فيه، فإذا شاب هذا الاعتقاد أدنى شك امتنع حسن النية.
3 - لئن كان لقاضي الموضوع السلطة التامة في استخلاص حسن نية واضع اليد - في التملك بالتقادم القصير - من نصوص العقد ومن الظروف الملابسة لتحريره، إلا أنه يتعين أن يكون استخلاصه قائماً على أسباب سائغة وكافية لحمل قضائه.
4 - يتعين على الحكم المثبت للتملك بالتقادم أن يعرض لشروط وضع اليد وهي أن يكون مقروناً بنية التملك ومستمراً وهادئاً وظاهراً فيبين بما فيه الكفاية الوقائع التي تؤدي إلى توافرها بحيث يبين منه أنه تحراها وتحقق من وجودها.
5 - وضع اليد بسبب وقتي معلوم غير أسباب التمليك - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يعتبر صالحاً للتمسك به إلا إذا حصل تغيير في سببه يزيل عنه صفته الوقتية، وهذا التغيير لا يكون إلا بإحدى اثنتين، أن يتلقى ذو اليد الوقتية ملك العين من شخص من الأغيار يعتقد هو أنه المالك لها والمستحق للتصرف فيها، أو أن يجابه ذو اليد الوقتية مالك العين مجابهة ظاهرة صريحة بصفة فعلية أو بصفة قضائية أو غير قضائية تدل دلالة جازمة على أنه يزمع إنكار الملكية على المالك والاستئثار بها دونه، وهو ما تقضي به المادة 972/ 2 من القانون المدني.
6 - إذ كان الثابت أن المدعين أقاموا الدعوى بثبوت ملكيتهم إلى الأطيان الزراعية، وببطلان عقدي البيع المسجلين - الصادرين عن ذات الأطيان - وهو موضوع قابل للتجزئة، ولما كان لا يفيد من الطعن إلا من رفعه عملاً بما تقضي به المادة 218 من قانون المرافعات، وكان الطعن بالنقض لم يرفع إلا من بعض المدعين الذين قضي برفض دعواهم، وتأيد هذا القضاء استئنافياً، لما كان ذلك فإن نقض الحكم يقتصر أثره على أنصبة الطاعنين في الأطيان المبيعة بالعقدين سالفي الذكر دون باقي المدعين.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر... والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن الطاعنين والمطعون عليهم من الأول حتى الرابعة والعشرين أقاموا الدعوى رقم 427 سنة 1945 مدني المنصورة الابتدائية بصحيفة معلنة في 20/ 27 و29/ 3/ 1945 ضد باقي المطعون عليهم طلبوا فيها الحكم بتثبيت ملكيتهم إلى 11 فداناً و3 قراريط و6 أسهم شيوعاً في 14 فداناً موضحة الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى، وببطلان عقد البيع الصادر من المرحوم.......، مورث المطعون عليهم من الثامن والثلاثين إلى السابعة والأربعين إلى المرحوم...... مورث المطعون عليهم من الخامس والعشرين إلى السابع والثلاثين والمؤرخ 7/ 11/ 1928 والمسجل بمحكمة المنصورة المختلطة في 29/ 11/ 1928 فيما يختص بالقدر سالف الذكر ومحو ما ترتب عليه من تسجيلات، وبطلان عقد البيع الصادر من ورثة...... إلى....... المطعون عليه التاسع والخمسين والمسجل بمحكمة المنصورة المختلطة في 16/ 1/ 1945 فيما يختص بالمساحة المذكورة ومحو ما ترتب عليه من تسجيلات، وقالوا في بيان دعواهم إن المرحوم....... المتوفى سنة 1905 كان قد باع 14 فداناً إلى أولاده الخمسة....... بموجب عقد بيع مسجل في 11/ 6/ 1881 بالسوية فيما بينهم وبموجب عقد رهن تأميني مسجل في 13/ 1/ 1916 رهن..... إلى المرحوم.... أطياناً زراعية مساحتها 16 فداناً ضماناً لمبلغ 1280 جنيهاً بخلاف الفوائد وتعهد الراهنون بسداد الدين على مدى 15 سنة تنتهي في سنة 1930 بطريق الاستهلاك السنوي، وبعد سداد جزء من الدين باع....... 14 فداناً من القدر المرهون إلى الدائن المرتهن بموجب عقد مسجل في 29/ 11/ 1928 وذلك بعد وفاة أخويه........ وتعيينه وصياً على أولادهما مع أنه لا يملك في هذه الأطيان سوى 2 فدان و20 قيراطاً و18 سهماً وأما الباقي وقدره 11 فداناً و3 قراريط و6 أسهم فهو ملك للمدعين ميراثاً عن باقي الإخوة ثم تصرف ورثة المرحوم........ في مساحة 10 أفدنة و6 قراريط 2 سهمان من القدر مشتراه إلى....... بموجب عقد بيع مسجل في 6/ 11/ 1945، وإذ كان البيع الأول الصادر من المرحوم........ إلى المرحوم....... باطلا ًفيما زاد عن نصيب البائع لوقوعه على ملك المدعين وكذلك البيع الثاني الصادر من المرحوم....... إلى.......، فقد أقاموا الدعوى للحكم لهم بطلباتهم. ثم أدخل المدعون........ مورث المطعون عليهم من الخامسة والخمسين إلى الثامن والخمسين خصماً في الدعوى ليحكم عليه بذات الطلبات تأسيساً على أنه اشترى من........ قدراً من الأطيان المبيعة له. رد المطعون عليه........ بأن القدر المبيع له ليس من بين الأطيان المرهونة، وأن عقد البيع الأول الصادر من المرحوم....... إلى المرحوم...... اقترن بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية. وبتاريخ 29/ 4/ 1953 حكمت المحكمة بندب مكتب خبراء وزارة العدل بالدقهلية ليندب خبيراً زراعياً لتطبيق مستندات الطرفين على الطبيعة لمعرفة ما إذا كان القدر المبيع من المرحوم....... إلى المرحوم........ يدخل ضمن الأرض المرهونة من البائع وأخويه....... للمشتري المذكور، وما إذا كان هو ذات القدر المبيع من....... لأولاده...... وإخوته ومدى انطباق القدر المتنازع عليه على هذه العقود وتحقيق وضع اليد عليه ومدته وسببه، ثم أحيلت الدعوى إلى محكمة الزقازيق الابتدائية للاختصاص وقيدت بجدولها برقم 603 لسنة 1956 مدني، وبعد أن قدم الخبير تقريره حكمت المحكمة بتاريخ 15/ 6/ 1960 بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المطعون عليه........ أن البائع له قد وضع اليد على القدر المبيع له من المرحوم....... بموجب العقد المسجل في 29/ 11/ 1928 منذ سنة 1928 حتى 1945 تاريخ رفع الدعوى المدة الطويلة المكسبة للملكية وأن المطعون عليه المذكور وضع اليد على هذا القدر من بعده حتى الآن. وبعد سماع شهود الطرفين عادت فحكمت بتاريخ 31/ 5/ 1961 برفض الدعوى. استأنف المدعون هذا الحكم أمام محكمة استئناف المنصورة وقيد الاستئناف برقم 93 سنة 5 ق مدني مأمورية الزقازيق وبتاريخ 24/ 3/ 1970 حكمت المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها أصرت النيابة على رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب ينعى الطاعنون بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه بالبطلان وفي بيانه يقولون إن المحكمة الاستئنافية حجزت الدعوى للحكم ثم قررت إعادتها للمرافعة لجلسة 23/ 3/ 1970 دون أن يصدر قرار بإعلان الخصوم، وبالجلسة المذكورة لم يحضر سوى بعض المستأنفين والمحامي الموكل عنهم وأحد المستأنف عليهم، مع أن التوكيلات المقدمة هي عن خمسة فقط من المستأنفين البالغ عددهم نحو الأربعين، ثم حجزت المحكمة الدعوى للحكم لجلسة 24/ 3/ 1970 حيث صدر الحكم المطعون فيه، وإذ كانت الإجراءات مشوبة بالبطلان لعدم إعلان الخصوم بعد إعادة الدعوى للمرافعة فإن الحكم يكون باطلاً.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح، ذلك أنه لما كان يبين من الاطلاع على محاضر جلسات الاستئناف أنه في الجلسة الأولى المنعقدة بتاريخ 20/ 2/ 1963 حضر أحد المحامين نائباً عن الأستاذ....... وكيل المستأنفين بالتوكيل رقم 265 سنة 1963 رسمي عام المنصورة وبعد أن تداولت القضية بالجلسات قررت المحكمة حجزها للحكم لجلسة 22/ 2/ 1970 وفيها صدر قرار بمد أجل النطق بالحكم لجلسة 22/ 3/ 1970 وورد في محضر هذه الجلسة أنه نودي على الخصوم فحضر أحد المحامين عن الأستاذ........ عن المستأنفين استناداً إلى التوكيل السابق إثباته كما حضر ثلاثة منهم، ثم قررت المحكمة إعادة القضية للمرافعة لجلسة 23/ 3/ 1970 لتلاوة تقرير التلخيص وأثبت في محضر هذه الجلسة أن الأستاذ....... المحامي حضر مع المستأنفين الحاضرين وعن المستأنفين الآخرين بالتوكيل السابق إثباته وأبدى دفاعه في الدعوى في مواجهة الحاضر عن المطعون عليه عبد الفتاح إبراهيم العطار ثم قررت المحكمة حجز القضية للحكم لجلسة 24/ 3/ 1970 حيث صدر الحكم المطعون فيه مما مفاده أن وكيل الطاعنين قد حضر مع من حضر منهم بالجلسة التي أعيدت إليها القضية للمرافعة بعد أن حجزت للحكم كما أنه حضر عن الطاعنين الغائبين بتوكيل سبق إثباته وأبدى دفاعه في الدعوى، ولما كان الأصل في الإجراءات أن تكون قد روعيت وأن محكمة الاستئناف تحققت من أن سند الوكالة المشار إليه كان صادراً من كل الطاعنين، وكان الطاعنون لم يقدموا دليلاً على أن هذا التوكيل لم يصدر عنهم. وكان لا مصلحة لهم في التمسك بالبطلان لعدم إعلان من لم يحضر عن المطعون عليهم إذ لا يجوز أن يتمسك بالبطلان إلا من شرع البطلان لمصلحته عملاً بما تقضي به المادة 21 من قانون المرافعات، لما كان ذلك فإن النعي على الحكم بهذا السبب يكون في غير محله.
وحيث إنه مما ينعاه الطاعنون في باقي أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب ذلك أن الحكم خلط بين أحكام نوعي التقادم المكسب للملكية الذي يستند إليه المطعون عليه....... في ملكية البائعين له ومورثهم...... لأطيان قد تملك نصيب كل من....... اللذين لم يوقعا على عقد الرهن بالتقادم القصير في حين أن الدائن المرتهن المذكور كان يعلم من عقد الرهن أن..... البائع له غير مالك بالنسبة لكل ما زاد عن نصيبه في القدر المبيع مما ينفي عنه حسن النية، هذا إلى أن الطاعنين تمسكوا أمام محكمة الموضوع بأن التقادم الطويل لم تتوافر شروطه القانونية لأن الأطيان المذكورة لم تخرج من حيازتهم واستمروا يضعون اليد عليها بوصفهم مالكين لها من قبل الرهن حتى اليوم، أما استئجار بعضهم للأطيان المتنازع عليها من الدائن المرتهن وورثته من بعده فلم يقصد به إلا ضمان سداد فوائد الرهن، غير أن الحكم المطعون فيه لم يرد على هذا الدفاع الجوهري وقضى برفض دعواهم وهو ما يعيبه بالخطأ في تطبيق القانون والقصور.
وحيث إن هذا النعي صحيح، ذلك أنه لما كان حسن النية الذي يقتضيه التملك بالتقادم القصير هو اعتقاد المتصرف إليه اعتقاداً تاماً حين التصرف بأن المتصرف مالك لما يتصرف فيه فإذا شاب هذا الاعتقاد أدنى شك امتنع حسن النية، وأنه وإن كان لقاضي الموضوع السلطة التامة في استخلاص حسن نية واضع اليد من نصوص العقد ومن الظروف الملابسة لتحريره إلا أنه يتعين أن يكون استخلاصه قائماً على أسباب سائغة وكافية لحمل قضائه، ولما كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه انتهى إلى أن........ الدائن المرتهن قد تملك أنصبة........ بالتقادم القصير واستدل على حسن نيته وقت شرائه هذه الأنصبة من...... بالعقد المسجل في 29/ 11/ 1928 لمجرد أنهما لم يوقعا على عقد الرهن، مع إن المستفاد من الحكم أن الأطيان المبيعة بالعقد سالف الذكر ومساحتها 14 ف كان يملكها...... وإخوته الأربعة:...... بالسوية فيما بينهم بموجب عقد البيع الصادر لهم من أبيهم والمسجل في 11/ 6/ 1881 وقام...... برهن هذه الأطيان إلى....... ضماناً لمبلغ 1280 جنيهاً وفوائده بموجب عقد رهن تأميني مسجل في 13/ 1/ 1916 ثم باع....... الأطيان المذكورة إلى الدائن المرتهن بالعقد المسجل في 29/ 11/ 1928 رغم أنه لا يملك فيها سوى 18 س 20 ط 2 ف أما الباقي وقدره 6 س 3 ط 11 ف فهو مملوك لأخوته الأربعة الذين رفع به ورثتهم الدعوى الحالية، وهذه الوقائع ليس من شأنها أن تفيد أن الدائن المرتهن حين اشترى أنصبة........ من أخيهما...... كان يعتقد أنه يشتري من مالك إذ أنه وعلى ما سلف البيان سبق أن ارتهن القدر المبيع - وتدخل فيه الأنصبة - من....... وأخويه..... بوصفهم ملاكاً له، مما يعيب الحكم في استناده إلى التقادم القصير بالفساد في الاستدلال، ولما كان الطاعنون قد تمسكوا في دفاعهم بأنه ليس للمطعون عليه...... أن يستند في ملكيته لأطيان النزاع إلى أن ورثة....... البائعين له قد تملكوها بالتقادم الطويل لعدم توافر شروطه القانونية لأن الطاعنين ومورثهم استمروا يضعون اليد على هذه الأطيان بعد رهنها بوصفهم مالكين لها، وإذا كان بعضهم قد استأجرها من الدائن المرتهن فقد كان القصد من ذلك ضمان سداد فوائد الرهن بالحجز على المحاصيل في العين المرهونة، وكان يتعين على الحكم المثبت للتملك بالتقادم أن يعرض لشروط وضع اليد وهي أن يكون مقروناً بنية التملك ومستمراً وهادئاً وظاهراً فيبين بما فيه الكفاية الوقائع التي تؤدي إلى توافرها بحيث يبين منه أنه تحراها وتحقق من وجودها، وكان وضع اليد لسبب وقتي معلوم غير أسباب التمليك - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يعتبر صالحاً للتمسك به إلا إذا حصل تغيير في سببه يزيل عنه صفته الوقتية، وهذا التغيير لا يكون إلا بإحدى اثنتين، أن يتلقى ذو اليد الوقتية ملك العين من شخص من الأغيار بصفة أنه هو المالك لها والمستحق للتصرف فيها، أو أن يجابه ذو اليد الوقتية مالك العين مجابهة ظاهرة وصريحة بصفة فعلية أو بصفة قضائية أو غير قضائية تدل دلالة جازمة على أنه يزمع إنكار الملكية على المالك والاستئثار بها دونه وهو ما تقضي به المادة 972/ 2 من القانون المدني، ولما كان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى أن....... هو وورثته ممن تملكوا أنصبة........ بالتقادم الطويل المكسب للملكية واكتفى في ذلك بأنه تبين من تقرير الخبير المقدم في الدعوى ومن أقوال الشهود الذين سمعتهم محكمة أول درجة أنهم كانوا يضعون اليد بنية التملك على هذه الأطيان ويؤجرونها للطاعنين بعد أن اشتراها مورثهم من........ بالعقد المسجل في 29/ 11/ 1928 حتى تاريخ رفع الدعوى في سنة 1945، وكان هذا الذي قرره الحكم وأقام عليه قضاءه لا يفيد بذاته أن الحيازة قد استوفت جميع عناصرها القانونية الصحيحة وكان الحكم لم يبين أيضاً ما إذا كان....... بعد أن اشترى الأطيان موضوع الدعوى من......... وهو غير مالك قد جابه الطاعنين بعمل مادي أو قضائي يدل على إنكار ملكيتهم للأطيان المذكورة، ولا يكفي في ذلك ما قرره الحكم من أن الطاعنين استأجروا أطيان النزاع من الدائن المرتهن وورثته من بعده ذلك أن الطاعنين قد تمسكوا بأن استئجار بعضهم للأطيان بعد الرهن كان يقصد ضمان سداد فوائد الدين على ما سلف البيان غير أن الحكم غفل عن تحقيق هذا الدفاع وهو ما يعيبه بالقصور في هذا الخصوص، لما كان ذلك فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
وحيث إنه لما كان الثابت أن ورثة........ أولاد المرحوم....... أقاموا الدعوى بثبوت ملكيتهم إلى أطيان زراعية مساحتها 6 س 3 ط 11 ف شائعة في 14 ف وببطلان عقدي البيع المسجل أولهما في 29/ 11/ 1928 والثاني في 16/ 1 سنة 1945 وذلك بالنسبة للقدر سالف الذكر وهو موضوع قابل للتجزئة، ولما كان لا يفيد من الطعن إلا من رفعه عملاً بما تقضي به المادة 218 من قانون المرافعات، وكان الطعن بالنقض لم يرفع إلا من بعض المدعين الذي قضي برفض دعواهم وتأييد هذا القضاء استئنافياً، لما كان ذلك فإن نقض الحكم يقتصر أثره على أنصبة الطاعنين في الأطيان المبيعة بالعقدين سالفي الذكر دون باقي المدعين.