أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 34 - صـ 1589

جلسة 13 من نوفمبر سنة 1983

برئاسة السيد المستشار إبراهيم فراج نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: عبد العزيز فودة، وليم بدوي، محمد لطفي السيد ومحمد لبيب الخضري.

(311)
الطعن رقم 186 لسنة 53 القضائية

1 - حكر
إنهاء الحكر. ق 92 لسنة 1960. شرطه. صدور قرار به من وزير الأوقاف وإتباع الإجراءات المنصوص عليها في ذلك القانون.
2 - حكر. وقف
انتهاء حق الحكر على الأعيان الموقوفة بقوة القانون. شرطه. أن تكون الأعيان المحكرة غير مشغولة ببناء أو غراس عند بدء العمل بالقانون 43 لسنة 1982 شغل الأعيان بشيء من ذلك. أثره. ضرورة صدور قرار من وزير الأوقاف بالإنهاء دون نظر إلى من أقامها.
1 - النص في المادة الأولى من القانون رقم 92 لسنة 1960 على أن ينتهي الحكر بقرار من وزير الأوقاف على أن يتم إنهاء جميع الأحكار في مدة لا تجاوز خمس سنوات من تاريخ العمل بالقانون مفاده أن المشرع استلزم لإنهاء الحكر من جانب المطعون ضدها الثانية صدور قرار بذلك من وزير الأوقاف وإتباعاً للإجراءات المنصوص عليها في ذلك القانون فلا تثريب على الحكم المطعون فيه إذا هو رتب على عدم اتخاذ الإجراءات المشار إليها بقاء حق الحكر قائماً.
2 - النص في المادة الأولى من القانون رقم 43 لسنة 1982 على أن "يعتبر حق الحكر منتهياً دون تعويض في الأعيان الموقوفة الخالية من أي بناء أو غراس عند العمل بهذا القانون وتعتبر الأرض ملكاً خالصاً لجهة الوقف ولا يعتد بأي بناء أو غراس تقام في الأرض الفضاء المحكرة بعد العمل بهذا القانون" والنص في المادة الثانية من ذات القانون على أنه "ينتهي حق الحكر على الأعيان الموقوفة المشغولة ببناء أو غراس بقرار يصدره وزير الأوقاف...." يدل على أن حق الحكر ينتهي بقوة القانون دون اتخاذ أي إجراء متى كانت أعيان الوقف المرتب عليها حق الحكر فضاء غير مشغولة ببناء أو غراس عند بدء العمل بالقانون أما تلك المقام عليها بناء أو بها غراس فلا ينتهي حق الحكر في شأنها إلا بقرار يصدره وزير الأوقاف يستوي في ذلك أن يكون من أقام البناء أو غرس الغراس صاحب حق الحكر أم أحد غيره ذلك أن إنهاء حق الحكر بقوة القانون منوط بأن تكون أعيان الوقف المحكرة خالية وقت بدء سريان القانون سالف الذكر دون النظر إلى من شغلها سواء بالبناء أو الغراس ومن مقتضى ذلك أنه يتعين لانتهاء الحكر بقوة القانون أن يثبت أن الأرض الموقوفة المحكرة كانت خالية من أي بناء أو غراس عند بدء العمل بالقانون رقم 43 لسنة 1982 في يوم 25/ 6/ 1982.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 307 سنة 1980 مدني كلي السويس على المطعون ضدهم بطلب أحقيته في استئجار وشغل قطعة الأرض المؤجرة له من المطعون ضدها الثانية بموجب العقد المؤرخ 1/ 10/ 1979 الموضحة بالعقد والصحيفة ومنع تعرض المطعون ضدهم وكف منازعتهم له في هذه الأرض بما عليها من مبان، على سند من القول بأنه كان يستأجر قطعة الأرض المذكورة من والدة المطعون ضدها الأولى وأزيل ما عليها من مبان بسبب العدوان الإسرائيلي وتنفيذاً للحكم رقم 128 سنة 1977 مدني كلي السويس الصادر للمطعون ضدها الأولى عليه بإزالة المباني المذكورة فأقام على الأرض المشار إليها من ماله الخاص مبان مخزن وأخيراً أبرم عقد الإيجار سالف الذكر - وأقامت المطعون ضدها الأولى الدعوى رقم 124 سنة 1981 مدني كلي السويس على الطاعن والمطعون ضدها الثانية بطلب إخلاء الطاعن من أرض النزاع وإزالة البناء المقام عليها واحتياطياً بإلزامهما متضامنين بدفع مبلغ عشرة آلاف جنيه على سبيل التعويض، بمقولة أن مورثها استحكر أرض النزاع وبني عليها وآلت ملكيتها للمطعون ضدها الثانية مع استمرار الحكر، وكان الطاعن قد استأجر دكاناً من المباني المقامة غير أن تلك المباني أزيلت بسبب العدوان الإسرائيلي وتنفذ القرار الصادر بإزالتها بتاريخ 3/ 6/ 1980 ثم اغتصب الطاعن أرض النزاع وبني عليها وأبرم مع المطعون ضدها الثانية عقد الإيجار سالف الذكر رغم قيام حق الحكر مما لا يجوز معه للمطعون ضدها الثانية إبرام ذلك العقد مما أصابها بأضرار مادية نتيجة لسلب حيازتها ومنعها من استغلال حقها - ومحكمة أول درجة قضت بتاريخ 12/ 1/ 1982 في الدعوى رقم 307 سنة 1980 مدني كلي السويس برفضها وفي الدعوى رقم 124 لسنة 1980 مدني كلي السويس بإخلاء الطاعن من الأرض المحكرة لمورث المطعون ضدها الأولى وبإزالة ما عليها من منشآت أقامها الطاعن بمصروفات من قبله - استأنف الطاعن الحكم بالاستئناف رقم 40 سنة 5 قضائية الإسماعيلية مأمورية السويس، وبتاريخ 9/ 1/ 1983 قضت محكمة ثاني درجة بتأييد الحكم المستأنف - طعن الطاعن على هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين، ينعي الطاعن بالسبب الثاني منهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول إن مفاد ما نصت عليه المادة الأولى من القانون رقم 92 لسنة 1960 انتهاء الأحكار بغير حاجة لصدور قرار من وزير الأوقاف بانقضاء مدة خمس سنوات من تاريخ العمل بالقانون، كما أن أرض النزاع بإزالة ما عليها من مبان أصبحت فضاء مما يترتب عليه اعتبار عقد الحكر منتهياً بقوة القانون بغير حاجة لأي أخطار إعمالاً لنص المادة الأولى من القانون رقم 43 لسنة 1982 وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى أن عقد الحكر ما زال قائماً لقيام المطعون ضدها الأولى بسداد الأجرة حتى سنة 1976 ولعدم قيام المطعون ضدها الثانية بإخطارها بإنهاء الحكر يكون مخطئاً في تطبيق القانون مما يوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن النص في المادة الأولى من القانون رقم 92 لسنة 1960 على أن ينتهي الحكر بقرار من وزير الأوقاف على أن يتم إنهاء جميع الأحكار في مدة لا تجاوز خمس سنوات من تاريخ العمل بالقانون مفاده أن المشرع استلزم لإنهاء الحكر من جانب المطعون ضدها الثانية صدور قرار بذلك من وزير الأوقاف وإتباعاً للإجراءات المنصوص عليها في ذلك القانون فلا تثريب على الحكم المطعون فيه إذ هو رتب على عدم اتخاذ الإجراءات المشار إليها بقاء حق الحكر قائماً، والنص في المادة الأولى من القانون رقم 43 سنة 1982 على أن "يعتبر حق الحكر منتهياً دون تعويض في الأعيان الموقوفة الخالية من أي بناء أو غراس عند العمل بهذا القانون وتعتبر الأرض ملكاً خالصاً لجهة الوقف ولا يعتد بأي بناء أو غراس تقام في الأرض الفضاء المحكرة بعد العمل بهذا القانون" والنص في المادة الثانية من ذات القانون على أنه "ينتهي حق الحكر على الأعيان الموقوفة المشغولة ببناء أو غراس بقرار يصدره وزير الأوقاف...." يدل على أن حق الحكر ينتهي بقوة القانون دون اتخاذ أي إجراء متى كانت أعيان الوقف المرتب عليها حق الحكر فضاء غير مشغولة ببناء أو غراس عند بدء العمل بالقانون أما تلك المقام عليها بناء أو بها غراس فلا ينتهي حق الحكر في شأنها إلا بقرار يصدره وزير الأوقاف يستوي في ذلك أن يكون من أقام البناء أو غرس الغراس صاحب حق الحكر أم أحد غيره، ذلك أن إنهاء حق الحكر بقوة القانون منوط بأن تكون أعيان الوقف المحكرة خالية وقت بدء سريان القانون سالف البيان ومن مقتضى ذلك أنه يتعين لانتهاء الحكر بقوة القانون أن يثبت أن الأرض الموقوفة المحكرة كانت خالية من أي بناء أو غراس عند بدء العمل بالقانون رقم 43 لسنة 1982 في يوم 25/ 6/ 1982، لما كان ما تقدم وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه وسائر أوراق ومستندات الدعوى أن أعيان الوقف المحكر كانت مشغولة ببناء عند العمل بالقانون المذكور فإن حق الحكر المقرر عليها لمورث المطعون ضدها الأولى والذي آل إليها لم ينته ويكون الحكم المطعون فيه قد أصاب صحيح القانون بإتباعه هذا النظر ويضحى نعي الطاعن عليه بالخطأ في تطبيق القانون غير قائم على أساس سليم ويتعين رفضه.
وحيث إن الطاعن ينعي بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت بالأوراق والقصور في التسبيب أدى إلى مخالفة القانون، وفي بيان ذلك يقول أن دفاع المطعون ضدها الثانية باعتبارها ضامنة لتنفيذ عقد الإيجار سالف الذكر قام على أن مورث المطعون ضدها الأولى كان مستأجراً لأرض النزاع وليس محكراً لها وتضمن العقد شرطاً صريحاً فاسخاً جزاء مخالفة شروطه بالتأجير من الباطن وأن المطعون ضدها الثانية أعملت الشرط وتمسكت به ونفذت الفسخ بالطريق الإداري مباشرة وانتهى الحكم المطعون فيه إلى أن العقد حكر دون مناقشة للدفاع المذكور مما يعيبه ويوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في فهم الواقع في الدعوى وبحث المستندات المقدمة إليها واستخلاص ما تطمئن إليه فيها متى كان استخلاصها سائغاً من أصل ثابت في الأوراق، والثابت أن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أقام قضاءه على قوله أن "الثابت من استقراء العقد المؤرخ 5/ 8/ 1920 أن مورث المطعون ضدها الأولى قد حكرت له قطعة الأرض التي يطالب الطاعن بأحقيته في شغلها واستئجارها وقد تضمن العقد أن مدة التحكير عشرون سنة تبدأ من أول يناير سنة 1922 وتنتهي في 13 ديسمبر سنة 1941 وأنه إذا لم يحصل تنبيه من أحد الطرفين قبل انقضاء هذه المدة فتجدد عن مدد أخرى إلى ما شاء الله ما دام الطرف الثاني سدد قيمة الحكر عن القطعة المذكورة الأمر المستفاد منه أن إرادة طرفي العقد قد التقت على تجديد مدة التحكير لمدد متعاقبة" وخلص الحكم إلى أن عقد الحكر ما زال قائماً، كذلك قال الحكم المطعون فيه أن "ليس للمطعون ضدها الثانية أن تقرر فسخه بإرادتها المنفردة بمقولة مخالفة شروط التعاقد بالتأجير للطاعن من الباطن والتخلف عن سداد الأجرة ذلك أنه فضلاً عن أنه لم يقم دليل على قيام هذه الشروط في عقد التحكير الأصلي فإن الفسخ لمخالفة شروط العقد إنما يكون اتفاقاً أو قضاءً وهو ما لم يحدث" ورتب على ذلك أن العقد المؤرخ 5/ 8/ 1920 المبرم بين المطعون ضدها الثانية ومورث المطعون ضدها الأولى قد اتفق فيه عاقداه على ترتيب حق الحكر على أرض النزاع وأن هذا العقد لا زال قائماً لم ينته سواء اتفاقاً أو قضاءً أو باتخاذ الإجراءات التي نص عليها القانون لإنهاء الحكر على ما سلف البيان في الرد على السبب الثاني وخلص إلى أنه لا يجوز للمطعون ضدها الثانية تأجير الأرض المحكرة للطاعن وتسليمه إياها قصراً عن المطعون ضدها الأولى صاحبة حق الحكر عليها، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على أسباب سائغة كافية لحمل قضائه ولها أصلها الثابت في الأوراق وفيها الرد الكافي على ما أثاره الطاعن ويضحى ما نعاه على ما سلف جدلاً موضوعياً لا يقبل أمام محكمة النقض.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.