أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 39 - صـ 436

جلسة 21 من مارس سنة 1988

برئاسة السيد المستشار/ الدكتور عبد المنعم أحمد بركة - نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد فؤاد بدر - نائب رئيس المحكمة، كمال نافع، محمد مصباح ويحيى عارف.

(89)
الطعن رقم 335 لسنة 57 القضائية

(1، 5) إيجار "إيجار الأماكن" "الامتداد القانوني". أحوال شخصية. محكمة الموضوع "مسائل الواقع" "تقدير الأدلة".
(1) إفادة الزوجة بالمسكن المؤجر لزوجها رهين باستمرار العلاقة الزوجية. حق المطلقة الحاضنة في الاستقلال بمسكن الزوجية. شرطة. انتهاء الحضانة من حيث الواقع.
(2) الترك الذي يبيح للمقيمين من أقارب المستأجر البقاء في العين المؤجرة" ماهيته.
(3) ترك المستأجر العين المؤجرة وتخليه عنها للغير. واقع. استقلال محكمة الموضوع بتقديره ما دام استخلاصها سائغاً.
(4) تحصيل فهم الواقع في الدعوى وبحث الأدلة والمستندات المقدمة فيها والموازنة بينها من سلطة قاضي الموضوع. عدم التزامه بالرد على كل ما يقدمه الخصوم.. حسبه أن يبين الحقيقة التي اقتنع بها وأن يقيم قضاءه على أسباب سائغة. ليس عليه أن يتتبع حجج الخصوم وطلباتهم والرد عليها استقلالاً. علة ذلك.
(5) تقدير أقوال الشهود والقرائن من سلطة محكمة الموضوع متى كان استخلاصها سائغاً. حقها في الأخذ بنتيجة دون أخرى ولا رقابة لمحكمة النقض عليها في ذلك متى كانت الأدلة التي أوردتها من شأنها أن تؤدي إلي النتيجة التي انتهت إليها.
1 - النص في المادة 20 من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 الخاص ببعض أحكام الأحوال الشخصية على أن: "للقاضي أن يأذن بحضانة النساء للصغير بعد سبع سنين إلى تسع وللصغيرة بعد تسع سنين إلي إحدى عشرة سنة إذا تبين أن مصلحتهما تقتضي ذلك" ولما صدر القانون رقم 100 لسنة 1985 بتعديل بعض أحكام قوانين الأحوال الشخصية نص في الفقرة الأولى من المادة (20) على أن: "ينتهي حق حضانة النساء ببلوغ الصغير سن العاشرة وبلوغ الصغيرة سن اثنتي عشرة سنة، ويجوز للقاضي بعد هذه السن إبقاء الصغير حتى سن الخامسة عشرة والصغيرة حتى تتزوج في يد الحاضنة دون أجر حضانة إذا تبين أن مصلحتهما تقتضي ذلك." مفاده سواء في المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 أو القانون رقم 100 لسنة 1985 سالفي الذكر أن المشرع وإن راعى إنهاء حضانة النساء للصغير ببلوغ السن المحددة في هذه المادة إلا أنه لم يجعل من هذا البلوغ حداً تنتهي به حضانة النساء حتماً وإنما استهدف في المقام الأول مصلحة الصغير لا مصلحة الحاضنة من النساء. فإذا تبين أن مصلحة الصغير إبقاء الحضانة حتى سن الخامسة عشرة، والصغيرة حتى تتزوج فإنما يكون ذلك بإذن القاضي لا برغبة الحاضنة أو بإرادتها، يؤكد هذا أن المذكرة الإيضاحية للقانون أوردت: "وأنه بتتبع المنازعات الدائرة في شأن الصغار تبين أن المصلحة تقتضي العمل على استقرارهم حتى يتوفر لهم الأمان والاطمئنان وتهدأ نفوسهم فلا ينزعجون من الحاضنات ومن أجل هذا ارتأى المشرع إنهاء حضانة النساء للصغير ببلوغه العاشرة وحضانتهن للصغيرة ببلوغها سن الثانية عشر، ثم أجاز للقاضي بعد هذه السن إبقاء الصغير في يد الحضانة حتى سن الخامسة عشر وللصغيرة حتى تتزوج أخذاً بمذهب الإمام مالك في هذا الموضوع على أنه في حال إبقائهما في يد الحاضنة لهذا الاعتبار لا يكون للحاضنة حق في اقتضاء أجرة حضانة........" واستطردت المذكرة: "....... وإنما يد الحاضنة للحفظ والتربية......." لما كان ذلك فإن الأصل أن حضانة الطاعنة الأولى لابنتها الطاعنة الثانية بعد بلوغها سن الثانية عشرة حتى تتزوج لا يتقرر إلا إذا أجاز القاضي ذلك، وإذ خلت أوراق الدعوى مما يفيد حصول الطاعنة الأولى على حكم بحضانتها لابنتها حتى تتزوج وكان لا يكفي في هذا الصدد قولها إنها استمرت حاضنة لها إذ أنه مخالف للأصل بانتهاء حق حضانة. النساء ببلوغ الصغير أو الصغيرة السن المقررة قانوناً - حسبما سلف بيانه - ولا تبقى الصغيرة في حضانة النساء حتى تتزوج إلا بإجازة القاضي وبما له من سلطة تقديرية، وتغليباً لمصلحة الصغيرة لا بالنظر إلى قول الحاضنة من النساء، لما كان ما تقدم وكان واقع الدعوى الذي سجله الحكم المطعون فيه أن طلاق الطاعنة الأولى وقع بتاريخ 28/ 7/ 1982، وقد انتهت عدتها، وأصبحت غير حاضنة لولديها "الطاعنين الثانية والثالثة) وكانت الأحكام تدور مع علتها وقد زال حق الطاعنة الأولى في الحضانة فلا يحق لها البقاء بمسكن الحضانة إعمالاً لنص المادة (18 مكرراً ثالثاً) المضافة إلى القانون رقم 25 لسنة 1929 بالتعديل الحاصل بالقانون رقم 100 لسنة 1985 المشار إليه ومن ثم تضحى والحالة هذه فاقدة لسند حيازتها عين النزاع.
2 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن النص في المادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977 على أنه مع عدم الإخلال بحكم المادة (8) من هذا القانون لا ينتهي عقد إيجار المسكن بوفاة المستأجر أو تركه العين إذا بقي فيها زوجه أو أولاده أو أي من والديه الذين كانوا يقيمون معه حتى الوفاة أو الترك....." يدل على أن الترك الذي يجيز لهؤلاء المقيمين مع المستأجر البقاء في العين المؤجرة وبالامتداد القانوني للعقد في مفهوم هذه المادة هو الترك الفعلي من جانب المستأجر مع بقاء من كانوا يقيمون معه وقت حصول الترك.
3 - المقرر كذلك أن إثبات أو نفي ترك المستأجر للعين المؤجرة وتخليه عنها هو من مسائل الواقع التي تستقل بها محكمة الموضوع ما دام استخلاصها في ذلك سائغاً وله أصله الثابت في الأوراق.
4 - المقرر في قضاء هذه المحكمة - أن لقاضي الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الدعوى وبحث الأدلة والمستندات المقدمة فيها وموازنة بعضها بالبعض الآخر وترجيح ما تطمئن نفسه إلى ترجيحه وهو غير ملزم بالرد على كل ما يقدمه الخصوم من مستندات وحسبه أن يبين الحقيقة التي اقتنع بها وأن يقيم قضاءه على ما يقدمه الخصوم من مستندات وحسبه أن يبين الحقيقة التي اقتنع بها وأن يقيم قضاءه على أسباب سائغة لها أصلها الثابت بالأوراق وتكفي لحمله ولا عليه أن يتتبع الخصوم في مختلف أقوالهم وحججهم وطلباتهم ويرد استقلالاً على كل قول أو حجة أو طلب أثاروه ما دام في قيام الحقيقة التي اقتنع بها وأورد دليلها فيه الرد الضمني المسقط لتلك الأقوال والحجج والطلبات.
5 - من المقرر كذلك في قضاء هذه المحكمة أن لمحكمة الموضوع سلطة تقدير أقوال الشهود والقرائن واستخلاص ما تقتنع بها متى كان استخلاصها سائغاً ولا مخالفة فيه للثابت بالأوراق وهي إذ تباشر سلطاتها في تقدير الأدلة تملك الأخذ بنتيجة دون أخرى متى أقامت قضاءها على أسباب كافية لحمله ولا رقابة لمحكمة النقض في ذلك متى كانت الأدلة التي أوردتها من شأنها أن تؤدي إلى هذه النتيجة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعنين أقاموا الدعوى رقم 3230 سنة 1984 مدني كلي إسكندرية على المطعون ضده الأول بطلب الحكم بإلزامه بتحرير عقد إيجار لهم عن الشقة موضوع التداعي، وقالوا بياناً لدعواهم أنه بموجب عقد إيجار مؤرخ 1/ 5/ 1969 استأجر المطعون ضده الثاني (والد الطاعنين الثانية والثالث ومطلق الطاعنة الأولى) من المطعون ضده الأول تلك الشقة وأقاموا معه فيها ثم تركها منذ ثلاث سنوات واستمروا في شغل العين ومن ثم يمتد العقد بالنسبة لهم عملاً بالمادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977 وإذ امتنع المطعون ضده الأول عن تحرير عقد إيجار لهم أقاموا الدعوى. بتاريخ 21/ 4/ 1985 حكمت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات ونفي ما دون بالمنطوق. وبجلسة 17/ 11/ 1985 تدخل المطعون ضده الثاني في الدعوى طالباً رفضها وطرد الطاعنة الأولى من الشقة استناداً إلى أنه المستأجر لعين النزاع ولا سند لها في البقاء فيها - بعد طلاقها وانقضاء عدتها ولأنها ليست حاضنة بجلسة 27/ 4/ 1986 قضت المحكمة برفض الدعوى وفي طلبات المتدخل بطرد الطاعنة الأولى من شقة النزاع، استأنف الطاعنون هذا الحكم بالاستئناف رقم 510 لسنة 42 ق إسكندرية وبتاريخ 21/ 1/ 1987 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه للسببين الأول والرابع، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعى الطاعنون بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقولون أن الحكم المطعون فيه استند في قضائه بطرد الطاعنة الأولى من عين النزاع إلى انتهاء حضانتها لابنتها الطاعنة الثانية لبلوغها السن المقررة لانتهاء الحضانة وفقاً للقانون ولم تحصل على حكم بعدها في حين أن الثابت من المستندات المقدمة في الدعوى أن الطاعنة الثانية كانت قد جاوزت الحادية والعشرين من عمرها وقت الطلاق ورغم ذلك استمرت في واقع الأمر في حضانة والدتها لخمس سنوات لاحقة لوقوع الطلاق، ولأمها الطاعنة الأولى حضانتها قانوناً إلى أن تتزوج، وإذ لم يحصل المطعون ضده الثاني على حكم بانتهاء تلك الحضانة فتظل حاضنة ومن حقها الاستمرار في الإقامة بالعين طبقاً للمادة 18 مكرراً المضافة بالقانون رقم 100 لسنة 1985 وإذ خالف الحكم المطعون فيه ذلك فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن النص في المادة 20 من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 الخاص ببعض أحكام الأحوال الشخصية على أن: "للقاضي أن يأذن بحضانة النساء للصغير بعد سبع سنين إلى تسع وللصغيرة بعد تسع سنين إلي إحدى عشرة سنة إذا تبين أن مصلحتهما تقتضي ذلك". ولما صدر القانون رقم 100 لسنة 1985 بتعديل بعض أحكام قوانين الأحوال الشخصية نص في الفقرة الأولى من المادة (20) على أن: "ينتهي حق النساء ببلوغ الصغير سن العاشرة وبلوغ الصغيرة سن اثنتي عشرة سنة، ويجوز للقاضي بعد هذه السن إبقاء الصغير حتى سن الخامسة عشر والصغيرة حتى تتزوج في يد الحاضنة دون أجر حضانة إذا تبين أن مصلحتهما تقتضي ذلك." مفاده سواء في المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 أن القانون رقم 100 لسنة 1985 سالفي الذكر أن المشرع وإن راعى إنهاء حضانة النساء للصغير ببلوغ السن المحددة في هذه المادة إلا أنه لم يجعل من هذا البلوغ حداً تنتهي به حضانة النساء حتماً وإنما استهدف في المقام الأول مصلحة الصغير لا مصلحة الحاضنة من النساء، فإذا تبين أن مصلحة الصغير إبقاء الحضانة حتى سن الخامسة عشرة، والصغيرة حتى تتزوج فإنما يكون ذلك بإذن القاضي لا برغبة الحاضنة أو بإرادتها، يؤكد هذا أن المذكرة الإيضاحية للقانون أوردت: "وأنه بتتبع المنازعات الدائرة في شأن الصغار تبين أن المصلحة تقتضي العمل على استقرارهم حتى يتوفر لهم الأمان والاطمئنان وتهدأ نفوسهم فلا ينزعجون من الحاضنات ومن أجل هذا رأى المشرع إنهاء حضانة النساء للصغير ببلوغه العاشرة وحضانتهن للصغيرة ببلوغها سن الثانية عشرة، ثم أجاز للقاضي بعد هذه السن إبقاء الصغير في يد الحاضنة حتى سن الخامسة عشرة وللصغيرة حتى تتزوج أخذاً بمذهب الإمام مالك في هذا الموضوع على أنه في حال إبقائهما في يد الحضانة لهذا الاعتبار لا يكون للحاضنة حق في اقتضاء أجرة حضانة......" واستطردت المذكرة: "...... وإنما يد الحاضنة للحفظ والتربية......" لما كان ذلك فإن الأصل أن حضانة الطاعنة الأولى لابنتها الطاعنة الثانية بعد بلوغها سن الثانية عشرة حتى تتزوج لا يتقرر إلا إذا أجاز القاضي ذلك، وإذ خلت أوراق الدعوى مما يفيد حصول الطاعنة الأولى على حكم بحضانتها لابنتها حتى تتزوج وكان لا يكفي في هذا الصدد قولها أنها استمرت حاضنة لها إذ أنه مخالف للأصل بانتهاء حق حضانة النساء ببلوغ الصغير أو الصغيرة السن المقررة قانوناً - حسبما سلف بيانه - ولا تبقى الصغيرة في حضانة النساء حتى تتزوج إلا بإجازة القاضي وبما له من سلطة تقديرية، وتغليباً لمصلحة الصغيرة، لا بالنظر إلى قول الحاضنة من النساء، لما كان ما تقدم وكان واقع الدعوى الذي سجله الحكم المطعون فيه أن طلاق الطاعنة الأولى وقع بتاريخ 28/ 7/ 1982، وقد انتهت عدتها، وأصبحت غير حاضنة لولديها (الطاعنين الثانية والثالث)، وكانت الأحكام تدور مع علتها وقد زال حق الطاعنة الأولى في الحضانة فلا يحق لها البقاء بمسكن الحضانة إعمالاً لنص المادة (18 مكرراً ثالثاً) المضافة إلى القانون رقم 25 لسنة 1929 بالتعديل الخاص بالقانون رقم 100 لسنة 1985 المشار إليه ومن ثم تضحى والحالة هذه فاقدة لسند حيازتها عين النزاع، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإن النعي عليه بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك يقولون أن الحكم المطعون فيه اعتبر المطعون ضدها الأولى غير حاضنة لابنتها الطاعنة الثانية ومن ثم كان يتعين على المحكمة أن تستخلص من عدم إقامة المطعون ضدها الثاني بإرادته الحرة في شقة النزاع من تاريخ الطلاق ولمدة خمس سنوات سابقة على رفع الدعوى دون أن يكون هناك مانع يحول دون تلك الإقامة واستمرار شغل الطاعنين لها ما يعتبر تخلياً منه عن تلك الشقة بما يلزم المطعون ضده الأول بتحرير عقد إيجار لهم وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى خلاف ذلك فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن النص في المادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977 على أنه "مع عدم الإخلال بحكم المادة (8) من هذا القانون لا ينتهي عقد إيجار المسكن بوفاة المستأجر أو تركه العين إذا بقي فيها زوجه أو أولاده أو أي من والديه الذين كانوا يقيمون معه حتى الوفاة أو الترك......" يدل على أن الترك الذي يجوز لهؤلاء المقيمين مع المستأجر البقاء في العين المؤجرة وبالامتداد القانوني للعقد في مفهوم هذه المادة هو الترك الفعلي من جانب المستأجر مع بقاء من كانوا يقيمون معه وقت حصول الترك. ومن المقرر كذلك أن إثبات أو نفي ترك المستأجر للعين المؤجرة وتخليه عنها هو من مسائل الواقع التي تستقل بها محكمة الموضوع ما دام استخلاصها في ذلك سائغاً وله أصله الثابت في الأوراق. لما كان ذلك وكان البين من مدونات الحكم الابتدائي والحكم المطعون فيه المؤيد له أنه أورد أقوال شهود المطعون ضده الأول ومفادها أن المطعون ضده الثاني كان زوجاً للطاعنة الأولى وحدثت خلافات بينها وانتهت بالطلاق وأنه يقيم حالياً مع زوجة أخرى بمسكن آخر ويتردد على شقة النزاع واستخلص الحكم من هذه الأقوال أن المطعون ضده لم يتخل عنها نهائياً بما لا يتحقق معه الترك المقصود بالمادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977 وهو استخلاص سائغ له أصله الثابت في الأوراق ومن ثم يكون هذا النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الثاني وبالوجهين الأول والثالث من السبب الثالث على الحكم المطعون فيه بالقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع وفي بيان ذلك يقولون أن الحكم المطعون فيه لم يورد في أسبابه مضمون أقوال الشهود التي استند إليها في نفي ترك المطعون ضده الثاني شقة النزاع للطاعنين ولم يتعرض لمستندات الطاعنين المقدمة منهم أمام محكمة الدرجة الأولى رغم أهميتها وأنها مؤثرة في النزاع ومنها المحضر رقم 3380 لسنة 1986 إداري الرمل والثابت به من أقوال الشهود ترك المطعون ضده الثاني شقة النزاع بصفة نهائية مكتفياً بالقول بأن تلك المستندات غير منتجة في الدعوى كما أن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه استخلص عدم تخلي المطعون ضده الثاني من الشقة موضوع النزاع من أقوال شهود المطعون ضده الأول في حين أن مدلول شاهدتهم لا تؤدي لذلك كما لم يعرض الحكم المطعون فيه لأقوال الشهود الطاعنين التي تؤكد ترك المطعون ضده الثاني لتلك الشقة لهم، ولم يعرض للدفاع الوارد بمذكرة الطاعنين المقدمة أمام محكمة الاستئناف بجلسة 20/ 12/ 1986 والتي تعتبر مكملة لأسباب الطعن بالاستئناف مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة - أن لقاضي الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الدعوى وبحث الأدلة والمستندات المقدمة فيها وموازنة بعضها بالبعض الآخر وترجيح ما تطمئن نفسه إلى ترجيحه وهو غير ملزم بالرد على كل ما يقدمه الخصوم من مستندات وحسبه أن يبين الحقيقة التي اقتنع بها وأن يقيم قضاءه على أسباب سائغة لها أصلها الثابت بالأوراق وتكفي لحمله ولا عليه أن يتتبع الخصوم في مختلف أقوالهم وحججهم وطلباتهم ويرد استقلالاً على كل قول أو حجة أو طلب أثاروه ما دام في قيام الحقيقة التي اقتنع بها وأورد دليلها فيه الرد الضمني المسقط لتلك الأقوال والحجج والطلبات، كما أنه من المقرر كذلك في قضاء هذه المحكمة أن لمحكمة الموضوع سلطة تقدير أقوال الشهود والقرائن واستخلاص ما تقتنع بها متى كان استخلاصها سائغاً ولا مخالفة فيه للثابت بالأوراق وهي إذ تباشر سلطاتها في تقدير الأدلة تملك الأخذ بنتيجة دون أخرى متى أقامت قضاءها على أسباب كافية لحمله ولا رقابة لمحكمة النقض في ذلك متى كانت الأدلة التي أوردتها من شأنها أن تؤدي إلى هذه النتيجة لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه واجه دفاع الطاعنين وأقام قضاءها على ما استخلصه - في حدود سلطته التقديرية - من أن المطعون ضده الثاني لم يترك العين أو تخلى عن إقامته فيها نهائياً - وحسبما سلف بيانه في الرد على السبب الرابع - وينطوي على الرد الضمني المسقط لدفاع الطاعنين فإن النعي على الحكم المطعون فيه بما ورد في هذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالوجه الثاني من السبب الثالث على الحكم المطعون فيه الإخلال بحق الدفاع وبياناً لذلك يقولون أن الحكم المطعون فيه استبعد مذكرة قدمها الطاعنون أثناء حجز الدعوى للحكم رداً على مذكرة مقدمة من المطعون ضده الثاني بجلسة 20/ 12/ 1986 رغم إعلانها للمطعون ضدهم.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن النص في المادة 168 من قانون المرافعات على أنه "لا يجوز للمحكمة أثناء المداولة أن تسمع أحد الخصوم أو وكيله إلا بحضور خصمه، أو أن تقبل أوراقاً أو مذكرات من أحد الخصوم دون اطلاع الخصم الآخر عليها وإلا كان العمل باطلاً". ينص على الشارع رأى حماية لحق الدفاع منع المحاكم من الاستماع أثناء المداولة لأحد الخصوم أو وكيله في غيبة خصمه ومن قبول مستندات أو مذكرات من أحدهم دون اطلاع الخصم الآخر عليها ورتب على مخالفة ذلك البطلان. لما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن محكمة الاستئناف تداولت الدعوى أمامها لعدة جلسات وظلت مردودة حتى حجزت للحكم لجلسة 21/ 1/ 1987 دون أن تصرح لأي من الطرفين بتقديم مذكرات فإن المحكمة تكون في مطلق حقها المخول لها بالمادة سالفة الإشارة إذا التفت عن المذكرة المقدمة من الطاعنين في فترة حجز الدعوى للحكم ويكون النعي على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.