أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 39 - صـ 445

جلسة 21 من مارس سنة 1988

برئاسة السيد المستشار/ الدكتور عبد المنعم أحمد بركة - نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد فؤاد بدر - نائب رئيس المحكمة، كمال نافع، محمد مصباح ويحيى عارف.

(90)
الطعن رقم 690 لسنة 52 القضائية

(1 - 2) إيجار "إيجار الأماكن" "تغيير استعمال العين المؤجرة". قانون. نظام عام.
(1) تغيير الغرض من استعمال العين المؤجرة لغير أغراض السكنى. أثره. أحقية المالك في تقاضي أجرة إضافية عنها. م 23 ق 49 لسنة 1977. سواء وقع التغيير سابقاً أم لاحقاً على نفاذ أحكام القانون المذكور ما دام كائناً بعد العمل به.
(2) أحكام النصوص المنظمة لتحديد الأجرة. تعلقها بالنظام العام. أثره.
1 - لما كانت المادة 23 من القانون رقم 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر تنص أنه "في جميع الأحوال التي يتم فيها تغيير استعمال العين المؤجرة بعد تاريخ العمل بهذا القانون وبموافقة المالك إلى غير أغراض السكنى تزاد الأجرة القانونية بنسبة 200% للمباني المنشأة قبل أول يناير سنة 1944، 100% للمباني المنشأة منذ أول يناير سنة 1944 وقبل 5 نوفمبر سنة 1961، 75% للمباني المنشأة منذ 5 نوفمبر سنة 1961 حتى تاريخ العمل بهذا القانون، 50% للمباني التي يرخص في إقامتها اعتباراً من تاريخ العمل بهذا القانون فإن مؤدى ذلك أن المشرع ارتأى تحقيقاً للعدالة ولإعادة التوازن بين الملاك والمستأجرين تقدير أحقية الملاك في تقاضي أجرة إضافية في حالة استعمال العين لغير أغراض السكنى وذلك في كل هذه الأحوال سواء صدر هذا الإذن بتغيير الغرض في استغلال في عقد الإيجار أم في اتفاق لاحق وذلك لحكمة أفصح عنها بما أورده في المذكرة الإيضاحية لذلك القانون وهي أن الأحكام التي تتضمنها قوانين الإيجارات تأخذ في حسبانها الاستعمال الغالب الأعم للأماكن وهو السكنى ولا يستساغ أن تسري هذه الأحكام وبالذات ما يتعلق منها بتحديد الأجرة على الأماكن التي تستعمل في غير هذا الغرض وبالذات في الأغراض التجارية والمهنية التي تدر عائداً مجزياً فيصبح من العدالة زيادة هذه الأجرة تعويضاً للملاك عما يحيط بالاستعمال غير السكني من اعتبارات وظروف تعجل باستهلاك المبنى، ومما يؤكد المعنى الذي بينته المذكرة الإيضاحية أن النص قد غاير في النسب المستحقة بالنظر إلى تاريخ إنشاء المبنى فزاد النسبة عن المباني القديمة. وإلى جانب ذلك فقد قطع تقرير لجنة الإسكان والمرافق العامة والتعمير بشأن القانون المذكور في الإفصاح عن نطاق تطبيق هذه المادة فأورد أن الزيادة تجد تبريرها في أن الاستعمال غير السكني غالباً ما يكون لأغراض مهنية أو تجارية كما يدر عائداً مجزياً على المستأجر فضلاً عن أن هذا النوع من الاستعمال يعجل باستهلاك المبنى ويؤدي إلى استمرار حاجته إلى الصيانة والتدعيم ما يقتضى إيجاد الحافز لدى الملاك للقيام بذلك فضلاً عن أنه من المستقر فقهاً وقضاء أن قواعد تحديد الأجرة أياً كان أسلوب هذا التحديد إنما تأخذ في اعتبارها وفي المكان الأول أغراض السكنى وبذلك فإنه إذا ما تغير هذا الغرض فلا تثريب على المشرع ولا ضير إن هو قضى بزيادة الأجرة فكشف بذلك عن عمومية النص وشموله على النحو المشار إليه آنفاً.
2 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن النصوص المنظمة لتحديد الأجرة قانوناً نصوص آمرة ومتعلقة بالنظام العام لا يجوز الاتفاق على مخالفتها بالزيادة، وتسري على العقود السارية في تاريخ العمل بالقانون وبالشروط المقررة فيه لما كان ذلك وكانت الميزة الأفضل وتقرير زيادة الأجرة مقابل لها - وحسبما سلف بيانه - هي من الأمور المتعلقة بالنظام العام بما استحدثته في تنظيم العلاقة بين المؤجرين والمستأجرين ولأسباب مبررة رآها الشارع، ومن ثم فإنها تسري سواء وقع التغيير في استعمال العين المؤجرة سابقاً أن أم لاحقاً على نفاذ أحكام القانون 49 لسنة 1977 سالف الذكر، ما دام هذا التغيير كائن بعد العمل بالقانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 32 سنة 1979 مدني جزئي شبرا الخيمة - والتي قيدت برقم 1180 سنة 1979 مدني كلي بنها بعد إحالتها إلى المحكمة الابتدائية على الطاعن بطلب الحكم بإلزامه بأن يؤدي له نسبة 75% من القيمة الإيجارية للشقة موضوع التداعي وقال بياناً لدعواه أنه بموجب عقد إيجار مؤرخ 1/ 1/ 1978 - استأجر منه الطاعن تلك الشقة بأجرة شهرية قدرها عشرون جنيهاً بخلاف نسبة 75% من القيمة الإيجارية المقررة وفقاً للقانون لاستغلالها عيادة طبية، وبعد صدور قرار لجنة تقدير الإيجارات بتحديد الأجرة بمبلغ 13 جنيهاً وبعد الطعن في هذا التقدير أمام القضاء صدر الحكم نهائياً بتحديد مبلغ 9 جنيهات، ولما رفض الطاعن سداد النسبة المقررة لاستغلاله العين عيادة طبية وفقاً لنص المادة 23 من القانون رقم 49 لسنة 1977 أقام دعواه. وبجلسة 23/ 6/ 1980 حكمت المحكمة بندب مكتب خبراء وزارة العدل لأداء المأمورية المبينة بمنطوق الحكم وبعد أن أودع الخبير تقريره قضت بجلسة 23/ 6/ 1980 باعتباره أجرة شقة النزاع مبلغ 16 جنيهاً و450 مليماً، استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 214 لسنة 14 ق طنطا "مأمورية بنها" وبتاريخ 11/ 1/ 1982 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بالأول والثاني منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك يقول أن الشقة موضوع التداعي أجرت ابتداءً عيادة طبية وفق الثابت بعقد الإيجار المؤرخ 1/ 1/ 1978 وتقرير الخبير المنتدب في الدعوى وقدرت لجنة تقدير الإيجارات أجرتها القانونية على أساس هذا النوع من الاستغلال ورغم ذلك قضى الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه بأحقية المطعون ضده للأجرة الإضافية المنصوص عليها في المادة 23 من القانون رقم 49 لسنة 1977 في حين أن هذه الزيادة لا تستحق وفقاً للتفسير الصحيح للنص المذكور إلا إذا أجرت العين ابتداءً لغرض استعمالها كسكن ثم تغير الاستعمال بموافقة المالك إلى نشاط مهني أو تجاري وعندئذ تستحق الزيادة مقابل ميزة هذا التغيير، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كانت المادة 23 من القانون رقم 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر تنص على أنه "في جميع الأحوال التي يتم فيها تغيير استعمال العين المؤجرة بعد تاريخ العمل بهذا القانون وبموافقة المالك إلى غير أغراض السكنى تزاد الأجرة القانونية بنسبة 200% للمباني المنشأة قبل أول يناير سنة 1944، 100% للمباني المنشأة منذ أول يناير سنة 1944 وقبل 5 نوفمبر سنة 1961، 75% للمباني المنشأة منذ 5 نوفمبر سنة 1961 حتى تاريخ العمل بهذا القانون، 50% للمباني التي يرخص في إقامتها اعتباراً من تاريخ العمل بهذا القانون" فإن مؤدى ذلك أن المشرع ارتأى تحقيقاً للعدالة ولإعادة التوازن بين الملاك والمستأجرين تقدير أحقية الملاك في تقاضي أجرة إضافية في حالة استعمال العين لغير أغراض السكنى وذلك في كل هذه الأحوال سواء صدر هذا الإذن بتغيير الغرض في الاستغلال في عقد الإيجار أم في اتفاق لاحق وذلك لحكمة أفصح عنها بما أورده في المذكرة الإيضاحية لذلك القانون وهي أن الأحكام التي تتضمنها قوانين الإيجارات تأخذ في حسبانها الاستعمال الغالب الأعم للأماكن وهو السكنى ولا يستساغ أن تسري هذه الأحكام وبالذات ما يتعلق منها بتحديد الأجرة على الأماكن التي تستعمل في غير هذا الغرض وبالذات في الأغراض التجارية والمهنية التي تدر عائداً مجزياً فيصبح من العدالة زيادة هذه الأجرة تعويضاً للملاك عما يحيط بالاستعمال غير السكني من اعتبارات وظروف تعجل باستهلاك المبنى، ومما يؤكد المعنى الذي بينته المذكرة الإيضاحية أن النص قد غاير في النسب المستحقة بالنظر إلى تاريخ إنشاء المبنى فزاد النسبة عن المباني القديمة. وإلى جانب ذلك فقد قطع تقرير لجنة الإسكان والمرافق العامة والتعمير بشأن القانون المذكور في الإفصاح عن نطاق تطبيق هذه المادة فأورد "أن هذه الزيادة تجد تبريرها في أن الاستعمال غير السكني غالباً ما يكون لأغراض مهنية أو تجارية كما يدر عائداً مجزياً على المستأجر فضلاً عن هذا النوع من الاستعمال يعجل باستهلاك المبنى ويؤدي إلى استمرار حاجته إلى الصيانة والتدعيم ما يقتضى إيجاد الحافز لدى الملاك للقيام بذلك فضلاً عن أنه من المستقر فقهاً وقضاءً أن قواعد تحديد الأجرة أياً كان أسلوب هذا التحديد إنما تأخذ في اعتبارها وفي المكان الأول أغراض السكنى وبذلك فإنه إذا ما تغير هذا الغرض فلا تثريب على المشرع ولا ضير إن هو قضى بزيادة الأجرة فكشف بذلك عن عمومية النص وشموله على النحو المشار إليه آنفاً، لما كان ما تقدم وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن النصوص المنظمة لتحديد الأجرة قانوناً نصوص آمرة ومتعلقة بالنظام العام لا يجوز الاتفاق على مخالفتها بالزيادة، وتسري على العقود السارية في تاريخ العمل بالقانون وبالشروط المقررة فيه لما كان ذلك وكانت الميزة الأفضل وتقرير زيادة الأجرة مقابل لها - وحسبما سلف بيانه - هي أن الأمور المتعلقة بالنظام العام بما استحدثته في تنظيم العلاقة بين المؤجرين والمستأجرين ولأسباب مبررة رآها الشارع، ومن ثم فإنها تسري سواء وقع التغيير في استعمال العين المؤجرة سابقاً أم لاحقاً على نفاذ أحكام القانون 49 لسنة 1977 سالف الذكر، ما دام هذا التغيير كائن بعد العمل بالقانون، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فقد أصاب صحيح القانون ومن ثم يكون النعي بهذين السببين على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في الإسناد الذي أثر في الحكم، وفي بيان ذلك يقول أن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه خلص إلزامه بزيادة الأجرة مقابل الميزة اعتباراً 1/ 2/ 1978 مما يفيد أن الحكم اعتبر تغيير الاستعمال قد تم في تاريخ لاحق على تحرير العقد الحاصل في 1/ 1/ 1978 وذلك في حين أن العين مؤجرة منذ بدء التعاقد لاستعمالها عيادة طبية وكان لهذا الخطأ أثره على الحكم المطعون فيه بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن النعي في غير محله، ذلك أن الثابت من تقرير الخبير المنتدب في الدعوى - والذي اتخذه الحكم المطعون فيه أساساً لقضائه أن طرفي النزاع اتفقا على أن العين بدئ في استغلالها كعيادة طبية اعتباراً من 1/ 2/ 1978 ورتب على ذلك بدء إلزام الطاعن بالزيادة المقررة قانوناً وحسبما سلف بيانه في الرد على السببين الأول والثاني ومن ثم فإن النعي يكون على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.