أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
المجلد الثاني - السنة 27 - صـ 1665

جلسة 27 من نوفمبر سنة 1976

برياسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة أديب قصبجي، وعضوية السادة المستشارين محمد فاضل المرجوشي وممدوح عطية، والدكتور إبراهيم صالح، ومحمد عبد العظيم عيد.

(306)
الطعن رقم 329 لسنة 40 القضائية

(1) دعوى "مصلحة". نقض "المصلحة في الطعن".
عدم تحقق مصلحة للطاعن في اختصام أحد المطعون ضدهم. أثره. عدم قبول الطعن بالنسبة له.
(2) عقد "فسخ العقد". عمل "الأجر". جمعيات.
إقصاء العامل عن مباشرة بعض أعماله بالجمعية الخيرية. إتباعاً لما ارتأته وزارة الشئون الاجتماعية محققاً لصالح العمل. أثره. انقضاء التزام الجمعية بالوفاء بأجر العامل عن تلك الأعمال. علة ذلك.
(3) محكمة الموضوع. "سلطتها في مسائل الواقع".
تقدير توافر إخلال العامل بالتزاماته الجوهرية. مما يستقل به قاضي الموضوع.
1 - متى كان الطاعن لم يوجه إلى المطعون ضدها الثانية أية طلبات ولم يقضي لها بشيء عليه وكانت أسباب الطعن لا تتعلق بها. فإنه لا تكون للطاعن مصلحة في اختصامها في هذا الطعن ويتعين عدم قبوله بالنسبة لها.
2 - لما كان الثابت أن الطاعن التحق بالعمل لدى الجمعية في 29 يوليو سنة 1946 كمحصل لقاء عمولة بنسبة 15% من قيمة الاشتراكات المحصلة خفضت إلى 10% طبقاً لأحكام القانون رقم 384 لسنة 56 وأن الجمعية رأت لمواجهة نقص العمولة إسناد بعض الأعمال الكتابية إليه اعتباراً من أول مايو سنة 1960 مقابل مبلغ 2.500 ج إلى أن اعترضت مراقبة الشئون الاجتماعية على ذلك فقررت الجمعية إقصاءه عن هذه الأعمال اعتباراً من أول يناير سنة 1961، وكانت المادة 17 من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 384 لسنة 56 بشأن الجمعيات والمؤسسات الخاصة والصادر بها قرار رئيس الجمهورية بتاريخ 28/ 4/ 57 قد فرضت رقابة وزارة الشئون الاجتماعية والعمل على هذه الجمعيات في جمع المال كما خولتها وضع النظم التي تكفل تنظيم وسائل جمعه وإنفاقه، وترتيباً على ذلك يكون ما ارتأته مراقبة الشئون الاجتماعية من إقصاء الطاعن عن مباشرة أعمال الجمعية الكتابية وتفرغه لأعمال التحصيل خشية التلاعب في حساباتها هو مما يدخل في سلطتها المخولة لها بمقتضى القانون ويجب على الجمعية إتباعه. وكانت المادة 81 من قانون العمل رقم 91 لسنة 59 لا تمنع من تطبيق القواعد العامة في شأن استحالة التنفيذ وفسخ العقد المترتب عليها، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أصاب صحيح القانون إذ انتهى إلى أن التزام الجمعية بالوفاء بأجر الطاعن عن الأعمال الكتابية قد انقضى وأن توقفها عن أدائه لا يعتبر انتقاصاً من حقوقه.
3 - تقدير توافر الإخلال بالالتزام الجوهري من جانب العامل مما يستقل قاضي الموضوع بتقديره ولا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 198 سنة 1962 مدني كلي المنيا على المطعون ضدها الأولى (الجمعية الخيرية الأرثوذكسية بالمنيا) طالباً الحكم بإلزامها بأن نؤدي له مبلغ 349 ج، وقال بياناً لها إنه التحقق بالعمل لديها في سنة 1946 كمحصل اشتراكات بأجر شهري قدره ثمانية جنيهات، وفي مايو سنة 1959 خفضت الجمعية أجره إلى ستة جنيهات وظل في ذلك يواصل عمله إلى أن فوجئ في 15 مايو 1961 بخفض أجره إلى ثلاثة جنيهات، ولما تقدم بشكواه إلى مكتب العمل بادرت الجمعية بفصله. وإذ كان هذا الفصل تعسفياً ويستحق قبلها 250 ج تعويضاً عن الفصل، 18 ج أجر متأخر عن الشهور مارس وأبريل ومايو 1961، 6 ج بدل إنذار، 75 ج مكافأة نهاية الخدمة ومجموعها مبلغ 349 ج فقد انتهى إلى طلب الحكم له به. أدخلت المطعون ضدها الأولى المطعون ضدها الثانية (الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية) خصماً في الدعوى ليحكم بإلزامها مباشرة بمكافأة نهاية الخدمة إن كان للطاعن حق فيها أو بإلزامها بما عساه أن يحكم به عليها. وفي 9 يونيو 1962 قضت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت المطعون ضدها الأولى أن الطاعن أخل بالتزاماته الجوهرية ولينفي الأخير ذلك وبعد أن سمعت شهود الطرفين قضت في 23 ديسمبر 1962 برفض الدعوى. استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 197 سنة 80 ق فأحالته إلى محكمة استئناف بني سويف للاختصاص وقيد بجدولها برقم 333 سنة 1 ق، وفي 9 يناير 1964 قضت المحكمة بعدم جواز الاستئناف، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة دفعت فيها بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضدها الثانية كما رأت رفض الطعن بالنسبة للمطعون ضدها الأولى، وعرض الطعن على غرفة المشورة فحددت لنظره جلسة 23 أكتوبر 1976 وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مبنى الدفع المبدى من النيابة العامة بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضدها الثانية أنها ليست خصماً حقيقياً في الطعن.
وحيث إن هذا الدفع في محله ذلك أنه لما كان الطاعن لم يوجه أية طلبات للمطعون ضدها ولم يقض له بشيء عليها كما أسس طعنه على أسباب لا تتعلق بها فإنه لا تكون له مصلحة في اختصامها في هذا الطعن مما يتعين معه القضاء بعدم قبوله بالنسبة لها.
وحيث إن الطعن بالنسبة للمطعون ضدها الأولى استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على ثمانية أسباب حاصل الأربعة الأولى والسابع منها أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه كما شابه القصور في التسبيب وفي بيانها يقول الطاعن إن الحكم أقر مسلك الجمعية المطعون ضدها حين استجابت لطلب مراقبة الشئون الاجتماعية إقصاءه عن الأعمال الكتابية مستنداً في ذلك إلى نص المادة 17 من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 384 سنة 1956 مع أنها قد جاوزت بطلبها اختصاصها المقرر بتلك المادة، كما اعتبر الحكم أن هذا الطلب يشكل استحالة في تنفيذ العقد تخول رب العمل إنقاص أجر العامل مجافياً بذلك المادة 690 من القانون المدني فيما وضعته من ضمانات خاصة بأداء الأجر لا يستقل أحد طرفي العقد بالانتقاص من حقوق الآخر، هذا إلى أن المشروع قصر حالات استحالة تنفيذ عقد العمل في المادة 81 القانون 91 لسنة 1959 على وفاة العامل أو عجزه عن تأدية عمله أو مرضه مرضاً يستوجب انقطاعه عنه مدة معينة، ويضيف الطاعن أنه تمسك أمام محكمة الاستئناف بأنه إذا كان إسناد الأعمال الكتابية إليه يتعارض مع قيامه بتحصيل الاشتراكات فقد كان من المتعين على الجمعية أن تعهد إليه بعمل آخر مع الإبقاء على أجره كما هو إلا أن الحكم أغفل الرد على هذا الدفاع الجوهري مما يعيبه فضلاً عن مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه بالقصور المبطل.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه لما كان الثابت في الدعوى - وعلى ما سجله الحكم المطعون فيه - أن الطاعن التحق بالعمل لدى الجمعية في 29 يوليو 1946 كمحصل لقاء عمولة بنسبة 15% من قيمة الاشتراكات المحصلة خفضت إلى 10% طبقاً لأحكام القانون رقم 384 لسنة 1956، وأن الجمعية رأت لمواجهة نقص عمولته إسناد بعض الأعمال الكتابية إليه اعتباراً من أول مايو 1960 مقابل مبلغ 2 ج و500 م إلى أن اعترضت مراقبة الشئون الاجتماعية على ذلك فقررت الجمعية إقصاءه عن هذه الأعمال اعتباراً من أول يناير 1961، وكانت المادة 17 من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 384 لسنة 1956 بشأن الجمعيات والمؤسسات الخاصة والصادر بها قرار رئيس الجمهورية بتاريخ 28 أبريل 1957 قد فرضت رقابة وزارة الشئون الاجتماعية والعمل على هذه الجمعيات في جمع المال كما خولتها وضع النظم التي تكفل تنظيم وسائل جمعه وإنفاقه، وترتيباً على ذلك يكون ما ارتأته مراقبة الشئون الاجتماعية من إقصاء الطاعن عن مباشرة أعمال الجمعية الكتابية وتفرغه لأعمال التحصيل خشية التلاعب في حساباتها هو مما يدخل في سلطتها المخولة لها بمقتضى القانون ويجب على الجمعية إتباعه. وكانت المادة 81 من قانون العمل رقم 91 لسنة 1959 لا تمنع من تطبيق القواعد العامة في شأن استحالة التنفيذ وفسخ العقد المترتب عليها، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أصاب صحيح القانون إذ انتهى إلى أن التزام الجمعية بالوفاء بأجر الطاعن عن الأعمال الكتابية قد انقضى وأن توقفها عن أدائه لا يعتبر انتقاصاً من حقوقه، لما كان ذلك وكان الدفاع الذي يثيره الطاعن لا يستند - وفق هذا النظر - إلى أساس قانوني وبالتالي يكون تعييب الحكم بالقصور لإغفاله الرد عليه غير منتج، فإن النعي على الحكم بهذه الأسباب يكون في غير محله.
وحيث إن حاصل السببين الخامس والسادس أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن الحكم اعتبر واقعة احتجازه خمسة جنيهات مما حصله من اشتراكات لنفسه مقابل أجره عن الأعمال الكتابية إخلالاً بالتزام جوهري يخول للجمعية فسخ العقد من جانبها عملاً بالفقرة السادسة من المادة 76 من القانون رقم 91 لسنة 1959 في حين أن نص هذه الفقرة لا ينطبق على حالته لأنه لم يخل بأي التزام جوهري بل كان يستعمل حقه في اقتضاء أجره كاملاً وفقاً لما جرى به العرف بالنسبة لمحصلي الاشتراكات، وإذ أغفل الحكم الرد على هذا الدفاع يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه لما كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه في هذا الخصوص على أن احتجاز الطاعن مبلغ خمسة جنيهات كمقابل للأعمال الكتابية التي أقصى عنها بحجة استحقاقه لهذا المقابل يتنافى مع واجب المحافظة على ما بعهدته من أموال وعدم المساس بها وتسليمها لصاحب الشأن فيها مما يعد إخلالاً بالتزام جوهري يرد عليه حكم الفقرة السادسة من المادة 76 من القانون رقم 91 لسنة 1959، وكان هذا الذي حصله الحكم قد أسنده إلى أسباب سائغة فإن ما يثيره، الطاعن في سبب النعي لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في توافر الإخلال بالالتزام الجوهري مما يستقل قاضي الموضوع بتقديره ولا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الأخير على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك أمام محكمة الاستئناف بأن الحكم الابتدائي أقام قضاءه على استخلاص خرج بأقوال شهود المطعون ضدها إلى ما لا يؤدي إليه مدلولها فيما يتعلق بسبب فصله من العمل، غير أن الحكم المطعون فيه أغفل الرد على ذلك واكتفى بتأييد الحكم الابتدائي وأحال إلى أسبابه مما يعيبه ويبطله.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه لما كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه في هذا الخصوص على أسباب مستقلة تكفي لحمله وتواجه دفاع الطاعن بما يقتضيه ولم يعتمد من أسباب الحكم الابتدائي إلا ما لا يتعارض مع أسبابه وأقصى بذلك ما تعلق من أسباب هذا الحكم بما حصله من أقوال هؤلاء الشهود، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بهذا السبب يكون غير سديد.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.