أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 39 - صـ 486

جلسة 24 من مارس سنة 1988

برئاسة السيد المستشار/ درويش عبد المجيد - نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد خيري الجندي، أحمد أبو الحجاج، عبد العال السمان وعبد المعين لطفي جمعه.

(98)
الطعن رقم 248 لسنة 51 القضائية

(1، 2) شفعة. محكمة الموضوع.
(1) اعتبار الأرض معدة للبناء. مناطه. الرجوع للخرائط المحددة لنطاق المدينة أو القرية م 100 ق 206 لسنة 51 ق م 124 لسنة 1960 - والقرار الجمهوري 1755 لسنة 1960.
(2) دخول الأرض في حدود المدينة أو القرية بالمدى الذي يتطلبه التوسع العمراني للبناء. اعتبارها أرضاً معدة للبناء ولو كانت تستغل مؤقتاً لغرض آخر. خروجها عن تلك الحدود. عدم اعتبارها أرض بناء إلا إذا كانت قد أعدت إعداداً فعلياً لهذا الغرض. تقدير ذلك. استقلال قاضي الموضوع به متى أقام قضاءه على أسباب سائغة تكفي لحمله. العبرة في ذلك بحالة الأرض وقت البيع سبب الشفعة.
1 - أفرد القانون رقم 206 لسنة 1951 - المنطبق على واقعة الدعوى الباب الثاني منه لتنظيم إعادة تخطيط المدن والقرى ونص في المادة العاشرة على وجوب تخطيط حدين لكل مدينة أو قرية يحدد أولهما المدى الذي يتطلبه التوسع المنتظر في البناء لمواجهة عدد السكان لمدة خمسين عاماً مقبلة ويحدد الثاني منطقة زراعية خارج الحد الأول لا يجوز إقامته منشآت فيها لغير الأغراض الزراعية إلا بموافقة السلطة المختصة بالتخطيط، ثم اتبع المشرع هذا القانون بإصداره قانون نظام الحكم المحلي رقم 124 لسنة 1960 - الذي يسري على واقعة الدعوى - فنص في مادته الأولى على أن تقسم الجمهورية إلى وحدات إدارية هي المحافظات والمدن والقرى ويحدد نطاق المحافظات بقرار من رئيس الجمهورية ونطاق المدن بقرار من الوزير المختص ونطاق القرى بقرار من المحافظ، وتنفيذاً لهذا القانون أصدر رئيس الجمهورية القرار رقم 1755 لسنة 1960 الذي نص على تقسيم الجمهورية إلى محافظات ومدن وقرى وفقاً للجداول المرافقة لهذا القرار. ولما كان التقنين المدني قد نص في الفقرة الخامسة من المادة 936 على أن يثبت الحق في الشفعة للجار المالك "إذا كانت العقارات من المباني أو من الأراضي المعدة للبناء سواء كانت في المدن أو القرى" فإن مؤدى ذلك أنه يكفي للأخذ بالشفعة في هذه الصورة أن يكون العقار المشفوع به ملاصقاً للعقار المشفوع فيه من جهة واحدة، والأصل في اعتبار الأرض معدة للبناء يكون بالرجوع إلى الخرائط التي وضعتها الحكومة تحديداً لنطاق المدينة أو القرية في ضوء القانونين سالفي الذكر وما صدر بشأنهما من قرارات تنفيذية.
2 - إذا كانت الأرض تدخل في حدود المدينة أو القرية التي تبين المدى الذي يتطلبه التوسع العمراني بالبناء فهي بحكم هذا الوضع الذي أنشأته الدولة تعتبر من الأراضي المعدة للبناء حتى ولو كانت مستغلة استغلالاً مؤقتاً لغرض آخر، أما إذا كانت تخرج عن تلك الحدود فهي لا تعتبر أرض بناء إلا إذا كانت قد أعدت إعداداً فعلياً لهذا الغرض ولقاضي الموضوع بهذا الصدد السلطة التقديرية للفصل في هذه المسألة بغير معقب متى أقام قضاءه على أسباب سائغة تكفي لحمله، والمعول عليه في أي من هاتين الحالتين هو بحالة الأرض وقت انعقاد البيع الذي تولد عنه حق الشفعة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنة أقامت الدعوى رقم 773 لسنة 1968 مدني الجيزة الابتدائية مختصمة المطعون ضدهم بطلب الحكم بأحقيتها في أخذ الأرض المبينة بصحيفة الدعوى بالشفعة لقاء الثمن الذي أودعته خزانة المحكمة ومقداره 620 جنيه، وقالت بياناً لدعواها أنها تمتلك أرضاً مقاماً عليها بناء تتبع مدينة كرداسة مركز إمبابة وهي تلاصق أرضاً معدة للبناء يملكها المطعون ضده الثاني - موضحة بالصحيفة وقد أنذرته بوجوب إخطارها أن رغب بيعها، فأجاب على إنذارها بأنه باع هذه الأرض لـ......... بصفته ولياً طبيعياً على ابنه السيد (المطعون ضده الأول) نظير ثمن مقداره 620 جنيه، وقد نمى إلى علمها أن هذا الأخير حصل على عقد بيع من باقي المطعون ضدهن ينصب على ذات الأرض فأنذرتهم جميعاً برغبتها في أخذها بالشفعة وأقامت الدعوى ليحكم فيها بمطلبها منها وبتاريخ 11 من يناير سنة 1970 قضت المحكمة بطلبات الطاعنة، استأنف والد المطعون ضده الأول بصفته ولياً طبيعياً عليه هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة وقيد استئنافه برقم 631 لسنة 187 القضائية، وبتاريخ 20 من ديسمبر سنة 1980 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى، طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب وفي بيان ذلك تقول أن الحكم خلص في قضائه إلى اعتبار الأرض المملوكة لها والأرض المشفوع فيها وقت نشوء الحق في الشفعة من الأرض الزراعية وليست من الأراضي المعدة للبناء على سند مما أورده الخبير في تقريره الأخير المقدم لمحكمة الاستئناف، في حين أن الخبير لم يبين في هذا التقرير حدود مدينة كرداسة وفقاً للخرائط الرسمية ولم يستظهر ما إذا كانت الأرض المملوكة لها وتلك المطلوب أخذها بالشفعة تقع داخل الحدود أم خارجها بل الواضح من تقريره أنه أعرض عن تحقيق هذا الأمر قولاً منه بأنه لم يستطع الاستدلال على تلك الحدود وذلك دون أن يبذل في سبيل التقصي عنها ثمة جهد مما يكون معه الحكم المطعون فيه الذي اتخذ من هذا التقرير عماداً لقضائه معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك بأن القانون رقم 206 لسنة 1951 المنطبق على واقعة الدعوى قد أفرد الباب الثاني منه لتنظيم إعادة تخطيط المدن والقرى ونص في المادة العاشرة على وجوب تخطيط حدين لكل مدينة أو قرية يحدد أولهما المدى الذي يتطلبه التوسع المنتظر في البناء لمواجهة عدد السكان لمدة خمسين عاماً مقبلة ويحدد الثاني منطقة زراعية خارج الحد الأول لا يجوز إقامة منشآت فيها لغير الأغراض الزراعية إلا بموافقة السلطة المختصة بالتخطيط، ثم أتبع المشرع هذا القانون بإصداره قانون نظام الحكم المحلي رقم 124 لسنة 1960 الذي يسري على واقعة الدعوى - فنص في مادته الأولى على أن تقسم الجمهورية إلى وحدات إدارية هي المحافظات والمدن والقرى ويحدد نطاق المحافظات بقرار من رئيس الجمهورية ونطاق المدن بقرار من الوزير المختص ونطاق القرى بقرار من المحافظ، وتنفيذاً لهذا القانون أصدر رئيس الجمهورية القرار رقم 1755 لسنة 1960 الذي نص على تقسيم الجمهورية إلى محافظات ومدن وقرى وفقاً للجداول المرافقة لهذا القرار، ولما كان التقنين المدني قد نص في الفقرة الخامسة من المادة 136 على أن يثبت الحق في الشفعة للجار المالك "إذا كانت العقارات من المباني أو من الأراضي المعدة للبناء سواء كانت في المدن أو القرى فإن مؤدى ذلك أنه يكفي للأخذ بالشفعة في هذه الصورة أن يكون العقار المشفوع به ملاصقاً للعقار المشفوع فيه من جهة واحدة، والأصل في اعتبار الأرض معدة للبناء يكون بالرجوع إلى الخرائط التي وضعتها الحكومة تحديداً لنطاق المدينة أو القرية في ضوء القانونين سالفي الذكر وما صدر بشأنهما من قرارات تنفيذية، فإن كانت الأرض تدخل في حدود المدينة أو القرية التي تبين المدى الذي يتطلبه التوسع العمراني بالبناء فهي بحكم هذا الوضع الذي أنشأته الدولة تعتبر من الأراضي المعدة للبناء حتى ولو كانت مستغلة استغلالاً مؤقتاً لغرض آخر أما إذا كانت تخرج عن تلك الحدود فهي لا تعتبر أرض بناء إلا إذا كانت قد أعدت إعداداً فعلياً لهذا الغرض ولقاضي الموضوع بهذا الصدد السلطة التقديرية للفصل في هذه المسألة بغير معقب متى أقام قضاءه على أسباب سائغة تكفي لحمله والمعول عليه في أي من هاتين الحالتين هو بحالة الأرض وقت انعقاد البيع الذي تولد عنه حق الشفعة، لما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن الطاعنة تمسكت في دفاعها أمام محكمة الموضوع بدرجتيها بأن أرضها المشفوع بها وتلك التي تشفع فيها من الأراضي المعدة للبناء إذ هما تدخلان في حدود مدينة كرداسة، وكان التقرير المقدم من رئيس القسم الهندسي بمكتب الخبراء الذي أسس عليه الحكم المطعون فيه قضاءه جاء مجهلاً في الإدلاء برأي قاطع في هذه المسألة الجوهرية، فقد اكتفى الخبير في عبارة معماة أنه لم يتبين حدود تلك المدينة على الخرائط المساحية دون أن يورد الأسانيد التي أقعدته عن هذا الأخذ بشتى الوسائل الممكنة أو كشف في تقديره على استحالة الوقوف على حدود للمدينة من واقع التخطيط الذي أعدته الدولة وإذا اعتنق الحكم المطعون فيه هذا التقرير المعيب واعتبر الأرض المشفوع فيها من الأراضي الزراعية دون التحقق من وقوعها - وقت حصول البيع سبب الشفعة في نطاق حد المدينة المخصص للبناء وفقاً لتخطيط الدولة أم أنها تخرج عن هذا الحد فإنه يكون مشوباً بقصور مبطل الأمر الذي يتعين معه نقضه بغير حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.