أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 39 - صـ 536

جلسة 28 من مارس سنة 1988

برئاسة السيد المستشار/ الدكتور عبد المنعم أحمد بركه - نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد فؤاد بدر - نائب رئيس المحكمة، كمال نافع، محمد مصباح ويحيى عارف.

(107)
الطعن رقم 194 السنة 51 القضائية

1 - استيلاء. قانون.
(1) الاستيلاء المؤقت على العقارات طبقاً للقانون رقم 95 لسنة 1945 الخاص بشئون التموين. اختلاف قواعده وأحكامه عما هو منصوص عليه في القانون رقم 577 لسنة 1954. أثره. انتهاء الاستيلاء وفقاً لأحكام الأول رهين بصدور قرار من وزير التموين.
2 - حكم "ما يعد قصوراً". نقض "سلطة محكمة النقض".
(2) قصور الحكم في أسبابه القانونية لا يفسده طالما انتهى إلى النتيجة الصحيحة قانوناً. لمحكمة النقض استكمال أسبابه.
1 - إذ كان يبين من استقرار نصوص المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 الخاص بشئون التموين والقانون رقم 577 لسنة 1954 بشأن نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة أو التحسين أن أحكام الاستيلاء المؤقت على العقارات فيهما مختلفة فبينما هو في المرسوم بقانون الأول لم يقيد بمدة اشترط القانون الثاني ألا تتجاوز مدته ثلاث سنوات من تاريخ الاستيلاء الفعلي يتعين قبل انقضائها إذا دعت الظروف إلى مدة الاتفاق على ذلك مع أصحاب الشأن أو اتخاذ إجراءات نزع الملكية، ثم أن الأول خلا من قواعد لتقدير ثمن العقار مهما طالت مدة الاستيلاء عليه في حين نظم الأخير القواعد التي تتبع في هذا الصدد مما يكشف عن أن المشرع قد جعل للاستيلاء أحكاماً وقواعد خاصة في كل من التشريعين على نحو لا يسوغ معه القول بأن أحكام أحدهما مكملة للآخر في هذا الخصوص، وإذا كان ذلك فإن دفاع الطاعنتين المؤسس على أن الإجارة انتهت بانقضاء ثلاث سنوات من تاريخ الاستيلاء على عين النزاع دون اتخاذ إجراءات نزع ملكيته طبقاً لنص المادة 18 من القانون رقم 577 لسنة 1954 سالف الذكر يكون غير سديد، ولا على المحكمة إن هي التفتت عنه بحسبان أن الدفاع الذي تلتزم بالرد عليه إنما هو الدفاع الجوهري المنتج في الدعوى، لما كان ما تقدم وكان إنهاء الاستيلاء على العقار وفقاً لأحكام المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 سالف البيان رهناً بقرار يصدره وزير التموين برده إلى الطاعنتين لانتفاء الحاجة إليه، وكان ما تجادل فيه الطاعنتان بأسباب الطعن بالنسبة لما انتهى إليه الحكم المطعون فيه عن طبيعة العين المؤجرة من أنها بناءً وليست أرضاً فضاء فإنه - أياً كان وجه الرأي فيه - غير منتج إذ أن العلاقة بين الطرفين حسبما سلف إيضاحه وردت نفاذاً لقرار الاستيلاء الصادر من وزير التموين استناداً إلى أحكام المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 - المذكور وهو لم يقيد الاستيلاء بمدة معينة كما سلف البيان.
2 - لا يفسد الحكم إذا جاء وافي الأسباب الواقعية، صحيح النتيجة قانوناً، مجرد القصور في أسبابه القانونية بل لمحكمة النقض استكمال هذه الأسباب.


المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعنتين أقامتا الدعوى رقم 2373 سنة 1979 مدني كلي جنوب القاهرة على المطعون ضدها بطلب الحكم بإخلائها من العين المبينة بالصحيفة والتسليم، وقالتا بياناً لذلك أن....... بصفته مديراً لشركة الشرق لنقل المواد البترولية استأجر منهما الأرض المسورة موضوع الدعوى بعقد مؤرخ 1/ 3/ 1956 لاستعمالها حظيرة للسيارات وبتاريخ 28/ 5/ 1958 تحرر ملحق للعقد بمقتضاه حلت شركة المنيا والبحيرة محل الشركة المستأجرة الأصلية، وبعد تأميم تلك الشركة وإدماجها في شركة النيل لنقل البضائع حرر بينها وبين الطاعنتين عقد إيجار عن العين المذكورة وإذ فرضت الحراسة على الطاعنة الأولى صدر قرار من وزير التموين والتجارة الداخلية رقم 172 سنة 1969 في 8/ 9/ 1969 بالاستيلاء على أرض النزاع وتسليمها إلى المطعون ضدها ثم حرر عقد عنها بين الأخيرة والحارس العام على أموال الخاضعين للحراسة، ولما رفعت الحراسة عن الطاعنة الأولى أنذرت الطاعنتان المطعون ضدها بتاريخ 29/ 11/ 1977 بعدم رغبتهما في تجديد العقد لمدة تالية لتلك المنتهية في آخر فبراير سنة 1978 فرد عليهما بأن سنده في شغل العين غير محدد المدة فقد أقامتا الدعوى، بتاريخ 6/ 3/ 1980 حكمت المحكمة برفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها والإخلاء والتسليم. استأنفت المطعون ضدها هذا الحكم بالاستئناف رقم 2612 سنة 79 ق القاهرة، وبتاريخ 11/ 12/ 1980 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى طعنت الطاعنتان في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب تنعى بها الطاعنتان على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك تقولان أنه طبقاً لنص المادة 18 من القانون رقم 577 لسنة 1954 المنظم لحالات الاستيلاء الإداري تعتبر عين النزاع مؤجرة للمطعون ضدها لمدة ثلاث سنوات من تاريخ قرار وزير التموين رقم 172 الصادر 8/ 6/ 1969، وإذ لم يصدر قرار بنزع ملكيتها حتى نهاية تلك المدة التي توافق 1/ 7/ 1972 فإنه يتعين إنهاء الإجارة، وإذ قضى الحكم برفض الدعوى دون حسم الخلاف حول انتهاء العلاقة طبقاً لنص المادة 18 سالفة الذكر كما أخطأ فيما انتهى إليه من اعتبار الإجارة واردة على بناء وليس على أرض فضاء مع عدم استقامة ذلك بالنظر إلى نسبة البناء إلى مسطح الأرض وما كانت العين مستغلة فيه وما آلت إليه ونية الطرفين من إبرام العقد ثم ربط بين الغرض من الإجارة وطبيعة العين مع عدم تلازمهما فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه يبين من استقرار نصوص المرسوم بقانون رقم 59 لسنة 1945 الخاص بشئون التموين والقانون رقم 577 لسنة 1954 بشأن نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة أو التحسين أن أحكام الاستيلاء المؤقت على العقارات فيهما مختلفة فبينما هو في المرسوم بقانون الأول لم يقيد بمدة اشترط القانون الثاني ألا تتجاوز مدته ثلاث سنوات من تاريخ الاستيلاء الفعلي يتعين قبل انقضائها إذا دعت الظروف إلى مده الاتفاق على ذلك مع أصحاب الشأن أو اتخاذ إجراءات نزع الملكية، ثم إن الأول خلا من قواعد لتقدير ثمن العقار مهما طالت مدة الاستيلاء عليه في حين نظم الأخير القواعد التي تتبع في هذا الصدد، مما يكشف عن أن المشرع قد جعل للاستيلاء أحكاماً وقواعد خاصة في كل من التشريعين على نحو لا يسوغ معه القول بأن أحكام أحدهما مكملة للآخر في هذا الخصوص، وإذ كان ذلك فإن دفاع الطاعنتين المؤسس على أن الإجارة انتهت بانقضاء ثلاث سنوات من تاريخ الاستيلاء على عين النزاع دون اتخاذ إجراءات نزع ملكيته طبقاً لنص المادة 18 من القانون رقم 577 لسنة 1954 سالف الذكر يكون غير سديد، ولا على المحكمة إن هي التفتت عنه بحسبان أن الدفاع الذي تلتزم بالرد عليه إنما هو الدفاع الجوهري المنتج في الدعوى، لما كان ما تقدم وكان إنهاء الاستيلاء على العقار وفقاً لأحكام المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 سالف البيان رهناً بقرار يصدره وزير التموين برده إلى الطاعنتين لانتفاء الحاجة إليه، وكان ما تجادل فيه الطاعنتان بأسباب الطعن بالنسبة لما انتهى إليه الحكم المطعون فيه عن طبيعة العين المؤجرة من أنها بناءً وليست أرضاً فضاء فإنه - أياً كان وجه الرأي فيه - غير منتج إذ أن العلاقة بين الطرفين حسبما سلف إيضاحه وردت نفاذاً لقرار الاستيلاء الصادر من وزير التموين استناداً إلى أحكام المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 - المذكور وهو لم يقيد الاستيلاء بمدة معينة كما سلف البيان، لما كان ذلك وكان لا يفسد الحكم إذا جاء وافي الأسباب الواقعية، صحيح النتيجة قانوناً، مجرد القصور في أسبابه القانونية بل لمحكمة النقض استكمال هذه الأسباب، فإن النعي برمته يكون على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.