أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 39 - صـ 559

جلسة 29 من مارس سنة 1988

برئاسة السيد المستشار/ يحيى الرفاعي - نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمود شوقي أحمد - نائب رئيس المحكمة، محمد حسن عفيفي، محمد وليد الجارحي ومحمود رضا الخضري.

(111)
الطعن رقم 385 لسنة 54 القضائية

اختصاص "الاختصاص الولائي". حكم "حجية أحكام المحاكم التأديبية". تعويض. موظفين.
- اختصاص محاكم مجلس الدولة بالفصل في طلبات التعويض. مناطه. م 10 ق 47 لسنة 1972. المنازعات المتعلقة بالأعمال المادية والأفعال الضارة التي تأتيها الجهة الإدارية دون أن تكون تنفيذاً مباشراً لقرارات إدارية أو التي ينسب إلى موظفيها ارتكابها أثناء أو بسبب تأدية وظائفهم ومنها المنازعات المتعلقة بمسئوليتهم المدنية عما تنسبه لهم جهة الإدارة من أعمال شخصية ضارة بها وما تراه مستحقاً لها في ذممهم من تعويض عما يقع من عجز في عهدهم. اختصاص محاكم القضاء العادي وحده بنظرها. مؤدى ذلك. اقتصار اختصاص محاكم مجلس الدولة على التحقيق من توافر شروط الخصم من المرتب طبقاً للقانون 111 لسنة 1951 دون المساس بأصل الحق. علة ذلك.
يدل نص المادتين 15، 17 من قانون السلطة القضائية الصادر بالقرار بقانون 46 لسنة 1972 والمادة العاشرة من قانون مجلس الدولة الصادر بقانون 47 لسنة 1972 على أن اختصاص محاكم مجلس الدولة دون غيرها بالفصل في طلبات التعويض رهين بأن تكون هذه الطلبات مرفوعة بصفة أصلية أو تبعية عن قرار إداري مما نص عليه في البنود التسعة الأولى من المادة العاشرة من قانون هذا المجلس أو تعد من سائر المنازعات الإدارية في تطبيق البند الرابع عشر من هذه المادة وأن مناط اختصاص تلك المحاكم بالفصل في سائر المنازعات الإدارية تطبيقاً لهذا البند أن تكون للمنازعة ذات الخصائص التي تتميز بها المنازعات التي أوردها المشرع في البنود الأخرى - مما مقتضاه أن تكون المنازعة متعلقة بتصرف قانوني تعبر به جهة الإدارة عن إرادتها كسلطة عامة بوسيلة من وسائل القانون العام - كالشأن في المنازعات المتعلقة بالقرارات الإدارية النهائية الصادرة بنقل وندب وإعارة الموظفين العموميين التي خلت تلك البنود من النص عليها - أما المنازعات المتعلقة بالأعمال المادية والأفعال الضارة التي تأتيها الجهات الإدارية دون أن تكون تنفيذاًَ مباشراً لقرارات إدارية - أو التي ينسب إلى موظفيها ارتكابها أثناء أو بسبب تأدية وظائفهم - ومنها المنازعات المتعلقة بالمسئولية المدنية لهؤلاء الموظفين عما تنسبه لهم الإدارة من أعمال شخصية ضارة بها وما تراه مستحقاً لها في ذممهم من تعويضات عما يقع من عجز في عهدهم بسبب هذه الأعمال - فلا تعد من المنازعات الإدارية سواء في تطبيق البند الرابع عشر أو في تطبيق سائر البنود المشار إليها ومن ثم لا تدخل في الاختصاص الولائي لمحاكم مجلس الدولة ويكون الاختصاص بالفصل في هذه المنازعات المدنية معقوداً لمحاكم القضاء العادي وحدها باعتبارها صاحبة الولاية العامة بالفصل في كافة المنازعات - عدا المنازعات الإدارية وما استثنى مثلها بنص خاص - ولا يغير من ذلك أن ولاية محاكم مجلس الدولة تشمل الفصل فيما يثار أمامها من منازعات بسبب لجوء الإدارة لإجراء خصم ما تراه مستحقاً لها من تعويضات من مرتبات الموظفين - بالتطبيق لأحكام لائحة المخازن والمشتريات المصدق عليها من مجلس الوزراء بتاريخ 6/ 6/ 1948 أو أحكام القانون 111 لسنة 1951 المعدل بالقوانين 423 لسنة 1956، 43 لسنة 1962، 64 لسنة 1973 - دون استصدار أحكام بتلك التعويضات أو اتخاذ إجراء قضائي بشأنها إذ أن ولاية تلك المحاكم بنظر هذه المنازعات - باعتبارها من المنازعات الخاصة بالمرتبات وفقاً لنص البند ثانياً من المادة العاشرة من قانون مجلس الدولة - إنما تقتصر على مجرد الفصل في مشروعية إجراء الخصم من المرتب - في ضوء التحقق من توافر شروط إجرائه، ومن هذه الشروط مدى جدية الدلائل على استحقاق الإدارة للتعويض - ولا تتبع تلك الولاية للمساس بأصل الحق في هذا التعويض ومقداره الذي يمكن لأي من طرفي النزاع طرحه على القضاء المدني ليحسم النزاع فيه، ومن ثم لا تكون لأحكام محاكم مجلس الدولة الصادرة في حدود ولايتها بنظر المنازعات خاصة بالمرتبات المشار إليها حجية أمام القضاء المدني بالنسبة لأصل الحق محل المنازعة كما لا تكون لها حجية بالنسبة له إذا صدرت خارج حدود هذه الولاية لأن الأحكام التي تصدر من جهة قضاء خارج حدود ولايتها تكون منعدمة الحجية أمام الجهة صاحبة الولاية بالفصل في موضوعها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الجهة الإدارية الطاعنة "وزارة الصحة" أقامت الدعوى 2338 لسنة 1980 مدني بنها الابتدائية على المطعون ضده بطلب الحكم بإلزامه بأن يدفع إليها مبلغ 4050.097 جنيه قيمة العجز الذي أسفر عن جرد عهدته من الأدوية إبان عمله طبيباً بإحدى المجموعات الصحية التابعة لها. ومحكمة أول درجة حكمت في 25/ 5/ 1981 بإلزام المطعون ضده بأن يؤدي - للجهة الطاعنة مبلغ أربعة آلاف وثمانية جنيهات. استأنف المطعون ضده هذا الحكم بالاستئناف 450 لسنة 14 ق طنطا. وبتاريخ 12/ 12/ 1983 قضت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها بالحكم الصادر من المحكمة التأديبية بأسيوط في الدعوى 95 لسنة 5 ق. طعنت الوزارة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم. وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما تنعاه الجهة الإدارية الطاعنة على الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه بعدم جواز نطر دعواها على حجية الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بأسيوط ببطلان خصم قيمة العجز المدعى به من مرتب المطعون ضده في حين أن ذلك الحكم لا حجية له أمام محاكم القضاء العادي.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه لما كان النص في المادة 15 من قانون السلطة القضائية الصادر بالقرار بقانون 46 لسنة 1972 على أنه "فيما عدا المنازعات الإدارية التي يختص بها مجلس الدولة تختص المحاكم بالفصل في كافة المنازعات والجرائم إلا ما استثنى بنص خاص وتبين قواعد اختصاص المحاكم في قانون المرافعات وقانون الإجراءات الجنائية"، وفي المادة 17 منه على أن (للمحاكم دون أن تؤول الأمر الإداري أو توقف تنفيذه أن تفصل في المنازعات المدنية والتجارية التي تقع بين الأفراد والحكومة والهيئات العامة بشأن عقار أو منقول عدا الحالات التي ينص فيها القانون على غير ذلك)، وفي والمادة العاشرة من قانون مجلس الدولة الصادر بالقرار بقانون 47 لسنة 1972 على أن (تختص محاكم مجلس الدولة دون غيرها بالفصل في المسائل الآتية: (أولاً) الطعون الخاصة بانتخابات الهيئات المحلية. (ثانياً) المنازعات الخاصة بالمرتبات والمعاشات والمكافآت المستحقة للموظفين العموميين أو لورثتهم (ثالثاً) الطلبات التي يقدمها ذوو الشأن بالطعن في القرارات الإدارية النهائية الصادرة بالتعيين في الوظائف العامة أو الترقية أو بمنح العلاوات (رابعاً) الطلبات التي يقدمها. الموظفون العموميون بإلغاء القرارات الإدارية الصادرة بإحالتهم إلى المعاش أو الاستيداع أو فصلهم بغير الطريق التأديبي. (خامساً) الطلبات التي يقدمها الأفراد أو الهيئات بإلغاء القرارات الإدارية النهائية (سادساً) الطعون في القرارات النهائية الصادرة من الجهات الإدارية في منازعات الضرائب والرسوم وفقاً للقانون الذي ينظم كيفية نظر هذه المنازعات أمام مجلس الدولة. (سابعاً) دعاوى الجنسية (ثامناً) الطعون التي ترفع عن القرارات النهائية الصادرة من جهات إدارية لها اختصاص قضائي فيما عدا القرارات الصادرة من هيئات التوفيق والتحكيم في منازعات العمل وذلك متى كان مرجع الطعن عدم الاختصاص أو عيباً في الشكل أو مخالفة القوانين واللوائح والخطأ في تطبيقها أو تأويلها. (تاسعاً) الطلبات التي يقدمها الموظفون العموميون بإلغاء القرارات النهائية للسلطات التأديبية. (عاشراً) طلبات التعويض عن القرارات المنصوص عليها في البنود السابقة سواء رفعت بصفة أصلية أو تبعية (حادي عشر) المنازعات الخاصة بعقود الالتزام أو الأشغال العامة أو التوريد أو بأي عقد إداري آخر (ثاني عشر) الدعاوى التأديبية المنصوص عليها في هذا القانون. (ثالث عشر) الطعون في الجزاءات الموقعة على العاملين بالقطاع العام في الحدود المقررة قانوناً (رابع عشر) سائر المنازعات الإدارية......."، يدل على أن اختصاص محاكم مجلس الدولة دون غيرها بالفصل في طلبات التعويض رهين بأن تكون هذه الطلبات مرفوعة بصفة أصلية أو تبعية عن قرار إداري مما نص عليه في البنود التسعة الأولى من المادة العاشرة من قانون هذا المجلس أو تعد من سائر المنازعات الإدارية في تطبيق البند الرابع عشر من هذه المادة، وأن مناط اختصاص تلك المحاكم بالفصل في سائر المنازعات الإدارية تطبيقاً لهذا البند أن تكون للمنازعة ذات الخصائص التي تتميز بها المنازعات التي أوردها المشرع في البنود الأخرى - مما مقتضاه أن تكون المنازعة متعلقة بتصرف قانوني تعبر به جهة الإدارة عن إرادتها كسلطة عامة بوسيلة من وسائل القانون العام، كالشأن في المنازعات المتعلقة بالقرارات الإدارية النهائية - الصادرة بنقل وندب وإعارة الموظفين العموميين التي خلت تلك البنود من النص عليها - إما المنازعات المتعلقة بالأعمال المادية والأفعال الضارة التي تأتيها الجهات الإدارية - دون أن تكون تنفيذاًَ مباشراً لقرارات إدارية - أو التي ينسب إلى موظفيها ارتكابها أثناء أو بسبب تأدية وظائفهم - ومنها المنازعات المتعلقة بالمسئولية المدنية لهؤلاء الموظفين عما تنسبه لهم الإدارة من أعمال شخصية ضارة بها وما تراه مستحقاً لها في ذممهم من تعويضات عما يقع من عجز في عهدهم بسبب هذه الأعمال - فلا تعد من المنازعات الإدارية - سواء في تطبيق البند الرابع عشر أو في تطبيق سائر البنود المشار إليها، ومن ثم لا تدخل في الاختصاص الولائي لمحاكم مجلس الدولة ويكون الاختصاص بالفصل في هذه المنازعات المدنية معقوداً لمحاكم القضاء العادي وحدها باعتبارها صاحبة الولاية العامة بالفصل في كافة المنازعات - عدا المنازعات الإدارية وما استثنى مثلها بنص خاص - ولا يغير من ذلك أن ولاية محاكم مجلس الدولة تشمل الفصل فيما يثار أمامها من منازعات بسبب لجوء الإدارة لإجراء خصم ما تراه مستحقاً من تعويضات من مرتبات الموظفين - بالتطبيق لأحكام لائحة المخازن والمشتريات المصدق عليها من مجلس الوزراء بتاريخ 6/ 6/ 1948 أو أحكام القانون 111 لسنة 1951 المعدل بالقوانين 432 لسنة 1956، 43 لسنة 1962، 64 لسنة 1973 - دون استصدار أحكام بتلك التعويضات أو اتخاذ إجراء قضائي بشأنها، إذ أن ولاية تلك المحاكم بنظر هذه المنازعات باعتبارها من المنازعات الخاصة بالمرتبات وفقاً لنص البند، ثانياً من المادة العاشرة من قانون مجلس الدولة إنما تقتصر على مجرد الفصل في مشروعية إجراء الخصم من المرتب - في ضوء التحقق من توافر شروط إجرائه ومن هذه الشروط مدى جدية الدلائل على استحقاق الإدارة للتعويض - ولا تتسع تلك الولاية للمساس بأصل الحق في هذا التعويض ومقداره الذي يمكن لأي من طرفي النزاع طرحه على القضاء المدني ليحسم النزاع فيه، ومن ثم لا تكون لأحكام محاكم مجلس الدولة الصادرة في حدود ولايتها بنظر المنازعات الخاصة بالمرتبات المشار إليها حجية أمام القضاء المدني بالنسبة لأصل الحق محل المنازعة كما لا تكون لها حجية بالنسبة له إذا صدرت خارج حدود هذه الولاية لأن الأحكام التي تصدر من جهة قضاء خارج حدود ولايتها تكون منعدمة الحجية أمام الجهة صاحبة الولاية بالفصل في موضوعها، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر واعتد بحجية الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بأسيوط في الدعوى 95 لسنة 5 ق - والذي قضى في المنازعة التي أثارها المطعون ضده حول قيام الإدارة بخصم قيمة العجز المدعى به من مرتبه - ببطلان ذلك الخصم لعدم تقديم الإدارة الأوراق والتحقيقات المتعلقة بهذا الموضوع وعدم قيام الخصم على سبب واضح أمام المحكمة - في حين أن حكم المحكمة التأديبية في هذه المنازعة - وعلى ما سلف البيان - لا حجية له أمام القضاء المدني بالنسبة لأصل الحق في التعويض، فإنه يكون قد خالف القانون بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لمناقشة باقي أوجه الطعن.