أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 39 - صـ 571

جلسة 31 من مارس سنة 1988

برئاسة السيد المستشار/ درويش عبد المجيد - نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ د. رفعت عبد المجيد، محمد خيري الجندي، أحمد أبو الحجاج وعبد المعين لطفي جمعه.

(113)
الطعن رقم 418 لسنة 52 القضائية

شهر عقاري. تسجيل. قضاء مستعجل. بيع. محكمة الموضوع.
الاختصاص المقرر للقاضي المستعجل بنظر الطلب الوقتي بمحو التأشير الهامشي في سجل المحررات واجبة الشهر المتضمنة الطعن في التصرفات موضوع تلك المحررات. لا يمنع من الالتجاء إلى محكمة الموضوع في ذات الصدد وللفصل في أصل الحق "المواد 13، 15، 18 ق 114 لسنة 1946.
إذ كان مفاد نصوص المواد 13، 15، 18 من قانون الشهر العقاري رقم 114 لسنة 1946 أن الشارع بعد أن أوجب التأشير في هامش سجل المحررات واجبة الشهر ومنها حق الإرث بما يقدم ضدها من الدعاوى - ومنها دعوى صحة التعاقد - التي يكون الغرض منها الطعن في التصرف الذي يتضمنه المحرر وجوداً أو صحة أو نفاذاً أجاز لذي الشأن أن يطلب إلى القاضي المستعجل محو ذلك التأشير فيأمر به القاضي إذا تبين أن الدعوى التي تأشر بها لم ترفع إلا بغرض كيدي محض - فقد دل على أن طلب محو التأشير الهامشي وإن كان القاضي المستعجل يختص بنظره فيأمر بإجراء وقتي لا يعرض فيه للموضوع إلا أن ذلك لا يمنع ذا الشأن من أن يطرح منازعته الموضوعية في صدد محو التأشير على محكمة الموضوع فتفصل حينئذ في أصل الحق المتنازع عليه. لما كان الطاعنون قد أقاموا دعواهم الماثلة أمام محكمة الموضوع بطلب محو التأشير بدعوى صحة ونفاذ عقود البيع المرفوعة من فريق من المطعون ضدهم على فريق آخر منهم والوارد على تسجيل حق الطاعنين في الإرث على سند من أن هذا البيع قد تعلق بملك الغير لثبوت تملك مورثهم الأرض موضوع تلك الدعوى، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى برفض الدعوى على ما اجتراه في أسبابه من عبارة أورد بها "....... وكانت المحكمة لم تتبين من الأوراق أن دعوى صحة التعاقد رقم...... والمسجلة صحيفتها برقم 51045 لسنة 1977 جيزة لم ترفع إلا لغرض كيدي محض - وإذ كان هذا الذي أقام عليه الحكم قضاءه يكشف عن أنه أخطأ فهم واقع النزاع المطروح في الدعوى وتكييفها الصحيح في القانون باعتبارها دعوى موضوعية استهدف بها الطاعنون محو التأشير بدعوى صحة التعاقد على ثبوت ملكيتهم للأرض محل التداعي دون البائعين في تلك الدعوى، وقد أدى به هذا الخطأ إلى حجب نفسه عن بحث المنازعة في الملكية التي هي قوام الفصل في الدعوى.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنين أقاموا على المطعون ضدهم الدعوى رقم 11789 لسنة 1981 مدني أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية طالبين الحكم بمحو التأشير بدعوى صحة ونفاذ عقد بيع رقم 5042 لسنة 1977 مدني كلي الجيزة المسجلة صحيفتها برقم 5145 لسنة 1977 جيزة والوارد على هامش تسجيل حق الإرث رقم 1364 لسنة 1979 جيزة، وقالوا بياناً لها أنهم يمتلكون عن طريق الميراث الأرض الفضاء المبينة بالصحيفة، ولدى قيامهم بإشهار حق الإرث تبين لهم التأشير بوجود دعوى صحة التعاقد السالفة الذكر والتي أقامها المطعون عليهم التسعة الأول على المطعون عليهم من العاشرة حتى الرابعة عشر بشأن بيع الفريق الأول منهم تلك الأرض للفريق الثاني، وإذا كانت تلك الدعوى قصد بها الكيد وكان البائعون لا يملكون شيئاً في الأرض موضوع التداعي فإن البيع يكون قد صدر عن غير مالك للمبيع لأن مورث الطاعنين هو الذي تملكها بموجب عقد البيع الصادر له من مالكيها الأصليين "المطعون عليه العاشر وآخر" المؤرخ 21/ 5/ 1945 والمصدق على التوقيعات فيه بمحكمة القيوم الجزئية الأهلية بالمحضر رقم 760 لسنة 1945 ثم آلت ملكيتها إليهم بالميراث، ولذا فقد أقاموا دعواهم ليحكم لهم بمطالبهم فيها. وبتاريخ 28/ 4/ 1981 قضت المحكمة بطلبات الطاعنين. استأنف المطعون عليهم التسعة الأول هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 4546 لسنة 98 قضائية. وبتاريخ 22/ 12/ 1981 حكمت بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى. طعن الطاعنون على هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة المشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها
وحيث إن حاصل سببي الطعن أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول الطاعنون أنهم أقاموا دعواهم أمام محكمة الموضوع على سند من أنهم يملكون بطريق الإرث الأرض موضوع الدعوى التي تملكها المورث بموجب عقد البيع الصادر من مالكيها السابقين المؤرخ 21/ 5/ 1945 والمصدق على التوقيعات فيه بمحكمة الفيوم الجزئية بالمحضر رقم 760 لسنة 1945 فيكون العقد المتضمن بيع تلك الأرض والذي أقيمت بشأنه دعوى صحة التعاقد من فريق من المطعون ضدهم على فريق آخر وارداً على ملك الغير، وهو ما خلص إليه الحكم الابتدائي الذي قضى بإجابتهم إلى مطلبهم محو التأشير بصحيفة تلك الدعوى على هامش تسجيل حق الإرث وإذ لم يفطن الحكم الاستئنافي المطعون فيه إلى حقيقة النزاع المعروض في الدعوى والمؤسس على ملكية الطاعنين للأرض محل النزاع وقضى بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى على مجرد القول بخلو الأوراق من دليل على أن دعوى صحة التعاقد التي سجلت صحيفتها وتعلقت بهذه الأرض رفعت لغرض كيدي محض دون أن يعرض في قضائه لحسم النزاع على الملكية، فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد ذلك بأن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن قاضي الموضوع ملزم بإعطاء الدعوى وصفها الحق وإسباغ التكييف القانوني الصحيح عليها، ولما كان مفاد نصوص المواد 13، 15، 18 من قانون الشهر العقاري رقم 114 لسنة 1946 أن الشارع بعد أن أوجب التأشير في هامش سجل المحررات واجبة الشهر - ومنها حق الإرث - بما يقدم ضدها من الدعاوى ومنها دعوى صحة التعاقد - التي يكون الغرض منها الطعن في التصرف الذي يتضمنه المحرر وجوداً أو صحة أو نفاذاً، أجاز لذي الشأن أن يطلب إلى القاضي المستعجل محو ذلك التأشير فيأمر به القاضي إذا تبين أن الدعوى التي تأشر بها لم ترفع إلا بغرض كيدي محض - فقد دل على أن طلب محو التأشير الهامشي وإن كان القاضي المستعجل يختص بنظره فيأمر بإجراء وقتي لا يعرض فيه للموضوع إلا أن ذلك لا يمنع ذا الشأن من أن يطرح منازعته الموضوعية في صدد محو التأشير على محكمة الموضوع فتفصل حينئذ في أصل الحق المتنازع عليه - وإذ كان الطاعنون قد أقاموا دعواهم الماثلة أمام محكمة الموضوع بطلب التأشير بدعوى صحة ونفاذ عقد البيع المرفوعة - من فريق من المطعون عليهم على فريق آخر منهم والوارد على تسجيل حق الطاعنين في الإرث على سند من أن هذا البيع قد تعلق بملك الغير لثبوت تملك مورثهم الأرض موضوع تلك الدعوى بموجب عقد بيع مسجل ثم آلت إليهم الملكية من بعده، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى برفض الدعوى على ما اجتزأه في أسبابه من عبارة أورد بها "وحيث إنه لما كانت المادة 18 من القانون رقم 114 لسنة 1946 بتنظيم الشهر العقاري قد نصت في فقرتها الثانية على أن - للطرف ذي الشأن أن يطلب إلى القاضي محو التأشير أو التسجيل المشار إليه في المادة الخامسة عشر فيأمر به القاضي إذا تبين له أن الدعوى التي تأشر بها أو التي سجلت صحيفتها لم ترفع إلا لغرض كيدي محض، وكانت المحكمة لم تتبين من الأوراق أن دعوى صحة التعاقد رقم 5042 لسنة 1977 مدني كلي الجيزة والمسجلة صحيفتها برقم 5145 لسنة 1977 جيزة والمقدمة صورتها الفوتوغرافية من المستأنفين أمام محكمة أول درجة لم ترفع إلا لغرض كيدي محض" - وإذ كان هذا الذي أقام عليه الحكم قضاءه يكشف عن أنه أخطأ فهم واقع النزاع المطروح في الدعوى وتكييفها الصحيح في القانون باعتبارها دعوى موضوعية استهدف بها الطاعنون محو التأشير بدعوى صحة التعاقد على أساس ثبوت ملكيتهم للأرض محل التداعي دون البائعين في تلك الدعوى، وقد أدى به هذا الخطأ إلى حجب نفسه عن بحث المنازعة في الملكية التي هي قوام الفصل في الدعوى، ومن ثم يكون الحكم فضلاً عن خطئه في تطبيق القانون مشوباً بالقصور المبطل بما يوجب نقضه.