أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
المجلد الثاني - السنة 27 - صـ 1769

جلسة 16 من ديسمبر سنة 1976

برياسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة الدكتور محمد محمد حسنين، وعضوية السادة المستشارين: أحمد صفاء الدين؛ عز الدين الحسيني؛ عبد العال السيد؛ محمدي الخولي.

(324)
الطعن رقم 177 لسنة 40 القضائية

(1) حكم. "تسبيب الحكم".
عدم التزام المحكمة بإيراد نصوص العقود التي استندت إليها.
(2) قضاة. تحكيم.
القواعد المقررة في رد القضاة أو عدم صلاحيتهم. إعمال هذه القواعد على المحكمين بالنسبة إلى أسباب الرد أو عدم الصلاحية فحسب.
(3) تحكيم. دعوى. دفاع.
المحكمون المفوضون بالصلح. وجوب التزامهم بالمبادئ الأساسية في التقاضي وأهمها احترام حقوق الدفاع. عدم تحديد جلسة للمرافعة بعد الفصل في طلب أحد المحكمين وقبل إصدار الحكم. لا يعد إهداراً للمبادئ الأساسية للتقاضي.
1 - لا يعيب الحكم عدم إيراده نصوص البنود التي استند إليها بمشارطة التحكيم.
2 - النص في المادة 829 من قانون المرافعات السابق على أن "يطلب رد المحكمين لنفس الأسباب التي يرد بها القاضي أو يعتبر بسببها غير صالح للحكم، ويرفع طلب الرد إلى المحكمة المختصة أصلاً بنظر الدعوى في ميعاد خمسة أيام من يوم إخبار الخصم بتعيين المحكم وتحكم المحكمة في الرد بعد سماع الخصوم والمحكم المطلوب رده" يدل على أن المشرع لا يحيل إلى القواعد المقررة في رد القضاة أو عدم صلاحيتهم للحكم إلا بالنسبة إلى الأسباب وأنه أوجب رفع طلب برد المحكم سواء في الحالات التي يجوز فيها رده أو تلك التي يعتبر بسببها غير صالح للحكم.
3 - لئن كان صحيحاً أن المحكمين المفوضين بالصلح يلتزمون - رغم إعفائهم من التقيد بإجراءات المرافعات - بمراعاة المبادئ الأساسية في التقاضي وأهمها مبدأ احترام حقوق الدفاع، إلا أنه لما كانت المادة 836 من قانون المرافعات السابق توجب على الخصوم "في جميع الأحوال أن يقدموا دفاعهم ومستنداتهم قبل انقضاء الميعاد المحدد للحكم بخمسة عشر يوماً على الأقل وإلا جاز الحكم بناء على الطلبات والمستندات التي قدمها أحدهم" وإذ كان الثابت من الأوراق أن المحكمين قد قرروا بجلسة 5/ 7/ 1956 - بعد أن تقدم الخصوم بدفاعهم ومستنداتهم - إصدار الحكم في 16/ 8/ 1956 ثم عادوا وقرروا وقف الدعوى لحين الفصل في طلب الرد المقدم ضد أحدهم من مورث الطاعنين ولما حكم نهائياً في هذا الطلب قرروا إصدار حكمهم في 27/ 4/ 1957 بعد إخطار الخصوم، فإن عدم تحديدهم جلسة للمرافعة بعد الفصل في طلب الرد وقبل إصدار الحكم لا يكون فيه إهدار للمبادئ الأساسية للتقاضي أو الإخلال بحق الدفاع.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن مورث الطاعنين أقام ضد مورث المطعون عليه الدعوى رقم 503 سنة 1957 تجاري كلي الإسكندرية للقضاء ببطلان حكم المحكمين الصادر في 27/ 4/ 1957. وقال في بيانها إنه كان شريكاً لأخيه المدعى عليه في شركة تضامن غرضها الاتجار في الأدوات الصحية، وفي سنة 1951 نشب بينهما نزاع اتفقا على إنهائه بطريق التحكيم، ولما تعثرت إجراءات هذا التحكيم عادا واتفقا في مشارطة تحكيم مؤرخة 30/ 5/ 1955، على عرض النزاع بينهما على هيئة تحكيم مفوضة بالصلح، وأصدرت هذه الهيئة في 27/ 4/ 1957 حكماً يقضي بإلزامه بأن يدفع إلى أخيه مبلغ 4802 ج و219 مليماً وفوائده بواقع 5% سنوياً من تاريخ مشارطة التحكيم حتى تمام الوفاء ومبلغ 60 جنيهاً وفوائده بواقع 4% سنوياً من تاريخ المشارطة حتى الوفاء ومبلغ 3000 جنيه على سبيل التعويض وبالمقاصة فيما بينهما عما أنفقه كل منهما في احتياجات الشركة وبإلزامهما متضامنين بمبلغ 50 جنيهاً مصاريف التحكيم و1500 جنيه أتعاب المحكمين الثلاثة، مع إلزامه بأن يتحمل بما حكم به على أخيه من هذه المصاريف والأتعاب، وإذ خرج هذا الحكم عن حدود مشارطة التحكيم ووقع في إجراءاته بطلان يؤثر فيه، فقد أقام الدعوى بطلباته السالفة البيان. وبتاريخ 27/ 4/ 1964 حكمت المحكمة برفض الدعوى فاستأنف مورث الطاعنين هذا الحكم بالاستئناف رقم 353 سنة 20 ق تجاري الإسكندرية طالباً إلغاءه والحكم له بطلباته. وفي 13/ 1/ 1970 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة برأيها وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن الطعن بني على ثلاثة أسباب، حاصل السبب الأول منها القصور والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول الطاعنان إن مورثهما تمسك أمام محكمة الموضوع بأن مشارطة التحكيم التي استمد منها المحكمون ولايتهم، ولم تخولهم سوى إبداء الرأي في كل نقطة من نقط النزاع المحددة في المشارطة دون أن تخولهم سلطة القضاء بالإلزام في أي نقطة منها وإذ استدل الحكم المطعون فيه على ولاية المحكمين في ذلك بفقرتين من المشارطة لم يورد نصهما وبما ورد في هذه المشارطة من أن للمحكمين تحديد المبالغ المستحقة على أي من الطرفين للآخر وهو ما لا يؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها، فإنه يكون قاصر التسبيب وفاسد الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن الحكم المطعون فيه إذ رد على دفاع مورث الطاعنين والوارد بسبب النعي بقوله "إنه نص في البند الثالث من المشارطة على أن يفصل المحكمون على أساس كافة المستندات والدفاتر الحسابية التي قد تقدم إليهم في: 1 - حالة الشركة المالية ابتداء من أول أبريل سنة 1941. 2 - على من تقع مسئولية الخسائر التي أدت إلى انهيار الشركة. 3 - القيمة الحقيقية المالية للمحل التجاري. 4 - المبالغ التي قد يكون أي شريك مديناً بها للآخر.
وحيث إنه في نطاق ما سلف يبين أن الاعتراض الأول القائم على عدم أحقية هيئة التحكيم في إلزام المستأنف (مورث الطاعنين) مبلغ 3079 جنيهاً و872 مليماً قيمة حصته في رأسمال الشركة الجديدة التي تكونت بينه وبين شقيقه مورث المستأنف عليه..... مردود..... وأن اعتراض المستأنف على أن الهيئة قد ألزمته مبلغ ثلاثة آلاف جنيه كتعويض عن الضرر الأدبي والمادي الذي لحق شقيقه....... من إجراء تصرفاته في حين أن ذلك يخرج عن اختصاصها طبقاً لمشارطة التحكيم فمردود بما نصت عليه الفقرتان الثانية والرابعة من مشارطة التحكيم المؤرخة 30 مايو سنة 1955 والتي خولت الهيئة تحديد من تقع عليه مسئولية الخسائر التي سببت انهيار الشركة والتزامه بالتالي بمبلغ التعويض المقرر نفاذاً لشروط وثيقة التحكيم". وكان هذا الذي أورده الحكم له أصله الثابت بمشارطة التحكيم ويؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها من أن عبارات المشارطة تخول المحكمين سلطة الفصل في جميع أوجه الخلاف الواردة فيها، وكان لا يعيب الحكم عدم إيراده نصوص البنود التي استند إليها، فإن النعي عليه بالقصور في التسبيب وفساد الاستدلال يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في القانون وفي بيان ذلك يقولان إن زوجة السيد...... أحد المحكمين قد ارتهنت، - خلال إجراءات التحكيم - حصة مورث المطعون عليه في جملة عقارات تأميناً لقرض مقداره ألف جنيه وبذلك تحقق لزوجها المحكم مصلحة في النزاع تجعله غير صالح لنظره، واتخذ مورث الطاعنين عدم الصلاحية هذه سبباً من أسباب طلبه بطلان حكم المحكمين ولكن الحكم الابتدائي مؤيداً بالحكم المطعون فيه، رد على ذلك بأن مورثهما لو كان يرى في هذا الإجراء ما يمنع المحكم من صلاحية الحكم لبادر بالاعتراض عليه أو لطلب رده، وهو من الحكم خطأ في القانون لأن الشارع فرق بين أسباب الرد وأحوال عدم الصلاحية، إذ الأولى من شأن الخصوم، بينما تتعلق الثانية بالنظام العام، وهي قاعدة تسري على القاضي فيقع عمل أيهما - متى كان غير صالح - باطلاً ولو باتفاق الخصوم.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن النص في المادة 829 من قانون المرافعات السابق على أن "يطلب رد المحكمين لنفس الأسباب التي يرد بها القاضي أو يعتبر بسببها غير صالح للحكم، ويرفع طلب الرد إلى المحكمة المختصة أصلاً بنظر الدعوى في ميعاد خمسة أيام من يوم إخبار الخصم بتعيين المحكم وتحكم المحكمة في الرد بعد سماع الخصوم والمحكم المطلوب رده"، يدل على أن المشرع لا يحيل إلى القواعد المقررة في رد القضاة أو عدم صلاحيتهم للحكم إلا بالنسبة إلى الأسباب وأنه أوجب رفع طلب برد المحكم سواء في الحالات التي يجوز فيها رده أو تلك التي يعتبر بسببها غير صالح للحكم. إذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه لم يخالف هذا النظر، فإن النعي عليه بمخالفة القانون يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب الثالث الخطأ في القانون، وفي ذلك يقول الطاعنان إن هيئة التحكيم بعد أن اتخذت قراراً بوقف إجراءات التحكيم على أثر رد أحد أعضائها........، عادت بعد صدور الحكم في طلب الرد وحددت جلسة لإصدار حكمها دون تحديد جلسة للمرافعة يدعى إليها الطرفان لهذا الغرض، وهو إجراء باطل من شأنه أن يؤثر في الحكم ويجعله باطلاً، ورد الحكم المطعون فيه على تمسك مورثهما بهذا الوجه من البطلان بأنه لا يقوم على أساس قويم لأن المحكمين المفوضين بالصلح معفون من التقيد بأوضاع المرافعات وقواعد القانون طبقاً للمادة 830 من قانون المرافعات السابق، وهو من الحكم خطأ في القانون لأن المحكمين المفوضين بالصلح وإن كانوا غير مقيدين بإجراءات المرافعات إلا أنهم ملزمون بمراعاة المبادئ الأساسية في التقاضي وباحترام حقوق الدفاع وتمكين كل خصم من الإدلاء بما يعن له قبل النطق بالحكم.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه وإن كان صحيحاً أن المحكمين المفوضين بالصلح يلتزمون - رغم إعفائهم من التقيد بإجراءات المرافعات - بمراعاة المبادئ الأساسية في التقاضي وأهمها مبدأ احترام حقوق الدفاع، إلا أنه لما كانت المادة 836 من قانون المرافعات السابق توجب على الخصوم "في جميع الأحوال أن يقدموا دفاعهم ومستنداتهم قبل انقضاء الميعاد المحدد للحكم بخمسة عشر يوماً على الأقل وإلا جاز الحكم بناء على الطلبات والمستندات التي قدمها أحدهم." وكان الثابت في الأوراق، أن المحكمين قد قرروا بجلسة 5/ 7/ 1956 - بعد أن تقدم الخصوم بدفاعهم ومستنداتهم - إصدار الحكم في 16/ 8/ 1956، ثم عادوا وقرروا وقف الدعوى لحين الفصل في طلب الرد المقدم ضد أحدهم من مورث الطاعنين، فلما حكم نهائياً في هذا الطلب قرروا إصدار حكمهم في 27/ 4/ 1957 بعد إخطار الخصوم. إذ كان ذلك فإن عدم تحديدهم جلسة للمرافعة بعد الفصل في طلب الرد وقبل إصدار الحكم لا يكون فيه إهدار للمبادئ الأساسية للتقاضي أو إخلال بحق الدفاع، ويكون النعي على ما أورده الحكم المطعون فيه من تقريرات قانونية خاطئة في شأن تفسير الإعفاء من التقيد بإجراءات المرافعات غير منتج ما دام قد انتهى إلى النتيجة الصحيحة في القانون.