أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 39 - صـ 576

جلسة 31 من مارس سنة 1988

برئاسة السيد المستشار/ درويش عبد المجيد - نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ د. رفعت عبد المجيد، محمد خيري الجندي، أحمد أبو الحجاج وعبد المعين لطفي جمعه.

(114)
الطعن رقم 653 لسنة 52 القضائية

(1) اختصاص "الاختصاص الولائي". محكمة الموضوع. نقض.
الاختصاص الولائى. اعتباره مطروحاً على محكمة الموضوع. جواز التمسك به لأول مرة أمام محكمة النقض.
(2) هيئات عامة. موظفون. اختصاص "الاختصاص الولائي".
الهيئة العامة للتأمين الصحي من أشخاص القانون العام. العاملون بها موظفون عموميون. علاقتهم بها علاقة تنظيمية. مؤداه. النزاع بشأن توقيع الهيئة جزاء إداري على أحد موظفيها وعدم استحقاق مرتب مدة انقطاعه عن العمل. اختصاص القضاء الإداري بنظره. م 10 ق 47 لسنة 1972.
(3) اختصاص "الاختصاص الولائي". نقض.
نقض الحكم لمخالفة قواعد الاختصاص. اقتصار محكمة النقض على الفصل في مسألة الاختصاص وعند الاقتضاء تعيين المحكمة المختصة التي يجب التداعي إليها بإجراءات جديدة. م 269 مرافعات.
1 - الدفع بعدم الاختصاص الولائي يعتبر دائماً مطروحاً على محكمة الموضوع لتعلقه بالنظام العام ولو لم يدفع به أمامها، ويصح للخصم الدفع به لأول مرة أمام محكمة النقض إذا لم يسبق طرحه على محكمة الموضوع.
2 - إذ كانت المادة الأولى من القانون رقم 61 لسنة 1963 بشأن الهيئات العامة - الذي يحكم واقعة النزاع - تنص على أن "يجوز بقرار من رئيس الجمهورية إنشاء هيئة عامة لإدارة مرفق مما يقوم على مصلحة أو خدمة عامة وتكون لها الشخصية الاعتبارية" وتنص المادة 13 من القانون على أن "تسري على موظفي وعمال الهيئات العامة أحكام القوانين المتعلقة بالوظائف العامة فيما لم يرد بشأنه نص خاص في القرار الصادر بإنشاء الهيئة أو اللوائح التي يضعها مجلس الإدارة"، واستناداً على أحكام هذا القانون صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 1209 لسنة 1964 بإنشاء الهيئة العامة للتأمين الصحي وفروعها ونص في المادة الأولى منه على أن "تنشأ هيئة عامة تسمى الهيئة العامة للتأمين الصحي في الحكومة ووحدات الإدارة المحلية والهيئات العامة أو المؤسسات العامة لها الشخصية الاعتبارية، مقرها مدينة القاهرة وتكون تحت إشراف وزير الصحة" وفي المادة الثانية على أن "الغرض من إنشاء هذه الهيئة هو القيام بالتأمين الصحي للعاملين في الحكومة ووحدات الإدارة المحلية والهيئات العامة والمؤسسات العامة بذاتها أو عن طريق فروعها وكذلك التنسيق فيما بين تلك الفروع والتنسيق على أعمالها للوقوف على مدى تنفيذها للوائح والقرارات المنظمة للتأمين الصحي لهؤلاء العاملين......." وكان مؤدى هذه النصوص أن الهيئة سالفة الذكر - هي هيئة عامة تباشر إدارة مرفق يؤدي خدمة عامة ويضفي عليها القانون الشخصية المعنوية العامة، فهي بذلك تعد من أشخاص القانون العام ويعتبر العاملون بها موظفين عموميين بحكم تبعيتهم لها وتكون علاقتهم بها علاقة تنظيمية عامة تحكمها القوانين واللوائح....... وإذ كان النزاع المطروح في الدعوى يتعلق بمخالفة المطعون ضده الذي تحققت له صفة الموظف العام - الأمر الإداري صدر إليه من الهيئة الطاعنة التي تربطه به علاقة تنظيمية عامة وأن هذه المخالفة وفقاً لما تدعيه هذه الهيئة تبرر الجزاء الإداري الذي وقع بالخصم من المرتب مع عدم استحقاق المرتب الذي تقاضاه أثناء انقطاعه عن العمل بسبب الأجازة الدراسية ما يجيز لها مطالبة ذلك الموظف بما حصل عليه من مرتب غير مستحق له - بالإضافة إلى مبلغ يعادل الجزاء الإداري الذي لم يتم تنفيذه، ومن ثم فإن هذا النزاع يكون من المنازعات التي يختص بها القضاء الإداري دون القضاء العادي تطبيقاً لنص المادة العاشرة من القانون 47 لسنة 1972 الذي ناط بمجلسة الدولة دون غيره اختصاص الفصل في المنازعات الخاصة بالمرتبات المستحقة للموظفين العموميين وسائر المنازعات.
3 - تنص المادة 269/ 1 من قانون المرافعات على أنه إذا كان الحكم المطعون فيه قد نقض لمخالفة قواعد الاختصاص تقتصر المحكمة على الفصل في مسألة الاختصاص وعند الاقتضاء تعيين المحكمة المختصة التي يجب التداعي إليها بإجراءات جديدة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الهيئة العامة للتأمين الصحي - التي يمثلها الطاعن - أقامت الدعوى رقم 3992 لسنة 1971 مدني شمال القاهرة الابتدائية على المطعون ضده بطلب الحكم بإلزامه أن يؤدي إليها مبلغ 422 جنيهاً، 450 مليماً والفوائد القانونية بوقع 4 في المائة من تاريخ المطالبة الرسمية حتى تمام السداد، وقالت بياناً لها أن المطعون ضده كان طبيباً مكلفاً للعمل بالهيئة وأنها أوفدته في بعثة دراسية داخلية للحصول على دبلوم جراحة عظام بجامعة عين شمس عام 1968/ 1969 - بموجب القرار رقم 84 لسنة 1968 غير أنه تغيب عن الامتحان ولم تقبل الجامعة عذره وتقدم لامتحان دبلوم الجراحة العامة بكلية الطب جامعة القاهرة، وأنه بذلك يكون قد غير البعثة الداخلية بمحض إرادته ودون موافقة الهيئة الطاعنة على التغيير وأخل بالتزاماته قبلها مما يجيز لها مطالبته بما قبضه من مرتبات لا يستحقها خلال مدة الدراسة فضلاً عن مبلغ جنيهين، 45 قرشاً الذي يعادل ثلاثة أيام من مرتبه وهو الجزاء الإداري الذي وقع عليه بالخصم دون أن ينفذ، ولذا فقد أقامت الدعوى ليحكم لها بطلباتها، وبتاريخ 6 من مارس سنة 1972 قضت المحكمة برفض الدعوى. استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 1440 لسنة 89 قضائية طالباً إلغاءه والقضاء له بطلباته، وبتاريخ 14 من يناير سنة 1982 حكمت المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن حاصل السبب الأول من أسباب الطعن أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون لفصله في نزاع لا تختص المحاكم العادية ولائياً بنظره، وذلك بأن النزاع المطروح في الدعوى قائم بين الهيئة التي يمثلها الطاعن وهي هيئة عامة تعتبر من أشخاص القانون العام، وبين أحد العاملين بها الذين تربطهم وإياها علاقة تنظيمية لائحية ويعتبرون موظفين عموميين، ويدور الخلاف فيه حول مدى أحقية المطعون ضده فيما قبضه من مرتب خلال فترة البعثة الدراسية التي لم يلتزم أثناءها بالدراسة في التخصص الموفد من أجله، ومدى أحقية الهيئة الطاعنة في اقتضاء ما يقابل جزاء الخصم الموقع عليه، مما يجعل الاختصاص بنظر النزاع معقوداً للقضاء الإداري إعمالاً لنص المادة العاشرة من القانون رقم 47 لسنة 1972، وإذ قضى الحكم المطعون فيه في موضوعه فإنه يكون قد فصل في نزاع يخرج عن الاختصاص الولائي للقضاء العادي بما يصمه بمخالفة القانون المستوجب لنقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك بأن الدفع بعدم الاختصاص الولائي يعتبر دائماً مطروحاً على محكمة الموضوع لتعلقه بالنظام العام ولو لم يدفع به أمامها ويصح للخصم الدفع به لأول مرة أمام محكمة النقض إذا لم يسبق طرحه على محكمة الموضوع، ولما كانت المادة الأولى من القانون رقم 61 لسنة 1963 بشأن الهيئات العامة - الذي يحكم واقعة النزاع تنص على أن "يجوز بقرار من رئيس الجمهورية إنشاء هيئة عامة لإدارة مرفق مما يقوم على مصلحة أو خدمة عامة وتكون لها الشخصية الاعتبارية" وتنص المادة 13 من نفس القانون على أن "تسري على موظفي وعمال الهيئات العامة أحكام القوانين المتعلقة بالوظائف العامة فيما لم يرد - بشأنه نص خاص في القرار الصادر بإنشاء الهيئة أو اللوائح التي يضعها مجلس الإدارة"، واستناداً إلى أحكام هذا القانون صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 1209 سنة 1969 بإنشاء الهيئة العامة للتأمين الصحي وفروعها ونص في المادة الأولى منه على أن "تنشأ هيئة عامة تسمى الهيئة العامة للتأمين الصحي في الحكومة ووحدات الإدارة المحلية والهيئات العامة والمؤسسات العامة لها الشخصية الاعتبارية، مقرها مدينة القاهرة وتكون تحت إشراف وزير الصحة" وفي المادة الثانية على أن "الغرض من إنشاء هذه الهيئة هو القيام بالتأمين الصحي للعاملين في الحكومة ووحدات الإدارة المحلية والهيئات العامة والمؤسسات العامة بذاتها أو عن طريق فروعها وكذلك التنسيق فيما بين تلك الفروع والتفتيش على أعمالها للوقوف على مدى تنفيذها للوائح والقرارات المنظمة للتأمين الصحي لهؤلاء العاملين......." وكان مؤدى هذه النصوص أن الهيئة سالفة الذكر هي هيئة عامة تباشر إدارة مرفق يؤدي خدمة عامة ويضفي عليها القانون الشخصية المعنوية العامة فهي بذلك تعد من أشخاص القانون العام ويعتبر العاملون بها موظفين عموميين بحكم تبعيتهم لها وتكون علاقتهم بها علاقة تنظيمية عامة يحكمها القوانين واللوائح، لما كان ذلك وكان الثابت في الأوراق أن المطعون ضده كان من الأطباء العاملين بالهيئة الطاعنة وصدر أمر إداري من مدير عام الهيئة بتاريخ 14/ 7/ 1968 بإيفاده في أجازة دراسية للحصول على دبلوم جراحة العظام من جامعة عين شمس ثم صدر قرار إداري بتاريخ 3/ 2/ 1971 بمجازاته بخصم ثلاثة أيام من مرتبه بسبب إخلاله بشروط البعثة الدراسية، وإذ كان النزاع المطروح في الدعوى يتعلق بمخالفة المطعون ضده - الذي ثبت له صفة الموظف العام - لأمر إداري صدر إليه من الهيئة الطاعنة التي تربطه بها علاقة تنظيمية عامة وأن هذه المخالفة وفقاً لما تدعيه هذه الهيئة تبرر الجزاء الإداري الذي وقع بالخصم من المرتب مع عدم استحقاقه المرتب الذي تقاضاه أثناء انقطاعه عن العمل بسبب الإجازة الدراسية ما يجيز لها مطالبة ذلك الموظف بما حصل عليه من مرتب غير مستحق له بالإضافة إلى مبلغ يعادل الجزاء الإداري الذي لم يتم تنفيذه، ومن ثم فإن هذا النزاع يكون من المنازعات التي يختص بها القضاء الإداري دون القضاء العادي تطبيقاً لنص المادة العاشرة من القانون رقم 47 لسنة 1972 الذي ناط بمجلس الدولة دون غيره اختصاص الفصل في المنازعات الخاصة بالمرتبات المستحقة للموظفين العموميين وسائر المنازعات الإدارية، وإذا خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وفصل في موضوع النزاع بما ينطوي على قضاء ضمني باختصاص جهة القضاء العادي بنظره فإنه يكون قد خالف القانون مما يتعين معه نقضه.
وحيث إن المادة 269/ 1 من قانون المرافعات تنص على أنه "إذا كان الحكم المطعون فيه قد نقض لمخالفة قواعد الاختصاص تقتصر المحكمة على الفصل في مسألة الاختصاص وعند الاقتضاء تعين المحكمة المختصة التي يجب التداعي إليها بإجراءات جديدة"، ولما سلف فإنه يتعين إلغاء الحكم المستأنف والحكم بعدم اختصاص القضاء العادي ولائياً بنظر الدعوى وباختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظرها.