أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 39 - صـ 582

جلسة 31 من مارس سنة 1988

برئاسة السيد المستشار/ درويش عبد المجيد - نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ د. رفعت عبد المجيد، محمد خيري الجندي، أحمد أبو الحجاج وعبد المعين لطفي جمعه.

(115)
الطعن رقم 2023 لسنة 54 القضائية

(1) حكم "إصدار الحكم". بطلانه "بطلان الأحكام". قضاء.
وجوب اشتمال الحكم على أسماء القضاة الذين أصدروه. جزاء مخالفته البطلان. م 178 مرافعات. المقصود به القضاة الذين فصلوا في الدعوى لا الذين حضروا تلاوة الحكم. كفاية بيان أسماء القضاة الذي أصدروه. إغفال إثبات أن القاضي الذي حضر تلاوة الحكم لم يشترك في المداولة ولم يوقع على المسودة. لا بطلان.
(2 - 4) دستور "دستور القوانين والقرارات". بيع ملكية. قرار إداري.
(2) الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح المنوطة بالمحكمة الدستورية العليا. ماهيتها. الطعن بمخالفة قرار السلطة التنفيذية لأحكام القانون الذي فوضها في إصداره. خروجه عن مجال الرقابة الدستورية. علة ذلك. أثره عدم الاعتداد به في مقام تطبيق القانون الذي صدر القرار تنفيذاً له.
(3) تمليك المساكن الشعبية الاقتصادية والمتوسطة التي أقامتها المحافظات إعمالاً للمادة 72 ق 49 لسنة 1977 بالثمن المحدد بها. اقتصاره على ما تم شغله منها قبل العمل بالقانون المذكور. قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 110 لسنة 1978 فيما تجاوزه بوضع ملحق ثان بقواعد تمليك ما تم شغله من هذه المساكن قبل بعد العمل بذلك القانون. خروجه عن حدود التفويض. اعتباره عديم الأثر. مؤداه. العبرة بالثمن المتفق عليه دون المحدد بذلك القرار.
(4) الاختصاص المقرر لمجلس الوزراء في إصدار القرارات الإدارية والتنفيذية استناداً للمادة 156/ ج من الدستور انعقاده للمجلس دون رئيسه منفرداً. اختلافه عن التفويض الممنوح لرئيس المجلس بنص المادة 72 ق 49 لسنة 1977. مؤدى ذلك.
1 - إذ كانت المادة 178 من قانون المرافعات قد نصت في فقرتها الأولى على أنه يجب أن يبين في الحكم أسماء القضاة الذين سمعوا المرافعة واشتركوا في الحكم وحضروا تلاوته كما نصت في فقرتها الثانية على أن عدم بيان أسماء القضاة الذين أصدروا الحكم يترتب عليه بطلانه، وكان المقصود بعبارة القضاة الذين أصدروا الحكم التي وردت في تلك الفقرة الثانية إنما هم القضاة الذين فصلوا في الدعوى لا القضاة الذين حضروا تلاوة الحكم، لما كان ذلك وكان الحكم الابتدائي قد اشتمل على بيان واضح دون تجهيل بأسماء القضاة الذين أصدروا الحكم فإن في ذلك ما يكفي لسلامته لاستيفائه البيان الذي يوجبه القانون، وإذ كان الطاعن لا يماري في أن هؤلاء القضاة هم الذين سمعوا المرافعة واشتركوا في المداولة ووقعوا على مسودة الحكم وإنما اقتصر نعيه على تعييب ذلك الحكم لإغفاله إثبات بيان أن القاضي......... الذي حضر تلاوته لم يشترك في المداولة ولم يوقع على مسودته وكان هذا الأمر محل النعي ليس من البيانات التي يتطلبها القانون، لما كان ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه يكون صائباً إذا التزم هذا النظر في رده على الدفع ببطلان الحكم المستأنف.
2 - الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح المنوطة بالمحكمة الدستورية العليا تستهدف صون الدستور القائم وحمايته من الخروج على أحكامه وسبيل هذه الرقابة يكون بالتحقق من التزام سلطة التشريع بما يورده الدستور في مختلف نصوصه من ضوابط وقيود، مما مؤداه أن إثارة الطعن بمخالفته قرار أصدرته السلطة التنفيذية لأحكام القانون الذي فوضها في إصداره لا يشكل خروجاً على أحكام الدستور المنوط بتلك المحكمة صونها وحمايتها وإنما هو طعن بمخالفة قرار لقانون وافتقاد القرار لهذا السبب مشروعيته فيكون طعناً منبت الصلة بمجال الرقابة الدستورية، ولما كان قرار السلطة التنفيذية المستمد من تفويض القانون يعتبر من قبيل القرارات الإدارية فإنه ينبغي أن تكون القواعد والضوابط التي ينظمها في حدود نطاق التفويض، ولا يجوز للقرار - أن يتناول نصوص القانون الصادر تنفيذاً له بالنسخ أو التعديل أو أن يزيد عليها شيئاً، فإذا ما خرج القرار عن نطاق التفويض أصبح مفتقداً العناصر التي تنزله منزلة التشريع ومتجرداً من الأساس القويم لمشروعيته بما يجعله معدوم الأثر قانوناً ويكون للقضاء العادي ألا يعتد به في مقام تطبيق القانون الذي صدر تنفيذاً له.
3 - إذ كان النص في المادة 72 من القانون 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر على أن تملك المساكن الشعبية الاقتصادية والمتوسطة التي أقامتها المحافظات وتم شغلها قبل تاريخ العمل بهذا القانون نظير أجرة نقل عن الأجرة القانونية إلى مستأجريها على أساس سداد الأجرة المخفضة لمدة خمس عشرة سنة وذلك وفقاً للقواعد والشروط والأوضاع التي يصدر بها قرار من رئيس مجلس الوزراء يدل على أن هذا القانون قد فوض رئيس مجلس الوزراء تفويضاً مقيداً في إصدار قرار ينظم القواعد والشروط والأوضاع التي يتم بمقتضاها تمليك المساكن المحدد بيانها بالنص إلى مستأجريها، وهي المساكن الشعبية الاقتصادية والمتوسطة التي أقامتها المحافظات في التاسع من سبتمبر سنة 1977 - تاريخ العمل بالقانون - وكان البين من القرار رقم 110 لسنة 1978 الصادر من رئيس مجلس الوزراء إعمالاً لهذا النص أنه لم يضع نظاماً متعلقاً بهذه المساكن فحسب بل تجاوز ذلك بوضع ملحق ثان اشتمل على قواعد وشروط تمليك ما أقامته أو تقيمه المحافظات من هذه المساكن وتم شغلها في تاريخ تال لسريان ذلك القانون في التاسع من سبتمبر سنة 1977 وهو ما يخالف النص الصريح المقرر بالمادة 72 من القانون آنف الذكر، ومن ثم فإن هذا القرار بإيراده القواعد والشروط تلك التي ينتظمها الملحق الثاني يكون قد تجاوز حدود التفويض المنصوص عليه في القانون والذي يستمد منه مشروعيته بما يجعله حابط الأثر متعيناً الالتفات عنه في هذا الخصوص لما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن الطاعن اشترى الوحدة السكنية محل التداعي من المطعون ضده بصفته وشغلها بعد تاريخ العمل بالقانون رقم 49 لسنة 1977 فإن الحكم المطعون فيه يكون وافق صحيح القانون إذ لم يعتد بالقواعد والشروط المبينة بالملحق الثاني من قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 110 لسنة 1978 لافتقادها سند مشروعيتها واقترن الحكم بالصواب في تعويله على مقدار الثمن الوارد بعقد البيع المبرم بين طرفي التداعي باعتباره شريعة المتعاقدين التي لا تنصرف إليها القيود المنصوص عليها في المادة 72 من القانون المشار إليه.
4 - النص في المادة 156 من الدستور على أن "يمارس مجلس الوزراء بوجه خاص الاختصاصات الآتية....... (ج) إصدار القرارات الإدارية والتنفيذية وفقاً للقوانين والقرارات ومراقبة تنفيذها "مفاده أن إصدار تلك القرارات المشار إليها معقوداً لمجلس الوزراء وليس لرئيس هذا المجلس منفرداً وإذ كان البين من القرار رقم 110 لسنة 1978 أن الذي أصدره هو رئيس مجلس الوزراء وأن سنده التشريعي في الإصدار هو التفويض المنصوص عليه في المادة 72 من القانون رقم 49 لسنة 1977 فإن ما يثيره الطاعن من أن هذا القرار يستقي قيامه من نص المادة 156 من الدستور يكون على غير أساس.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 677 سنة 1981 مدني أمام محكمة دمياط الابتدائية طالباً الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 12 من أبريل سنة 1980 المتضمن بيع المطعون ضده بصفته له الوحدة السكنية المبينة بالصحيفة وبهذا العقد لقاء ثمن مقداره 1189 جنيهاً، 861 مليماً مع احتفاظه بالحق في استرداد نسبة 10% المقرر خصمها للمشتري لقاء تعجيل الثمن وقال بياناً لدعواه أنه بموجب هذا العقد اشترى مسكناً من تلك المساكن التي أقامتها محافظة دمياط وقد تسلم المسكن المبيع في الأول من مارس سنة 1981 وإذ كان هذا المسكن من المساكن الاقتصادية التي ينطبق عليها قواعد وشروط التمليك المنصوص عليها في الملحق الثاني المرافق لقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 110 لسنة 1978 ومقتضاها أن يكون تمليكها على أساس التكلفة الفعلية للمباني، وهو ما لم يلتزم به المطعون ضده في تحديده ثمن المسكن المبيع إذ بلغت التكلفة الفعلية لمبانيه 1189 جنيهاً 861 مليماً ومع ذلك قدر الثمن في العقد بمبلغ 6934 جنيه، ولذا فقد أقام دعواه ليحكم بمطلبه فيها. ندبت المحكمة خبيراً في الدعوى وبعد أن أودع تقريره قضت بتاريخ 23 من مايو 1982 برفض الدعوى. استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف المنصورة - مأمورية دمياط - بالاستئناف رقم 165 سنة 14 قضائية وبتاريخ 5 من مايو سنة 1984 حكمت المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن الماثل وأودعت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أسباب ثلاثة ينعى الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه البطلان وفي بيان ذلك يقول أنه دفع أمام محكمة الاستئناف ببطلان الحكم المستأنف لعدم إثباته بيان أن القاضي....... الذي حضر تلاوته لم يشترك في إصداره ولم يوقع على مسودته، وإذ التفت الحكم المطعون فيه عن هذا الدفع وقضى بتأييد الحكم المستأنف فإن البطلان يكون قد استطال إليه مما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك بأن الثابت من الحكم الابتدائي أنه إبان الهيئة التي أصدرته مشكلة من الرئيس بالمحكمة......... والقاضيين........ وبين كذلك الهيئة التي حضرت تلاوته مؤلفة من الرئيس....... والقاضيين......، ولما كانت المادة 178 من قانون المرافعات قد نصت في فقرتها الأولى على أنه يجب أن يبين في الحكم أسماء القضاة الذين سمعوا المرافعة واشتركوا في الحكم وحضروا تلاوته، كما نصت في فقرتها الثانية على أن عدم بيان أسماء القضاة الذين أصدروا الحكم يترتب عليه بطلانه، وكان المقصود بعبارة "القضاة الذي أصدروا الحكم" التي وردت في تلك الفقرة الثانية إنما هم القضاة الذين فصلوا في الدعوى لا القضاة الذين حضروا تلاوة الحكم، لما كان ذلك وكان الحكم الابتدائي قد اشتمل على بيان واضح دون تجهيل بأسماء القضاة الذين أصدروه فإن في ذلك ما يكفي لسلامته لاستيفائه البيان الذي يوجبه القانون، وإذ كان الطاعن لا يماري في أن هؤلاء القضاة هم الذين سمعوا المرافعة واشتركوا في المداولة ووقعوا على مسودة الحكم وإنما اقتصر نعيه على تعييب ذلك الحكم لإغفاله إثبات بيان أن القاضي......... الذي حضر تلاوته لم يشترك في المداولة ولم يوقع على مسودته، وكان هذا الأمر محل النعي ليس من البيانات التي يتطلبها القانون، لما كان ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه يكون صائباً إذ - التزم هذا في رده على الدفع ببطلان الحكم المستأنف ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفي بيان ذلك يقول أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بتأييد الحكم الابتدائي القاضي برفض دعوى الطاعن تأسيساً على أن الملحق الثاني من القرار رقم 110 لسنة 1978 الصادر من رئيس مجلس الوزراء والمتضمن تنظيم قواعد تمليك المساكن الشعبية الاقتصادية والمتوسطة التي أقامتها أو تقيمها المحافظات ويتم شغلها بعد التاسع من سبتمبر سنة 1977 قد تجاوز نطاق التفويض التشريعي الوارد بنص المادة 72 من القانون رقم 49 لسنة 1979 ورتب الحكم على ذلك إهدار أثر القرار في بيان تلك القواعد، وهذا الذي أقام عليه الحكم قضاءه خطأ في القانون إذ كان متعيناً على محكمة الموضوع تطبيق ذلك القرار الصادر من رئيس مجلس الوزراء طالما لم يقض بعدم دستوريته من المحكمة الدستورية العليا التي تختص دون غيرها بالرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح وإذ هي تصدت للفصل في الدفع الذي أثاره الخصم بعدم مشروعية ذلك القرار فتكون قد فصلت في مسألة تخرج عن ولايتها وقد ترتب على ذلك خطؤها في التعويل على الثمن المبين بالعقد على الرغم من تحديده بما يعادل ستة أضعاف التكلفة الفعلية للمباني وهو ما يخالف مقتضيات الصالح العام الذي أراد المشرع الحفاظ عليها الأمر الذي يصم الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون المستوجب لنقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك بأن الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح المنوطة بالمحكمة الدستورية العليا تستهدف صون الدستور القائم وحمايته من الخروج على أحكامه، وسبيل هذه الرقابة يكون بالتحقق من التزام سلطة التشريع بما يورده الدستور في مختلف نصوصه من ضوابط وقيود، مما مؤداه أن إثارة الطعن بمخالفة قرار أصدرته السلطة التنفيذية لأحكام القانون الذي فوضها في إصداره لا يشكل خروجاً على أحكام الدستور المنوط بتلك المحكمة صونها وحمايتها وإنما طعن بمخالفة قرار لقانون وافتقاد القرار لهذا السبب مشروعيته فيكون طعناً منبت الصلة بمجال الرقابة الدستورية، ولما كان قرار السلطة التنفيذية المستمدة من تفويض القانون يعتبر من قبيل القرارات الإدارية فإنه ينبغي أن يكون القواعد والضوابط التي ينتظمها في حدود نطاق التفويض، ولا يجوز للقرار أن يتناول نصوص القانون الصادر تنفيذاً له بالنسخ أو التعديل أو أن يزيد عليها شيئاً، فإذا ما خرج القرار عن نطاق التفويض أصبح مفتقداً العناصر التي تنزله منزلة التشريع ومتجرداً من الأساس القويم لمشروعيته بما يجعله معدوم الأثر قانوناً ويكون للقضاء العادي ألا يعتد به في مقام تطبيق القانون الذي صدر تنفيذاً له، وإذ كان النص في المادة 72 من القانون رقم 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر على أن "تملك المساكن الشعبية الاقتصادية والمتوسطة التي أقامتها المحافظات وتم شغلها قبل تاريخ العمل بهذا القانون نظير أجرة نقل عن الأجرة القانونية إلى مستأجريها على أساس سداد الأجرة المنخفضة لمدة خمس عشرة سنة وذلك وفقاً للقواعد والشروط والأوضاع التي يصدر بها قرار من رئيس مجلس الوزراء" يدل على أن هذا القانون قد فوض رئيس مجلس الوزراء تفويضاً مقيداً في إصدار قرار ينظم القواعد والشروط والأوضاع التي يتم بمقتضاها تمليك المساكن المحدد بيانها بالنص إلى مستأجريها، وهي المساكن الشعبية الاقتصادية والمتوسطة التي أقامتها المحافظات وتم شغلها قبل التاسع من سبتمبر سنة 1977 - تاريخ العمل بالقانون - وكان البين من القرار رقم 110 لسنة 1978 الصادر من رئيس مجلس الوزراء إعمالاً لهذا النص أنه لم يضع نظاماً متعلقاً بهذه المساكن فحسب بل تجاوز ذلك بوضع ملحق ثان اشتمل على قواعد وشروط تمليك ما أقامته أو تقيمه المحافظات من هذه المساكن وتم شغلها من تاريخ تالٍ لسريان ذلك القانون في التاسع من سبتمبر سنة 1977، وهو ما يخالف النص الصريح المقرر بالمادة 72 من القانون آنف الذكر، ومن ثم فإن هذا القرار بإيراده القواعد والشروط تلك التي ينتظمها الملحق الثاني يكون قد تجاوز حدود التفويض المنصوص عليه في القانون والذي يستمد منه مشروعيته بما يجعله حابط الأثر متعيناً الالتفات عنه في هذا الخصوص، لما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن الطاعن اشترى الوحدة السكنية محل التداعي من المطعون ضده بصفته وشغلها بعد تاريخ العمل بالقانون رقم 49 لسنة 1977 فإن الحكم المطعون فيه يكون قد وافق صحيح القانون إذ لم يعتد بالقواعد والشروط المبينة بالملحق الثاني من قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 110 لسنة 1978 لافتقادها سند مشروعيتها واقترن الحكم بالصواب في تعويله على مقدار الثمن الوارد بعقد البيع المبرم بين طرفي التداعي باعتباره شريعة المتعاقدين التي لا تنصرف إليها القيود المنصوص عليها في المادة 72 من القانون المشار إليه، الأمر الذي يكون معه النعي بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب الثالث أن الحكم المطعون فيه خالف القانون ذلك بأن قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 110 لسنة 1978 هو قرار مشروع يستقي قيامه من نص المادة 156 من الدستور الذي خول لمجلس الوزراء حقاً في إصدار القرارات الإدارية والتنفيذية وفقاً للقوانين والقرارات ومراقبة تنفيذها، وإذ كانت المادة 68 من القانون رقم 49 لسنة 1977 قد أجازت لأجهزة الدولة ووحدات الحكم المحلي إنشاء المباني بقصد تمليك كل أو بعض وحداتها السكنية ولم يحدد هذا القانون الجهة التي تضع قواعد وشروط وأوضاع تمليك الوحدات التي يتم شغلها بعد تاريخ العمل به فقد باشر مجلس الوزراء اختصاصه بتنظيم تلك القواعد والشروط والأوضاع ويكون الحكم المطعون فيه إذ لم يفطن إلى هذا الحق المخول لمجلس الوزراء مستمداً من الدستور ذاته معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن النص في المادة 156 من الدستور على أن "يمارس مجلس الوزراء بوجه خاص الاختصاصات الآتية....... (ج) إصدار القرارات الإدارية والتنفيذية وفقاً للقوانين والقرارات ومراقبة تنفيذها" مفاده أن إصدار تلك القرارات المشار إليها معقود لمجلس الوزراء وليس لرئيس هذا المجلس منفرداً وإذ كان البين من القرار رقم 110 لسنة 1978 أن الذي أصدره رئيس مجلس الوزراء وأن سنده التشريعي في الإصدار هو التفويض المنصوص عليه في المادة 72 من القانون رقم 49 لسنة 1977 على ما سلف بيانه بصدد الرد على السبب الثاني فإن ما يثيره من نعي بهذا السبب يكون على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.